-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
الفضل بن العباس بن عبد المطلب
النسب والقبيلة
http://ar.islamstory.net/images/stor...5_image002.jpgالفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: بل يكنى أبا محمد. أمه أم الفضل لبابة الصغرى بنت الحارث، أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي. وهو ابن عم رسول الله، وهو أكبر ولد العباس بن عبد المطلب، وبه كان العباس يكنى[1].
بعض المواقف من حياته مع الرسول
قيل: إن الفضل بن العباس غسل إبراهيم -يعني ابن النبي- ونزل في قبره مع أسامة ابن زيد[2].
وكان ممن ثبت مع رسول اللهفي غزوة حنين؛ إذ أقبل رسول اللهوأصحابه وانحط بهم الوادي في عماية الصبح، فلما انحط الناس ثارت في وجوههم الخيل فشدت عليهم، فانكفأ الناس منهزمين، وركبت الإبل بعضها بعضًا، فلما رأى رسول اللهأمر الناس ومعه رهط من أهل بيته ورهط من المهاجرين والعباس آخذ بحكمة البغلة البيضاء وقد شجرها. وثبت معه من أهل بيته: علي بن أبي طالب، وأبو سفيان بن الحارث، والفضل بن العباس، وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وغيرهم. وثبت معه من المهاجرين: أبو بكر وعمر. فثبتوا حتى عاد الناس[3].
وفي سنن الدارمي "...وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ النَّبِيُّمَرَّ بِالظُّعُنِ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَأَخَذَ النَّبِيُّيَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ رَأْسَهُ مِنْ الشِّقِّ الآخَرِ، فَوَضَعَ النَّبِيُّيَدَهُ مِنْ الشِّقِّ الآخَرِ"[4].
وروى الإمام أحمد بسنده عن علي بن أبي طالب، أن النبيوقف بعرفة وهو مردف أسامة بن زيد فقال: "هذا الموقف وكل عرفة موقف...". وفي آخر الحديث "...ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَقَدْ أَفْنَدَ، وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللهِ فِي الْحَجِّ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا، فَيُجْزِئُ عَنْهُ أَنْ أُؤَدِّيَهَا عَنْهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ: "نَعَمْ". وَجَعَلَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْهَا". قال العباس: يا رسول الله، إني رأيتك تصرف وجه ابن أخيك. قال: "إني رأيت غلامًا شابًّا وجارية شابة، فخشيت عليهما الشيطان"[5].
وقد غزا مع رسول اللهحنينًا، وشهد معه حجة الوداع، وشهد غسله، وهو الذي كان يصب الماء على عليٍّ يومئذ[6]. وكان فيمن غسّل رسول الله، وولي دفنه[7].
أثره في الآخرين
من تلاميذهوالذين رووا عنه أحاديث النبي:
1- ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
2- رفيع بن مهران.
3- سليمان بن يسار.
4- عامر بن واثلة.
5- عباس بن عبيد الله بن عباس القرشي الهاشمي.
6- أبو هريرة (عبد الرحمن بن صخر).
7- عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي.
8- عكرمة مولى ابن عباس.
9- كريب بن أبي مسلم مولى ابن عباس.
بعض الأحاديث التي نقلها عن رسول الله
روى البخاري بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبيأردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة[8].
وروى مسلم بسنده عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس وكان رديف رسول اللهأنه قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا "عليكم بالسكينة" وهو كافٌّ ناقته حتى دخل محسرًا وهو من منى، قال: "عليكم بحصى الخذف الذي يُرمى به الجمرة". وقال: لم يزل رسول اللهيلبي حتى رمى الجمرة.
وحدثنيه زهير بن حرب، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير بهذا الإسناد غير أنه لم يذكر في الحديث "ولم يزل رسول اللهيلبي حتى رمى الجمرة"، وزاد في حديثه: والنبييشير بيده كما يخذف الإنسان[9].
وفي سنن النسائي عن الفضل بن العباس أنه كان رديف النبيفجاءه رجل فقال: يا رسول الله، إن أمي عجوز كبيرة إن حملتها لم تستمسك، وإن ربطتها خشيت أن أقتلها. فقال رسول الله: "أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيه؟" قال: نعم. قال: "فحج عن أمك"[10].
وفاته
خرجمجاهدًا إلى الشام، فمات بناحية الأردن في طاعون عمواس سنة 18هـ في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب[11]. لم يترك ولدًا إلا أم كلثوم تزوجها الحسن بن علي -رضي الله عنهما- ثم فارقها، فتزوجها أبو موسى الأشعري[12].
[1] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 5/375، ابن الأثير: أسد الغابة 4/388، ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1269.
[2] ابن الأثير: أسد الغابة 1/64، ابن عبد البر: الاستيعاب 1/59.
[3] ابن الأثير: أسد الغابة 6/155.
[4] سنن الدارمي: حديث رقم (1850)، 2/67.
[5] مسند أحمد: حديث رقم (564)، 2/8، 9.
[6] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1269.
[7] ابن سعد: الطبقات الكبرى 7/399.
[8] رواه البخاري: باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة والارتداف في السير رقم (1601)، 2/605.
[9] رواه مسلم: باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر رقم (3149، 3150)، 4/71.
[10] رواه النسائي في سننه، باب حج الرجل عن المرأة رقم (2643، 5394)، 5/119، 8/229، وقال الألباني: شاذ.
[11] ابن سعد: الطبقات الكبرى 4/54.
[12] ابن الأثير: أسد الغابة 4/388، ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1270.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
القعقاع بن عمرو التميمي
هو القعقاع بن عمرو التميمي..
وقد ظهرت ملامح شخصيته رضي الله عنه بوضوح شديد في الفتوحات فقد كان رضي الله عنه شجاعاً مقداماً ثابتاً في أرض المعارك وبجوار شجاعته وشدة باسه على أعداء الله كان من شديد الذكاء وذا عبقرية عسكرية في ادارة المعارك ويظهر ذلك في موقعة القادسية .
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
للقعقاع مواقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يخاطب من أمامه بما يحب أو مما يؤثر في نفسه ولما كان حديثه مع القعقاع وهو رجل يحب الجهاد يكلمه النبي صلى الله عليه وسلم عن الإعداد للجهاد فيقول سيف عن عمرو بن تمام عن أبيه عن القعقاع بن عمرو قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- : ما أعددت للجهاد؟ قلت: طاعة الله ورسوله والخيل قال: تلك الغاية .
آثره في الأخرين (دعوته ـ تعليمه):
لقد كان للقعقاع أثرأ كبيرأ في نفوس الأخرين ففي اليوم الثاني من معركة القادسية أصبح القوم وفي أثناء ذلك طلعت نواصي الخيل قادمة من الشام وكان في مقدمتها هاشم بن عتبة بن أبي وقاص والقعقاع بن عمرو التميمي، وقسم القعقاع جيشه إلى أعشار وهم ألف فارس ، وانطلق أول عشرة ومعهم القعقاع ، فلما وصلوا تبعتهم العشرة الثانية ، وهكذا حتى تكامل وصولهم في المساء ، فألقى بهذا الرعب في قلوب الفرس ، فقد ظنوا أن مائة ألف قد وصلوا من الشام ، فهبطت هممهم ، ونازل القعقاع( بهمن جاذويه ) أول وصوله فقتله ، ، ولم يقاتل الفرس بالفيلة في هذا اليوم لأن توابيتها قد تكسرت بالأمس فاشتغلوا هذا اليوم بإصلاحها ، وألبس بعض المسلمين إبلهم فهي مجللة مبرقعة ، وأمرهم القعقاع أن يحملوا على خيل الفرس يتشبهون بها بالفيلة ، ففعلوا بهم هذا اليوم ، وبات القعقاع لاينام ، فجعل يسرب أصحابه إلى المكان الذي فارقهم فيه بالأمس ، وقال : إذا طلعت الشمس فأقبلوا مائة مائة ، ففعلوا ذلك في الصباح ، فزاد ذلك في هبوط معنويات الفرس.
وابتدأ القتال في الصباح في هذا اليوم الثالث وسمي يوم عمواس ، والفرس قد أصلحوا التوابيت ، فأقبلت الفيلة يحميها الرجالة فنفرت الخيل ، ورأ ى سعد الفيلة عادت لفعلها يوم أرماث فقال لعاصم بن عمرو والقعقاع : اكفياني الفيل الأبيض ، وقال لحمال والربيل : اكفياني الفيل الأجرب ،فأخذ الأولان رمحين وتقدما نحو الفيل الأبيض فوضعا رمحيهما في عيني الفيل الأبيض ، فنفض رأسه وطرح ساسته ، ودلى مشفره فضربه القعقاع فوقع لجنبه ، وفي هذه الليلة حمل القعقاع وأخوه عاصم والجيش على الفرس بعد صلاة العشاء ، فكان القتال حتى الصباح ، فلم ينم الناس تلك الليلة ، وكان القعقاع محور المعركة. فلما جاءت الظهيرة وأرسل الله ريحاً هوت بسرير رستم ، وعلاه الغبار، ووصل القعقاع إلى السرير فلم يجد رستم الذي هرب.
ما قيل عنه:
ـ لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف رجل " ..أبو بكر..
ـ كتب عمر بن الخطاب الي سعد :( أي فارس أيام القادسية كان أفرس ؟ وأي رجل كان أرجل ؟ وأي راكب كان أثبت ؟)000فكتب إليه :( لم أر فارساً مثل القعقاع بن عمرو ! حمل في يوم ثلاثين حملة ، ويقتل في كل حملة كمِيّاً ..
بعض كلماته:
شهد القعقاع -رضي الله عنه اليرموك ، فقد كان على كُرْدوسٍ من كراديس أهل العراق يوم اليرموك ، وكان للقعقاع في كل موقعة شعر فقد قال يوم اليرموك :000
ألَمْ تَرَنَا على اليرموك فُزنا00000كما فُزنـا بأيـام العـراق
فتحنا قبلها بُصـرى وكانتْ00000محرّمة الجناب لدَى البُعـاق
وعذراءُ المدائـن قد فتحنـا00000ومَرْجَ الصُّفَّرين على العِتَـاقِ
فضضنا جمعَهم لمّا استحالوا00000على الواقوص بالبتـر الرّقاقِ
قتلنا الروم حتـى ما تُساوي00000على اليرموك ثفْروق الوِراقِ ..
الوفاة: توفي بالكوفة.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
المثنى بن حارثة
المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم بن سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان الربعي الشيباني..حاله في الجاهلية كان المشهور عن المثنى بن حارثة أنه من أشراف قبيلته وشيخ حربها ورجاحة عقله وإدارته المتميزة في المعارك. وفي الجاهلية أغار المثنى بن حارثة الشيباني، وهو ابن أخت عمران ابن مرة، على بني تغلب، وهم عند الفرات، فظفر بهم فقتل من أخذ من مقاتلتهم وغرق منهم ناسٌ كثير في الفرات وأخذ أموالهم وقسمها بين أصحابه. قصة
إسلامه: وفد المثنَى بن حارثة بن ضَمضَم الشّيبانيّ إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- سنة تسع مع وفد قومه، وكان شهماً شجاعاً ميمون النقيبة حسن الرأي..
أهم ملامح شخصيته: ـ حسن إدارته الشديدة للمعارك: كانت أنباء هزيمة الجسر ثقيلة على المسلمين؛ حتى إن عمر بن الخطاب ظل أشهرا طويلة لا يتكلم في شأن العراق؛ نظرا لما أصاب المسلمين هناك، ثم ما لبث أن أعلن النفير العام لقتال الفرس في العراق؛ فتثاقل الناس عليه، وعندما رأى ذلك قرر أن يسير هو بنفسه للقتال والغزو، فأشعل سلوكه ذلك الحماسة في قلوب المسلمين، فقدمت عليه بعض القبائل من الأزد تريد الجهاد في الشام، فرغبهم في الجهاد في العراق، ورغبهم في غنائم كسرى والفرس، وقدمت عليه قبيلة بجيلة، واشترطوا أن يقاتلوا في العراق على أن يأخذوا ربع الغنائم التي يحصلون عليها، فوافق عمر، وبدأت الجموع المجاهدة تتوافد على المثنى، الذي لم يكف عن ترغيب العرب في الجهاد. واكتملت قوات المسلمين تحت قيادة المثنى بن حارثة، في مكان يسمى "البويب" (يقع حاليا قرب مدينة الكوفة)، وكان نهر الفرات بين الجيشين، وكان يقود الفرس "مهران الهمداني" الذي أرسل إلى المثنى يقول له: "إما أن تعبروا إلينا أو أن نعبر إليكم"، فرد عليه المثنى "أن اعبروا أنتم إلينا". وكان ذلك في (14 من رمضان 14هـ = 31 من أكتوبر 1635م). ويرى بعض المؤرخين أنها وقعت في رمضان سنة 13هـ، إلا أن تتبع ما وقع من أحداث في العراق يجعل الرأي الأقرب للصواب هو 14هـ. وقد أمر المثنى المسلمين بالفطر حتى يقووا على القتال، فأفطروا عن آخرهم، ورأى المثنى أن يجعل لكل قبيلة راية تقاتل تحتها؛ حتى يعرف من أين يخترق الفرس صفوف المسلمين، وفي هذا تحفيز للمسلمين للصمود والوقوف في وجه الفرس. وأوصى المثنى المسلمين بالصبر والصمت والجهاد؛ لأن الفرس عندما عبروا إلى المسلمين كانوا يرفعون أصواتهم بالأهازيج والأناشيد الحماسية، فرأى المثنى أن ذلك من الفشل وليس من الشجاعة. وخالط المثنى جيشه مخالطة كبيرة فيما يحبون وفيما يكرهون؛ حتى شعر الجنود أنه واحد منهم، وكانوا يقولون: "لقد أنصفتنا من نفسك في القول والفعل". ونظم المثنى جيشه، وأمرهم ألا يقاتلوا حتى يسمعوا تكبيرته الثالثة، ولكن الفرس لم يمهلوه إلا أن يكبر تكبيرة واحدة حتى أشعلوا القتال، وكان قتالا شديدا عنيفا، تأخر فيه النصر على المسلمين، فتوجه المثنى إلى الله تعالى وهو في قلب المعركة بالدعاء أن ينصر المسلمين، ثم انتخب جماعة من أبطال المسلمين وهجموا بصدق على الفرس فهزموهم، وعندما استشهد "مسعود بن حارثة" وكان من قادة المسلمين وشجعانهم وهو أخو المثنى قال المثنى: "يا معشر المسلمين لا يرعكم أخي؛ فإن مصارع خياركم هكذا"، فنشط المسلمون للقتال، حتى هزم الله الفرس. وقاتل مع المثنى في هذه المعركة أنس بن هلال النمري وكان نصرانيا، قاتل حمية للعرب، وكان صادقا في قتاله، وتمكن أحد المسلمين من قتل "مهران" قائد الفرس، فخارت صفوف الفرس، وولوا هاربين، فلحقهم المثنى على الجسر، وقتل منهم أعدادا ضخمة، قدرها البعض بمائة ألف، ولكن هذا الرقم لا يشير إلى العدد الفعلي، ولكنه كناية عن الكثرة فقط. وقد سميت معركة البويب بـ"يوم الأعشار"؛ لأنه وجد من المسلمين مائة رجل قتل كل منهم عشرة من الفرس، ورأى المسلمون أن البويب كانت أول وأهم معركة فاصلة بين المسلمين والفرس، وأنها لا تقل أهمية عن معركة اليرموك في الشام. ومن روعة المثنى أنه اعترف بخطأ ارتكبه أثناء المعركة رغم أنه حسم نتيجة المعركة، فقال: "عجزت عجزة وقى الله شرها بمسابقتي إياهم إلى الجسر حتى أحرجتهم؛ فلا تعودوا أيها الناس إلى مثلها؛ فإنها كانت زلة فلا ينبغي إحراج من لا يقوى على امتناع." بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم: ذكر قاسم بن ثابت فيما رأيته عنه من حديث عبد الله ابن عباس عن علي بن أبي طالب في خروجهما هو وأبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك قال علي وكان أبو بكر في كل خير مقدماً فقال ممن القوم فقالوا من شيبان بن ثعلبة فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بأبي أنت وأمي هؤلاء غرر في قومهم وفيهم مفروق بن عمر وهانئ بن قبيصة ومثنى بن حارثة والنعمان بن شريك وكان مفروق بن عمر قد غلبهم جمالاً ولساناً وكانت له غديرتان وكان أدنى القوم مجلساً من أبي بكر رضي الله عنه فقال له أبو بكر رضي الله عنه كيف العدد فيكم فقال مفروق أنا لنزيد على الألف ولن تغلب الألف من قلة فقال أبو بكر كيف المنعة فيكم فقال مفروق علينا الجهد ولكل قوم جد فقال أبو بكر فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم فقال مفروق إنا لأشد ما نكون غضباً لحين نلقى وأنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللقاح والنصر من عند الله يديلنا ويديل علينا أخرى لعلك أخو قريش فقال أبو بكر أوقد بلغكم أنه رسول الله فها هو ذا فقال مفروق قد بلغنا أنه يذكر ذلك فإلام تدعو يا أخا قريش فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله وأن تؤوني وتنصروني فإن قريشاً قد تظاهرت على أمر الله وكذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد فقال مفروق وإلام تدعو أيضاً يا أخا قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون" فقال مفروق وإلام تدعو أيضاً يا أخا قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" فقال مفروق دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك وكأنه أراد أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال هذا هانئ ابن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا فقال هانئ قد سمعنا مقالتك يا أخا قريش وإني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر زلة في الرأي وقلة نظر في العاقبة وإنما تكون الزلة مع العجلة ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقداً ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا فقال المثنى قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا واتباعنا دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر وإنا إنما نزلنا بين صريي اليمامة والسمامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذان الصريان فقال أنهار كسرى ومياه العرب فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول وأما ما كان من مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثاً ولا نؤوي محدثاً وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه أنت هو مما يكرهه الملوك فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسأتم في الرد إذ فصحتم في الصدق وإن دين الله لن ينصره إلا من حاط من جميع جوانبه أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نسائهم أتسبحون الله وتقدسونه فقال النعمان بن شريك اللهم لك ذا فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا" ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فقال يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله بأس بعضهم عن بعض وبها يتجاوزون فيما بينهم
بعض مواقفه مع الصحابة: ـ عندما أسلم المثنى بن حارثة كان يغِير هو ورجال من قومه على تخوم ممتلكات فارس، فبلغ ذلك الصديق أبا بكر رضي الله عنه، فسأل عن المثنى، فقيل له: "هذا رجل غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا ذليل العماد". ولم يلبث المثنى أن قدم على المدينة المنورة، وقال للصديق: "يا خليفة رسول الله استعملني على من أسلم من قومي أقاتل بهم هذه الأعاجم من أهل فارس"، فكتب له الصديق عهدا، ولم يمضِ وقت طويل حتى أسلم قوم المثنى..أثره في الآخرين ـ وعندما رأى المثنى البطء في الاستجابة للنفير قام خطيبا في الناس فقال ":أيها الناس لا يعظمن عليكم هذا الوجه؛ فإنا قد فتحنا ريف فارس، وغلبناهم على خير شقي السواد، ونلنا منهم، واجترأنا عليهم، ولنا إن شاء الله ما بعده".
بعض كلماته: وقال المرزباني: كان مخضرما وهو الذي يقول: سألوا البقية والرماح تنوشهم شرقي الأسنة والنحور من الدم فتركت في نقع العجاجة منهم; جزرا لساغبة ونسر قشعم
الوفاة: لمّا ولي عمر بن الخطاب الخلافة سيّر أبا عبيد بن مسعود الثقفي في جيش الى المثنى، فاستقبله المثنى واجتمعوا ولقوا الفرس بـ( قس الناطف ) واقتتلوا فاستشهد أبو عبيد، وجُرِحَ المثنى فمات من جراحته قبل القادسية، رضي الله عنهما...
المراجع الإصابة في تمييز الصحابة. عيون الأثر في المغازي والسير. موقع إسلام أون لاين.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
المستورد بن شداد
النسب والقبيلة
http://ar.islamstory.net/images/stor...2_image002.jpgالمستورد بن شداد بن عمرو بن حسل بن الأحب بن فهر بن مالك. لما قبض النبيكان غلامًا، قاله الواقدي. وقال غيره: إنه سمع من النبي سماعًا وأتقنه[1]. ولهذا لم يكن له مواقف تذكر مع رسول الله.
بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول
عن المستورد بن شداد قال: سمعت النبييقول: "من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادمًا، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنًا". قال: قال أبو بكر: أخبرت أن النبيقال: "من اتخذ غير ذلك فهو غال أو سارق"[2].
وجاء في سنن الترمذي عن المستورد بن شداد قال: كنت مع الركب الذين وقفوا مع رسول اللهعلى السخلة الميتة، فقال رسول الله: "أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها؟" قالوا: من هوانها ألقوها يا رسول الله. قال: "فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها".
وفي مسند الإمام أحمد عن المستورد بن شداد صاحب النبي، قال: "رأيت رسول اللهإذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره".
وعن المستورد بن شداد أخي بني فهم أخبره قال: قال رسول الله: "من أكل بمسلم أكلة أطعمه الله بها أكلة من نار جهنم يوم القيامة، ومن أقام بمسلم مقام سمعة أقامه الله يوم القيامة مقام سمعة ورياء، ومن اكتسى بمسلم ثوبا كساه الله ثوبًا من النار يوم القيامة"[3].
وفي المعجم الكبير "عن المستورد بن شداد عن أبيه قال: "أتيت رسول اللهفأخذت بيده، فإذا هي ألين من الحرير وأبرد من الثلج".
وعن المستورد بن شداد: قال سمعت رسول الله: "يذهب الصالحون الأول فالأول حتى يبقى مثل حثالة التمر لا يبالي الله بها"[4].
الوفاة
مات بمصر في ولاية معاوية[5]. وقال ابن حجر في الإصابة: "توفي بالإسكندرية سنة خمس وأربعين"[6].
[1] ابن الأثير: أسد الغابة 5/162.
[2] سنن أبي داود (2947)، 3/95. وقال الألباني: صحيح.
[3] الحاكم: المستدرك 4/142.
[4] الطبراني: المعجم الكبير (17474)، 20/302.
[5] الحاكم: المستدرك 3/683.
[6]ابن حجر: الإصابة 6/90.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
المغيرة بن شعبة
اسمه ونعته
هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، أبو عبد الله، من كبار الصحابة أولي الشجاعة والمكيدة والدهاء، كان ضخم القامة، عَبْل الذراعين، بعيد ما بين المنكبين، أصهب الشعر جعده، وكان لا يفرقه.
حاله في الجاهلية ثم إسلامه
روى الواقدي، عن محمد بن يعقوب بن عتبة، عن أبيه، وعن جماعة قالوا: قال المغيرة بن شعبة: كنا متمسكين بديننا ونحن سدنة اللات، فأراني لو رأيت قومنا قد أسلموا ما تبعتهم. فأجمع نفر من بني مالك الوفود على المقوقس وإهداء هدايا له، فأجمعت الخروج معهم، فاستشرت عمي عروة بن مسعود، فنهاني، وقال: ليس معك من بني أبيك أحد. فأبيت، وسرت معهم، وما معهم من الأحلاف غيري، حتى دخلنا الإسكندرية، فإذا المقوقس في مجلس مطل على البحر، فركبت زورقًا حتى حاذيت مجلسه، فأنكرني، وأمر من يسألني، فأخبرته بأمرنا وقدومنا، فأمر أن ننزل في الكنيسة، وأجرى علينا ضيافة، ثم أدخلنا عليه، فنظر إلى رأس بني مالك فأدناه، وأجلسه معه، ثم سأله: أكلكم من بني مالك؟ قال: نعم، سوى رجل واحد. فعرَّفه بي، فكنت أهون القوم عليه، وسُرَّ بهداياهم، وأعطاهم الجوائز، وأعطاني شيئًا لا ذكر له. وخرجنا، فأقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهلهم، ولم يعرض عليَّ أحد منهم مواساة، وخرجوا، وحملوا معهم الخمر، فكنا نشرب، فأجمعت على قتلهم، فتمارضت، وعصبت رأسي، فوضعوا شرابهم، فقلت: رأسي يُصدع ولكني أسقيكم. فلم ينكروا، فجعلت أصرف لهم، وأترع لهم الكأس، فيشربون ولا يدرون، حتى ناموا سكرًا، فوثبت وقتلتهم جميعًا، وأخذت ما معهم.
فقدمت على النبي، فأجده جالسًا في المسجد مع أصحابه، وعليَّ ثياب سفري، فسلمت، فعرفني أبو بكر، فقال النبي: "الحمد لله الذي هداك للإسلام". قال أبو بكر: أمن مصر أقبلتم؟ قلت: نعم. قال: ما فعل المالكيون؟ قلت: قتلتهم، وأخذت أسلابهم، وجئت بها إلى رسول اللهليخمسها. فقال النبي: "أما إسلامك فنقبله، ولا آخذ من أموالهم شيئًا؛ لأن هذا غدر، ولا خير في الغدر". فأخذني ما قَرُب وما بعُد[1]، وقلت: إنما قتلتهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت الساعة. قال: "فإن الإسلام يجُبُّ ما كان قبله".
أهم ملامح شخصيته
كان يقال له: مغيرة الرأي؛ فقد كان من دهاة العرب، وشهد اليمامة وفتوح الشام والعراق، ولاّه عمر البصرة، ففتح مَيْسان، وهمذان، وعدة بلاد.
بعض المواقف من حياته مع رسول الله
يقول المغيرة بن شعبة: بعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى رسول اللهليكلمه، فأتاه فكلمه، وجعل يمس لحيته، وأنا قائم على رأس رسول اللهمقنّع في الحديد، فقال المغيرةلعروة: كُفَّ يدك قبل أن لا تصل إليك. فقال: من ذا يا محمد؟ ما أَفَظَّه وأغلظه!! قال: "ابن أخيك". فقال: يا غدر، والله ما غسلت عني سوءتك إلا بالأمس.
بعض المواقف من حياته مع الصحابة
مع عمر
استعمل عمر بن الخطابالمغيرة بن شعبةعلى البحرين، فكرهوه، فعزله عمر، فخافوا أن يرده؛ فقال دهقانهم: إن فعلتم ما آمركم لم يرده علينا. قالوا: مرنا. قال: تجمعون مائة ألف حتى أذهب بها إلى عمر، فأقول: إن المغيرة اخْتَان هذا، فدفعه إليَّ. قال: فجمعوا له مائة ألف، وأتى عمر، فقال ذلك. فدعا المغيرة، فسأله، قال: كذب، أصلحك الله، إنما كانت مائتي ألف. قال: فما حملك على هذا؟ قال: العيال والحاجة. فقال عمرللعِلْج: ما تقول؟ قال: لا والله لأصدقَنَّك، ما دفع إليَّ قليلاً ولا كثيرًا. فقال عمرللمغيرة: ما أردت إلى هذا؟ قال: الخبيث كذب عليَّ، فأحببت أن أخزيه.
مع علي
قال المغيرة بن شعبةلعليحين قتل عثمان: اقعد في بيتك ولا تدعُ إلى نفسك؛ فإنك لو كنت في جحر بمكة لم يبايعوا غيرك. وقال لعلي: إن لم تطعني في هذه الرابعة لأعتزلَنَّك، ابعثْ إلى معاويةعهده، ثم اخلعه بعدُ. فلم يفعل، فاعتزله المغيرة باليمن. فلما شُغِل عليٌّ ومعاوية -رضي الله عنهما- فلم يبعثوا إلى الموسم أحدًا، جاء المغيرةفصلى بالناس، ودعا لمعاوية.
أثره في الآخرين
أرسل رستم إلى سيدنا سعد بن أبي وقاصأنِ ابْعَثْ إلينا برجلٍ نكلمه، فكان فيمن بعثه المغيرة بن شعبة، فأقبل إليهم وعليهم التيجان والثياب المنسوجة بالذهب وبُسُطهم على غَلْوَة لا يُوصل إلى صاحبهم حتى يُمشى عليها، فأقبل المغيرةحتى جلس مع رستم على سريره، فوثبوا عليه وأنزلوه ومعكوه، وقال: قد كانت تبلغنا عنكم الأحلام، ولا أرى قومًا أسفه منكم، إنا معشر العرب لا نستعبد بعضنا بعضًا، فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى، فكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعضٍ، فإن هذا الأمر لا يستقيم فيكم ولا يصنعه أحدٌ، وإني لم آتكم، ولكن دعوتموني اليوم، علمت أنكم مغلبون، وأن ملكًا لا يقوم على هذه السيرة ولا على هذه العقول. فقالت السفلة: صدق والله العربي. وقالت الدهاقين: والله لقد رمى بكلام لا تزال عبيدنا ينزعون إليه، قاتل الله أولينا! ما كان أحمقهم حين كانوا يصغرون أمر هذه الأمة! ثم تكلم رستم فحمد قومه وعظّم أمرهم، وحقّر من شأن العرب، وعرض عليه الأموال لينصرف العرب عن بلاد فارس.
فتكلم المغيرةفحمد الله وأثنى عليه وقال: "إن الله خالق كل شيء ورازقه، فمن صنع شيئًا فإنما هو يصنعه، وأما الذي ذكرت به نفسك وأهل بلادك من الظهور على الأعداء والتمكن في البلاد فنحن نعرفه، فالله صنعه بكم ووضعه فيكم وهو له دونكم، وأما الذي ذكرت فينا من سوء الحال والضيق والاختلاف فنحن نعرفه ولسنا ننكره، والله ابتلانا به والدنيا دولٌ، ولم يزل أهل الشدائد يتوقعون الرخاء حتى يصيروا إليه، ولم يزل أهل الرخاء يتوقعون الشدائد حتى تنزل بهم، ولو شكرتم ما آتاكم الله لكان شكركم يقصر عما أوتيتم، وأسلمكم ضعف الشكر إلى تغير الحال، ولو كنا فيما ابتلينا به أهل كفر لكان عظيم ما ابتلينا به، مستجلبًا من الله رحمةً يرفه بها عنا؛ إن الله تبارك وتعالى بعث فينا رسولاً". ثم ذكر له الخيارات الثلاث: الإسلام أو الجزية أو القتال، وقال له: "وإن عيالنا قد ذاقوا طعام بلادكم، فقالوا: لا صبر لنا عنه".
فقال رستم: إذن تموتون دونها. فقال المغيرة: "يدخل من قُتل منا الجنة، ومن قتل منكم النار، ويظفر من بقي منا بمن بقي منكم".
بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى
عن عبد الملك بن عمير، عن ورَّاد كاتب المغيرة بن شعبة، قال: أملى عليَّ المغيرة بن شعبةفي كتاب إلى معاويةأن النبيكان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وعن المغيرة بن شعبةقال: كسفت الشمس على عهد رسول اللهيوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم. فقال رسول الله: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله".
بعض كلماته
قال المغيرة بن شعبة: اشكر من أنعم عليك، وأنعم على من شكرك؛ فإنه لا بقاء للنعم إذا كفرت، ولا زوال لها إذا شكرت.
وفاته
تُوُفِّي المغيرة بن شعبةبالكوفة سنة خمسين للهجرة، وهو ابن سبعين سنة.
[1] أي: أصابني خوف أو حزن.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
المقداد بن الأسود
مقدمة
هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة، من قضاعة، وقيل من كندة. أبو معبد أو أبو عمرو. نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري; لأنه تبناه في الجاهلية.
ـ قال ابن الكلبي: كان عمرو بن ثعلبة أصاب دما في قومه، فلحق بحضرموت، فحالف كندة، فكان يقال له:الكندي، وتزوج هناك امرأة فولدت له المقداد.
ـ فلما كبر المقداد وقع بينه وبين أبي شمر بن حجر الكندي، فضرب رجله بالسيف وهرب إلى مكة، فحالف الأسْود بن عبد يغوث الزهري، وكتب إلى أبيه، فقدم عليه، فتبنى الأسود المقداد، فصار يقال: المقداد بن الأسود، وغلبت عليه واشتهر بذلك؛ فلما نزلت: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ قيل له: المقداد بن عمرو، واشتهرت شهرته بابن الأسود.
ـ وكان المقداد يكنى أبا الأسود، وقيل: كنيته أبو عمر، وقيل: أبو سعيد. وأسلم قديما، وتزوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد بعدها، وكان فارسا يوم بدر حتى إنه لم يثبت أنه كان فيها على فرس غيره.
ـ وكان فارساً شجاعاً « يقوم مقام ألف رجل » على حد تعبير عمرو بن العاص وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو أول فارس في الإسلام وكان من الفضلاء النجباء، الكبار، الخيار من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم )سريع الإجابة إذا دعي إلى الجهاد حتى حينما تقدمت به سنه، وكان يقول في ذلك أبت علينا سورة البحوث انفروا خفافاً وثقالاً.
وكان إلى جانب ذلك رفيع الخلق، عالي الهمة، طويل الأناة، طيب..
قصة إسلامه
الذي يظهر من مجمل النصوص أن المقداد كان من المبادرين الأُول لاعتناق الإسلام، فقد ورد فيه:أنه أسلم قديماً، وذكر ابن مسعود أن أول من أظهر إسلامه سبعة، وعدّ المقداد واحداً منهم.
إلا أنه كان يكتم إسلامه عن سيده الأسود بن عبد يغوث خوفاً منه على دمه شأنه في ذلك شأن بقية المستضعفين من المسلمين الذين كانوا تحت قبضة قريش عامة، وحلفائهم وساداتهم خاصة، أمثال عمار وأبيه وبلالٍ وغيرهم ممن كانوا يتجرعون غصص المحنة ؛ فما الذي يمنع الأسود بن عبد يغوث من أن يُنزل أشد العقوبة بحليفه إن هو أحس منه أنه قد صبأ إلى دين محمد؟؟ سيما وأن الأسود هذا كان أحد طواغيت قريش وجباريهم، وأحد المعاندين لمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمستهزئين به وبما جاء، إنه ـ ولا شك
ـ في هذا الحال لن يكون أقل عنفاً مع حليفه من مخزوم مع حلفائها. لأجل هذا كان المقداد يتحين الفرص لإنفلاته من ربقة « الحلف » الذي أصبح فيما بعد ضرباً من العبودية المقيتة، ولوناً من ألوان التسخير المطلق للمحالف يجرده عن كل قيمة، ويُحرم معه من أبسط الحقوق.
أهم ملامح شخصيته
حبه للإسلام
حب المقداد -رضي الله عنه- للإسلام ملأ قلبه بمسئولياته عن حماية الإسلام، ليس فقط من كيد أعدائه، بل ومن خطأ أصدقائه، فقد خرج يوما في سريَّة تمكن العدو فيها من حصارهم، فأصدر أمير السرَّية أمره بألا يرعى أحد دابته، ولكن أحد المسلمين لم يحِط بالأمر خُبْرا فخالفه، فتلقى من الأمير عقوبة أكثر مما يستحق، أو لا يستحقها على الإطلاق، فمر المقداد بالرجل يبكي ويصيح فسأله فأنبأه ما حدث، فأخذ المقداد بيمينه ومضيا صوب الأمير، وراح المقداد يناقشه حتى كشف له خطأه وقال له:( والآن أقِدْهُ من نفسك، ومَكِّنْهُ من القصاص )000وأذعن الأمير، بيد أن الجندي عفا وصفح وانتشى المقداد بعظمة الموقف وبعظمة الدين الذي أفاء عليهم هذه العزة، فراح يقول:( لأموتَنَّ والإسلام عزيز )...
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
يروي عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد بن الاسود قال قدمت المدينة أنا وصاحبان فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد فأتينا الى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا له فذهب بنا الى منزله وعنده أربعة أعنز فقال احلبهن يا مقداد وجزئهن أربعة أجزاء واعط كل انسان جزءا فكنت أفعل ذلك فرفعت للنبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فاحتبس واضطجعت على فراشي فقالت لي نفسي إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أتى أهل بيت من الأنصار فلو قمت فشربت هذه الشربة فلم تزل بي حتى قمت فشربت جزءا فلما دخل في بطني ومعائي أخذني ما قدم وما حدث فقلت يجيء الآن النبي صلى الله عليه وسلم جائعا ظمآنا فلا يرى في القدح شيئا فسجيت ثوبا على وجهي وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم تسليمة تسمع اليقظان ولا توقظ النائم فكشف عنه فلم ير شيئا فرفع رأسه الى السماء فقال اللهم اسق من سقاني وأطعم من أطعمني فاغتنمت دعوته وقمت فأخذت الشفرة فدنوت الى الأعنز فجعلت أجسهن أيتهن اسمن لأذبحها فوقعت يدي على ضرع إحداهن فاذا هي حافل ونظرت الى الأخرى فاذا هي حافل فنظرت فاذا هن كلهن حفل فحلبت في الاناء فأتيته به فقلت اشرب فقال ما الخبر يا مقداد فقلت اشرب ثم الخبر فقال بعض سوآتك يا مقداد فشرب ثم قال اشرب فقلت اشرب يا نبي الله فشرب حتى تضلع ثم أخذته فشربته ثم أخبرته الخبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم هيه فقلت كان كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه بركة منزلة من السماء أفلا أخبرتني حتى اسقي صاحبيك فقلت إذا شربت البركة أنا وأنت فلا أبالي من أخطأت.
ـ ومن طريق يعقوب بن سليمان، عن ثابت البناني، قال:كان المقداد وعبد الرحمن بن عوف جالسَين فقال له مالك: ألا تتزوج؟ قال: زوجني ابنتك. فغضب عبد الرحمن وأغلظ <455> له، فشكا ذلك للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: أنا أزوجك. فزوجه بنت عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب.
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الظبية دون بدر استشار الناس فقال: أشيروا علي أيها الناس! فقام أبو بكر فقال و أحسن ثم قام عمر فقال مثل ذلك ثم قام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول الله! أمض بنا لأمر الله فنحن معك و الله لا نقول لك مثل ما قالت بنو إسرائيل لموسى { اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ههنا قعدون } و لكن اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون و الذي بعثك بالحق! لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تنتهي إليه رسول الله! فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم خيرا و دعا له بخير
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته
ولاّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إحدى الإمارات يوما، فلما رجع سأله النبي:( كيف وجدت الإمارة؟)000فأجاب:( لقد جَعَلتني أنظر الى نفسي كما لو كنت فوق الناس، وهم جميعا دوني، والذي بعثك بالحق، لا أتأمرَّن على اثنين بعد اليوم أبداً )000
وروى ثابت البناني عن أنس بن مالك عن المقداد بن الأسود أنه قال والله لا أشهد لأحد أنه من أهل الجنة حتى أعلم ما يموت عليه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر إذا استجمعت غليا "
بعض المواقف من حياته مع التابعين
يقول صفوان بن عمرو، حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد يوما، فمر به رجل، فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والله لوددنا أنا رأينا ما رأيت، فاستمعت، فجعلت أعجب، ما قال إلا خيرا، ثم أقبل عليه، فقال:ما يحمل أحدكم على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه. والله لقد حضر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقوام كبهم الله على مناخرهم في جهنم، لم يجيبوه، ولم يصدقوه، أولا تحمدون الله، لا <389> تعرفون إلا ربكم مصدقين بما جاء به نبيكم، وقد كفيتم البلاء بغيركم؟ والله لقد بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- على أشد حال بعث عليه نبي في فترة وجاهلية، ما يرون دينا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان حتى إن الرجل ليرى والده، أو ولده، أو أخاه كافرا، وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان، ليعلم أنه قد هلك من دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حميمه في النار، وأنها للتي قال الله تعالى رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ..
أثره في الآخرين (دعوته ـ تعليمه):
يحدث أبو بلال عن أبي راشد الحبراني أنه وافى المقداد بن الأسود ، وهو يجهز ، قال: فقلت: يا أبا الأسود قد أعذر الله إليك ، أو قال: قد عذرك الله ، يعني في القعود عن الغزو ; فقال: أتت علينا سورة براءة: { انفروا خفافا وثقالا }. بعض الأحاديث التي نقلها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن أبي النضر، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود: أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل إذا دنا من امرأته فخرج منه المذي: ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته وأنا أستحي أن أسأله! فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة.
ما قيل عنه:
ـ وقال أبو ربيعة الأيادي، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:
إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: علي، والمقداد وأبو ذر، وسلمان ؛ أخرجه التِّرمِذي وابن ماجه؛ وسنده حسن.
الوفاة:
ـ أخرج يعقوب بن سفيان، وابن شاهين، من طريقه بسنده إلى كريمة بنت المقداد قالت: كان المقداد عظيم البطن، وكان له غلام روميّ، فقال له: أشق بطنك فأخرج من شحمه حتى تلطف، فشق بطنه، ثم خاطه؛ فمات المقداد، وهرب الغلام..
ـ واتفقوا على أنه مات سنة ثلاث وثلاثين في خلافة عثمان. قيل: وهوابن سبعين سنة.
ـ مات في سنة ثلاث وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان وقبره بالبقيع رضي الله عنه.
المراجع
الإصابة في تمييز الصحابة
الاستيعاب
البداية والنهاية
السيرة لابن حبان
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
المقدام بن معد يكرب
هو المقدام بن معد يكرب بن عمرو بن يزيد بن معد يكرب بن عبد الله بن وهب بن ربيعة بن الحارث.(1)
من مواقفه مع الصحابة:
أما عن مواقفه مع الصحابة ( رضوان الله عليهم ) فقد وفد المقدام بن معد يكرب وعمرو بن الأسود ورجل من بني أسد من أهل قنسرين إلى معاوية بن أبي سفيان فقال معاوية للمقدام أعلمت أن الحسن بن علي توفي؟ فرجع ( أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون ) المقدام فقال له رجل أتراها مصيبة؟ قال له ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فقال " هذا مني وحسين من علي؟ " فقال الأسدي جمرة أطفأها الله عز وجل قال فقال المقدام أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره ثم قال يا معاوية إن أنا صدقت فصدقني وإن أنا كذبت فكذبني قال أفعل قال فأنشدك بالله هل سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن لبس الذهب؟ قال نعم قال فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن لبس الحرير؟ قال نعم قال فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليه؟ قال نعم قال فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية فقال معاوية قد علمت أني لن أنجو منك يا مقدام قال خالد فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه وفرض لابنه في المائتين ففرقها المقدام على أصحابه قال ولم يعط الأسدي أحدا شيئا مما أخذ فبلغ ذلك معاوية فقال أما المقدام فرجل كريم بسط يده وأما الأسدي فرجل حسن الإمساك لشيئه.(2)
من الأحاديث التي رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
روي البخاري في صحيحه "أن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كيلوا طعامكم يبارك لكم )
شرح الحديث: ( كيلوا طعامكم )أي زنوه عند شرائه أو بيعه. ( يبارك لكم ) لامتثال أمر الشارع بكيله حتى لا يحصل شك أو منازعة وبفضل التسمية عند كيله ولدعائه صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة في مد المدينة وصاعها.
وعن المقداد بن معد يكرب قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) توضأ فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه فأمرهما حتى بلغ القفا ثم ردهما إلى المكان الذي منه بدأ.
وعن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور [ العين ] ويشفع في سبعين من أقاربه.(3)
وعن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه إياه"
وورد في سنن ابن ماجة "عن المقدام بن معد يكرب أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "إن الله يوصيكم بأمهاتكم ( ثلاثا ). إن الله يوصيكم بآبائكم. إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب".
وجاء في سنن الدارمي عن المقدام بن معد يكرب الكندي: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حرم أشياء يوم خيبر الحمار وغيره ثم قال ليوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله فهو مثل ما حرم الله.
الوفاة
مات بالشام سنة سبع وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة عاش إلى خلافة عبد الملك ويقال: إلى خلافة ابنه الوليد(4).
المصادر:
1- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 467 ]
2- سنن أبي داود [ جزء 2 - صفحة 466 ]
3- سنن الترمذي [ جزء 4 - صفحة 187 ]
4- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 467
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
المنذر بن ساوى
هو المنذر بن ساوى بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم التميمى صاحب البحرين وينسب المنذر بن ساوى إلى الأسبذ قرية بهجر فيقال المنذر بن ساوى السبذى.
(1)أما عن جاهليته ( رضي الله عنه ) فقد كان المنذر بن ساوى نصرانيا إذ كان كان قومه من عبد شمس نصارى وتعتبر أخبار بن ساوى قبل إسلامه قليلة للغاية ويبدأ ذكره فى المصادر با ستقباله علاء الحضرمى يحمل رسالة النبى( صلى الله عليه وسلم).
(2) إسلامه بعث رسول الله( صلى الله عليه وسلم) العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى و كتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام فكتب المنذر إلى رسول الله (صلى الله عليه و سلم): أما بعد يا رسول الله فإني قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الإسلام و أعجبه و دخل فيه و منهم من كرهه و بأرضي مجوس و يهود فأحدث إلي في ذلك أمرك فكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه و سلم): [ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو و أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد عبده و رسوله أما بعد: فإني أذكرك الله عز و جل فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه و إنه من يطع رسلي و يتبع أمرهم فقد أطاعني و من نصح لهم فقد نصح لي و إن رسلي قد أثنوا عليك خيرا و إني قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه و عفوت على أهل الذنوب فاقبل منهم و إنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك و من أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية ]
(3) أما عن مواقفه مع الرسول ( صلي الله عليه وسلم ) فإنه لم يقابل المنذر رسول الله ولم يكن فى الوفد الذى حضر من البحرين لمقابلة رسول الله وإنما كتب إليه معهم بإسلامه. ولكن كان بينهما خطابات يسأل فيها المنذر ويستشير رسول الله فى بعض الأمور منها معاملته لليهود والمجوس الذين لم يسلموا بأرض البحرين.من مواقفه مع الصحابة وعن مواقفه مع الصحابة فقد حضر عنده في مرضه عمرو بن العاص فقال له يا عمرو هل كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجعل للمريض شيئا من ماله قال نعم الثلث قال ماذا أصنع به قال إن شئت تصدقت به على أقربائك وإن شئت على المحاويج وإن شئت جعلته صدقة من بعدك حبسا محرما فقال إني أكره ان أجعله كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحام ولكني أتصدق به ففعل ومات فكان عمرو بن العاص يتعجب منه. ومن الأحاديث التي رواها عن النبي (صلي الله عليه وسلم ) "عن زيد بن أسلم عن المنذر بن ساوى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كتب إليه أن افرض على كل رجل ليس له أرض أربعة دراهم وعباءة".
(4)الوفاة: توفي النبي (صلى الله عليه وسلم) والمنذر بن ساوى في سنة احدي عشرة من الهجرة، فقد اشتكيا في شهر واحد ثم مات المنذر بعد النبي( صلى الله عليه وسلم) بقليل.
(5) المصادر: 1- أسد الغابة [ جزء 1 - صفحة 1050 ] 2 - جمهرة انساب العرب (232) 3- البداية والنهاية [ جزء 6 - صفحة 327 ] 4- عيون الأثر [ جزء 2 - صفحة 352 ] 5- تاريخ الطبري [ جزء 2 - صفحة 285 ]
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
المهاجر بن أمية
هو المهاجر بن أمية بن المغيرة القرشي المخزومي أخو أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) لأبيها وأمها وكان اسمه الوليد فكره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اسمه وقال لأم سلمة: "هو المهاجر". (1)
وشهد بدرا مع المشركين وقتل أخواه يومئذ هشام ومسعود وكان اسمه الوليد.(2)
وأخبار المهاجر في المصادر المعتمدة قليلة جدا فلا نعرف عن أيامه الأولى قبل إسلامه شيئا كما لا نعرف متى أسلم بالضبط.
أثر الرسول في تربيته:
تخلف عن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) بتبوك فرجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو عاتب عليه فشفعت فيه أخته أم سلمة فقبل شفاعتها فأحضرته فاعتذر إلى النبي فرضي عنه
ويبدو أنه كان لهذا العتاب - بالرغم من عفو النبي السريع- أثره فلم تذكر المراجع أن المهاجر تأخر عن رسول الله أو عن خليفته أبو بكر (رضي الله عنه) بعد ذلك بالرغم من صعوبة ما كلف به(سفارته لليمن على عهد رسول الله - حروب الردة في خلافة أبى بكر).
أهم ملامح شخصيته:
1- الشجاعة والكفاءة القتالية (فقد اختاره أبو بكر ليكون من قادة الجيوش في حروب الردة وكان على يديه الانتصار في معركة النجير.
2- الأمانة فقد استعمله رسول الله على صدقات كندة والصدف.
3- كان على جانب عظيم من الفصاحة وحسن الخلق وخير دليل على ذلك اختيار النبي له ليكون سفيرا من سفرائه.
وله مواقف مع النبي ( صلي الله عليه وسلم ) منها تغيير الرسول (صلي الله عليه وسلم ) اسمه من الوليد إلي المهاجر.
فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وعندها رجل فقال من هذا قالت أخي الوليد قدم مهاجرا فقال هذا المهاجر فقالت يا رسول الله هو الوليد فأعاد فأعادت فقال انكم تريدون أن تتخذوا الوليد حنانا انه يكون في أمتي فرعون يقال له الوليد.(3)
وفاته:
أما عن وفاته فإننا لا نعلم سنة وفاته فلم تذكرها المراجع وقد ورد ذكره في عمال أبى بكر ولم يرد ذكره بعد ذلك.(4)
المصادر:
1- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 456 ]
2- الإصابة في تمييز الصحابة [ جزء 6 - صفحة 228 ]
3- الإصابة في تمييز الصحابة [ جزء 6 - صفحة 613 ]
4- أسد الغابة [ جزء 1 - صفحة 1050 ]
<
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
النضير بن الحارث
النسب والقبيلة
http://ar.islamstory.net/images/stor...7_image002.jpgالنضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي. أسلم بحنين، وأعطاه رسول اللهمن غنائم حنين مائة من الإبل[1].
وقيل: كان من المهاجرين، وقيل: كان من مسلمة الفتح[2]. وهاجر النضير بن الحارث إلى الحبشة ثم قدم مكة، فارتد ثم أسلم يوم الفتح أو بعده.
أهم ملامح شخصيته
1- كثرة الشكر لله على هدايته له، فقد كان النضير يكثر الشكر لله تعالى على ما منَّ عليه من الإسلام، ولم يمت على ما مات عليه أخوه النضر وآباؤه[3].
2- رجاحة العقل والحكمة، ولقد كان يعدُّ من حكماء قريش، وكانمن أعلم الناس.
3- الحلم، وكان النضير بن الحارث من أحلم الناس[4].
4- جمال الخلقة، فقد كانمن أجمل الناس[5].
بعض المواقف من حياته مع الرسول
ذكر النضير بن الحارث عداوته للنبي، وأنه خرج مع قومه من قريش إلى حنين وهم على دينهم بعد، قال: ونحن نريد إن كانت دائرة على محمد أن نغير عليه، فلم يمكنا ذلك، فلما صار بالجعرانة فوالله إني لعلى ما أنا عليه إن شعرت إلا برسول اللهفقال: "أنضير؟" قلت: لبيك. قال: "هل لك إلى خير مما أردت يوم حنين، مما حال الله بينك وبينه؟" قال: فأقبلت إليه سريعًا. فقال: "قد آن لك أن تبصر ما كنت فيه توضع". قلت: قد أدري أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئًا، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فقال رسول الله: "اللهم زده ثباتًا". قال النضير: فوالذي بعثه بالحق، لكأن قلبي حجر ثباتًا في الدين، وتبصره بالحق. فقال رسول الله: "الحمد لله الذي هداه"[6].
من كلماته
كان يقول: الحمد لله الذي منَّ علينا بالإسلام، ومنَّ علينا بمحمد، ولم نمت على ما مات عليه الآباء، وقتل عليه الإخوة وبنو العم.
وفاته
خرج إلى الشام غازيًا فحضر اليرموك، وقتل شهيدًا يومئذ في رجب سنة خمس عشرة في خلافة عمر بن الخطاب[7].
[1] ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/ 448.
[2] ابن الأثير: أسد الغابة 5/338.
[3] السابق نفسه.
[4] ابن عساكر: تاريخ دمشق 62/101.
[5] ابن كثير: البداية والنهاية 4/364.
[6] السابق نفسه.
[7] تاريخ دمشق: 62/103.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
الحباب بن المنذر
نسبه وقبيلته
الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخزرجي السلمي.
أهم ملامح شخصيته
1- الشجاعة
http://ar.islamstory.net/images/stor...9_image002.jpgفهذا الصحابي قد شهد المشاهد كلها مع رسول الله، ولعل ثباته يوم أحد من أكثر المواقف التي تدل على شجاعته؛ فقد ثبت رسول اللهيوم أحد في عصابة صبروا ومعه أربعة عشر رجلاً؛ سبعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار أبو بكر، وعبد الرحمن بن عوف، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وأبو عبيدة بن الجراح، والزبير بن العوام، ومن الأنصار: الحباب بن المنذر، وأبو دجانة، وعاصم بن ثابت، والحارث بن الصمة، وسهل بن حنيف، وأسيد بن الحضير، وسعد بن معاذ[1].
2- الثقة بالنفس والذكاء والرأي الراجح
وظهر ذلك جليًّا في موقفه في غزوة بدر الكبرى، عندما أشار على الرسولبالمكان الأمثل للمسلمين.
من مواقفه مع الرسول في حياته
ففي يوم بدر "وسار رسول اللهيبادرهم -يعني قريشًا- إليه (يعني إلى الماء)، فلما جاء أدنى ماء من بدر نزل عليه، فقال الحباب بن المنذر بن الجموح: يا رسول الله، منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله: "بل هو الرأي والحرب والمكيدة". قال الحباب: يا رسول الله، ليس بمنزل ولكن انهض حتى تجعل القلب كلها من وراء ظهرك، ثم غور كل قليب بها إلا قليبًا واحدًا، ثم احفر عليه حوضًا، فنقاتل القوم ونشرب ولا يشربون، حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال رسول الله: "قد أشرت بالرأي"، ففعل ذلك[2].
يا له من موقف عظيم من رسول الله! موقف يدل على التواضع وقبول الرأي الصواب أينما كان، وموقف رائع من الحباب، فهو الذي رباه النبيعلى مبدأ الشورى، وأن الدين النصيحة.
وفي غزوة أحد أظهر من البطولة والفتوة والتضحية بالنفس الشيء العجيب؛ روى سعد بن عبادة قال: بايع رسول اللهعصابة من أصحابه على الموت يوم أحد حتى انهزم المسلمون فصبروا وكرموا وجعلوا يسترونه بأنفسهم، يقول الرجل منهم: نفسي لنفسك الفداء يا رسول الله، وجهي لوجهك الوقاء يا رسول الله. وهم يحمونه ويقونه بأنفسهم حتى قتل منهم من قتل، وهم أبو بكر وعمر وعلي والزبير وطلحة وسعد وسهل بن حنيف وابن أبي الأفلح والحارث بن الصمة وأبو دجانة والحباب بن المنذر.
بعض المواقف من حياته مع الصحابة
أبدى الحباب بن المنذر برأيه في سقيفة بني ساعدة، فقد اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منا أمير ومنكم أمير. فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، فكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلامًا قد أعجبني، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر. ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء. فقال الحباب بن المنذر السلمي: لا والله لا نفعل أبدًا، منا أمير ومنكم أمير. قال: فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب دارًا، وأكرمهم أحسابًا -يعني قريشًا- فبايعوا عمر أو أبا عبيدة. فقال عمر: بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وأنت خيرنا وأحبنا إلى نبينا. فأخذ عمر بيده فبايعه، فبايعه الناس.
من كلماته
من شعر الحباب بن المنذر:
ألم تعلما للـه در أبيكما *** وما النـاس إلا أكمه وبصير
بأنّا وأعداء النبـي محمد *** أسـود لها في العالمين زئيـر
نصرنا وآوينا النبي وما له *** سوانا مـن أهل الملتين نصير[3]
تاريخ الوفاة
توفي الحباب بن المنذرفي خلافة عمر بن الخطاب، وليس له عقب. وقال ابن سعد: مات في خلافة عمر، وقد زاد على الخمسين سنة[4].
[1] علاء الدين البرهان فوري: كنز العمال (30044)، 10/432، 433.
[2] ابن الأثير: أسد الغابة 1/533، 534.
[3] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 2/10.
[4] ابن سعد: الطبقات الكبرى 3/567.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
النعمان بن بشير
هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بن زيد الأنصارى الخزرجى ويكنى عبد الله.
ولم يدرك النعمان الجاهلية فقد كان أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار بعد الهجرة بأربعة عشر شهرا.
وهو أول مولود ولد للأنصار بعد الهجرة رضي الله عنه. (1)
وكان النعمان أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة للأنصار في جمادى الأول سنة ثنتين من الهجرة فأتت به أمه تحمله إلى النبي (صلي الله عليه وسلم) فحنكه وبشرها بأنه يعيش حميدا ويقتل شهيدا ويدخل الجنة.(2)
من مواقفة مع الصحابة:
كان النعمان ذا منزلة من معاوية( رضي الله عنه ) وكان معاوية يقول يا معشر الأنصار تستبطئونني وما صحبني منكم إلا النعمان بن بشير وقد رأيتم ما صنعت به وكان ولاه الكوفة وأكرمه.(3)
من مواقفه مع التابعين:
قيل إن أعشى همدان قدم على النعمان بن بشير وهو على حمص وهو مريض فقال له النعمان ما أقدمك قال لتصلني وتحفظ قرابتي وتقضى ديني فقال والله ما عندي ولكني سائلهم لك شيئا ثم قام فصعد المنبر ثم قال يا أهل حمص إن هذا ابن عمكم من العراق وهو مسترفدكم شيئا فما ترون فقالوا احتكم في أموالنا فأبى عليهم فقالوا قد حكمنا من أموالنا كل رجل دينارين وكانوا في الديوان عشرين ألف رجل فعجلها له النعمان من بيت المال أربعين ألف دينار فلما خرجت أعطياتهم أسقط من عطاء كل رجل منهم دينارين.(4)
وقال أبو مخنف (وهو شيعي ) بعث يزيد بن معاوية إلي النعمان بن بشير الأنصاري فقال له ائت الناس وقومك فافثأهم عما يريدون فإنهم إن لم ينهضوا في هذا الأمر لم يجترئ الناس على خلافي وبها من عشيرتي من لا أحب أن ينهض في هذه الفتنة فيهلك.
فأقبل النعمان بن بشير فأتى قومه ودعا الناس إليه عامة وأمرهم بالطاعة ولزوم الجماعة وخوفهم الفتنة وقال لهم إنه لا طاقة لكم بأهل الشأم فقال عبد الله بن مطيع العدوي ما يحملك يا نعمان على تفريق جماعتنا وفساد ما أصلح الله من أمرنا فقال النعمان أما والله لكأني بك لو قد نزلت تلك التي تدعو إليها وقامت الرجال على الركب تضرب مفارق القوم وجباههم بالسيوف ودارت رحا الموت بين الفريقين قد هربت على بغلتك تضرب جنبيها إلى مكة وقد خلفت هؤلاء المساكين يعني الأنصار يقتلون في سككهم ومساجدهم وعلى أبواب دورهم فعصاه الناس.(5)
من الأحاديث التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم
عن النعمان بن بشير قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في مسير له إذ خفق رجل على راحلته فأخذ رجل من كنانته سهما فانتبه الرجل مذعورا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما "
عن النعمان بن بشير أن أباه نحله غلاما وأنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده فقال: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا قال: فاردده.(6)
وعن الشعبي قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول وأومأ النعمان بإصبعيه إلى أذنيه إن الحلال بين والحرام بين وبين ذلك مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشتبهات فقد استبرأ لدينه ولعرضه ومن وقع في المشتبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى أوشك أن يقع فيه ألا إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه.
عن الشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.(7)
وعن النعمان بن بشير قال صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم ثم أقبل علينا بوجهه فقال" سووا صفوفكم ولا تختلفوا فيخالف الله عز وجل بينكم يوم القيامة ".
فلقد رأيتنا وإن الرجل منا ليلتمس بمنكبه منكب أخيه وبركبته ركبة أخيه وبقدمه قدم أخيه.(8)
كلماته.
عن سماك بن حرب قال سمعت النعمان بن بشير يقول ألستم في طعام وشراب ما شئتم لقد رأيت نبيكم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه.
الوفاة:
وبعد موت يزيد بن معاوية بايع النعمان لإبن الزبير فتنكر له أهل حمص، فخرج هارباً فتبعه خالد بن خليّ الكلاعي فقتله سنة خمس وستين للهجرة.
المصادر:
1- البداية والنهاية [ جزء 3 - صفحة 230 ]
2- البداية والنهاية [ جزء 8 - صفحة 244 ]
3- طبقات فحول الشعراء [ جزء 2 - صفحة 463 ]
4- البداية والنهاية [ جزء 8 - صفحة 245 ]
5- تاريخ الطبري [ جزء 3 - صفحة 351 ]
6- كنز العمال [ جزء 16 - صفحة 820 ]
7- الأربعون الصغرى [ جزء 1 - صفحة 150 ]
8- الفوائد [ جزء 2 - صفحة 129 ]
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
النعمان بن المقرن
هو النعمان بن عمرو بن مقرن بن عائذ بن مزينة.
قصة إسلامه:
كان يوم إسلامه يوما مشهودا إذ أسلم معه عشرة أخوة له ومعهم أربعمائة فارس بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال فيهم (ان للإيمان بيوتا و للنفاق بيوتا وان بيـت بني مقرن من بيوت الايمان)بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
ولقد شهد النعمان الغزوات كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان له ولقبيلته دور بارز في محاربة المرتدين000
وأخرج ابن شاهين من طريق يحيى بن عطية، عن أبيه، عن عمرو بن النعمان بن مقرن قال: قدم رجال من مزينة فاعتلوا على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنهم لا أموال لهم يتصدقون منها، وقدم النعمان بن مقرن بغنم يسوقها إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فنزلت فيه: وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ الآية
بعض المواقف من حياته مع الصحابة:
وكان النعمان بطل معركة نهاوند يوم أن ندبه أمير المؤمنين عمر لهذه المهمة الجليلة اذ كتب اليه قائل:(فانه قد بلغني أن جموعا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند، فاذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين، ولا توطئهم وعرا فتؤذيهم ولا تمنعهم حقا فتكفرهم ولا تدخلهم غيضة فان رجلا من المسلمين أحب الي من مئة ألف دينار والسلام عليكم)000 فسار النعمان بالجيش والتقى الجمعان، ودارت المعركة حتى ألجـأ المسلمون الفـرس الى التحصـن فحاصروهم وطال الحصـار عدة أسابيع وفكر المسلمون في طريقة يستخرجون فيها الفرس من حصونهم لمناجزتهم، فبعثوا عليهم خيـلا تقاتلهم بقيـادة القعقاع حتى اذا خرجـوا من خنادقهم تراجـع القعقاع فطمعوا وظنوا أن المسلمين قد هزمو، وكان النعمان قد أمـر جيش المسلمين ألا يقاتلوا حتى يأذن لهم وخاطبهم قائل:(اني مكبر ثلاثا فاذا كبرت الثالثة فاني حامل فاحملو، وان قتلت فالأمر بعدي لحذيفة فان قتل ففلان )000حتى عد سبعة آخرهم المغيرة، ثم دعا ربه قائلا: (اللهم أعزز دينك وانصر عبادك واجعل النعمان أول شهيد اليوم، اللهم اني أسألك أن تقر عيني بفتح يكون فيه عز الاسلام واقبضني شهيدا )000فبكى الناس من شدة التأثر ودارت المعركة على مشارف نهاوند، وقاد النعمان المعركة بشجاعة نادرة وظفر بالشهادة التي كان يتمناه، وتحقق الفتح العظيم الذي طلبه من الله، فأخذ أخوه نعيم بن مقرن الراية وسلمها لحذيفة، فكتم أمر استشهاده حتى تنتهي المعركة000 وذهب البشير يخبر أمير المؤمنين عمر و يقول له:( فتح الله عليك، وأعظم الفتح، واستشهد الأمير )000فقال عمر:( انا لله وانا اليه راجعون )000واعتلى المنبر ونعى الى المسلمين النعمان بن المقرن أمير نهاوند وشهيدها000وبكى000وبكى000حتى علا صوته بالبكاء000رضي الله عن النعمان القائد المنتصر شهيد معركة فتح الفتوح
بعض الأحاديث التي نقلها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن النعمان بن عمرو بن مقرن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
وعن معقل بن يسار، عن النعمان بن مقرن أنه قال: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا لم يقاتل أول النهار، انتظر حتى تزول الشمس صححه الترمذي.
وعن أبي خالد الوالبي عن النعمان بن مقرن قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسب رجل رجلا عنده قال فجعل الرجل المسبوب يقول عليك السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن ملكا بينكما يذب عنك كلما يشتمك هذا قال له بل أنت وأنت أحق به وإذا قال له عليك السلام قال لا بل لك أنت أحق به..
وعن النعمان بن مقرن قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربع مائة من مزينة فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره فقال بعض القوم يا رسول الله ما لنا طعام نتزوده فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر زودهم فقال ما عندي إلا فاضلة من تمر وما أراها تغني عنهم شيئا فقال انطلق فزودهم فانطلق بنا إلى علية له فإذا فيها تمر مثل البكر الأورق فقال خذوا فأخذ القوم حاجتهم قال وكنت أنا في آخر القوم قال فالتفت وما أفقد موضع تمرة وقد احتمل منه أربع مائة رجل..
موقف الوفاة:
عن معقل بن يسار: أن عمر شاور الهرمزان في أصبهان وفارس وأذربيجان فقال: أصبهان: الرأس، وفارس وأذربيجان: الجناحان، فإذا قطعت جناحا فاء الرأس وجناح، وإن قطعت الرأس، وقع الجناحان. فقال عمر للنعمان بن مقرن: إني مستعملك، فقال: أما جابيا، فلا، وأما غازيا، فنعم، قال: فإنك غازٍ. فسرحه، وبعث إلى أهل الكوفة ليمدوه وفيهم حذيفة والزبير والمغيرة، والأشعث، وعمرو بن معدي كرب. فذكر الحديث بطوله. وهو في " مستدرك الحاكم " وفيه: فقال: اللهم ارزق النعمان الشهادة بنصر المسلمين، وافتح عليهم. فأمنوا، وهز لواءه ثلاث. ثم حمل، فكان أول صريع رضي الله عنه. ووقع ذو الحاجبين من بغلته الشهباء، فانشق بطنه، وفتح الله، ثم أتيت النعمان وبه رمق، فأتيته بماء، فصببت على وجهه أغسل التراب، فقال: من ذ؟ قلت: معقل قال ما فعل الناس؟ قلت: فتح الله. فقال: الحمد لله. اكتبوا إلى عمر بذلك، وفاضت نفسه رضي الله عنه.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو الحكم رافع بن سنان
نسبه وقبيلته هو رافع بن سنان الأنصاري الأوسي أبو الحكم المدني.
(1) من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم قال عبد الحميد بن جعفر أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ابنتي وهي فطيم أو شبهه وقال رافع ابنتي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " اقعد ناحية " وقال لها " اقعدي ناحية " قال وأقعد الصبية بينهما ثم قال "ادعواها" فمالت الصبية إلى أمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم اهدها " فمالت الصبية إلى أبيها فأخذها.
(2) المصادر :1- تهذيب الكمال [ جزء 9 - صفحة 28 ] 2- سنن أبي داود [ جزء 1 - صفحة 681 ]
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو الدحداح الأنصاري
هو أبو الدحداح، وقيل: أبو الدحداحة بن الدحداحة الأنصاري مذكور في الصحابة.
قال أبو عمر: لا أقف على اسمه ولا نسبه أكثر من أنه من الأنصار حليف لهم.
وقيل ثابت بن الدحداح؛ هو أبو الدحداح الأنصاري.
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت هذه الآية من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له قال أبو الدحداح الأنصاري وان الله ليريد منا القرض قال نعم يا أبا الدحداح قال أرني يدك يا رسول قال فناوله رسول الله يده قال فاني قد أقرضت ربي حائطي قال وحائطه له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها قال فجاء أبو الدحداح فنادى يا ام الدحداح قالت لبيك قال اخرجي من الحائط فقد أقرضته ربي عز وجل.
وفي رواية أخرى أنها لما سمعته يقول ذلك عمدت إلى صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم فقال النبي. صلى الله عليه وسلم كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح.
وعن أنس أن رجلا أتي النبي. صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول إن لفلان نخلة وان قوام حائطي بها فأمره أن يعطيني إياها حتى أقيم بها حائطي فقال النبي. صلى الله عليه وسلم أعطها إياه بنخلة في الجنة فأبى فأتي أبو الدحداح الرجل فقال بعني نختلك بحائطي ففعل فأتي أبو الدحداح النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني ابتعت النخلة بحائطي.فاجعلها له فقد أعطيتكها فقال النبي. صلى الله عليه وسلم كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة قالها مرارا فأتي أبو الدحداح امرأته فقال: يا أم الدحداح اخرجي من الحائط فقد بعته بنخلة في الجنة، فقالت: ربح البيع، ربح البيع، أو كلمة تشبهها.
ما رواه عن النبي:
أخرج أبو نعيم من طريق فضيل بن عياض، عن سفيان، عن عوف بن أبي جحيفة، عن أبيه أن أبا الدحداح قال لمعاوية سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: من كانت الدنيا همته حرم الله عليه جواري فإني بعثت بخراب الدنيا، ولم أبعث بعمارتها.
من كلماته
روى الواقدي عن عبد الله بن عامر قال قال ثابت بن الدحداح يوم أحد والمسلمون أوزاع يا معشر الأنصار إلي إلي إن كان محمد قد قتل فان اله حي لا يموت فقاتلوا عن دينكم فنهض إليه نفر من الأنصار فجعل يحمل بمن معه وقد وقفت له كتيبة خشناء فيها خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة فحمل عليه خالد بن الوليد بالرمح فأنفذه فوقع ميتا وقتل من كان معه.
الوفاة:
شهد أحداً وقتل بها شهيداً طعنه خالد بن الوليد برمح فأنفذه وقيل إنه مات على فراشه مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية. ولما توفي رضي الله عنه دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصم بن عدي فقال: هل كان له فيكم نسب؟ قال: لا فأعطى ميراثه ابن أخته أبا لبابة بن المنذر
ـ وروى من طريق عقيل، عن ابن شهاب مرسلا بمعناه، وقد تقدم في ترجمة ثابت بن الدحداح أنه يكنى أبا الدحداح وأنه مات في حياة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فبنى أبو عمر على أنه هذا، والحق أنه غيره.
ـ وهذا ينبغي أن يكون لثابت، فقد تقدم في ترجمته أنه جرح بأحد فقيل: مات بها وقيل: عاش ثم انتقضت فمات بعد ذلك بمدة، وهو الراجح..
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو الدرداء
هو الفارس الحكيم أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي صاحب رسول الله. وكان أبو الدرداءمن آخر الأنصار إسلامًا، وكان يعبد صنمًا، فدخل ابن رواحة ومحمد بن مسلمة -رضي الله عنهما- بيته فكسرا صنمه، فرجع فجعل يجمع الصنم، ويقول: ويحك! هلاَّ امتنعت! ألا دفعت عن نفسك. فقالت أم الدرداء: لو كان ينفع أو يدفع عن أحد، دَفَع عن نفسه ونفعها.
فقال أبو الدرداء: أعِدِّي لي ماء في المغتسل. فاغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب إلى النبي، فنظر إليه ابن رواحهمقبلاً، فقال: يا رسول الله، هذا أبو الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا. فقال: "إنما جاء ليسلم، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم".
منزلته وفضله
لأبي الدرداءالمكانة العالية والمنزلة المرموقة بين صحابة النبي؛ قال عنه رسول اللهيوم أُحد: "نعم الفارس عويمر". وقال عنه أيضًا: "هو حكيم أمتي".
وقد كانأحد أربعة جمعوا القرآن كله في عهد النبي؛ فقد روى البخاري بسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍقَالَ: "مَاتَ النَّبِيُّوَلَمْ يَجْمَعْ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ".
أثر الرسول في تربيته
كان للنبيالأثر الأكبر في تربية أبي الدرداء، وقد كان الحبيبيوصيه كثيرًا بما يجلب عليه الخير في الدنيا والآخرة؛ ففي صحيح مسلم عن أبي الدرداءقال: "أوصاني حبيبيبثلاثٍ لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر".
وروي أن عمر بن الخطابدخل على أبي الدرداءفدفع الباب فإذا ليس فيه غلق، فدخل في بيت مظلم فجعل يلمسه حتى وقع عليه، فجسّ وسادة فإذا هي برذعة، وجسّ دثاره فإذا كساء رقيق. قال عمر: ألم أوسِّع عليك؟! ألم أفعل بك؟!
فقال له أبو الدرداء: أتذكر حديثًا حدثناه رسول الله؟
قال: أيُّ حديث؟
قال: "ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب".
قال: نعم.
قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟
قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء حتى أصبحا.
من ملامح شخصية أبي الدرداء
الزهد في الدنيا
قال أبو الدرداء: ما يسرني أن أقوم على الدرج من باب المسجد فأبيع وأشتري فأصيب كل يوم ثلاثمائة دينار أشهد الصلاة كلها في المسجد، ما أقول: إن اللهلم يحل البيع ويحرم الربا، ولكن أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
علمه
عن يزيد بن عميرة قال: لما حضرت معاذ بن جبلالوفاة، قيل له: يا أبا عبد الرحمن، أوصنا. فقال: "التمسوا العلم عند عويمر (أبي الدرداء)؛ فإنه من الذين أوتوا العلم". وقد ولي أبو الدرداءقضاء دمشق، وكان من العلماء الحلماء الألِبَّاء.
حاله مع ربه
عن أبي الدرداءأنه كان يقوم من جوف الليل، فيقول: "نامَتِ العُيُونُ، وَغارَتِ النُّجُومُ، وأنْتَ حَيٌّ قَيُّوم". وعن أبي الدرداءقال: "لأَنْ أقول: الله أكبر مائة مرة أحبُّ إليَّ من أن أتصدق بمائة دينار".
خوفه وخشيته
قال أبو الدرداء: "أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث: أضحكني مُؤمِّل دنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك بملء فِيهِ ولا يدري أرضي الله أم أسخطه؟! وأبكاني فراق الأحبة محمد وحزبه، وهول المطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي الله، ولا أدري إلى الجنة أم إلى النار؟!".
وقال أبو الدرداءلبعيرٍ له عند الموت: "أيها البعير، لا تخاصمني إلى ربك؛ فإني لم أكُ أحمِّلك فوق طاقتك".
حرصه على الأخوة في الله
كان أبو الدرداءيقول: أعوذ بالله أن يأتي عليَّ يوم لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة، كان إذا لقيني مقبلاً ضرب بين ثديي، وإذا لقيني مدبرًا ضرب بين كتفي، ثم يقول: يا عويمر، اجلس فلنؤمن ساعة. فنجلس فنذكر الله ما شاء، ثم يقول: يا عويمر، هذه مجالس الإيمان.
ولما قيل لأبي الدرداء: ألا تبغض أخاك وقد فعل كذا؟ قال: "إنما أبغض عمله وإلاَّ فهو أخي، وأخوة الدين أوكد من أخوة القرابة". وكان أبو الدرداءيقول: "إني لأدعو لسبعين من إخواني في سجودي، أسمِّيهم بأسمائهم".
حرصه على الدعوة إلى الله
عن رجل من النخع قال: سمعت أبا الدرداءحين حضرته الوفاة قال: أحدثكم حديثًا سمعته من رسول الله، سمعت رسول اللهيقول: "اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، واعدد نفسك في الموتى، وإياك ودعوة المظلوم؛ فإنها تستجاب، ومن استطاع منكم أن يشهد الصلاتين العشاء والصبح ولو حبوًا، فليفعل".
من مواقفه مع الصحابة
موقفه مع سلمان الفارسي
روى البخاري بسنده عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: آخى النبيبين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مُتبذِّلة، فقال لها: ما شأنك؟
قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا.
فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: كُلْ.
قال: فإني صائم.
قال: ما أنا بآكل حتى تأكل.
قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ. فنام ثم ذهب يقوم، فقال: نَمْ. فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن. فصليا، فقال له سلمان: "إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقه". فأتى النبيفذكر ذلك له، فقال النبي: "صدق سلمان".
موقفه مع أبي بن كعب
عن أبي الدرداءقال: جلس رسول اللهيومًا على المنبر، فخطب الناس وتلا آية وإلى جنبي أبيّ بن كعب، فقلت له: يا أبيّ، ومتى أنزلت هذه الآية؟ قال: فأبى أن يكلمني. ثم سألته، فأَبَى أن يكلمني حتى نزل رسول الله، فقال أبيّ: ما لك من جمعتك إلا ما لغيت. فلما انصرف رسول اللهجئته فأخبرته، فقلت: أَيْ رسول الله، إنك تلوت آية وإلى جنبي أبيّ بن كعب، فقلت له: متى أنزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني، حتى إذا نزلتَ زعم أبيّأنه ليس لي من جمعتي إلا ما لغيت. فقال: "صدق أبيّ، إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ".
من مواقفه مع التابعين
موقفه مع أهل الشام
عن الضحاك قال: قال أبو الدرداء: يا أهل دمشق، أنتم الإخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء، ما يمنعكم من مودتي، وإنما مؤنتي على غيركم، ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجُهّالكم لا يتعلمون، وأراكم قد أقبلتم على ما تُكفّل لكم به، وتركتم ما أمرتم به، ألا إن قومًا بنوا شديدًا، وجمعوا كثيرًا، وأمَّلُوا بعيدًا، فأصبح بنيانهم قبورًا، وأملهم غرورًا، وجمعهم بورًا، ألا فتعلّموا وعلِّموا؛ فإن العالم والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير في الناس بعدهما".
موقفه يوم فتح قبرص
عن جبير بن نفير قال: لما فتحت قبرص فُرِّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، فرأيت أبا الدرداءجالسًا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟!
قال: ويحك يا جبير! ما أهون الخلق على اللهإذا تركوا أمره.
أثره في الآخرين (دعوته وتعليمه)
روي أن أبا الدرداءكتب إلى سلمان: "يا أخي، اغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع العباد ردَّه، واغتنم دعوة المبتلى. يا أخي، ليكن المسجد بيتك؛ فإني سمعت رسول اللهيقول: "المساجد بيت كل تقي"، وقد ضمن اللهلمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله. ويا أخي، ارحم اليتيم وأدنه وأطعمه من طعامك؛ فإني سمعت رسول اللهيقول وقد أتاه رجل يشتكي قساوة قلبه، فقال رسول الله: "أتحب أن يلين قلبك؟" فقال: نعم. قال: "أدن اليتيم منك، وامسح رأسه وأطعمه من طعامك؛ فإن ذلك يلين قلبك وتقدر على حاجتك". ويا أخي، لا تغترن بصحبة رسول الله؛ فإنا عشنا بعده دهرًا طويلاً، والله أعلم بالذي أصبنا بعده".
وعن أبي قلابة أن أبا الدرداءمر على رجلٍ قد أصاب ذنبًا فكانوا يسبونه، فقال: "أرأيتم لو وجدتموه في قَلِيبٍ، ألم تكونوا مستخرجيه؟!
قالوا: بلى.
قال: "فلا تسبُّوا أخاكم، واحمدوا اللهالذي عافاكم".
قالوا: أفلا تبغضه؟!
قال: "إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي".
بعض ما رواه عن رسول الله
روى مسلم بسنده عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِأَنَّ النَّبِيَّقَالَ: "مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف، عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ".
وروى الترمذي بسنده عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّقَالَ: "مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ".
من كلمات أبي الدرداء
كان أبو الدرداءحكيمًا وأيَّ حكيم، ومن بستان حكمته قوله: "لو أن رجلاً هرب من رزقه كما يهرب من الموت، لأدركه رزقه كما يدركه الموت".
وقوله: "من كثر كلامه كثر كذبه، ومن كثر حلفه كثر إثمه، ومن كثرت خصومته لم يسلم دينه".
وقال أيضًا: "من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قلَّ علمه وحضر عذابه، ومن لم يكن غنيًّا عن الدنيا فلا دنيا له".
موقف الوفاة
عن أم الدرداء -رضي الله عنها- أن أبا الدرداءلما احتضر جعل يقول: من يعمل لمثل يومي هذا؟! من يعمل لمثل ساعتي هذه؟! من يعمل لمثل مضجعي هذا؟! ثم يقول: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110].
مات أبو الدرداءسنة اثنتين وثلاثين من الهجرة بدمشق، وقيل: سنة إحدى وثلاثين
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو العاص بن الربيع
نسبه وقبيلته:
هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي صهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزوج ابنته زينب أكبر بناته كان يعرف بجرو البطحاء هو وأخوه.(1)
أهم ملامح شخصيته:
1-الوفاء بالعهد قال الذهبي في تاريخ الإسلام: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أثنى على أبي العاص في مصاهرته وقال: "حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي"
2-الأمانة فلقد كان أبو العاص من رجال قريش المعدودين مالا وأمانة وتجارة.(2)
إسلامه:
لم يزل أبو العاص مقيما على شركه حتى إذا كان قبيل فتح مكة خرج بتجارة إلى الشام بأموال من أموال قريش أبضعوها معه فلما فرغ من تجارته و أقبل قافلا لقيته سرية لرسول الله (صلى الله عليه و سلم) و قيل إن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) كان هو الذي وجه السرية للعير التي فيها أبو العاص قافلة من الشام و كانوا سبعين و مائة راكب أميرهم زيد بن حارثة و ذلك في جمادى الأولى في سنة ست من الهجرة فأخذوا ما في تلك العير من الأثقال و أسروا أناسا من العير فأعجزهم أبو العاص هربا فلما قدمت السرية بما أصابوا أقبل أبو العاص من الليل في طلب ماله حتى دخل على زينب ابنة رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فاستجار بها فأجارته فلما خرج رسول الله( صلى الله عليه و سلم) إلى صلاة الصبح فكبر و كبر الناس معه.
فعن عائشة( رضي الله عنها) قالت: صرخت زينب (رضي الله عنها): أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع قال فلما سلم رسول الله( صلى الله عليه و سلم) من صلاته أقبل على الناس فقال: أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا: نعم قال: أما و الذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم إنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فدخل على ابنته زينب فقال: أي بنية أكرمي مثواه و لا يخلص إليك فإنك لا تحلين له
وعن عائشة (رضي الله عنها): أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص و قال لهم: إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم و قد اصبتم له مالا فإن تحسنوا تردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك و إن أبيتم ذلك فهو فيىء الله الذي أفاءه عليكم فأنتم أحق به قالوا: يا رسول الله بل نرده عليه قال: فردوا عليه ماله حتى إن الرجل ليأتي بالحبل و يأتي الرجل بالشنة و الأداوة حتى أن أحدهم ليأتي بالشطاط حتى ردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئا ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع منه ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا: لا فجزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيا كريما قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوفا أن تظنوا اني إنما أردت أخذ أموالكم فلما أداها الله عز و جل إليكم و فرغت منها أسلمت ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم. (3)
من مواقفه مع الصحابة:
مع زينب بنت رسول الله قبل إسلامه فعن عائشة زوج النبي( صلى الله عليه وسلم* ) قالت: لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله( صلى الله عليه وسلم) في فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رق لها رقة شديدة وقال: " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا ". فقالوا: نعم يا رسول الله فأطلقوه وردوا عليها الذي لها. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه ووعده ذلك أن يخلي سبيل زينب إليه إذ كان فيما شرط عليه في إطلاقه ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخلى سبيله بعث رسول الله( صلى الله عليه وسلم) زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار فقال: " كونا ببطن ناجح حتى تمر بكما زينب فتصحبانها فتأتياني بها ". فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت جهرة.(4)
الوفاة:
قال إبراهيم بن المنذر مات أبو العاص بن الربيع في خلافة أبي بكر في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة من الهجرة وفيها أرخه ابن سعد.(5)
المصادر:
1- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 545 ]
2- تاريخ الإسلام [ جزء 1 - صفحة 260 ]
3- المستدرك [ جزء 3 - صفحة 262 ]
4- مجمع الزوائد [ جزء 9 - صفحة 343 ]
5- الإصابة في تمييز الصحابة [ جزء 7 - صفحة 251 ]
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو الهيثم بن التيهان
هو أبو الهيثم مالك بن التيهان بن مالك بن عتيك بن عمرو الأوسي الأنصاري.
وقيل هو أول صحابي ضرب على يد الرسول في بيعة العقبة الثانية، وقال ابن إسحاق: فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده وبنو عبد الأشهل يقولون بل أبو الهيثم بن التيهان.
إسلامه:
قال محمد بن عمر وكان أبو الهيثم يكره الأصنام في الجاهلية ويؤفف بها ويقول بالتوحيد هو وأسعد بن زرارة وكانا من أول من أسلم من الأنصار بمكة ويجعل في الثمانية النفر الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة من الأنصار فأسلموا قبل قومهم ويجعل أبو الهيثم أيضا في الستة النفر الذين يروى أنهم أول من لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار بمكة فأسلموا قبل قومهم وقدموا المدينة بذلك وأفشوا بها الإسلام.
قال محمد بن عمر وأمر الستة أثبت الأقاويل عندنا إنهم أول من لقي رسول الله عليه السلام من الأنصار فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا وقد شهد أبو الهيثم العقبة مع السبعين من الأنصار وهو أحد النقباء لاثني عشر أجمعوا على ذلك كلهم وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي الهيثم بن التيهان وعثمان بن مظعون وشهد أبو الهيثم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل إن أول من أسلم من الأنصار أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس خرجا إلى مكة يتنافران إلى عتبة بن ربيعة فقال لهما قد شغلنا هذا المصلي عن كل شيء يزعم أنه رسول الله قال وكان أسعد بن زرارة وأبو الهيثم بن التيهان يتكلمان بالتوحيد بيثرب فقال ذكوان بن عبد قيس لأسعد بن زرارة حين سمع كلام عتبة دونك هذا دينك فقاما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فأسلما ثم رجعا إلى المدينة فلقي أسعد أبا الهيثم بن التيهان فأخبره بإسلامه وذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دعا إليه فقال أبو الهيثم فأنا أشهد معك أنه رسول الله وأسلم.
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
لما هم الرسول صلى الله عليه وسلم بأخذ العهد على الأنصار في بيعة العقبة قام فتكلم وتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب في الإسلام ثم قال أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم. قال فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال نعم والذي بعثك بالحق (نبيا) لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا ( عن كابر) قال فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان، فقال يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبال، وإنا قاطعوها - يعني اليهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعن؟ قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم
قال ابن هشام: وقال الهدم الهدم: ( يعني الحرمة) أي ذمتي ذمتكم وحرمتي حرمتكم؟.
ومن مواقفه مع النبي صلى الله عليه وسلم ما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه فيقول: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قالا: الجوع يا رسول الله! قال: أما والذي نفسي بيده أخرجني الذي أخرجكما! قوموا فقاموا معه، فأتى رجلًا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبًا وأهلًا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أين فلان؟ قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء. إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه ثم قال: الحمد لله! ما أحد اليوم أكرم أضيافًا مني! قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إياك والحلوب! فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا وروا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر والذي نفسي بيده لتسألن عن نعيم هذا اليوم يوم القيامة! أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم.
الرجل المكرم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه -رضي الله عنهما-: أبو الهيثم مالك بن التيهان.
بعض المواقف من حياته مع الصحابة:
وعن محمد بن يحيى بن حبان أن أبا الهيثم بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خارصا، ثم بعثه أبو بكر فأبى، وقال: إني كنت إذا خرصت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجعت، دعا لي فتركه بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن أبي الهيثم بن التيهان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المستشار مؤتمن)
الوفاة:
نقل أبو عمر عن الأصمعي، قال: سألت قوم أبي الهيثم، فقالوا: مات في حياة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-؛ قال: وهذا لم يتابع عليه قائله. وعن صالح بن كيسان قال توفي أبو الهيثم في خلافة عمر.وقال غيره توفي سنة عشرين. قال الواقدي هذا أثبت عندنا ممن روى أنه قتل بصفين مع علي.
وقيل: إنه توفى سنة إحدى وعشرين.
وقيل: شهد صفين مع علي، وهو الأكثر. وقال بذلك ابن الأثير.
وقيل: إنه قتل بها، وهذا ساقه أبو بشر الدولابي، من طريق صالح بن الوجيه، وقال: ممن قتل بصفين أبو الهيثم بن التيهان، وعبد الرحمن بن بديل، وآخرون.
المراجع
الإصابة في تمييز الصحابة
الطبقات الكبرى
المعجم الكبير
سير أعلام النبلاء
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو أمامة بن سهل
نسبه وقبيلته:
أبو أمامة بن سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس اسمه أسعد سماه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باسم جده أبي أمامة أسعد بن زرارة أبي أمه وكناه بكنيته ودعا له وبرك عليه.(1)
من الأحاديث التي رواها عن رسول الله:
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بامرأة قد زنت فقال ممن قالت من المقعد الذي في حائط سعد فأرسل إليه فأتي به محمولا فوضع بين يديه فاعترف فدعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باثكال فضربه ورحمه لزمانته وخفف عنه.(2)
وروي ابن ماجة في سننه عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله . وليس له وارث إلا خال . فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر . فكتب إليه عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الله و رسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له).
الوفاة:
وتوفي أبو أمامة بن سهل بن حنيف سنة مائة وهو ابن نيف وتسعين سنة(3).
المصادر:
1- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 509 ]
2- سنن النسائي [ جزء 8 - صفحة 242 ]
3- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 27 ]
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو بصير
هو أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة.
موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن بها أقبل إليه أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخنس بن شريق الثقفي ولأزهر بن عبد عوف وبعثا بكتابهما مع مولى لهما ورجل من بني عامر بن لؤي استأجره ليرد عليهم صاحبهم أبا بصير فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفعا إليه كتابهما فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بصير فقال له: " يا أبا بصير إن هؤلاء القوم قد صالحونا على ما قد عملت وإنا لا نغدر فالحق بقومك ". فقال يا رسول الله تردني إلى المشركين يفتنوني في ديني!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اصبر يا أبا بصير واحتسب فإن الله جاعلا لك ولمن معك من المستضعفين من المؤمنين فرجا ومخرجا". قال: فخرج أبو بصير وخرجا حتى إذا كانوا بذي الحليفة جلسوا إلى سور جدار فقال أبو بصير للعامري: أصارم سيفك قال: نعم. قال: أنظر إليه قال: إن شئت فاستله. فضرب به عنقه وخرج المولى يشتد وطلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فلما رآه قال: هذا رجل قد رأى فزع. فلما انتهى إليه قال: قتل صاحبكم صاحبي. فما برح حتى طلع أبو بصير متوشح السيف فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله وفت ذمتك وقد امتنعت بنفسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويل أمه "!
محش حرب لو كان معه رجال "!
فخرج أبو بصير حتى نزل بالعيص وكان طريق أهل مكة إلى الشام فسمع به من كان بمكة من المسلمين فلحقوا به حتى كان في عصبة من المسلمين قريب من ستين أو سبعين وكانوا لا يظفرون برجل من قريش إلا قتلوه ولم يمر بهم عير إلا اقتطعوها حتى كتبت فيهم قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم لما آواهم فلا حاجة لنا بهم ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا عليه المدينة. وقيل إن أبا جندل بن سهيل بن عمرو كان ممن لحق بأبي بصير وكان عنده 0
وفاته
قدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي جندل وأبو بصير يموت فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرؤه فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه وبنى على قبره مسجدا، وذكر ابن إسحاق هذا الخبر بهذا المعنى وبعضهم يزيد فيه على بعض والمعنى متقارب إن شاء الله تعالى.
المراجع:
سنن البيهقي الكبرى
أسد الغابة
الاستيعاب
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو جندل
هو أبو جندل بن سهيل بن عمرو القرشي العامري.(1)
أسلم قديما بمكة فحبسه أبوه وأوثقه في الحديد ومنعه الهجرة.(2)
من مواقفه مع الرسول:
في صلح الحديبية والصحيفة تكتب إذ طلع أبو جندل بن سهيل يرسف في الحديد وكان أبوه حبسه فأفلت. فلما رآه أبوه سهيل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بتلابيبه وقال يا محمد قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذ!
قال: صدقت. فصاح أبو جندل بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين يفتنوني في ديني!
وقد كانوا خرجوا مع رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) لا يشكون في الفتح فلما صنع أبو جندل ما صنع وقد كان دخل - لما رأوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حمل على نفسه في الصلح ورجعته - أمر عظيم فلما صنع أبو جندل ما صنع زاد الناس شرا على ما بهم فقال رسول الله لأبي جندل: " أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرج. وإنا صالحنا القوم وإنا لا نغدر "(3)
من مواقفه مع الصحابة:
له موقف مع أبي بصير فقد انفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو الذي رده (صلى الله عليه وسلم ) يوم الحديبية وخرج من مكة في سبعين راكبا أسلموا فلحقوا بأبي بصير وكرهوا أن يقدموا على رسول الله( صلى الله عليه وسلم) في مدة الهدنة خوفا من أن يردهم إلى أهلهم وانضم إليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة وطوائف من العرب ممن أسلم حتى بلغوا ثلثمائة مقاتل فقطعوا مارة قريش لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه ولا تمر بهم عير إلا أخذوها حتى كتبت قريش له صلى الله عليه وسلم تسأله بالأرحام إلا آواهم ولا حاجة لهم بهم فكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أبي جندل وأبي بصير أن يقدما عليه وإن من معهم من المسلمين يلحق ببلادهم وأهليهم ولا يتعرضوا لأحد مر بهم من قريش ولا لعيرهم فقدم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) عليهما وأبو بصير مشرف على الموت لمرض حصل له فمات وكتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في يده يقرأه فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجدا. (4)
من كلماته:
أورد ابن عبد البر في الاستيعاب " قال أبو جندل وهو مع أبي بصير:
أبلغ قريشا من أبي جندل... أني بذي المروة بالساحل
في معشر تخفق أيمانهم... بالبيض فيها والقنى الذابل
يأبون أن تبقى لهم رفقة... من بعد إسلامهم الواصل
أو يجعل الله لهم مخرج... والحق لا يغلب بالباطل
فيسلم المرء بإسلامه... أو يقتل المرء ولم يأتل
الوفاة:
مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.(5)
المصادر:
1- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 516 ]
2- الطبقات الكبرى [ جزء 7 - صفحة 405 ]
3- أسد الغابة [ جزء 1 - صفحة 1153 ]
4- محمد رسول الله [ جزء 1 - صفحة 423 ]
5- المستدرك [ جزء 3 - صفحة 311 ]
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو ذر الغفاري
اسمه ولقبه
هو أبو ذَرّ، ويقال أبو الذَرّ جندب بن جنادة الغفاري. وقد اختلف في اسمه فقيل: جندب بن عبد الله، وقيل: جندب بن السكن، والمشهور جندب بن جنادة. وأم أبي ذَرّ هي رملة بنت الوقيعة الغفارية، وقد أسلمت رضي الله عنها.
كانآدم طويلاً أبيض الرأس واللحية، أسمر اللون نحيفًا، قال أبو قلابة عن رجل من بني عامر: "دخلت مسجد مِنى فإذا شيخ معروق آدم (أي أسمر اللون)، عليه حُلَّة قِطْريٌّ، فعرفت أنه أبو ذَرّ بالنعت".
حاله في الجاهلية
ولد أبو ذرفي قبيلة غفار بين مكة والمدينة، وقد اشتهرت هذه القبيلة بالسطو، وقطع الطريق على المسافرين والتجار وأخذ أموالهم بالقوة، وكان أبو ذَرّرجلاً يصيب الطريق، وكان شجاعًا يقطع الطريق وحده، ويُغير على الناس في عماية الصبح على ظهر فرسه أو على قدميه كأنه السبع، فيطرق الحي ويأخذ ما يأخذ.
ومع هذا كان أبو ذَرّ ممن تألّه[1]: "أخذ أبو بكربيدي فقال: يا أبا ذر. فقلت: لبيك يا أبا بكر. فقال: هل كنت تأله في جاهليتك؟ قلت: نعم، لقد رأيتني أقوم عند الشمس (أي عند شروقها)، فلا أزال مصليًا حتى يؤذيني حرّها، فأخرّ كأني خفاء. فقال لي: فأين كنت توجَّه؟ قلت: لا أدري إلا حيث وجهني الله، حتى أدخل الله عليَّ الإسلام". في الجاهلية، وكان يقول: لا إله إلا الله، ولا يعبد الأصنام. قال أبو ذر
النور يسري إلى قلب أبي ذَر وقبيلته
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال أبو ذر: كنت رجلاً من غفار، فبلغنا أن رجلاً قد خرج بمكة يزعم أنه نبي، فقلت لأخي: انطلق إلى هذا الرجل كلِّمه وَأْتني بخبره. فانطلق فلقيه، ثم رجع فقلت: ما عندك؟ فقال: والله لقد رأيت رجلاً يأمر بالخير، وينهى عن الشر. فقلت له: لم تشفني من الخبر. فأخذت جرابًا وعصًا، ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه، وأكره أن أسأل عنه، وأشرب من ماء زمزم، وأكون في المسجد. قال: فمر بي عليٌّ، فقال: كأن الرجل غريب؟ قال: قلت: نعم. قال: فانطلق إلى المنزل. قال: فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه، وليس أحد يخبرني عنه بشيء.
قال: فمر بي عليٌّ فقال: أما نال للرجل يعرف منزله بعد؟ قال: قلت: لا. قال: انطلق معي. قال: فقال: ما أمرك؟ وما أقدمك هذه البلدة؟ قال: قلت له: إن كتمت عليَّ أخبرتك. قال: فإني أفعل. قال: قلت له: بلغنا أنه قد خرج هاهنا رجل يزعم أنه نبي، فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر، فأردت أن ألقاه. فقال له: أما إنك قد رشدت، هذا وجهي إليه فاتبعني، ادخل حيث أدخل، فإني إن رأيت أحدًا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي، وامضِ أنت. فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي، فقلت له: اعرض عليَّ الإسلام. فعرضه فأسلمت مكاني، فقال لي: "يا أبا ذَرّ، اكتم هذا الأمر، وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل".
فقلت: والذي بعثك بالحق لأصرخَنَّ بها بين أظهرهم. فجاء إلى المسجد وقريش فيه، فقال: يا معشر قريش، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ. فقاموا فضُربت لأموت، فأدركني العباس فأكب عليَّ، ثم أقبل عليهم فقال: ويلكم! تقتلون رجلاً من غفار، ومتجركم وممركم على غفار. فأقلعوا عني، فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس، فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ. فصُنع بي مثل ما صنع بالأمس، وأدركني العباس فأكبّ عليَّ، وقال مثل مقالته بالأمس.
وكان أبو ذرّمن كبار الصحابة، قديم الإسلام، يقال: أسلم بعد أربعة فكان خامسًا، وبعد أن أسلم آخى النبيبينه وبين المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة وهو المُعْنِق ليموت.
أثر الرسول في تربيته
كان للنبيأثرٌ كبير وواضحٌ في حياة أبي ذر؛ وذلك لقدم إسلامه، وطول المدة التي قضاها مع النبي؛ فعن حاطب قال: قال أبو ذر: "ما ترك رسول اللهشيئًا مما صبّه جبريل وميكائيل -عليهما السلام- في صدره إلا قد صبه في صدري".
وعن أبي هريرةقال: قال أبو ذَرّ: يا رسول الله، ذهب أصحاب الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضول أموال يتصدقون بها. فقال رسول الله: "يا أبا ذَرّ، ألا أعلمك كلمات تدرك بهن من سبقك، ولا يلحقك من خلفك إلا من أخذ بمثل عملك؟" قال: بلى يا رسول الله. قال: "تكبر الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمده ثلاثًا وثلاثين، وتسبحه ثلاثًا وثلاثين، وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير".
أهم ملامح شخصيته
الزهد الشديد والتواضع
قيل لأبي ذرٍّ: ألا تتخذ أرضًا كما اتخذ طلحة والزبير؟ فقال: "وما أصنع بأن أكون أميرًا، وإنما يكفيني كل يوم شربة من ماء أو نبيذ أو لبن، وفي الجمعة قَفِيزٌ من قمح".
وعن أبي ذر قال: "كان قوتي على عهد رسول اللهصاعًا من التمر، فلست بزائدٍ عليه حتى ألقى الله تعالى".
صدق اللهجة
قال أبو ذَرّ: قال لي رسول الله: "ما تقلّ الغبراء ولا تظل الخضراء على ذي لهجة أصدق وأوفى من أبي ذَرّ، شبيه عيسى ابن مريم". قال: فقام عمر بن الخطابفقال: يا نبي الله، أفنعرف ذلك له؟ قال: "نعم، فاعرفوا له".
الحرص على الجهاد رغم الصعوبات
عن عبد الله بن مسعودقال: لما سار رسول اللهإلى تبوك، جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان. فيقول: "دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه". حتى قيل: يا رسول الله، تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره. فقال رسول الله: "دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه". فتلوَّم أبو ذَرّعلى بعيره فأبطأ عليه، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره فخرج يتبع رسول اللهماشيًا، ونزل رسول اللهفي بعض منازله ونظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق. فقال رسول الله: "كن أبا ذَرّ". فلما تأمله القوم، قالوا: يا رسول الله، هو -والله- أبو ذَرّ. فقال رسول الله: "رحم الله أبا ذَرّ، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده".
بعض المواقف من حياته مع الرسول
وفي صحيح مسلم عن أبي ذَرّ قال: سألت رسول الله: هل رأيت ربك؟ قال: "نور أنَّى أراه". قال النووي: أي حجابه نور، فكيف أراه؟!
وعن أبي ذَرّقال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: "يا أبا ذَرّ، إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدَّى الذي عليه فيها".
بعض المواقف من حياته مع الصحابة
مع معاوية
عن زيد بن وهب قال: مررت بالرَّبَذَة، فإذا أنا بأبي ذَرّفقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام، فاختلفت أنا ومعاوية في {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّه} [التوبة: 34]، قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم. فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمانيشكوني، فكتب إليَّ عثمانأنِ اقْدِمْ المدينة. فقدمتها فكثر عليَّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذاك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريبًا. فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمَّرُوا عليَّ حبشيًّا لسمعت وأطعت.
مع أبي بن كعب
عن أبي ذَرّأنه قال: دخلت المسجد يوم الجمعة والنبييخطب، فجلست قريبًا من أبي بن كعب، فقرأ النبيسورة براءة، فقلت لأبيّ: متى نزلت هذه السورة؟ قال: فتجهمني ولم يكلمني. ثم مكثت ساعة، ثم سألته فتجهمني ولم يكلمني، ثم مكثت ساعة ثم سألته فتجهمني ولم يكلمني، فلما صلى النبيقلت لأبيّ: سألتك فتجهمتني ولم تكلمني. قال أبيّ: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت.
فذهبت إلى النبيفقلت: يا نبي الله، كنت بجنب أبيٍّ وأنت تقرأ براءة، فسألته متى نزلت هذه السورة فتجهمني ولم يكلمني، ثم قال: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت. قال النبي: "صدق أُبَيّ".
بعض المواقف من حياته مع التابعين
مع عبد الله بن الصامت
عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذَرّقال: قال رسول الله: "إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود". قلت: يا أبا ذَرّ، ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يابن أخي، سألت رسول اللهكما سألتني، فقال: "الكلب الأسود شيطان".
مع صدقة بن أبي عمران
عن صدقة بن أبي عمران بن حطان قال: أتيت أبا ذَرّ فوجدته في المسجد مختبئًا بكساء أسود وحده، فقلت: يا أبا ذَرّ، ما هذه الوحدة؟ فقال: سمعت رسول اللهيقول: "الوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر".
بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول
روى البخاري بسنده عن أبي ذرقال: سألت النبي، أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله وجهاد في سبيله". قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: "أعلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها". قلت: فإن لم أفعل. قال: "تعين ضَايِعًا أو تصنع لأخرق". قلت: فإن لم أفعل. قال: "تدع الناس من الشر؛ فإنها صدقة تصدق بها على نفسك".
وعن أبي ذر، عن النبيقال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم". قال:فقرأها رسول اللهثلاث مرارًا، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: "المُسْبِل، والمنَّان، والمُنْفِق سلعته بالحلف الكاذب".
أثره في الآخرين
منذ أسلمأصبح من الدعاة إلى الله I، فدعا أباه وأمه وأهله وقبيلته، ولما أسلم أبو ذرقال: انطلق النبيوأبو بكر وانطلقت معهما حتى فتح أبو بكر بابًا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، قال: فكان ذلك أول طعام أكلته بها، فلبثت ما لبثت، فقال رسول الله: "إني قد وجهت إلى أرض ذات نخل -ولا أحسبها إلا يثرب- فهل أنت مبلغ عني قومك؛ لعل الله ينفعهم بك ويأجرك فيهم".
قال: فانطلقت حتى أتيت أخي أنيسًا، قال: فقال لي: ما صنعت؟ قال: قلت: إني أسلمت وصدقت. قال: فما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت وصدقت. ثم أتينا أُمَّنا فقالت: ما بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت وصدقت. فتحملنا حتى أتينا قومنا غفارًا. قال: فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول اللهالمدينة، وكان يؤمِّهم خُفاف بن إيماء بن رَحَضَة الغفاري، وكان سيِّدهم يومئذ، وقال بقيتهم: إذا قدم رسول اللهأسلمنا. قال: فقدم رسول اللهفأسلم بقيتهم. قال: وجاءت "أسلم" فقالوا: يا رسول الله، إخواننا، نُسلم على الذي أسلموا عليه. فقال رسول الله: "غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله".
مواقف خالدة في حياة أبي ذر
ينتقل الزاهد الورع خليفة وأمير المؤمنين عمر بن الخطابإلى جوار ربه ورسوله، تاركًا خلفه فراغًا هائلاً، ويبايع المسلمون عثمان بن عفانوتستمر الفتوحات وتتدفق الأموال من البلاد المفتوحة، فارس والروم ومصر، وظهرت بين العرب طبقات غنية كنزت الأموال، وبنت القصور، وعاشت عيشة الأمراء، كما ظهرت بجانبهم طبقات فقيرة لا تجد ما تقتات به. خرج أبو ذرإلى معاقل السلطة والثروة يغزوها بمعارضته معقلاً معقلاً، وأصبح في أيام معدودات الراية التي التفَّتْ حولها الجماهير والكادحون، وكان إذا نزل بأرض ردد قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35]. ولقد بدأ بأكثر تلك المعاقل سيطرة ورهبة هناك بالشام حيث معاوية بن أبي سفيانيحكم أرضًا من أكثر بلاد الإسلام خصوبة وخيرًا وفيئًا، ويستشعر معاوية الخطر، وتفزعه كلمات الثائر الجليل، ولكنه يعرف قدره، فلا يقربه بسوء، ويكتب من فوره للخليفة عثمان بن عفان، ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه إلى المدينة، ويجري بينهما حوار طويل ينتهي بأن يقول له أبو ذر: "لا حاجة لي في دنياكم". وطلب أبو ذر من عثمانأن يسمح له بالخروج إلى "الرَّبَذَة"، فأذن له.
موقفه من الثورات
أتى أبا ذر وفدٌ من الكوفة وهو في الرَّبَذَة، يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد عثمان بن عفان، فزجرهم بكلمات حاسمة قائلاً: "والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خيرٌ لي، ولو سيَّرني ما بين الأفق إلى الأفق، لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خير لي، ولو ردني إلى منزلي لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خيرٌ لي".
وهكذا أدرك ما تنطوي عليه الفتنة المسلحة من وبال وخطر؛ فتحاشاها.
بعض كلماته
من أقواله: "حجوا حجة لعظائم الأمور، وصوموا يومًا شديد الحر لطول يوم النشور، وصلوا ركعتين في سوداء الليل لوحشة القبور".
وفاته
تُوفِّي أبو ذر الغفاريبالرَّبَذَة سنة 32هـ/ 652م.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو سبرة بن أبى رهم
هو أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود القرشي العامري (1)
إسلامه:
أسلم قديماَ فقد ذكر فيمن هاجر هجرة الحبشة الأولى هو وزوجته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو
من ملامح شخصيته:
الشجاعة والإقدام فقد شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
توفي أبو سبرة في خلافة عثمان بن عفان(2)
المصادر:
1- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 532 ]
2- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 532 ]
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو سعيد الخدري
هو سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن الأبجر وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي أبو سعيد الخدري.. مشهور بكنيته..
كان ممن حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سننا كثيرة، وروى عنه علما جما، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم.
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
يقول أبو سعيد، قال: أتى علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ونحن أناس من ضعفة المسلمين ما أظن رسول الله يعرف أحدا منهم، وإن بعضهم ليتوارى من بعض من العري. فقال رسول الله بيده، فأدارها شبه الحلقة، قال: فاستدارت له الحلقة، فقال: "بما كنتم تراجعون"؟ قالو: هذا رجل يقرأ لنا القرآن، ويدعو لنا، قال: "فعودوا لما كنتم فيه"، ثم قال: "الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم" ثم قال: "ليبشر فقراء المؤمنين بالفوز يوم القيامة قبل الأغنياء بمقدار خمسمائة عام، هؤلاء في الجنة يتنعمون، وهؤلاء يحاسبون"
تابعه جعفر بن سليمان عن المعلى، أخرجه أبو داود وحده..
بعض المواقف من حياته مع الصحابة:
لما بايع الناس معاوية ليزيد كان الحسين ممن لم يبايع له، وكان أهل الكوفة يكتبون إلى حسين يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية، كل ذلك يأبى، فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية يطلبون إليه أن يخرج معهم، فأبى وجاء إلى الحسين فأخبره بما عرضوا عليه وقال: إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا بن، ويشيطوا دماءن. فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم، مرة يريد أن يسير إليهم، ومرة يجمع الإقامة. فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد الله، إني لكم ناصح، وإني عليكم مشفق، وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم، فلا تخرج، فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وأبغضتهم، وملوني وأبغضوني، وما بلوت منهم وفاء، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم ثبات ولا عزم على أمر، ولا صبر على السيف.
بعض المواقف من حياته مع التابعين:
وقد اختفى جماعة من سادات الصحابة، منهم جابر بن عبد الله، وخرج أبو سعيد الخدري فلجأ إلى غار في جبل، فلحقه رجل من أهل الشام. قال: فلما رأيته انتضيت سيفي فقصدني، فلما رآني صمم على قتلي، فشمت سيفي، ثم قلت إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فلما رأى ذلك قال: من أنت؟ قلت: أنا أبو سعيد الخدري قال: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: نعم. فمضى وتركني.
ـ وعن عياض بن عبد الله قال: رأيت أبا سعيد الخدري جاء ومروان يخطب فقام فصلى ركعتين فجاء إليه الأحراس ليجلسوه فأبي أن يجلس حتى صلى الركعتين فلما أقضينا الصلاة أتيناه فقلنا يا أبا سعيد: كاد هؤلاء أن يفعلوا بك ، فقال: ما كنت لأدعها لشيء بعد شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء رجل وهو يخطب فدخل المسجد بهيئة بذة فقال " أصليت "؟ قال: لا ، قال: " فصل ركعتين " ثم حث الناس على الصدقة فألقوا ثيابا فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل منها ثوبين فلما كانت الجمعة الأخرى جاء الرجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أصليت "؟ قال: لا قال: " فصل ركعتين " ، ثم حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة فطرح الرجل أحد ثوبيه فصاح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " خذه " ، فأخذه ، ثم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " انظروا إلى هذا جاء تلك الجمعة بهيئة بذة فأمرت الناس بالصدقة فطرحوا ثيابا فأعطيته منها ثوبين فلما جاءت الجمعة وأمرت الناس بالصدقة فجاء فألقى أحد ثوبيه " ـ وعن عاصم عن ابن سيرين قال: كان أبو سعيد الخدري <317> قائما يصلي فجاء عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يمر بين يديه فمنعه وأبى إلا أن يمضي فدفعه أبو سعيد فطرحه فقيل له: تصنع هذا بعبد الرحمن فقال: والله لو أبى إلا أن آخذه بشعره لأخذت.
آثره في الآخرين (دعوته ـ تعليمه):
عن إسماعيل بن رجاء بن ربيعة عن أبيه قال: كنا عند أبي سعيد الخدري في مرضه الذي توفي فيه قال: فأغمي عليه فلما أفاق قال قلنا له الصلاة يا أبا سعيد قال: كفان قال: أبو بكر يريد كفان يعني أومأ بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم:
ـ يحدث عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن..
ـ ويروي عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا أو الحياة شك مالك فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية..
قال وهيب حدثنا عمرو الحياة وقال خردل من خير
ـ عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره قالوا فما أولت ذلك يا رسول الله قال الدين..
وعن صالح ذكوان عن أبي سعيد الخدري
قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار فقالت امرأة واثنتين فقال واثنتين
ـ وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا وعن عبد الرحمن بن الأصبهاني قال سمعت أبا حازم عن أبي هريرة قال ثلاثة لم يبلغوا الحنث..
ما قيل فيه:
قال حنظلة بن أبي سفيان عن أشياخه كان من أفقه أحداث الصحابة
وقال الخطيب كان من أفاضل الصحابة وحفظ حديثا كثيرا
الوفاة:
قيل: مات سنة أربع وسبعين. وقيل: أربع وستين. وقال المدائني: مات سنة ثلاث وستين. وقال العسكري:مات سنة خمس وستين
المراجع:
الإصابة في تمييز الصحابة
سير أعلام النبلاء
الاستيعاب
مسند أحمد بن حنبل
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو سفيان صخر بن حرب
اسمه ولقبه
هو أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي الأموي. ولد أبو سفيان قبل عام الفيل بعشر سنين، وأسلم عام الفتح.
من مواقفه في الجاهلية
في يوم أُحد كان أبو سفيان بن حرب هو الذي قاد قريشًا كلها يوم أُحد، ولم يكن بأعلم من رسول اللهبقيادة الجيش وتنظيمه، لكن أبا سفيان استطاع أن يجند عددًا كبيرًا من قريش، فكانت عدتهم 3000، فيهم 700 دارع، ومعهم 200 فرس.
وموقف آخر مع زيد بن الدَّثِنَة؛ إذ اجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قَدِمَ ليُقتل: أنشدك بالله يا زيد، أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك. قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي. فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحبِّ أصحاب محمد محمدًا.
إسلامه
لما نزل رسول اللهبمَرّ الظَّهْران، قال العباس: واصباح قريش! والله لئن دخل رسول اللهمكة عنوة قبل أن يستأمنوه، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر. قال: فجلست على بغلة رسول اللهالبيضاء، فخرجت عليها حتى جئت الأراك، فقلت: لعلِّي ألقى بعض الحطّابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول اللهفيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة.
قال: فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له، إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كاليوم قط نيرانًا ولا عسكرًا. قال: يقول بديل: هذه والله نيران خزاعة حَمَشَتْهَا الحرب. قال: يقول أبو سفيان: خزاعة والله أذل وألأم من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. قال: فعرفت صوته فقلت: يا أبا حنظلة. فعرف صوتي فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم. فقال: ما لك فداك أبي وأمي؟ فقلت: ويحك يا أبا سفيان! هذا رسول اللهفي الناس، واصباح قريش والله. قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟
قال: قلت: لئن ظفر بك ليضربَنَّ عنقك، فاركب معي هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله، فأستأمنه لك. قال: فركب خلفي ورجع صاحباه، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول اللهقالوا: عم رسول اللهعلى بغلته. حتى مررت بنار عمر بن الخطابفقال: من هذا؟ وقام إليَّ، فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال: أبو سفيان، عدو الله؟! الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد. ثم خرج يشتد نحو رسول الله، وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة الرجل البطيء، فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول اللهودخل عمر، فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه.
فقلت: يا رسول الله، إني أجرته. ثم جلست إلى رسول الله، فأخذت برأسه فقلت: لا والله، لا يناجيه الليلة رجل دوني. قال: فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلاً يا عمر، أما والله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف. فقال: مهلاً يا عباس، والله لإسلامك يوم أسلمت أحب إليَّ من إسلام أبي لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحبِّ إلى رسول اللهمن إسلام الخطاب. فقال رسول الله: "اذهب به إلى رحلك يا عباس، فإذا أصبحت فأتني به".
فذهبت به إلى رحلي فبات عندي، فلما أصبح غدوت به على رسول الله، فلما رآه رسول اللهقال: "ويحك يا أبا سفيان! ألم يأنِ لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟!" قال: بأبي أنت وأمي، ما أكرمك وأحلمك وأوصلك! لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئًا. قال: "ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟!" قال: بأبي وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! هذه والله كان في النفس منها شيء حتى الآن. قال العباس: ويحك يا أبا سفيان! أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل أن يُضرب عنقك. قال: فشهد شهادة الحق وأسلم.
أهم ملامح شخصيته
تميز أبو سفيانبكثيرٍ من الصفات التي قلما توجد في إنسان، وهذا ما جعله جديرًا بزعامة قريش:
1- الدهاء والحكمة (موقفه يوم بدر وفراره بالقافلة).
2- الشجاعة والإقدام (موقفه يوم حنين وعدم فراره من المعركة).
3-حب الفخر وحب الزعامة (موقفه يوم فتح مكة)، ولم يعِب النبيعليه ذلك.
4- البخل، غير أنه يتكلف الجود إذا اقتضى الأمر؛ يدفعه ثمنًا للزعامة.
من مواقفه مع الرسول
قال ابن الأثير في أسد الغابة: كانت راية رسول اللهبيد سعد بن عبادةيوم الفتح، فمر بها على أبي سفيان، وكان أبو سفيان قد أسلم، فقال له سعد: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشًا. فلما مر رسول اللهفي كتيبة من الأنصار، ناداه أبو سفيان: يا رسول الله، أمرت بقتل قومك، زعم سعد أنه قاتلنا. وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما: يا رسول الله، ما نأمن سعدًا أن تكون منه صولة في قريش. فقال رسول الله: "يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشًا". فأخذ رسول اللهاللواء من سعد، وأعطاه ابنه قيسًا.
وقد شهد أبو سفيانحنينًا، وأبلى فيها بلاءً حسنًا، وكان ممن ثبت ولم يفر يومئذ، ولم تفارق يده لجام بغلة رسول اللهحتى انصرف الناس إليه.
من مواقفه مع الصحابة
مع ابنته أم حبيبة قبل إسلامه
لما جاء أبو سفيان إلى المدينة قبل الفتح؛ لما أوقعت قريش بخزاعة ونقضوا عهد رسول الله، فخاف فجاء إلى المدينة ليجدد العهد، فدخل على ابنته أم حبيبة، فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله، وقالت: "أنت مشرك".
من الأحاديث التي رواها عن رسول الله
روى عنه سماك بن حرب، أن النبيقال: "ما قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها حقه من قويها غير متعتع".
من كلماته
من ذلك قوله يوم اليرموك: "والله لا ينجيكم من هؤلاء القوم، ولا تبلغن رضوان الله غدًا إلا بصدق اللقاء، والصبر في المواطن المكروهة".
ولما حضرته الوفاة، قال: لا تبكوا عليَّ؛ فإني لم أتنطَّف بخطيئة منذ أسلمت.
وفاته
اختُلف في وفاة أبي سفيان؛ فقيل تُوُفِّي سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة اثنتين وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو سلمة بن عبد الأسد
هو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي
وتزوج (رضي الله عنه ) من أم سلمة، وهي هند بنت أبي أمية، ثم صارت بعده للنبي ( صلي الله عليه وسلم ) وأمه هي برة بنت عبد المطلب
ابنة عمة النبي ( صلي الله عليه وسلم )، وقد اشتهر بكنيته أكثر من اسمه.(1)
وقال ابن حجر في الإصابة: وكان اسمه عبد مناف فغيره النبي صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله.
قصة إسلامه:
أورد ابن حجر في الإصابة:
قال ابن إسحاق أسلم بعد عشرة أنفس، وكان من السابقين الأولين، وكان إسلامه هو وعثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد في ساعة واحدة قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. (2)
أهم ملامح شخصيته:
روي ابن أبي عاصم في الأوائل من حديث ابن عباس، أن أول من يأخذ كتابه بيمينه أبو سلمة بن عبد الأسد، واول من يأخذ كتابه بشماله أخوه سفيان بن عبد الأسد.
وكان أول من هاجر إلى المدينة وزاد ابن منده وإلى الحبشة وذكره موسى بن عقبة وغيره من أصحاب المغازي، فيمن هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة وفيمن شهد بدرا...
وعن هجرة أبي سلمة إلي المدينة يقول ابن حجر:
عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة قال لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل بعيرا له وحملني وحمل معي ابني سلمة ثم خرج يقود بعيره فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتنا هذه علام نتركك تسير بها في البلاد ونزعوا خطام البعير من يده وأخذوني فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد وأهووا إلى سلمة وقالوا والله لا نترك ابننا عندها إذا نزعتموها من صاحبنا فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد ورهط أبي سلمة وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ففرق بيني وبين زوجي وابني فكنت أخرج كل غداة وأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي سبعا أو قريبها حتى مر بن رجل من بني عمي فرأى ما في وجهي فقال لبني المغيرة ألا تخرجون من هذه المسكينة فرقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها فقالوا الحقي بزوجك إن شئت ورد على بنو عبد الأسد عند ذلك ابني فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة وما معي أحد من خلق الله فكنت أبلغ من لقيت حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار فقال أين يا بنت أبي أمية قلت أريد زوجي بالمدينة فقال هل معك أحد فقلت لا والله إلا الله وابني هذا فقال والله مالك من مترك فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يقودني فوالله ما صحبت رجلا من العرب أراه كان أكرم منه إذا نزل المنزل أناخ بن ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري قدمه ورحله.
ومما روى عن المصطفى( صلى الله عليه وسلم):
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك احتسبت مصيبتي فأجرني فيها وأبدلني منها خيرا فلما احتضر أبو سلمة قال اللهم اخلف في أهلي خيرا مني فلما قبض قالت أم سلمة إنا لله وإنا إليه راجعون عند الله احتسبت مصيبتي فأجرني فيها"
وفاته رضي الله عنه:
قال البغوي: قال أبو بكر بن زنجويه: توفي أبو سلمة في سنة أربع من الهجرة بعد منصرفه من أحد، انتقض به جرح كان أصابه بأحد، فمات منه فشهده رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وكذا قال ابن سعد، إنه شهد بدرا، وأحدا فجرح بها، ثم بعثه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على سرية إلى بني أسد في صفر سنة أربع، ثم رجع، فانتقض جرحه، فمات في جمادى الآخرة، وبهذا قال الجمهور: كابن أبي خيثمة ويعقوب بن سفيان وابن البرقي والطبري، وآخرون، وأرخه بن عبد البر في جمادى الآخرة، سنة ثلاث، والراجح الأول..
المراجع:
1- الطبقات الكبرى 1/ 204
2- الإصابة 3/ 586
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو طلحة الأنصاري
هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي أبو طلحة مشهور بكنيته.
ووهم من سماه سهل بن زيد وهو قول ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة في تسمية من شهد العقبة، وقد قال ابن سعد: أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا أبو طلحة من ولد أبي طلحة قال اسم أبي طلحة زيد..
وأمه هي عبادة بنت مالك بن عدي بن زيد مناة بن عدي ابن عمرو بن مالك بن النجار وهو مشهور بكنيته. شهد بدرا.
قصة إسلامه:
بدأت قصة إسلام أبي طلحة يوم أراد أن يخطب أم سُليم، حيث ذهب إليها فلما بلغ منزله، واستأذن إليه، فعرض نفسه عليها.
ـ فقالت: إن مثلك يا أبا طلحة لا يُرد، ولكني لن أتزوجك فأنت رجل كافر.
ـ فقال: والله ما هذا الذي يمنعكِ مني يا أم سليم.
ـ قالت: فماذا إذ؟!
ـ قال: الذهب والفضة. يعني أنها آثرت غيره عليه أكثر غنىً منه.
ـ قالت: بل إني أشهِدك يا أبا طلحة، وأشهد الله ورسوله ؛ أنك إن أسلمت رضيت بك زوج، وجعلت إسلامك لي مهر.
فلما سمع أبو طلحة كلام أم سليم، انصرف ذهنه إلى صنمه الذي اتخذه من الخشب، يتوجه إليه بالعبادة.
ـ هنا قالت أم سليم: ألست تعلم يا أبا طلحة أن إلهك الذي تعبده من دون الله قد نبت من الأرض؟!
ـ فقال: بلى.
ـ قالت: ألا تشعر بالخجل وأنت تعبد جذع شجرة، جعلت بعضه لك إلهاً، بينما جعل غيرك بعضه الآخر وقوداً يخبز عليه عجينه؟!
ـ قال: ومَن لي الإسلام؟.
ـ قالت: أنا أعلمك كيف تدخل فيه: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ثم تذهب إلى بيتك فتحطم صنمك وترمي به.
ففعل أبو طلحة كل ذلك. ثم تزوَّج من أم سليم. فكان المسلمون يقولون:
" ما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم، فقد جعلت مهرها الإسلام".
أحب أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فكان يديم النظر إليه ولا يرتوي من الاستماع إلى عذب حديثه.
أهم ملامح شخصيته:
هو صحابي من الشجعان والرماة المعدودين في الجاهلية والإسلام. كان أحد النقباء الاثني عشر في بيعة العقبة. شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وكان من أكبر أنصار الإسلام.
ومن شجاعته ما يرويه أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: من قتل كافرا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم
وكما كان أبو طلحة جواداً بنفسه في ساعات البأس ، كان أيضاً جواداً بماله في مواقف البذل: *ومن ذلك أنه كان له بستان من نخيل وأعناب لم تعرف المدينة بستاناً أعظم منه شجر، ولا أطيب ثمر، ولا أعذب منه ماءً.
وبينما كان أبو طلحة يصلي في بستانه، أثار انتباهه طائر أخضر اللون، أحمر المنقار، فأعجبه منظره، وشرد عن صلاته بسببه، فلم يدرِ كم صلى ثلاثاً أم أربع. فلما فرغ من صلاته ذهب إلى رسول الله، وشكا له نفسه التي شغلها البستان والطائر عن الصلاة، ثم قال: أشهد يا رسول الله أني جعلت هذا البستان صدقة لله تعالى، فضعه حيث يحب الله ورسوله.
*وفي الصحيحين عن أنس لما نزلت (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) قال أبو طلحة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة أرجو برها وذخرها. فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بخ بخ ذاك مال رابح الحديث.
* عاش أبو طلحة حياته صائماً مجاهد، فقد أثر عنه أنه بقي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم نحواً من ثلاثين عاماً صائماً، لم يفطر إلا حيث يَحرم الصوم.
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال البخاري:عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم. فأخرجت أقراصا من شعير، ثم أخرجت خمارا لها، فلفت الخبز ببعضه، ثم دسته تحت يدي ولاثتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فذهبت به، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسلك أبو طلحة؟" فقلت: نعم. قال: "بطعام؟" فقلت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: "قوموا" فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليس عندنا ما نطعمهم. فقالت: الله ورسوله أعلم. فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هلم يا أم سليم، ما عندك؟" فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت، وعصرت أم سليم عكة فآدمته، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما شاء الله أن يقول، ثم قال: "ائذن لعشرة". فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: "ائذن لعشرة". فأذن لهم. فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: "ائذن لعشرة" فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: "ائذن لعشرة". فأكل القوم كلهم والقوم سبعون أو ثمانون رجلا. وقد رواه البخاري في مواضع أخر من "صحيحه" ومسلم من غير وجه عن مالك.
ـ وروى عنه ربيبه أنس وابن عباس وأبو الحباب سعيد بن يسار وغيرهم وروى مسلم وغيره من طريق ابن سيرين عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لما حلق شعره بمنى فرق شقه الأيمن على أصحابه الشعرة والشعرتين وأعطى أبا طلحة الشق الأيسر كله.
ـ ولما كان يوم أُحد ؛ وانكشف المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فنفذ إليه المشركون من كل جانب، فكسروا رَباعيته، وشجوا جبينه، وجرحوا شفته، وأسالوا الدم على وجهه.
انتصب أبو طلحة أمام رسول الله كالجبل الراسخ، ووقف عليه الصلاة والسلام خلفه يتترس به، وأخذ أبو طلحة يرمي سهامه على جنود المشركين واحداً بعد واحد، وما زال أبو طلحة ينافح عن رسول الله حتى كسر ثلاث أقواس، وقتل كثيراً من جند المشركين...
ـ وعن أنس بن مالك قال كان أبو طلحة يجثو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب ويقول:
نفسي لنفسك الفداء... ووجهي لوجهك الوفاء
ثم ينشر كنانته بين يديه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لصوت أبي طلحة في الجيش خير من مائة رجل "
وروى حميد عن أنس. قال: كان أبو طلحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه من خلف أبي طلحة ليرى مواقع النبل. قال: وكان أبو طلحة يتطاول بصدره يقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: نحري دون نحرك.
بعض المواقف من حياته مع الصحابة:
عن أنس بن مالك قال: كان ابن لأبي طلحة يشتكي فخرج في بعض حاجاته وقبض الصبي فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل الصبي فقالت أم سليم: هو أسكن مما كان. وقربت إليه العشاء فأكل ثم اصاب منها فلما فرغ قالت: واروا الصبي. قال: فلما اصبح أبو طلحة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: " أعرستم الليلة قال: نعم. قال: بارك الله لكم ".
وفي غير هذا الحديث: فلما فرغ أبو طلحة قالت أم سليم: أرأيت أبا طلحة آل فلان فإنهم استعاروا عارية من آل فلان فلما طلبوا العارية أبوا أن يردوه. قال أبو طلحة: " ما ذلك لهم. قالت أم سليم: فإن ابنك كان عارية من الله تعالى متعك به إذ شاء وأخذه إذ شاء. ـ بعض الأحاديث التي نقلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ـ عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشرى في وجهه فقلنا إنا لنرى البشرى في وجهك فقال إنه أتاني الملك فقال يا محمد إن ربك يقول أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا..
ـ وعن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ قومك السلام فإنهم ما علمت أعفة صبر.
ـ وروى أنس عن أبي طلحة قال رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت حجفته من النعاس فذلك قوله عز وجل ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ـ وأخبر عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده قال فوجدت عنده سهل بن حنيف قال فدعا أبو طلحة إنسانا ينزع نمطا تحته فقال له سهل لم تنزعه فقال لأن فيه تصاوير وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما قد علمت قال سهل أولم يقل إلا ما كان رقما في ثوب فقال بلى ولكنه أطيب لنفسي..
ـ وعن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه قال قال أبو طلحة كنا قعودا بالأفنية نتحدث فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا فقال ما لكم ولمجالس الصعدات اجتنبوا مجالس الصعدات فقلنا إنما قعدنا لغير ما باس قعدنا نتذاكر ونتحدث قال إما لا فأدوا حقها غض البصر ورد السلام وحسن الكلام..
ـ وأخبر الزهري عن عبيد الله بن عبد الله أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول سمعت أبا طلحة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل..
بعض كلماته:
لما عزم المسلمون على أن يغزوا في البحر في خلافة عثمان رضي الله عنه، أخذ أبو طلحة يجهز نفسه للخروج مع المسلمين، فقال له أبناؤه:
" يرحمك الله يا أبان، لقد صرت شيخاً كبير، وقد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فهلا رَكَنتَ إلى الراحة، وتركتنا نغزوا عنك. "
ـ فقال: إن الله عزَّ وجل يقول: انفروا خفافاً وثقالاً
فهو قد استنفرنا جميعاً شيوخاً وشباب..ثم أبى إلا الخروج..
موقف الوفاة:
اختُلف في وفاته فقال الواقدي: وتبعه ابن نمير ويحيى بن بكير وغير واحد مات سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان وقيل: قبلها بسنتين، وقال أبو زرعة الدمشقي: عاش بعد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أربعين سنة، وكأنه أخذه من رواية شعبة عن ثابت عن أنس قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من أجل الغزو فصام بعده أربعين سنة لا يفطر إلا يوم أضحى أو فطر.
قلت: فعلى هذا يكون موته سنة خمسين أو سنة إحدى وخمسين وبه جزم المدائني، ويؤيده ما أخرجه في الموطأ وصححه الترمذي من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة... فذكر الحديث في التصاوير وعبيد الله لم يدرك عثمان ولا عليا فدل على تأخر وفاة أبي طلحة.
وقال ثابت عن أنس أيضا مات أبو طلحة غازيا في البحر فما وجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام، ولم يتغير أخرجه الفسوي في تاريخه وأبو يعلي وإسناده صحيح.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو عبيدة بن الجراح
اسمه وكنيته
هو عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري، أبو عبيدة، مشهور بكنيته وبالنسبة إلى جده، وأمه أميمة بنت غنم. ولد سنة 40 قبل الهجرة/ 584م. وكان رجلاً نحيفًا معروق الوجه، خفيف اللحية طوالاً، أجنأ (في كاهله انْحِناء على صدره)، أثرم (أي أنه قد كسرت بعض ثنيته).
قصة إسلامه
كان أبو عبيدةمن السابقين الأولين إلى الإسلام، فقد أسلم في اليوم التالي لإسلام أبي بكر، وكان إسلامه على يدي الصِّدِّيق نفسه، فمضى به وبعبد الرحمن بن عوف وبعثمان بن مظعون وبالأرقم بن أبي الأرقم إلى النبي، فأعلنوا بين يديه كلمة الحق، فكانوا القواعد الأولى التي أقيم عليها صرح الإسلام العظيم.
عمره عند الإسلام
أسلمفي بداية الدعوة، أي قبل الهجرة بثلاث عشرة سنة، هاجر الهجرتين، وشهد بدرًا وما بعدها.
من مناقبه
(1) هو أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ قال النبي: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعليّ في الجنة، وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة".
(2) حب النبيله وثناؤه عليه؛ روى الترمذي عن أبي هريرةقال: قال رسول الله: "نِعْمَ الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح".
وعن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أيُّ أصحاب رسول اللهكان أحب إلى رسول الله؟ قالت: أبو بكر. قلت: ثم مَن؟ قالت: عمر. قلت: ثم من؟ قالت: ثم أبو عبيدة بن الجراح. قلت: ثم من؟ قال: فسكتت.
أثر الرسول في تربيته
من هذه المواقف التي تدل على مدى تأثره بتربية النبيله:
في السنة الثامنة للهجرة أرسل الرسولعمرو بن العاصإلى أرض بَلِيّ وعُذْرة في غزوة ذات السلاسل، ووجد عمرو بن العاصأن قوة أعدائه كبيرة، فأرسل إلى الرسوليستمده، فندب النبيالناس من المهاجرين الأولين، فانتدب أبو بكر وعمر في آخرين، فأمّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح مددًا لعمرو بن العاص. فلما قدموا عليه، قال عمرو: أنا أميركم. فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأبو عبيدة أمير المهاجرين. فقال: إنما أنتم مددي. فلما رأى ذلك أبو عبيدة، وكان حسن الخُلق، متبعًا لأمر رسول اللهوعهده، فقال: "تعلم يا عمرو أن رسول اللهقال لي: (إن قدمت على صاحبك فتطاوعا)، وإنك إن عصيتني أطعتك".
ومن أثر الرسولفي تربيته هذا الموقف البارع؛ فعن عبد الله بن شوذب قال: جعل أبو أبي عبيدة يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدةيحيد عنه، فلما أكثر الجرَّاح قصده أبو عبيدة فقتله؛ فأنزل الله فيه هذه الآية: {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].
وما كان لأبي عبيدةأن يعزم هذه العزمة إلا بروح من الله، تنفض عن قلبه الطاهر السليم كل عَرَضٍ من أعراض الدنيا الفانية، وتجرده من كل رابطة وآصرة إلا رابطة العقيدة.
أهم ملامح شخصيته
الأمانة والقيادة
روى البخاري بسنده عن حذيفةقال: جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول اللهيريدان أن يلاعناه. قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كان نبيًّا فلاعنَّا، لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلاً أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينًا. فقال: "لأبعثن معكم رجلاً أمينًا حق أمين". فاستشرف له أصحاب رسول الله، فقال: "قم يا أبا عبيدة بن الجراح". فلما قام، قال رسول الله: "هذا أمين هذه الأمة".
الثبات في الميدان والدفاع عن الرسول
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت أبا بكريقول: لما كان يوم أُحد ورُمي رسول اللهفي وجهه حتى دخلت في وجنتيه حلقتان من المغفر، فأقبلت أسعى إلى رسول اللهوإنسان قد أقبل من قِبل المشرق يطير طيرانًا، فقلت: اللهم اجعله طاعة حتى توافينا إلى رسول الله. فإذا أبو عبيدة بن الجراحقد بدرني، فقال: أسألك بالله يا أبا بكر إلاَّ تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله. قال أبو بكر: فتركته. فأخذ أبو عبيدة بثنية إحدى حلقتي المغفر فنزعها وسقط على ظهره، وسقطت ثنيَّة أبي عبيدة، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيَّةٍ أخرى فسقطت، فكان أبو عبيدة في الناس أثرم.
الزهد
أرسل عمر بن الخطابإلى أبي عبيدةبأربعة آلاف درهم وأربعمائة دينار، وقال لرسوله: انظر ما يصنع؟ فقسّمها أبو عبيدة، فلما أخبر عمرَ رسولُه بما صنع أبو عبيدة بالمال، قال: "الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا".
مشاورة الجند
كانمن القادة الذين يستشيرون رجالهم في كل خطوة يخطونها، وعندما تحتشد الروم لاستعادة أرض الشام استشار أصحابه، فأشار عليه الأكثرية بقبول الحصار في حمص، أما خالد فأشار عليه بالهجوم على جموع الروم، ولكن أبا عبيدة أخذ برأي الأكثرية.
بعض المواقف من حياته مع الرسول
وكانممن ثبت مع الرسوليوم أُحد، وقد أسرع إلى رسول اللهونزع الحلقتين من المغفر اللتين دخلتا في وجنة رسول الله.
وروى الإمام أحمد بسنده عن أبي جمعة حبيب بن سباع قال: تغدينا مع رسول اللهومعنا أبو عبيدة بن الجراح، قال: فقال: يا رسول الله، هل أحد خير منا؟! أسلمنا معك، وجاهدنا معك. قال: "نعم، قوم يكونون من بعدكم، يؤمنون بي ولم يروني".
بعض المواقف من حياته مع الصحابة
مع أبي بكر الصديق
بعث أبو بكرإلى أبي عبيدةهلُمَّ حتى أستخلفك؛ فإني سمعت رسول اللهيقول: "إن لكل أمة أمينًا، وأنت أمين هذه الأمة". فقال أبو عبيدة: ما كنت لأتقدم رَجُلاً أمره رسول اللهأن يؤُمَّنا.
وقال أبو بكر الصديقيوم السقيفة: "قد رضيت لكم أحد هذيْن الرجلين"، يعني عُمر وأبا عبيدة.
مع عمر بن الخطاب
كان عمريقول: "لم أكن مغيرًا أمرًا قضاه أبو عبيدة".
وأول كتاب كتبه عمرحين وَلِي كان إلى أبي عبيدة يوليه على جند خالد، إذ قال له: "أوصيك بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه، الذي هدانا من الضلالة وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وقد استعملتك على جند خالد بن الوليد، فقم بأمرهم الذي يحق عليك...".
مع خالد بن الوليد
لما عزل عمرخالدًاوولّى أبا عبيدة، قام خالدوقال للناس: "بُعث عليكم أمين هذه الأمة". وقال أبو عبيدةللناس عن خالد: سمعت رسول اللهيقول: "خالد سيف من سيوف الله، نعم فتى العشيرة...".
بعض المواقف من حياته مع التابعين
وعن سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح: خذ من خيلنا صدقة. فأبى، ثم كتب إلى عمر بن الخطابفأبى، فكلموه أيضًا فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه عمر بن الخطاب: "إن أحبوا فخذها منهم، وارددها عليهم، وارزق رقيقهم". قال مالك: أي ارددها على فقرائهم.
أثره في الآخرين
روى عنه أحاديث النبيمن الصحابة أبو ثعلبة جرثوم الخشني، وسمرة بن جندب، وصدي بن عجلان، ومن التابعين عبد الرحمن بن غنم، وعبد الله بن سراقة، وعبد الملك بن عمير، وعياض بن غطيف.
في تعليمه الفقه وغيره
عند الإمام أحمد بسنده عن أبي أمامة قال: أجار رجل من المسلمين رجلاً، وعلى الجيش أبو عبيدة بن الجراح، فقال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص: لا نجيره. وقال أبو عبيدة: نجيره؛ سمعت رسول اللهيقول: "يجير على المسلمين أحدهم".
بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى
في سنن الدارمي بسنده عن أبي عبيدة بن الجراحقال: قال رسول الله: "أول دينكم نبوة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك أعفر، ثم ملك وجبروت يستحل فيها الخمر والحرير".
وفي سنن الدارمي أيضًا عن سمرة، عن أبي عبيدة بن الجراحقال: كان في آخر ما تكلم به رسول اللهقال: "أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب".
بعض كلماته
- قال يوم السقيفة: "يا معشر الأنصار، إنكم أول من نصر وآزر، فلا تكونوا أول من بدل وغيَّر".
- ومن أهم كلماته في إثارة حماسة جنده للحرب وتحريضهم على الجهاد مقولته تلك: "عباد الله، انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. عباد الله اصبروا؛ فإن الصبر منجاة من الكفر، ومرضاة للرب، ومدحضة للعار، لا تتركوا مصافكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدءوهم بقتال، وأشرعوا الرماح، واستتروا بالدرق (أي الدروع)، والزموا الصمت إلا من ذكر اللهفي أنفسكم حتى يتم أمركم إن شاء الله".
وفاته
تُوُفِّي أبو عبيدة بن الجراحفي طاعون عَمْواس سنة ثماني عشرة، عن ثمانٍ وخمسين سنة، وصلى عليه معاذ بن جبل.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو عزيز بن عمير
هو زرارة بن عمير أخو مصعب بن عمير وهو أبو عزيز وهو بكنيته أشهر، له صحبة وسماع من النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه نبيه بن وهب وكان ممن شهد بدرا كافرا وأسر يومئذ.
مواقفه مع الصحابة:
لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسارى بدر فرقهم على المسلمين وقال: "أستوصوا بالأسارى خيرا " قال نبيه: فسمعت من يذكر عن أبي عزيز قال: كنت في الأسارى يوم بدر فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " استوصوا بالأسارى خيرا " فإن كان ليقدم إليهم الطعام فما يقع بيد أحدهم كسرة إلا رمى بها إلي ويأكلون التمر يؤثروني فكنت أستحي فآخذ الكسرة فأرمي بها إليه فيرمي بها إلي.
مواقفه مع مصعب:
قال أبو سليمان في حديث مصعب أنه لما أسلم قالت له أمه والله لا ألبس خمارا ولا أستظل أبدا ولا آكل ولا أشرب حتى تدع ما أنت عليه وكانت امرأة ميلة فقال أخوه أبو عزيز بن عمير يا أمه دعيني وإياه فإنه غلام عاف ولو أصابه بعض الجوع لترك ما هو عليه فحبسه
ويقول أبو عزيز مر بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني فقال شد يديك به فان أمه ذات متاع لعلها تفديه منك.
لما قال أخوه مصعب لابي اليسر وهو الذي أسره ما قال قال له أبو عزيز يا أخي هذه وصاتك بي فقال له مصعب إنه أخي دونك فسالت أمه عن أغلى ما فدى به قرشي فقيل لها أربعة آلاف درهم فبعثت بأربعة آلاف درهم ففدته بها.
وقال ابن الكلبي والزبير: قتل أبو عزيز يوم أحد كافرا. قال أبو عمر: وذلك غلط ولعل المقتول بأحد كافرا أخ لهم قتل كافرا
وقال الزبير بن بكار وابن الكلبي وأبو عبيد والبلاذري والدارقطني: إن أبا عزيز قتل يوم أحد كافرًا. ورد ذلك أبو عمر بأن ابن إسحاق عد من قتل من الكفار من بني عبد الدار أحد عشر رجلا ليس فيهم أبو عزيز وإنما فيهم أبو يزيد بن عمير
المراجع:
الإصابة في تمييز الصحابة
أسد الغابة
غريب الحديث للخطابي
البداية والنهاية
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو مالك الأشعري
هو كعب بن عاصم أبو مالك الأشعري قدم في السفينة مع الأشعريين على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأسلم وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وغزا معه وروى عنه
ويقول أبو موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لأبي مالك الأشعري على خيل الطلب وأمره أن يطلب هوازن حين انهزمت.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته:
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه وكان صلى الله عليه وسلم يجيب على كل سؤال بما يناسب صاحبه وسأل أبو مالك الأشعري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ما تمام البر؟ قال: أن تعمل في السر عمل العلانية.
مواقفه مع النبي صلى الله عليه وسلم:
يقول أبو مالك الأشعري أنه قدم هو وأصحابه في سفينة ومعه فرس أبلق فلما أرسلوا وجدوا إبلا كثيرة من إبل المشركين فأخذوها فأمرهم أبو مالك أن ينحروا منها بعيرا فيستعينوا بها ثم مضى على قدميه حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بسفره وأصحابه والإبل الذي أصابوا ثم رجع إلى أصحابه فقال الذين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: إعطنا يا رسول الله من هذه الإبل فقال: اذهبوا إلى أبي مالك فلما أتوه قسمها أخماسا خمسا بعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ ثلث الباقي بعدالخمس فقسمه بين أصحابه والثلثين الباقيين بين المسلمين فقسم بينهم فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ما رأينا مثل ما صنع أبو مالك بهذا المغنم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت أنا ما صنعت إلا كما صنع
بعض ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
ـ روى أبو مالك الأشعري أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى له الأربعة مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
ـ روى أبو مالك الأشعري: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ". قال الشيخ الألباني: صحيح
ـ ويروي أبو سلام أن: أبا مالك الأشعري قال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إن في أمتي أربع من أمر الجاهلية ليسوا بتاركيهن: الفخر في الأحساب ـ و الطعن في الأنساب ـ و الاستسقاء بالنجوم ـ والنياحة على الميت ـ فإن النائحة إذا لم تتب قبل أن تقوم فإنها تقوم يوم القيامة عليها سرابيل من قطران ثم يغلي عليهن دروع من لهب النار
ـ وروى أبو مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله عز وجل لمن أطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام
الله وجوههم نورا و يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس، ولا يفزعون، ويخاف الناس و لا يخافون "
ـ وعن عبد الرحمن بن غنم أن أبا مالك الأشعري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إسباغ الوضوء شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان والتسبيح والتكبير يملأ السماوات والأرض والصلاة نور والزكاة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك
ـ ويقول عبد الرحمن بن غنم الأشعري أن أبا مالك الأشعري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عزوجل قال من انتدب خارجا في سبيلي غازيا ابتغاء وجهي وتصديق وعدي وإيمانا برسلي فهو ضامن على الله عزوجل إما يتوفاه في الجيش بأي حتف شاء فيدخله الجنة وإما يسيح في ضمان الله عزوجل وإن طالت غيبته حتى يرده إلى أهله مع ما نال من أجر وغنيمة وقال: من فصل في سبيل الله فمات أو قتل أو وقصه فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فإنه شهيد.
ـ وعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها
وفاته:
لقد كان أبو مالك الأ شعري رضي الله عنه ناصحاً لله ورسوله حتى في لحظة مماته فعن شريح بن عبيد: أن أبا مالك الأشعري لما حضرته الوفاة قال: يا معشر الأشعريين ليبلغ الشاهد منكم الغائب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: حلوة الدنيا مرة الآخرة و مرة الدنيا حلوة الآخرة
وتوفي أبو مالك الأشعري في خلافة عمر بن الخطاب
وقال شهر بن حوشب عن ابن غنم: طعن معاذ وأبو عبيدة وأبو مالك في يوم واحد
وكانت وفاته سنة ثمان عشرة للهجرة
المراجع:
أسد الغابة
الوافي في الوفيات
الطبقات الكبرى
سنن أبي داود
المستدرك
المعجم الكبير
سنن النسائي
سنن الترمذي
طبقات ابن خياط
تاريخ الإسلام
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو مريم الحنفي
أبو مريم الحنفي واسمه إياس بن ضبيح بن المحرش بن عبد عمرو، وكان من أهل اليمامة وكان من أصحاب مسيلمة ثم تاب وأسلم وحسن إسلامه وولي قضاء البصرة بعد عمران بن الحصين في زمن عمر بن الخطاب.
من مواقفه مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عن محمد بن سيرين قال: كانوا يرون أن أبا مريم الحنفي قتل زيد بن الخطاب يوم اليمامة قال: وقال أبو مريم لعمر: يا أمير المؤمنين إن الله أكرم زيدا بيدي ولم يهني بيده...
وفاته توفي أبو مريم بسنبيل ناحية الأهواز وكان قليل الحديث
المصادر: الطبقات الكيرى....... ابن سعد الاستيعاب............; ابن عبد البر
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو مسعود البدري
هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود البدري وهو مشهور بكنيته
لم يشهد بدرا وإنما سكن بدرا. وشهد العقبة الثانية وكان أحدث من شهدها سنا قاله ابن إسحاق.وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد وقال البخاري وغيره: إنه شهد بدرا ولا يصح.
ويحدث عمر بن عبد العزيز في أمارته: أن المغيرة بن شعبة أخر العصر وهو أمير الكوفة فدخل أبو مسعود عقبة ابن عمرو الأنصاري جد زيد بن حسن شهد بدرا فقال لقد علمت نزل جبريل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات ثم قال هكذا أمرت.
وبذلك عده البخاري في البدريين وقال مسلم بن الحجاج في الكنى شهد بدرا وقال أبو أحمد الحاكم يقال أنه شهد بدرا.
وسكن الكوفة وكان من أصحاب علي واستخلفه علي على الكوفة لما سار إلى صفين.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته:
قال أبو مسعود البدري كنت أضرب غلاما لي بالسوط فسمعت صوتا من خلفي اعلم أبا مسعود فلم أفهم الصوت من الغضب قال فلما دنا مني إذ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود قال فألقيت السوط من يدي فقال اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام قال فقلت لا أضرب مملوكا بعده أبدا
مواقفه مع الصحابة:
يقول أبو وائل: دخل أبو موسى الأشعري و أبو مسعود البدري على عمار وهو يستنفر الناس فقالا له: ما رأينا منك أمرا منذ أسلمت أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر قال فكساهما عمار حلة حلة وخرج إلى الصلاة يوم الجمعة.
وعن همام بن الحرث قال صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع فسجد عليه فجبذه أبو مسعود البدري فتابعه حذيفة فلما قضى الصلاة قال أبو مسعود: أليس قد نهى عن هذا فقال له حذيفة ألم ترني قد تابعتك.
دخل أبو مسعود الأنصاري على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فاعتنقه فقال الفراق فقال نعم حبيب جاء على فاقة ألا أفلح من ندم أليس بعد ما أعلم من اليقين.
وحدث أن المغيرة بن شعبة آخر الصلاة يوما فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت أن جبريل نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بهذا أمرت.
مواقفه مع التابعين
مع أهل الكوفة:
يقول خيثمة بن عبد الرحمن: لما خرج علي استخلف أبا مسعود على الكوفة وتخبأ رجال لم يخرجوا مع علي فقال أبو مسعود على المنبر أيها الناس من كان تخبأ فليظهر فلعمري لئن كان إلى الكثرة إن أصحابنا لكثير وما نعده قبحاً أن يلتقي هذان الجبلان غداً من المسلمين فيقتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء. حتى إذا لم يبق إلا رجرجة من هؤلاء وهؤلاء ظهرت إحدى الطائفتين. ولكن نعد قبحاً أن يأتي الله بأمر من عنده يحقن به دماءهم ويصلح به ذات بينهم.
أثره في الآخرين:
يقول سعيد بن جبير رآني أبو مسعود البدري في يوم عيد ولي ذؤابة فقال يا غلام أو يا غليِّم إنه لا صلاة في مثل هذا اليوم قبل صلاة الإمام فصل بعدها ركعتين وأطل القراءة.
وعن عطاء بن السائب حدثني سالم البراد وكان أوثق عندي من نفسي قال: قال لنا أبو مسعود البدري: ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ركع وضع كفيه على ركبتيه وفرق بين أصابعه وجافى عن إبطيه حتى استقر كل شيء منه ثم كبر ثم سجد وجافى عن إبطيه حتى استقر كل شيء منه ثم كبر فاستوى قاعدا حتى استقر كل شيء منه فصلى بنا أربع ركعات هكذا ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أو هكذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال بشير بن عمرو: قلنا لأبي مسعود: أوصنا. قال: عليكم بالجماعة فإن الله لن يجمع الأمة على ضلالة حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر.
بعض ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم
روى أبو مسعود البدري مرفوعا إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت)
وحدث أبو مسعود البدري [ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا - أو قال – سلما
يقول أبو مسعود الأنصاري كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت فقال إن هذا الأمر لا يزال فيكم وأنتم ولاته ما لم تحدثوا عملا فينزعه الله منكم فإذا فعلتم ذلك سلط الله عليكم شرارا من خلقه فالتحوكم كما يلتحي القضيب.
وروى أبو مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل فقال يا رسول الله! إنه أبدع بي فاحملني فقال له ائت فلانا فاستحمله فأتاه فحمله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدال على الخير كفاعله)
وفاته:
قال خليفة مات قبل سنة أربعين وقال المدائني مات سنة أربعين قلت والصحيح أنه مات بعدها فقد ثبت أنه أدرك إمارة المغيرة على الكوفة وذلك بعد سنة أربعين قطعا قيل مات بالكوفة وقيل مات بالمدينة.
المراجع:
أسد الغابة
صحيح البخاري
تهذيب التهذيب
صحيح مسلم
المستدرك
مسند الشافعي
مصنف ابن أبي شيبة
الطبقات الكبرى
المعجم الكبير
مختصر إرواء الغليل
سنن الدارمي
سير أعلام النبلاء
الشرح الكبير
جلاء الأفهام
العلل للدارقطني
الاستذكار
الإصابة في تمييز الصحابة
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو نائلة الأنصاري
اسمه سلكان بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأوسي الأشهلي أخو سلمة بن سلامة بن وقش وقيل اسمه سعد وقيل سعد أخوه وقيل سلكان لقب واسمه سعد وهو مشهور بكنيته ثبت ذكره في الصحيح في قصة قتل كعب بن الأشرف.(1)
أهم ملامح شخصيته:
1 - الفروسية:
حيث أنه - رضي الله عنه من الرماة المعدودين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذن فهو محارب جيد وفارس بارع.
2 - المفاصلة مع أعداء الله:
فقد كان - رضي الله عنه - ممن شارك في قتل عدو الله كعب بن الأشرف الذي هو أخوه من الرضاعة.
3 - التضحية بكل غال ورخيص في سبيا الحفاظ على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد كان أبو نائلة من أكثر الصحابة ثباتا ودفاعا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد.
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
كان - رضي الله عنه - ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى ذلك ابن حبان في كتابه " الثقات ". (2)
وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شاعرا (3)
وسيدنا أبو نائلة كان ممن بعثهم الرسول صلى الله عليه وسلم لقتل عدو الله كعب بن الأشرف، ويظهر ذلك من أحداث االسرية التي بعثها الرسول صلى الله عليه وسلم لقتل اليهودي كعب بن الأشرف والذي كان أخا لأبي نائلة - رضي الله عنه - من الرضاعة:
سرية قتل كعب بن الأشرف اليهودي
وذلك لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان سبب قتله أنه كان رجلا شاعرا يهجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويحرض عليهم ويؤذيهم فلما كانت وقعة بدر كبت وذل وقال بطن الأرض خير من ظهرها اليوم فخرج حتى قدم مكة فبكى قتلى قريش وحرضهم بالشعر ثم قدم المدينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اكفني بن الأشرف بما شئت في إعلانه الشر وقوله الأشعار... (4)
وفي البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله فقام محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله أتحب أن أقتله قال نعم قال فأذن لي أن أقول شيئا قال قل فأتاه محمد بن مسلمة فقال إن هذا الرجل قد سألنا صدقة وإنه قد عنانا وإني قد أتيتك أستسلفك قال وأيضا والله لتملنه قال إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين و حدثنا عمرو غير مرة فلم يذكر وسقا أو وسقين أو فقلت له فيه وسقا أو وسقين فقال أرى فيه وسقا أو وسقين فقال نعم ارهنوني قالوا أي شيء تريد قال ارهنوني نساءكم قالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب قال فارهنوني أبناءكم قالوا كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا ولكنا نرهنك اللأمة قال سفيان يعني السلاح فواعده أن يأتيه فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم فقالت له امرأته أين تخرج هذه الساعة فقال إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة وقال غير عمرو قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب قال ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين قيل لسفيان سماهم عمرو قال سمى بعضهم قال عمرو جاء معه برجلين وقال غير عمرو أبو عبس بن جبر والحارث بن أوس وعباد بن بشر قال عمرو جاء معه برجلين فقال إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه وقال مرة ثم أشمكم فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح منه ريح الطيب فقال ما رأيت كاليوم ريحا أي أطيب وقال غير عمرو قال عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب قال عمرو: فقال أتأذن لي أن أشم رأسك. قال: نعم، فشمه ثم أشم أصحابه، ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم، فلما استمكن منه قال: دونكم، فقتلوه، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه. (5)
بعض المواقف من حياته مع الصحابة:
كان - رضي الله عنه - ممن شهد دفن سعد بن معاذ بل ونزل معه في القبر
عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال لما انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة نفر الحارث بن أوس بن معاذ وأسيد بن الحضير وأبو نائلة سلكان بن سلامة وسلمة بن سلامة بن وقش ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على قدميه فلما وضع في قبره تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبح ثلاثا فسبح المسلمون ثلاثا حتى ارتج البقيع ثم كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وكبر أصحابه ثلاثا حتى ارتج البقيع بتكبيره فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقيل يا رسول الله رأينا بوجهك تغيرا وسبحت ثلاثا قال تضايق على صاحبكم قبره وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا سعد منها ثم فرج الله عنه.(6)
المراجع:
(1) الإصابة في تمييز الصحابة جزء 7 - صفحة 409 .
(2) الثقات لابن حبان جزء 3 - صفحة 178 .
(3) الاستيعاب جزء 1 - صفحة 568 .
(4) الطبقات الكبرى جزء 2 - صفحة 31
(5) البخاري - كتاب المغازي - باب قتل كعب بن الأشرف - حديث رقم 3731
(6) الطبقات الكبرى جزء 3 - صفحة 432.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبو هريرة
اسمه ولقبه
اختلف المؤرخون في اسمه، وهو في أصح الروايات، عبد شمس في الجاهلية، وعبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي في الإسلام، ولقبه أبو هريرة لهِرَّة كان يحملها ويعتني بها، وكان رسول اللهيدعوه أبا هرّ. وقد ولدفي بادية الحجاز سنة 19 قبل الهجرة، وأمه ميمونة بنت صبيح.
حاله في الجاهلية
كان أبو هريرةقبل أن يسلم يعيش فقيرًا معدمًا في قبيلة بعيدة عن رسول الله، يقولعن نفسه: نشأت يتيمًا، وهاجرت مسكينًا، وكنت أجيرًا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني وعُقْبَة رجلي، فكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدو لهم إذا ركبوا، فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا.
قصة إسلامه وعمره عند الإسلام
أسلمعلى يد الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدوسي، وهو من أوائل الذين أسلموا على يد الطفيل، وكان عمرهحينما أسلم حوالي ست عشرة سنة.
أثر الرسول في تربيته
كان للنبيالأثر الأكبر في تنشئة وتربية أبي هريرة، فمنذ أن قدم إلى النبيلم يفارقه أبدًا، وفي سنوات قليلة حصّل من العلم عن الرسولما لم يحصله أحد من الصحابة، وكان النبييوجِّهه كثيرًا؛ فعنهأن النبيقال له: "يا أبا هريرة، كن ورعًا تكن أعبد الناس".
وعن أبي هريرة، أن النبيقال له: "أوصيك يا أبا هريرة بخصالٍ لا تدعهن ما بقيت". قال: أوصني ما شئت. فقال له: "عليك بالغسل يوم الجمعة، والبكور إليها، ولا تلغ، ولا تله. وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ فإنه صيام الدهر. وأوصيك بركعتي الفجر لا تدعهما وإن صليت الليل كله؛ فإن فيهما الرغائب" قالها ثلاثًا.
أهم ملامح شخصيته
استيعابه للحديث
قال أبو هريرة: "ما كان أحد أحفظ لحديث رسول اللهمني إلا عبد الله بن عمرو؛ فإنه كان يعي بقلبه وأعي بقلبي، وكان يكتب وأنا لا أكتب، استأذن رسول اللهفي ذلك، فأذن له".
قال البخاري: "روى عنه أكثر من ثمانمائة رجل من بين صاحبٍ وتابعٍ". وممن روى عنه من الصحابة: ابن عباس، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين.
عبادته
عن أبي عثمان النهدي قال: تضيفت أبا هريرة سبعًا، فكان هو وامرأته وخادمه يتعقبون الليل أَثْلاثًا، يصلي هذا ثم يوقظ هذا، ويصلي هذا ثم يوقظ هذا.
وعن عكرمة أن أبا هريرة: كان يسبح في كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، ويقول: أسبح بقدر ذنبي.
تواضعه
عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أن أبا هريرة أقبل في السوق يحمل حزمة حطب، وهو يومئذٍ خليفة لمروان، فقال: "أَوْسِعِ الطريق للأمير".
ورعه وخوفه
عن أبي المتوكل أن أبا هريرةكانت له زنجية فرفع عليها السوط يومًا، فقال: "لولا القصاص لأغشيتك به، ولكني سأبيعك ممن يوفيني ثمنك، اذهبي فأنت لله".
جهاده
كانممن شهد غزوة مُؤْتة مع المسلمين؛ يقول: "شهدت مؤتة، فلما دنونا من المشركين رأينا ما لا قِبل لأحد به من العُدَّة والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب، فبرق بصري، فقال لي ثابت بن أَقْرَم: يا أبا هريرة، كأنك ترى جموعًا كثيرة؟ قلت: نعم. قال: إنك لم تشهد بدرًا معنا، إنا لم ننصر بالكثرة".
بعض المواقف من حياته مع الرسول
عن أبي هريرةأن النبيلقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانخنست منه، فذهب فاغتسل ثم جاء فقال: "أين كنت يا أبا هريرة؟"قال: كنت جنبًا؛ فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة. فقال: "سبحان الله! إن المسلم لا ينجس".
وعن أبي العالية، عن أبي هريرةقال: أتيت رسول اللهبتمرات فدعا فيهن بالبركة، وقال: "اجعلهن في مزودك، فإذا أردت أن تأخذ منه شيئًا فأدخل يدك فخذه، ولا تنثره". فجعلته في مزودي، فوجهت منه رواحل في سبيل الله تعالى، وكنت آكل منه وأطعم، وكان في حقوتي حتى كان يوم قتل عثمان، فوقع فذهب.
بعض المواقف من حياته مع الصحابة
مع عمر بن الخطاب
عن أبي هريرةأن عمر بن الخطابدعاه ليستعمله، فأبى أن يعمل له، فقال: أتكره العمل وقد طلبه من كان خيرًا منك؟!
قال: مَن؟
قال: يوسف بن يعقوب عليهما السلام.
فقال أبو هريرة: يوسف نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة ابن أميمة أخشى ثلاثًا أو اثنتين.
فقال عمر: أفلا قلت خمسًا؟
قال: أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حكم، وأن يضرب ظهري، وينتزع مالي، ويشتم عرضي.
مع عثمان بن عفان
روى سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: إني لمحصور مع عثمانفي الدار. قال: فرُمِي رجل منا، فقلت: يا أمير المؤمنين، الآن طاب الضراب، قتلوا منا رجلاً. قال عثمان: عزمت عليك يا أبا هريرة إلا رميت سيفك؛ فإنما تراد نفسي، وسأقي المؤمنين بنفسي. قال أبو هريرة: فرميت سيفي لا أدري أين هو حتى الساعة.
بعض المواقف من حياته مع التابعين
عن سعيد بن مرجانة أنه قال: سمعت أبا هريرةيقول: قال رسول الله: "من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربًا منه من النار، حتى إنه يعتق باليد اليد، وبالرجل الرجل، وبالفرج الفرج".
أثره في الآخرين (دعوته وتعليمه)
كان أبو هريرةصاحب أثر كبير في كل مَن حوله بما يحمله من كنوز عظيمة، وهي أحاديث النبي، وقد أسدىللأمة خيرًا عظيمًا بنقله هذا الكمّ الضخم والكبير من أحاديث النبي.
ومن ذلك أنه مر بسوق المدينة، فوقف عليها فقال: يا أهل السوق، ما أعجزكم! قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: ذاك ميراث رسول اللهيقسَّم، وأنتم ها هنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه. قالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد. فخرجوا سراعًا إلى المسجد، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أبا هريرة، فقد أتينا المسجد فدخلنا فلم نرَ فيه شيئًا يُقسّم. فقال لهم أبو هريرة: أما رأيتم في المسجد أحدًا؟ قالوا: بلى، رأينا قومًا يصلون، وقومًا يقرءون القرآن، وقومًا يتذاكرون الحلال والحرام. فقال لهم أبو هريرة: ويحكم! فذاك ميراث محمد.
وقد روى عنه الكثير من الصحابة والتابعين، ووصل عددهم إلى ما يزيد على أربعمائة، وورد عنهفي الكتب التسعة (البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبي داود وابن ماجه وأحمد ومالك والدارمي) ما يزيد على ثمانية آلاف وسبعمائة حديثٍ.
الوفاة
لما حضرت أبا هريرةالوفاةُ بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: "بُعد المفازة، وقلة الزاد، وعقبة كئود المهبط منها إلى الجنة أو النار".
وقد تُوُفِّي أبو هريرةبالمدينة سنة سبع وخمسين، وله ثمانٍ وسبعون.
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
أبوأمامة الباهلي
هو صدي بن عجلان بن وهب أبو أمامة الباهلي غلبت عليه كنيته ولم يعلم في اسمه اختلافا وكان يسكن حمص.
أثر الرسول في تربيته
يقول أبو أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو يحرك شفتيه فقال ماذا تقول يا أبا أمامة قال أذكر ربي تعالى قال أفلا أخبرك بأكبر وأفضل من ذكر الليل مع النهار والنهار مع الليل تقول سبحان الله عدد ما خلق وسبحان الله ملء ما خلق وسبحان الله عدد ما في الأرض والسماء وسبحان الله ملء ما في الأرض والسماء وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه وسبحان الله ملء ما أحصى كتابه وسبحان الله عدد كل شيء وسبحان الله ملء كل شيء وتقول الحمد لله مثل ذلك
بعض ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم
يقول أبو أمامة الباهلي: شهدت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع فقال قولا كثيرا حسنا جميلا وكان فيها [ من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا ومن أسلم من المشركين فله أجره وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا وسمع أبو أمامة الباهلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة.
ويروي أبو أمامة الباهلي: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل رجل خرج غازيا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما ننال من أجر وغنيمة ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل"
وعن أبي أمامة الباهلي قال قلت: يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به قال عليك بالصيام فإنه لا مثل له.
ويحدث أبو أمامة الباهلي فيقول جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ماله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له ثم قال إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه.
وعن أبي أمامة الباهلي: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة لكم إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم.
موقفه مع هرقل
عن أبي أمامة الباهلي عن هشام بن العاص الأموي قال بعثت أنا ورجل من قريش الى هرقل ندعوه إلى الإسلام فنزلنا على جبلة فدعوناه إلى الإسلام فإذا عليه ثياب سواد فسأله عن ذلك قال حلفت ألا أنزعها حتى أخرجكم من الشام قال فقلنا له والله لنأخذن مجلسك هذا ولنأخذن منك الملك الأعظم أخبرنا بهذا نبينا قال لستم بهم ثم ذكر قصة دخولهم على هرقل واستخلائهم فأخرج لهم ربعة فيها صفات الأنبياء إلى أن أخرج لهم صورة محمد صلى الله عليه وسلم فإذا هي بيضاء فقال أتعرفون هذا قال فبكينا وقلنا نعم فقام قائما ثم جلس فقال والله انه لهذا قلنا نعم قال فأمسك ثم قال أما انه كان آخر البيوت ولكني عجلته لأنظر ما عندكم ثم قال لو طابت نفسي بالخروج من ملكي لوددت أني كنت عبدا لأسدكم في ملكه حتى أموت قال فلما رجعنا حدثنا أبا بكر فبكى ثم قال لو أراد الله به خيرا لفعل ثم قال أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم واليهود يعرفون نعت النبي صلى الله عليه وسلم
موقفه مع التابعين:
عن سليم بن عامر قال جاء رجل إلى أبي أمامة فقال يا أبا أمامة إني رأيت في منامي الملائكة تصلي عليك كلما دخلت وكلما خرجت وكلما قمت وكلما جلست قال أبو أمامة اللهم غفرا دعونا عنكم وأنتم لو شئتم صلت عليكم الملائكة ثم قرأ [يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما]
أثره في الآخرين(دعوته وتعليمه)
يقول محمد بن زياد الألهاني كنت آخذا بيد أبي أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرفت معه إلى بيته فلا يمر بمسلم ولا صغير ولا أحد إلا قال سلام عليكم سلام عليكم فإذا انتهى إلى باب داره التفت إلينا ثم قال أي بن أخي أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نفشي السلام
عن محمد بن زياد رأيت أبا أمامة أتى على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي في سجوده ويدعو ربه فقال أبو أمامة أنت أنت لو كان هذا في بيتك عن سليمان بن حبيب المحاربي دخلت على أبي أمامة مع مكحول وبن أبي زكريا فنظر إلى أسيافنا فرأى فيها شيئا من وضح فقال إن المدائن والأمصار فتحت بسيوف ما فيها الذهب ولا الفضة فقلنا إنه أقل من ذلك فقال هو ذاك أما إن أهل الجاهلية كانوا أسمح منكم وكانوا لا يرجون على الحسنة عشر أمثالها وأنتم ترجون ذلك ولا تفعلونه قال فقال مكحول لما خرجنا من عنده لقد دخلنا على شيخ مجتمع العقل
يقول سليمان بن حبيب المحاربي قال: دخلت مسجد حمص فإذا مكحول وابن أبي زكرياء جالسان فقال مكحول: لو قمنا إلى أبي أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأدينا من حقه وسمعنا منه قال: فقمنا جميعا حتى أتيناه فسلمنا عليه فرد السلام ثم قال: إن دخولكم علي رحمة لكم وحجة عليكم ولم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم من شيء أشد خوفا على هذه الأمة من الكذب والعصبية ألا وإياكم والكذب والعصبية ألا وإنه أمرنا أن نبلغكم ذلك عنه ألا وقد فعلنا فأبلغوا عنا ما بلغناكم
وفاته
توفي سنة إحدى وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة ويقال مات سنة ست وثمانين.
المراجع
تهذيب الكمال
تفسير الطبري
صحيح مسلم
سنن أبي داود
سنن النسائي
صحيح ابن خزيمة
الإصابة في تمييز الصحابة
أسد الغابة
الاستيعاب
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
<H1 class=contentheading>أبي بن كعب </H1>
مقدمة
هو أُبيّ بن كعب بن قيس الأنصاري الخزرجي، له كنيتان: أبو المنذر؛ كناه بها النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو الطفيل؛ كناه بها عمر بن الخطاب بابنه الطفيل، وأمه صهيلة بنت النجار وهي عمة أبي طلحة الأنصاري، وكان أُبيّ رضي الله عنه أبيض الرأس واللحية لا يخضب.
إسلامه:
كان رضي الله عنه ممن أسلم مبكرًا، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وبعد الهجرة آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أناس في رمضان يصلون في ناحية المسجد فقال ما هؤلاء فقيل هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وأبي بن كعب يصلي وهم يصلون بصلاته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصابوا ونعم ما صنعوا"، وكانت هذه الكلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثابة الدافع الذي جعل أُبي رضي الله عنه أحد المجتهدين وأحد علماء الصحابة وقرّائهم، ومع اجتهاده إلا أنه كان دائما يستأذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن أبي بن كعب قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا على بلى وعذرة وجميع بني سعد بن هديم من قضاعة قال: فصدقتهم حتى مررت برجل منهم وكان منزله وبلده من أقرب منازلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قال: فلما جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلا ابنة مخاض قال: فقلت له: أد ابنة مخاض فإنها صدقتك فقال: ذاك مالا لبن فيه ولا ظهر وإيم الله ما قام في مالي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رسول له قبلك وما كنت لأقرض الله من مالي مالا لبن فيه ولا ظهر ولكن خذ هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخذها فقلت: ما أنا بآخذ ما لم أؤمر به وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب فإما أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت علي فافعل فإن قبله منك قبله وإن رد عليك رده قال: فإني فاعل فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ صدقة مالي وأيم الله ما قام في مالي رسول الله ولا رسول له قط قبله فجمعت له مالي فزعم أن ما على فيه ابنة مخاض وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر وقد عرضت عليه ناقة فتية عظيمة سمينة ليأخذها فأبى علي وهاهي ذه قد جئتك بها يا رسول الله فخذها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك الذي عليك وإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك، قال: فها هي ذه يا رسول الله قد جئتك بها فخذها قال: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبضها ودعا له في ماله بالبركة.
وكان دائما ما يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي عنه رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله ما جزاء الحمى قال: تجري الحسنات على صاحبها ما اختلج عليه قدم أو ضرب عليه عرق قال أبي: اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجا في سبيلك ولا خروجا إلى بيتك ولا مسجد نبيك قال: فلم يمس أبي قط إلا وبه حمى.
الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب في صدره فيفيض عرقًا:
روى مسلم بسنده عن أبي بن كعب قال كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا فقال لي يا أبي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثانية اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثالثة اقرأه على سبعة أحرف فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها فقلت اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليَّ الخلقُ كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
الرسول يعلمه:
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أبي بن كعب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبي وهو يصلي فالتفت أبي ولم يجبه وصلى أبي فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليك السلام: "ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك" فقال يا رسول الله: إني كنت في الصلاة قال: "أفلم تجد فيما أوحي إلي (اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)" قال: بلى ولا أعود إن شاء الله...
وروى الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك سورة ما أنزل في التوراة ولا في الزبور ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها" قلت: بلى قال: "فإني أرجو أن لا أخرج من ذلك الباب حتى تعلمها" ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت معه فأخذ بيدي فجعل يحدثني حتى بلغ قرب الباب قال فذكرته فقلت: يا رسول الله السورة التي قلت لي، قال "فكيف تقرأ إذا قمت تصلي" فقرأ بفاتحة الكتاب قال: "هي هي، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُ بعد"
أهم ملامح شخصيته:
عميد قرّاء الصحابة وأحد علمائهم:
الله عز وجل يأمر رسوله العظيم صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن على أبي بن كعب:
روى البخاري بسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ "لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ" قَالَ: وَسَمَّانِي قَالَ: "نَعَمْ" فَبَكَى.
فكان رضي الله ممن جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري بسنده عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد.
وقد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه أقرأ الأمة فعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب وأفرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وإن لكل أمة أمينا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح"
بل وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يستقرأوا القرآن عليه ففي البخاري بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول استقرئوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود فبدأ به وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل قال لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ بن جبل.
وعند الإمام أحمد بسنده عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْفَجْرِ فَتَرَكَ آيَةً فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: "أَفِي الْقَوْمِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ" قَالَ أُبَيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ: نُسِخَتْ آيَةُ كَذَا وَكَذَا أَوْ نُسِّيتَهَا قَالَ: "نُسِّيتُهَا"
ويشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعة علمه:
ففي صحيح مسلم بسنده عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله: "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم" قال: قلت: الله ورسوله أعلم قال: "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم" قال: قلت: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" قال: فضرب في صدري وقال: "والله ليهنك العلم أبا المنذر".
قال النووي في شرح مسلم: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لِأُبَيِّ بْن كَعْب لِيَهْنِكَ الْعِلْم أَبَا الْمُنْذِر ) فِيهِ مَنْقَبَة عَظِيمَة لِأُبَيٍّ وَدَلِيل عَلَى كَثْرَة عِلْمه. وَفِيهِ تَبْجِيل الْعَالِم فُضَلَاء أَصْحَابه وَتَكْنِيَتهمْ ، وَجَوَاز مَدْح الْإِنْسَان فِي وَجْهه إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَة ، وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ إِعْجَاب وَنَحْوه ; لِكَمَالِ نَفْسه وَرُسُوخه فِي التَّقْوَى.
وقد أخذ عن أُبي قراءة القرآن ابنُ عباس وأبو هريرة وعبدُ الله بن السائب وعبدُ الله بن عياش بن أبي ربيعة وأبو عبد الرحمن السلمي، وحدث عنه سويد بن غفلة وعبد الرحمن بن أبزى وأبو المهلب وآخرون...
فقد عرف الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا له حقه، وأنزلوه المنزلة التي يستحقها وعرفوا له علمه وفضله، وكان يسألونه عما لا يعرفون، روى البخاري بسنده عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى قال ابن عباس هو خضر فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس فقال إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لقيه هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما موسى في ملإ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال هل تعلم أحدا أعلم منك قال موسى لا فأوحى الله عز وجل إلى موسى بلى عبدنا خضر فسأل موسى السبيل إليه فجعل الله له الحوت آية وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه وكان يتبع أثر الحوت في البحر فقال لموسى فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره قال ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا خضرا فكان من شأنهما الذي قص الله عز وجل في كتابه.
ويكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
أول من كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة أبي بن كعب وهو أول من كتب في آخر الكتاب: وكتب فلان قال: وكان أبي إذا لم يحضر دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت فكتب.
وعن زرّ بن حبيش قال: سألت أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت: إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر فقال: رحمه الله أراد أن لا يتكل الناس، أما إنه قد علم أنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر وأنها ليلة سبع وعشرين ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين، فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها.
وكان رضي الله عنه أول من أمّ الناس في صلاة التراويح فعن عبد الرحمن بن عبد القارىء أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.
وعن أبي بن كعب قال: أما أنا فأقرأ القرآن في ثماني ليال.
وعن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب أتى على هذه الآية "الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ" فأتى أبي بن كعب فسأله: أينا لم يظلم؟ فقال له: يا أمير المؤمنين إنما ذاك الشرك أما سمعت قول لقمان لابنه: "يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ".
المستدرك...الحاكم
إلى بيته يُؤتى الحكم:
عن ابن سيرين قال: اختصم عمر بن الخطاب ومعاذ بن عفراء فحكما أبي بن كعب فأتياه فقال عمر بن الخطاب إلى بيته يؤتى الحكم فقضى على عمر باليمين فحلف ثم وهبها له معاذ.
جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت له:إني وضعت بعد وفاة زوجي قبل انقضاء العدة فقال عمر: أنت لآخر الأجلين، فمرت بأبي بن كعب فقال لها: من أين جئت؟ فذكرت له وأخبرته بما قال عمر فقال: اذهبي إلى عمر وقولي له إن أبي بن كعب يقول قد حللت فإن التمستيني فإني ها هنا فذهبت إلى عمر فأخبرته فقال: ادعيه فجاءته فوجدته يصلي فلم يعجل عن صلاته حتى فرغ منها ثم انصرف معها إليه فقال له عمر: ما تقول هذه؟ فقال أبي: أنا قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم"وأولات الأحمال اجلهن أن يضعن حملهن" فالحامل المتوفى عنها زوجها أن تضع حملها فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم نعم فقال عمر للمرأة: اسمعي ما تسمعين.
وخطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله تعالى جعلني خازنا. المستدرك للحاكم
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
روى البخاري بسنده عن سويد بن غفلة قال لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقال: أخذت صرة مائة دينار فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال عرفها حولا فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها ثم أتيته فقال عرفها حولا فعرفتها فلم أجد ثم أتيته ثلاثا فقال احفظ وعاءها وعددها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها فاستمتعت فلقيته بعد بمكة فقال لا أدري ثلاثة أحوال أو حولا واحدا.
الرسول وأُبي وابن صياد:
في البخاري بسنده أيضًا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبي بن كعب قبل ابن صياد فحدث به في نخل فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذوع النخل وابن صياد في قطيفة له فيها رمرمة فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا صاف هذا محمد فوثب ابن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو تركته بَيَّنَ"
ويصاب يوم الأحزاب فيعالجه النبي صلى الله عليه وسلم:
في صحيح مسلم بسنده و حدثني بشر بن خالد حدثنا محمد يعني ابن جعفر عن شعبة قال سمعت سليمان قال سمعت أبا سفيان قال سمعت جابر بن عبد الله قال رمي أبي يوم الأحزاب على أكحله - هو عرق في وسط الذراع - فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن جابر بن عبد الله قال جاء أبي بن كعب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كان مني الليلة شيء في رمضان قال: وما ذاك يا أبي؟ قال: نسوة في داري قلن إنا لا نقرأ القرآن فنصلي بصلاتك قال: فصليت بهن ثماني ركعات ثم أوترت قال:
فكان شبه الرضا ولم يقل شيئا. صحيح ابن حبان
وعن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال يا أيها الناس اذكروا الله يا أيها الناس اذكروا الله يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه فقال أبي بن كعب: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك منها؟ قال ما شئت قال: الربع قال: ما شئت وإن زدت فهو خير لك قال: النصف قال: ما شئت وإن زدت فهو خير لك قال: الثلثين قال: ما شئت وإن زدت فهو خير قال: يا رسول الله أجعلها كلها لك قال: إذا تكفي همك ويغفر لك ذنبك. قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
بعض المواقف من حياته مع الصحابة:
مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: اخرجوا بنا إلى أرض قومنا قال: فخرجنا فكنت أنا و أبي بن كعب في مؤخرة الناس فهاجت سحابة فقال أبي: اللهم اصرف عنا أذاها، فلحقناهم وقد ابتلت رجالهم فقال عمر: ما أصابكم الذي أصابنا؟ قلت: إن أبا المنذر دعا الله أن يصرف عنا أذاها فقال عمر: ألا دعوتم لنا معكم؟
وعن ابن عباس قال: كان للعباس دار إلى جنب المسجد وفي المسجد ضيق فأراد عمر أن يدخلها في المسجد فأبى فقال: اجعل بيني وبينك رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلا بينهما أبي بن كعب فقضى للعباس على عمر فقال عمر: ما أحد من أصحاب محمد أجرأ علي منك فقال أبي: أو أنصح لك مني قال: يا أمير المؤمنين أما بلغك حديث داود أن الله عز وجل أمره ببناء بيت المقدس فأدخل فيه بيت امرأة بغير إذنها فلما بلغ حجز الرجال منعه الله بناءه قال داود: يا رب منعتني بناءه فاجعله في عقبي فقال العباس: أليس قد صارت لي وقضى لها بها؟ قال: فإني أشهدك أني قد جعلتها لله عز وجل.
وعن ابن سيرين قال: تسلف أبي بن كعب من عمر بن الخطاب مالا قال: أحسبه عشرة آلاف ثم إن أبيا أهدى له بعد ذلك من تمرته وكانت تبكر وكان من أطيب أهل المدينة تمرة فردها عليه عمر فقال أبي: ابعث بمالك فلا حاجة لي في شيء منعك طيب تمرتي، فقبلها، وقال: إنما الربا على من أراد أن يربي وينسىء.
مع أبي موسى الأشعري وأبي سعيد الخدري:
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري يقول: كنا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى الأشعري مغضبا حتى وقف فقال أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع قال أبي وما ذاك قال استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئت أمس فسلمت ثلاثا ثم انصرفت قال قد سمعناك ونحن حينئذ على شغل فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك قال استأذنت كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا فقال أبي بن كعب فوالله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنا قم يا أبا سعيد فقمت حتى أتيت عمر فقلت قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا
مع أبي ذر:
في سنن ابن ماجة بسنده عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم فذكرنا بأيام الله وأبو الدرداء أو أبو ذر يغمزني فقال متى أنزلت هذه السورة إني لم أسمعها إلا الآن فأشار إليه أن اسكت فلما انصرفوا قال سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني فقال أبي ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له وأخبره بالذي قال أبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق أبي".
مع سعد بن الربيع:
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد: من يأتيني بخبر سعد بن الربيع فإني رأيت الأسنة قد أشرعت إليه؟ فقال أبي بن كعب: أنا وذكر الخبر وفيه: أقرأ على قومي السلام وقل لهم: يقول لكم سعد بن الربيع: الله الله وما عاهدتم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة فوالله مالكم عند الله عذر إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف، وقال أبي: فلم أبرح حتى مات فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: رحمه الله نصح لله ولرسوله حيا وميتا.
مع جندب بن عبد الله البجلي:
وعن جندب قال: أتيت المدينة لأتعلم العلم فلما دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا الناس فيه حلق يتحدثون قال: فجعلت أمضي حتى انتهيت إلى حلقة فيها رجل شاحب عليه ثوبان كأنما قدم من سفر فسمعته يقول: هلك أصحاب العقد ورب الكعبة ولا آسي عليهم يقولها ثلاثا هلك أصحاب العقد ورب الكعبة هلك أصحاب العقد ورب الكعبة هلك أصحاب العقد ورب الكعبة قال: فجلست إليه فتحدث ما قضي له ثم قام فسألت عنه فقالوا: هذا سيد الناس أبي بن كعب قال: فتبعته حتى أتى منزله فإذا هو رث المنزل رث الكسوة رث الهيئة يشبه أمره بعضه بعضا، فسلمت عليه فرد علي السلام قال: ثم سألني: ممن أنت؟ قال: قلت من أهل العراق قال: أكثر شيء سؤلا وغضب قال: فاستقبلت القبلة ثم جثوت على ركبتي ورفعت يدي هكذا ومد ذراعيه فقلت: اللهم إنا نشكوهم إليك، إنا ننفق نفقاتنا وننصب أبداننا ونرحل مطايانا ابتغاء العلم فإذا لقيناهم تجهموا لنا وقالوا لنا قال: فبكى أبي وجعل يترضاني ويقول: ويحك أني لم أذهب هناك ثم قال أبي: أعاهدك لأن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلمن بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخاف فيه لومة لائم قال: ثم انصرفت عنه وجعلت أنتظر يوم الجمعة فلما كان يوم الخميس خرجت لبعض حاجتي فإذا الطرق مملوءة من الناس لا آخذ في سكة إلا استقبلني الناس، قال، فقلت ما شأن الناس؟ قالوا: إنا نحسبك غريبا قال: قلت أجل قالوا: مات سيد المسلمين أبي بن كعب قال: فلقيت أبا موسى بالعراق فحدثته فقال: هلا كان يبقى حتى تبلغنا مقالته؟ قال في المستدرك: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
موقفه مع الجني:
عن أبي بن كعب: أنه كان له جرن فيه تمر فكان يتعاهده فوجده ينقص فحرسه ذات ليلة فإذا هو بداية شبه الغلام المحتلم قال: فسلمت فرد السلام فقلت: ما أنت جني أم إنسي؟ قال: جني قلت: ناولني يدك فناولني فإذا يده يد كلب وشعره شعر كلب فقلت: هكذا خلق الجن؟ قال: لقد علمت الجن أن ما فيهم من هو أشد مني قلت ما حملك على ما صنعت؟ قال: بلغني أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك فقال له أبي: فما الذي يجيرنا منكم؟ قال هذه الآية آية الكرسي التي في سورة البقرة من قالها حين يمسي أجير منا حتى يصبح ومن قالها حين يصبح أجير منا حتى يمسي - فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: "صدق الخبيث" فتح القدير للشوكاني
أثره في الآخرين:
روى البخاري بسنده عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى قال ابن عباس هو خضر فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس فقال إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لقيه هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما موسى في ملإ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال هل تعلم أحدا أعلم منك قال موسى لا فأوحى الله عز وجل إلى موسى بلى عبدنا خضر فسأل موسى السبيل إليه فجعل الله له الحوت آية وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه وكان يتبع أثر الحوت في البحر فقال لموسى فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره قال ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا خضرا فكان من شأنهما الذي قص الله عز وجل في كتابه.
وكان رضي الله ممن جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري بسنده عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد.
وقد أخذ عن أُبي قراءة القرآن ابنُ عباس وأبو هريرة وعبدُ الله بن السائب وعبدُ الله بن عياش بن أبي ربيعة وأبو عبد الرحمن السلمي، وحدث عنه سويد بن غفلة وعبد الرحمن بن أبزى وأبو المهلب وآخرون...
وعن زرّ بن حبيش قال:سألت أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت: إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر فقال: رحمه الله أراد أن لا يتكل الناس، أما إنه قد علم أنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر وأنها ليلة سبع وعشرين ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين، فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها.
وعن أسلم المنقري قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى يحدث عن أبيه قال: لما وقع الناس في أمر عثمان رضي الله عنه قلت لأبي بن كعب: أبا المنذر ما المخرج من هذا الأمر؟ قال: كتاب الله وسنة نبيه ما استبان لكم فاعملوا به وما أشكل عليكم فكلوه إلى عالمه.
بعض ما رواه عن الرسول صلى الله عليه وسلم
في سنن أبي داود عن عن أبي بن كعب قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الصبح فقال " أشاهد فلان؟ " قالوا لا قال " أشاهد فلان؟ " قالوا لا قال " إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا على الركب وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل وحسّنه الألباني
وعنه رضي الله عنه قال: كان رجل لا أعلم أحدا من الناس ممن يصلي القبلة من أهل المدينة أبعد منزلا من المسجد من ذلك الرجل وكان لا تخطئه صلاة في المسجد فقلت لو اشتريت حمارا تركبه في الرمضاء والظلمة فقال ما أحب أن منزلي إلى جنب المسجد فنمي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن قوله ذلك فقال أردت يا رسول الله أن يكتب لي إقبالي إلى المسجد ورجوعي إلى أهلي إذا رجعت فقال " أعطاك الله ذلك كله أعطاك الله جل وعز ما احتسبت كله أجمع. قال الألباني: صحيح
عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الوتر قال "سبحان الملك القدوس" قال الألباني: صحيح
بعض كلماته:
من أقواله رضي الله عنه: تعلموا العربية كما تعلمون حفظ القرآن.
وقوله: لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن قوله تعالى: "وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ" ولكن قولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وقوله رضي الله عنه: الشهداء في قباب من رياض بفناء الجنة يبعث لهم حوت وثور يعتركان فيلهون بهما فإذا اشتهوا الغداء عقر أحدهما صاحبه فأكلوا من لحمه يجدون في لحمه طعم كل طعام في الجنة وفي لحم الحوت طعم كل شراب.
وقوله رضي الله عنه: الصلاة الوسطى صلاة العصر.
وقوله رضي الله عنه: ما ترك عبد شيئا لا يتركه إلا لله إلا آتاه الله ما هو خير منه من حيث لا يحتسب، ولا تهاون به فأخذه من حيث لا ينبغي له إلا أتاه الله بما هو أشد عليه.
وقال رضي الله عنه: إن مطعم ابن آدم ضرب للدنيا مثلا وإن قزحه وملحه فقد علم إلى ما يصير
وعن أبي العالية قال: قال رجل لأبي بن كعب: أوصني قال: اتخذ كتاب الله إماما وأرض به حكما وقاضيا؛ فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم شفيع مطاع، وشاهد لا يتهم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم.
وفاته رضي الله عنه:
ثبت عن أبي سعيد الخدري أن رجلا من المسلمين قال: يا رسول الله أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا مالنا فيها؟ قال: كفارات فقال أبي بن كعب: يا رسول الله وإن قَلّت؟ قال: وإن شوكة فما فوقها، فدعا أبي ألا يفارقه الوعك حتى يموت، وألا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صلاة مكتوبة في جماعة، قال: فما مس إنسان جسده إلا وجد حره حتى مات.
عن جندب قال: أتيت المدينة... خرجت لبعض حاجتي فإذا الطرق مملوءة من الناس لا آخذ في سكة إلا استقبلني الناس، قال، فقلت ما شأن الناس؟ قالوا: إنا نحسبك غريبا قال: قلت أجل قالوا: مات سيد المسلمين أبي بن كعب.
وقد اختلف في سنة وفاته رضي الله عنه وأرضاه فقيل توفي في خلافة عمر سنة تسع عشرة وقيل سنة عشرين وقيل سنة اثنتين وعشرين، وقيل إنه مات في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين، قال في المستدرك: وهذا أثبت الأقاويل لأن عثمان أمره بأن يجمع القرآن.
من مراجع البحث:
أسد الغابة..................... ابن الأثير
الإصابة في تمييز الصحابة........ ابن حجر
تذكرة الحفاظ.................. الذهبي
الوافي في الوفيات............... الصفدي
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
حياك الله ياساميه والله يعااافيك
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
النعمان بن بشير
هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بن زيد الأنصارى الخزرجى ويكنى عبد الله.
ولم يدرك النعمان الجاهلية فقد كان أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار بعد الهجرة بأربعة عشر شهرا.
وهو أول مولود ولد للأنصار بعد الهجرة رضي الله عنه. (1)
وكان النعمان أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة للأنصار في جمادى الأول سنة ثنتين من الهجرة فأتت به أمه تحمله إلى النبي (صلي الله عليه وسلم) فحنكه وبشرها بأنه يعيش حميدا ويقتل شهيدا ويدخل الجنة.(2)
من مواقفة مع الصحابة:
كان النعمان ذا منزلة من معاوية( رضي الله عنه ) وكان معاوية يقول يا معشر الأنصار تستبطئونني وما صحبني منكم إلا النعمان بن بشير وقد رأيتم ما صنعت به وكان ولاه الكوفة وأكرمه.(3)
من مواقفه مع التابعين:
قيل إن أعشى همدان قدم على النعمان بن بشير وهو على حمص وهو مريض فقال له النعمان ما أقدمك قال لتصلني وتحفظ قرابتي وتقضى ديني فقال والله ما عندي ولكني سائلهم لك شيئا ثم قام فصعد المنبر ثم قال يا أهل حمص إن هذا ابن عمكم من العراق وهو مسترفدكم شيئا فما ترون فقالوا احتكم في أموالنا فأبى عليهم فقالوا قد حكمنا من أموالنا كل رجل دينارين وكانوا في الديوان عشرين ألف رجل فعجلها له النعمان من بيت المال أربعين ألف دينار فلما خرجت أعطياتهم أسقط من عطاء كل رجل منهم دينارين.(4)
وقال أبو مخنف (وهو شيعي ) بعث يزيد بن معاوية إلي النعمان بن بشير الأنصاري فقال له ائت الناس وقومك فافثأهم عما يريدون فإنهم إن لم ينهضوا في هذا الأمر لم يجترئ الناس على خلافي وبها من عشيرتي من لا أحب أن ينهض في هذه الفتنة فيهلك.
فأقبل النعمان بن بشير فأتى قومه ودعا الناس إليه عامة وأمرهم بالطاعة ولزوم الجماعة وخوفهم الفتنة وقال لهم إنه لا طاقة لكم بأهل الشأم فقال عبد الله بن مطيع العدوي ما يحملك يا نعمان على تفريق جماعتنا وفساد ما أصلح الله من أمرنا فقال النعمان أما والله لكأني بك لو قد نزلت تلك التي تدعو إليها وقامت الرجال على الركب تضرب مفارق القوم وجباههم بالسيوف ودارت رحا الموت بين الفريقين قد هربت على بغلتك تضرب جنبيها إلى مكة وقد خلفت هؤلاء المساكين يعني الأنصار يقتلون في سككهم ومساجدهم وعلى أبواب دورهم فعصاه الناس.(5)
من الأحاديث التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم
عن النعمان بن بشير قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في مسير له إذ خفق رجل على راحلته فأخذ رجل من كنانته سهما فانتبه الرجل مذعورا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما "
عن النعمان بن بشير أن أباه نحله غلاما وأنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده فقال: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا قال: فاردده.(6)
وعن الشعبي قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول وأومأ النعمان بإصبعيه إلى أذنيه إن الحلال بين والحرام بين وبين ذلك مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشتبهات فقد استبرأ لدينه ولعرضه ومن وقع في المشتبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى أوشك أن يقع فيه ألا إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه.
عن الشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.(7)
وعن النعمان بن بشير قال صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم ثم أقبل علينا بوجهه فقال" سووا صفوفكم ولا تختلفوا فيخالف الله عز وجل بينكم يوم القيامة ".
فلقد رأيتنا وإن الرجل منا ليلتمس بمنكبه منكب أخيه وبركبته ركبة أخيه وبقدمه قدم أخيه.(8)
كلماته.
عن سماك بن حرب قال سمعت النعمان بن بشير يقول ألستم في طعام وشراب ما شئتم لقد رأيت نبيكم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه.
الوفاة:
وبعد موت يزيد بن معاوية بايع النعمان لإبن الزبير فتنكر له أهل حمص، فخرج هارباً فتبعه خالد بن خليّ الكلاعي فقتله سنة خمس وستين للهجرة.
المصادر:
1- البداية والنهاية [ جزء 3 - صفحة 230 ]
2- البداية والنهاية [ جزء 8 - صفحة 244 ]
3- طبقات فحول الشعراء [ جزء 2 - صفحة 463 ]
4- البداية والنهاية [ جزء 8 - صفحة 245 ]
5- تاريخ الطبري [ جزء 3 - صفحة 351 ]
6- كنز العمال [ جزء 16 - صفحة 820 ]
7- الأربعون الصغرى [ جزء 1 - صفحة 150 ]
8- الفوائد [ جزء 2 - صفحة 129 ]
-
رد: (ملف)..خير الناااس.الصحب الأطهار رضي الله عنهم
د. راغب السرجاني
مقدمة
الصحابة والإخلاص
المقصود من هذا البحث أن نكون عمليين، وكيف يكون ممكنًا أن نقلد جيل الصحابة؟
كيف نسلك نفس الطريق الذي سلكه هؤلاء الصحابة ونقتفي أثرهم ونسير على دربهم؟
في هذه الفصل نحاول أن نضع أيدينا على أول الطريق الذي سار فيه الصحابة، وهذا هو الفصل الرابع من (كن صحابيا) تحدثنا في الفصول الثلاثة السابقة عن جيل صحابة رسول الله، تحدثنا في الفصل الأول عن صفة هذا الجيل العظيم، خير الناس خير القرون، تحدثنا عن هذا الجيل الذي رأى رسول الله صلى اله عليه وسلم، وعاش معه، وتحدث إليه، وتعلم منه مباشرة، ثم نقل الرسالة بأمانة إلى من بعده بعد ذلك بعد وفاة رسول الله، وما زلنا إلى اليوم ننعم بنقل صحابة رسول الله للدين إلينا، وتحدثنا في الفصل الثاني عن إمكانية تقليد جيل الصحابة، بعض الناس تحبط من تقليد جيل الصحابة؛ لأن مستوى هذا الجيل عالي جدا، نحن نقول:
إن هذا الجيل جيل قدوة، ونستطيع أن نقلد هذا الجيل.
نعم الذي يقلده هو الذي يعمل بسيرته كأنه يقبض على الجمر، لكنه في المقابل كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ مثل أجر خمسين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون من الممكن تقليد هذا الجيل. والفصل الثالث تحدثنا فيه عن صناعة الإنسان، صناعة الإنسان في الإسلام ماذا يعني إنسان في الإسلام؟ وكيف يتحول الصحابي من إنسان ليست له أية طموح في الدنيا غير ملذاته الشخصية، وغير حياته الخاصة إلى إنسان يحمل هَمّ هذا الدين على عاتقه، يحمل هذه الدعوة إلى كل ربوع الأرض؟
تحدثنا عن أمثلة الصحابة الكرام، كيف أسلموا؟
وكيف انتقلوا من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام؟
وذكرنا أن بدايات الصحابة كانت صعبة، بل هي أصعب من بداياتنا بلا شك، الصحابة كانوا يعبدون إله غير الله عز وجل، ونحن بحمد الله وُلدنا مسلمين، الأب والأم عند الصحابة كانوا كفارا، والحمد لله الآباء والأمهات عندنا من المسلمين المؤمنين، وانتقال الصحابة من الكفر إلى الإيمان اختبار صعب جدا، الحمد لله نحن لم نُعَرّض لهذا الاختبار، فبالتبعية انتقالنا من عدم الالتزام بهذا الدين إلى الالتزام به، لا شك أنه أسهل من انتقال الصحابة مما كانوا عليه إلى ما وصلوا إليه، نحن سنتحدث الآن ونبين كيف نكون عمليين؟ وكيف نقلد هذا الجيل الفريد من الصحابة؟
في الفصل الرابع، وما يستجد بعد ذلك من فصول، سنتكلم في كل فصل عن صفة من صفات الصحابة، أو معنى من المعاني التي عاشها الصحابة، ومارسوه في حياتهم، وسنعرف كيف كان فهمهم، وتحركهم في حياتهم بهذا المعنى، وهذا هو الطريق الذي سلكه الصحابة ووصلوا فيه إلى ما وصلوا إليه من علم الله عز وجل في الآخرة، كما قال الله عز وجل [وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ] {التوبة:100} في هذا الفصل نعرف كيف نكون عمليين، وبهذا الفصل نضع أيدينا على أول طريق سلكته الصحابة، وساروا فيه، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه.
سنتكلم على صفة من أهم صفات الصحابة، أمر هام جدا كان يميز جيل الصحابة، وأعتبر هذا الشيء هو أهم شيء في حياة الصحابة مطلقا، لا يمكن أن يكون هناك مؤمن بغير هذه الصفة، لا يمكن أن يُقبل عمل بغير هذه الصفة، هذا يدل على أن هذه الصفة فعلا خطيرة، هذه هي صفة الإخلاص لله عز وجل.
أعرف أن كثير منا ممكن أن يطلق على نفسه لقب مخلص، أو يعتقد اعتقادًا جازما بأنه مخلص تمام الإخلاص، لكن كيف كان مفهوم الصحابة عن الإخلاص؟
كيف استوعب الصحابة هذه الصفة؟
وكيف مارسوا هذه الصفة في حياتهم؟
من أهم القضايا في حياة المسلم
وقبل أن أبدأ في وصف فهم الصحابة لصفة الإخلاص، أحب أن أذكر لكم أن هذا الفصل، وبكل صدق أعتبره من أهم الفصول في حياة المسلمين، ومن أخطر الدروس فعلا، لذا أريد منكم فهم هذا الدرس بعمق، فهذه القضية خطيرة، بل من أخطر القضايا، فمن يرسب في امتحان الإخلاص يكن مصيره لا محالة إلى النار، ومن ينجح فيه فهو الفائز الذي زُحْزِح عن النار وأُدخل الجنة، فالقضية فعلا خطيرة، يقول سبحانه وتعالى في كتابة عن قضية الإخلاص آية في منتهى الخطورة يقول ويخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ]
{الزُّمر:65} لو لم يوجد إخلاص [لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ] {الزُّمر:65} .
قضية خطيرة جدا، هذا الكلام يوجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومفهوم أن الرسول مستحيل أن يشرك بالله عز وجل، ولكن هذا لتعظيم الجرم؛ لتقبيح الفعل، والشرك هو عكس الإخلاص، فمن أشرك بالله عز وجل ما أخلص لله عز وجل، نعلم أن معنى الإخلاص أن يكون العمل خالصًا تماما من كل شائبة، والشوائب هي الشركاء، فلو أشركت مع الله عز وجل شريكًا آخر أيَّ شريك بنسبة 25% مثلا، فهل سيكتب لك خمسة وسبعين في المائة من الأجر، ويضيع عيك خمسة وعشرون في المائة، أم سيذهب العمل كله؟
هل سيحبط العمل كله لنسبة بسيطة من الإشراك؟
الله يقول:
[وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ]
{الزُّمر:65} .
واقرأ هذا الحديث الذي يفسر هذا الموضوع، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، قال: قال رسول الله:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكِهِ.
يحبط العمل كله.
وحديث يوضح هذا المعنى بصورة أكبر، روى البخاري، ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن أعرابيا آتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر- حتى يشتهر أمره بين الناس- والرجل يقاتل ليرى مكانه- لكي يقال عنه شجاع، ويسأله الرجل- من منهم في سبيل الله؟
الرجل يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن من هؤلاء الثلاثة قاتل في سبيل الله؟
الرسول صلى الله عليه وسلم أعرض عن كل هؤلاء الثلاثة، حتى لم يناقش قضيتهم، وقال:
مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
أما هذه الأغراض الثلاثة، أوغيرها من الأغراض، فليست في ميزان الله عز وجل، ولا يصح أن توضع في جانب الإخلاص، فكلها إشراك بالله عز وجل، غرض واحد هو الذي يوضع في جانب الإخلاص، هو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله، إن الغنيمة ليست حراما، بالعكس الله عز وجل شرع في كتابه أن توزع أربع أخماس الغنيمة على الجيش، فالمغنم ليس حراما إذًا، والذكر بالخير ليس حراما، وصفة الشجاعة ليست حراما، لكن هذا للعبد، هذا للنفس، وليس لله عز وجل، فلو أنت قاتلت لهذه الأغراض، ومن أجلها، فهذا حظ نفسك، وقد حصلت عليه في الدنيا، فلا يحسب عند الله عز وجل، لكن من يقاتل لإعلاء كلمة الله عز وجل في الأرض، فهو المقاتل في سبيل الله.
وحديث آخر أخطر من هذا الحديث يوضح المعنى بصورة أكبر، وأكبر، روى النسائي بإسناد جيد أن أبا أمامة رضي الله عنه وأرضاه قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
أرأيت رجل غزى يلتمس الأجر والذكر.
هذا الرجل يريد الأجر من الله سبحانه وتعالى، فهو خارج في سبيل الله عز وجل، لكن إلى جانب هذا الخروج هو يلتمس أيضا الذكر حتى يقول عليه الناس فلان الذي قاتل، وحارب، وانتصر، إلى غير ذلك من صفات المجاهدين، فهو يريد الاثنين: الأجر والذكر.
أرأيت رجل غزى يلتمس الأجر والذكر، ما له؟
الرجل يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم: ما له؟ يقصد من الأجر، كم له من الأجر عند الله عز وجل؟
فقال صلى الله عليه وسلم كلمة في منتهى الخطورة، قال:
لَا شَيْءَ.
سبحان الله، لا شيء، حتى نسبة الأجر خمسين في المائة، ولا خمسة وسبعون في المائة، ولا خمسة وتسعون في المائة، أُحْبط كل العمل، فأعادها عليه ثلاثا، الرجل يستعجب، ورسول الله كما يقول أبو أمامة يرد عليه في كل مرة:
لَا شَيْءَ.
ثم قال صلى الله عليه وسلم لكي يوضح له الصورة، قال:
إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهَهُ. سبحانه وتعالى.
وحديث آخر من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث فعلا شديد الخطورة، وفيه معنى عميق جدا، روى مسلم، والنسائي، وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ.
وأول ما تقرأ أول هذا الحديث تظن أنه من أهل الجنة وسيدخلها بغير حساب.
فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا.
ظل يقول له أعطيتك كذا وكذا من النعم الضخمة الكثيرة التي لا تحصى من الله عز وجل.
فقال: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتَ.
فقد بلغ أقصى الأعمال رفعة عند الله عز وجل، ذروة سنام الإسلام، الجهاد في سبيل الله.
قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ.
قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ.
هذا الرجل كان يقاتل للذكر، كان يقاتل من أجل أن يشتهر بين الناس بأنه مقاتل جريء شجاع، لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ.
الناس قالت ما تريده، وقد أخذت حظك من الدنيا.
ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
هذا أول من قُضي عليه يوم القيامة، الرجل الثاني الذي يقضى عليه يوم القيامة:
وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقًُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ فِيكَ.
قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِأَنْ يُقَالَ: عَالِمٌ. وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِأَنْ يُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ.
ما كنت تعمل من أجل وجه الله سبحانه وتعالى، بل فعلتها للناس؛ ليقول الناس: عالم وقارئ. وقد قيل، أخذت ما تمنيت، وما أردت.
ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
الرجل الثالث:
وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ.
فَقَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ.
تحدثت الناس بما أردت فعلًا، وقالوا عنك جواد، وكريم، وأخذت حظك من الدنيا.
ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
لا بد من وقفة مع هذا الحديث الخطير، كان من الممكن أن يسعر الله عز وجل جهنم أول ما تسعر بزانٍ، أو قاتل، أو مرتكب لكبيرة من الكبائر، أو لمعصية ضخمة من المعاصي، كان من الممكن ذلك، ولكن أراد الله أن يسعرها أولا بهؤلاء لإثبات أن عملهم الذي أشركوا فيه غير الله عز وجل قد أحبط تماما، كأنه لم يعمل، وكل هذا لأجل تعظيم قدر الإخلاص لله عز وجل.
والصحابة أدركوا هذا الأمر، وفهموه جيدًا؛ لهذا عاشوا حياتهم كلها لله عز وجل، عاشوا حياتهم بكاملها مخلصين لله عز وجل، وبإدراكنا لهذه الأحاديث والآيات، ومعرفة فهم الصحابة لهذه الآيات، نستطيع أن نفهم مواقف غريبة جدا في حياة الصحابة.
إن تصدق الله يصدقك
موقف عجيب لصحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم رواه النسائي عن شداد بن الهاد رضي الله عنه وأرضاه وشداد بن الهاد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به، واتبعه، ثم قال: أهاجر معك.
ولنتعلم الإخلاص من هذا الأعرابي البسيط الذي ما زال حديث عهد بالإسلام، وبإيمانه بالرسول صلى الله عليه وسلم ينال لقب صحابي لتحقيقيه شروط الصحابي، والصحابي هو من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، ورآه، أو اجتمع به، ومات على هذا الإيمان، فهذا الاعرابي يدخل في نطاق الصحابة مع أنه حديث عهد بالإسلام، فالرسول صلى الله عليه وسلم أوصى به بعض أصحابه حتى يعلموه الدين، وعلموه بعض أمور دينه، ثم جاءت غزوة مباشرة بعد هذا التعليم البسيط لأمور الدين، جاءت غزوة، فلما كانت هذه الغزوة غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيا فقسمه، والسبي هو النساء، وقسم لهذا الأعرابي الجديد الذي أسلم حديث، لكنه دخل في الموقعة، وانتصر، وقسمت الغنيمة على الناس، فقسم السبي على الصحابة، وهذا الصحابي لم يكن موجودًا، فالأعرابي كان في مكان بعيد، فلما قسم صلى الله عليه وسلم الأقسام على الصحابة جعل له قسما، وقال لأصحابه لما يأتي هذا الرجل أعطوا له قسمه، فجاء الرجل، فدفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم.
والرسول هو الذي يقسم هذا يعني أنه حلال خالص, وما قسمه له النبي صلى الله عليه وسلم هو سبي، يعني نساء، فهناك ميل فطري له، ومع ذلك انظر إلى رد فعل الصحابي الأعرابي البسيط الذي أسلم منذ أيام قلائل، يا ترى ماذا كان رد فعله؟
وماذا فعل؟
أخذ السبي وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له:
ما هذا؟
من يقرأ الحديث يظن أن هذا الصحابي قد استقل هذا العطاء.
قال: قَسَمْتُهُ لَكَ.
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
قَسَمْتُهُ لَكَ.
قال: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمِى إِلَى هَا هُنَا.
وأشار إلى مكان في رقبته مكان في الحلق مكان مميت لو ضرب فيه بسهم قتل لا محالة.
وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَا هُنَا بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ.
نريد أن نقف وقفة طويلة هنا في هذا الموقف، هذا الفعل من الصحابي قد يستغربه البعض، يعتقد أن هذه مبالغة، وهي فعلا مبالغة، لكن لا مبالغة في الخير، وهذا الصحابي مع أن عمره في الإسلام قليل جدا جدا، لكن فهمه عميق جدا، رؤيته واضحه جدا، الجنة عظمت في عينه، أصبح الجهاد عنده يساوي الدنيا كلها، يخاف أن يأخذ شيئًا يشغله عن الجهاد، ومن ناحية أخرى يخاف أن تتغير نيته، أحيانًا يبدأ أحدنا عملًا بنية خاصة لله عز وجل، وبعد أن تكثر أمواله، ومنافعه من العمل تتغير نيته، مثل من يقيم مدرسة مثلا بنية أن هذا مشروع تربوي إسلامي سيفيد به الأمة الإسلامية كلها، عمل جليل جدا، وبعد أن تزداد الأموال يبدأ في تغيير نيته، وتكون الدنيا هي همه، يرفع أسعار المدرسة، يعمل رحلات بأسعار عالية، ويكسب من ورائها، يُغَير لبس المدرسة كل سنة؛ ليضطر أولياء الأمور شراء الملابس كل عام، يبدأ في زيادة عدد الطلاب في كل فصل، بدلًا من عشرين أو خمسة وعشرين حتى تسير الأمور التربوية في مسارها، يكونون ثلاثين، أو أربعين، وخمسين؛ لتزداد أمواله، وهو يعرف أنه لن يستطيع أن يقوم بمثل هذه الأبعاد التربوية التي كان سيقوم بعملها في الفصل مع العدد الكبير، وتغيرت النية، الصحابي الأعرابي البسيط لم يرد أن يدخل في كل التجربة، يريد أن يعيش حياة مخلصة لله عز وجل، وإن قصرت هذه الحياة، لهذا رفض المغنم الحلال، وقرر أن يشتغل لله عز وجل بدون أجر، وطبعا هذا وإن لم يكن فرضا فهو من فضائل الأعمال، والرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه ذلك، ولم يذكر أن هذا تشدد منه، بل قال:
إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ.
وفعلا لو أنت صادق في نيتك، سيحقق لك الله كل ما تريد، لهذا السبب لا بد وأن يكون لكل واحد منا أعمال خير كثيرة، ولا يأخذ عليها أجرًا من أحد، ويثبت إخلاص نيته لله عز وجل، فالمدرس من الممكن أن يدرس من غير أموال يأخذها لمن يحتاج، والطبيب يعالج من غير تقاضيه أجرًا للمحتاجين، المحامي بإمكانه أن يترافع عن مظلوم محتاج من غير مال يأخذه، هو محامي يعمل لله عز وجل، هذا ليس فرضًا، لكن هذه وسيلة لإثبات الإخلاص لله عز وجل.
ما الوسيلة التي من الممكن أن تعرف بها أنك مخلص تماما لله عز وجل، في عملك كلنا نقول: إننا مخصلين لله عز وجل.
لكن أحيانًا يكون هناك أجر على عملك، فهل كل من أخذ أجرًا على العمل يصبح غير مخلص؟
بالطبع لا، فالصحابة أخذوا أجرًا على أعمالهم، وبقية الصحابة في نفس الغزوة أخذوا الغنيمة، وأخذوا السبي، فأين تكمن المشكلة إذًا؟
وإخلاصهم عالي جدا، فكيف تفهم أنك مخلص أو غير مخلص؟
المقياس الحقيقي في الإخلاص: أن تعمل العمل بصرف النظر تقاضيت أجرًا أم لا، أما إذا ربطت عملك بالأجر، فهذا يدل على ضعف الإخلاص، أو غيابه أصلا، ولنرجع لقصة الصحابي الأعرابي، الصحابي الذي لم يأخذ شيئًا من السبي، وقال أنا لم أدخل معك في الإسلام إلا لأُقْتل في سبيل الله، فقال له صلى الله عليه وسلم:
إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ.
فلبثوا قليلا كما يقول شداد بن الهاد رضي الله عنه وأرضاه راوي الحديث: فلبثوا قليلا، ثم نهضوا في قتال العدو، في غزوة ثانية، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يُحمل، وهو مقتول شهيد رضي الله عنه وأرضاه، الأعرابي قد أصابه سهم حيث أشار فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
أَهُوَ هُوَ؟
حتى الرسول صلى الله عليه وسلم يستعجب، جاء له السهم في نفس المكان الذي أشار إليه، قالوا: نعم.
قال: صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ اللَّهُ.
هذا الصحابي وقف على حقيقة الإخلاص، ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته، ثم قدمه، فصلى عليه فكان فيما ظهر من صلاته:
اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ، فَقُتِلَ شَهِيدًا، أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ. هل هناك مكافأة أفضل من تلك، لعلك تعمل عملا خالص لله عز وجل تماما وتكون النهاية في هذا العمل فتموت على هذا الإخلاص، فيكون هذا العمل هو سبب السعادة في الدنيا والآخرة، هذا الاخلاص هو ما نريده.
وسيجنبها الأتقى
ولنرى الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وهو يعتق العبيد في بدء الدعوة كان يشتري العبيد بكميات كبيرة، ويدفع أموالا ضخمة في شراء العبيد، وكان يشتري العبيد ضعفاء فقراء بسطاء من الرجال، ومن النساء على السواء، فقال له أبوه أبو قحافة، وكان ما زال مشركا، قال له:
يا بني أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أنك أعتقت رجال جلدًا يمنعونك.
فقال الصديق رضي الله عنه وأرضاه:
يا أبتي، إنما أبتغي وجه الله عز وجل.
لا أريد غير رضا ربنا سبحانه وتعالى: إنما أبتغي وجه الله عز وجل.
هذه حقيقة الإخلاص، فأنزل الله قوله: [وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى] {الليل:17}
هذه من أعظم مناقب الصديق رضي الله عنه وأرضاه الله عز وجل يشهد له بأنه الأتقى:
[وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى(17)الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى(18)وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى(19)إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى(20)وَلَسَوْفَ يَرْضَى]
{الليل:17: 21}.
هذه نيتجة الإخلاص أن يرضى الله عنه عز وجل.
كيف تغرس الإخلاص في قلبك
قد يقال:
إن الكلام سليم وسهل، لكن التطبيق صعب، بل عسير.
هذا الكلام في منتهى الصدق والحق، فعلا شيء صعب، أحد التابعين يقول: ما عالجت شيئا أشد عليَّ من نيتي.
أكثر شيء في شدة الصعوبة هو النية، هو الإخلاص، لكن لا بد أن تكون هناك طريقة لغرس الإخلاص، لن يطلب الله منا أمرًا، إلا وهو يعرف أننا نقدر على فعله، قد يطلب أحدنا طريقة عملية للإخلاص، يقول: اذكر لي أمرًا واحدًا إذا فعلته زرعت الإخلاص في قلبي.
أقول له: أعط لله قدره تكن مخلصًا له.
ولتضع هذه الكلمة في مخيلة عقلك، فحتى تكون مخلصًا لله عز وجل أعط لله قدره تصبح مخلصًا له، والله لو عرفتم قدر الله عز وجل لن تشتغلوا لغيره، مستحيل أن يأتي الإشراك، وعندما لا تعطي لله عز وجل قدره يقول سبحانه وتعالى وفكر في كل كلمة في هذه الآية:
[وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ]
{الزُّمر:67}
هذا هو المرض، فالناس لم تعط لله عز وجل قدره
[وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ]
{الزُّمر:67} .
وهذه بعض علامات قدرة الله عز وجل [وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ] {الزُّمر:67} وهو المفروض أن نقوم به، وهو تعظيم وتقدير وإجلال لله عز وجل [سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ] {الزُّمر:67} فمن هم الذين أشركوا، الذين لم يعطوا لله عز وجل قدره [وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ] {الزُّمر:67} .
يأتي الإشراك عندما لا يعطي العبد لله عز وجل قدره، الصحابة عرفوا هذا القدر لله عز وجل، ولذلك علموا أن من يعمل لإرضاء غير الله عز وجل فهو سفيه، هذا نوع من السفة، نوع من الحماقة أن تعرف قدر الله عز وجل، ثم تعمل لغيره، وكيف نعطي لله عز وجل قدره أكثر من النظر والتدبر في كتاب الله عز وجل المقروء، وفي كتاب الله عز وجل المنظور، ما هو كتاب الله المقروء؟
وما هو كتاب الله المنظور؟
الكتاب الأول، الكتاب المقروء القرآن الكريم، واقرأ أي سورة، أو أي آية لابد أنك ستتعرف على قدره سبحانه وتعالى، أي آية، تدبر في كل آية، وقف على كل كلمة، الرسول صلى الله عليه وسلم كان أحيانا يقوم الليل كله بآية واحدة، يصلى طول الليل بآية، قام ليلة كاملة بقوله سبحانه وتعالى:
[إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ]
{المائدة:118} .
لو فكرت في الآية لن تُشْغَل بغير الله سبحانه وتعالى، إن كل شيء بيده فكيف الاشتغال بغيره؟
مع أن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى، وقلوب العباد بيده سبحانه وتعالى، والمقادير كلها بيده سبحانه وتعالى، والحياة بيده، والموت بيده، والجنة بيده، والنار بيده، ولن يحاسبك أحد غيره يوم القيامة، فلماذا تشتغل بغيره سبحانه وتعالى؟
وهو الأول، وهو الآخر، هو المحيي، وهو المميت، هو النافع، وهو الضار، هو المبدئ، وهو المعيد، هو الملك الذي يملك كل شيء، إن أي ملك من ملوك الأرض ملكه نسبي غير مطلق، وإن كان يطلق عليه لقب ملك، لكن في النهاية هو ملك نسبي يملك أشياء، ولا يملك أشياء أخرى، قد يعتريه الفقر، قد يعتريه المرض، قد يعتريه الضعف، قد يعتريه الألم، وسيعتريه الموت لا محالة، لا يستطيع أن يسعد نفسه، ولا يملك سعادة الناس، ولا حب الناس، ولا أعمار الناس، ولا أرزاق الناس، ملكه نسبي، ملك بسيط حقير تافه، وفي نهايته سيتركه، فإما يزول الملك، وإما هو نفسه يموت، ويترك الملك، فكل هذا ملك نسبي، لكن الله سبحانه وتعالى ملكه مطلق، فكيف تشتغل لغيره؟
اقرأ في كتاب الله عز وجل:
[وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ]
{الأنعام:13} .
هذا كتاب الله عز وجل المقروء القرآن الكريم
[وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ(13)قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ]
{الأنعام:14} .
وهذا هو الإخلاص أتسألني أن أتخذ وليًا غير الله سبحانه وتعالى
[قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ] {الأنعام:14} هذا سبب الإخلاص غيره سبحانه وتعالى يُطْعَم ولا يُطِعم رئيس المصلحة، مدير المدرسة، الملك، السلطان، الشرطي، أي فرد يُطْعَم ولا يُطِعم، إن الله عز وجل يُطِعم سبحانه وتعالى ولا يُطْعم [قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ] {الأنعام:14}
إن من يشرك بالله عز وجل هو الذي يتخذ وليا غير الله عز وجل
[قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ]
{الأنعام:15}
وهذا سبب آخر للإخلاص، كل الناس تملك أشياء بسيطة في الدنيا، لكن لا تملك شيئا مطلقا في الآخرة، الله عز وجل يملك الآخرة بكاملها، يقول سبحانه:
[مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الفَوْزُ المُبِينُ(16)وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ]
{الأنعام:16،17} .
سبب ثالث للإخلاص: لن ينفعك غير الله عز وجل، فهو الذي يُطْعِم ولا يُطْعَم، فالرزق كله من عنده، يملك يوم القيامة ولا أحد من البشر أو الخلق يملك هذا اليوم إلا الله عز وجل، هو الذي ينفع ويضر سبحانه وتعالى،
هو القاهر فوق عباده، فإن لم يكن بإرادتك سيكون رغمًا عنك أخلصت أم لم تخلص، ما أراده الله سيكون [وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ] {الأنعام:18}.
فكيف تقرأ هذه الكلمات في كتاب ربنا سبحانه وتعالى، ولا تخلص لله عز وجل.
اقرأ ما يقوله سبحانه وتعالى:
[للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ(26)وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ]
{لقمان:26،27} قف لحظة، وتدبر هذه الآية، كل أشجار الأرض تخيل كل الغابات التي سمعت عنها في أمريكا، وفي أوربا، وفي مصر، سبحان الله أشجار لا نهائية، تخيل إن كل هذه الأشجار أقلام، [وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ] {لقمان:27} البحر عبارة عن حبر، مداد ليكتب آيات الله عز وجل، الشجر أقلام، والبحر مداد، ومع ذلك [مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ] {لقمان:27} ما نفدت آيات الله في الأرض
[وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(27)مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ]
{لقمان:27،28} لا شيء صعب عند الله سبحانه وتعالى، خلق البشر كخلق إنسان واحد، لا يوجد شيء صعب وآخر سهل، شيء ممكن وآخر غير ممكن، كله كن فيكون [مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(28)أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ] {لقمان:28،29}
هذه آية نراها كل يوم، كل يوم الكون كله يسير بنظام معين، لو أن الأرض غيرت من سرعتها بدرجة بسيطة جدا، أو الشمس غيرت من سرعتها بدرجة بسيطة جدا لن ترى الليل في ميعاده، ولا النهار في ميعاده، لكن ما حدث هذا يوما، وما تأخر الليل، وما تأخر النهار
[أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(29)ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ]
{لقمان:29،30} .
هذا هو الإخلاص، [وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ البَاطِلُ] {لقمان:30} هذا هو الإشراك [وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ] {لقمان:30} .
اقرأ القرآن بتدبر، اقرأ، وقف على كل كلمة، وكل آية، اقرأ كلام ربنا سبحانه وتعالى:
[قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ]
{سبأ:22} يخاطب أولئك الذين لا يعملون لله عز وجل، يخاطب من يقول أنا عبد المأمور، ويمارس المنكر، ويمارس الظلم، ويمارس الخطيئة؛ لأن هناك من البشر من أمرهم بذلك
[قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ]
{سبأ:22} ثم يُظْهر ضعف هؤلاء الذين يُدْعَوْن من دون الله عز وجل [قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ] {سبأ:22}
أول أمر لا يملكونه مثقال ذرة، سبحان الله انظر إلى مدى هذا الضعف
[لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ]
{سبأ:22} أول أمر [وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ ] {سبأ:22} لا يشركون في حكم أي جزء في السموات، ولا في الأرض، ولا له سبحانه وتعالى، [وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ] {سبأ:22} لا يوجد مساعد، أو معين، ولا حتى يساعد الله سبحانه وتعالى في حكم الله عز وجل في السموات والأرض، الأمر الآخر [وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ] {سبأ:23} فهؤلاء يوم القيامة لن يستطيعوا أن يشفعوا، حتى إن لم يحكموا، ولا يملكوا، ولا يساعدوا في الحكم، لن يستطيعوا الشفاعة لأحد يوم القيامة، لا يملكون شيئا في المقدمة، ولا يملكون شيئا في المؤخرة، لا يملكون شيئا في الدنيا، ولا شيئا في الآخرة [قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ(23)وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ] {سبأ:23} وتمر الآيات وراء الآيات، ويأتي قول الله:
[قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللهُ العَزِيزُ الحَكِيمُ]
{سبأ:27} .
واقرأ مثلا قول الله عز وجل:
[وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ]
{البقرة:255} تخيل الكرسي الذي وسع السموات والأرض، روى البيهقي، وقال: صحيح. وكذلك قال ابن كثير عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا السَّمَاواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُونَ السَّبْعُ عِنْدَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلَقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ.
السموات السبع، تخيل السموات السبع، وكل ما نراه في الكون، ولم نصل للسماء الدنيا، تخيل السموات السبع، والأرضون السبع، عند الكرسي كحلقة في فلاة، كحلقة ملقاة في فلاة، حلقة حديد ملقاة في صحراء واسعة، هذا الكرسي، فكيف يكون العرش عرش الرحمان سبحانه وتعالى؟
يقول صلى الله عليه وسلم:
وَإِنَّ فَضْلَ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلَقَةِ.
يا سبحان الله العرش بالنسبة للكرسي مثل الصحراء بالنسبة للحلقة الصغيرة الملقاة، يعني كل السموات، وكل الأرض، كلها لا تساوي أي شيء في كرسي الله عز وجل، وفي عرش الله عز وجل، وهذا ما دلنا عليه ربنا، وعرفناه في القرآن الكريم، فكيف تتجرد من الإخلاص لربنا سبحانه وتعالى، وكيف تبيح لك نفسك أن تطلب من غيره، ولا تطلب منه؟
كيف تخاف من غيره، ولا تخاف منه؟
كيف يكون ممكنًا أن تتوكل على غيره، ولا تتوكل عليه؟
كيف تلجأ إلى غيره ولا تلجأ إليه؟
كل ما قيل إلى الآن سبع أو ثمان آيات، تخيل إلى أي مدى سنكون مخلصين لو قرأنا كتاب الله كله بتدبر وبفهم وبوعي، يكفي أنك تفكر فقط في أن هذا الكلام هو كلام الله عز وجل، شيء مهول، القرآن رسالة من الله عز وجل إليك، فاهتمامك بقراءة الرسالة بتدبر، يكون تعظيم وتقدير للذي أرسل إليك الرسالة، وبالتالي لكي نبحث عن الإخلاص لا بد من قراءة الرسالة القادمة، نقرأ من الله سبحانه وتعالى، نقرأ كتاب الله المقروء.
وهذا هو الكتاب الأول، أما الكتاب الثاني فهو كتاب الله المنظور، وكتاب الله المنظور، هو الكون، هو الخلق، تفكر في خلق السموات والأرض، خلق مِنْ خلق الله عز وجل يقول فيه سبحانه:
[لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ]
{غافر:57} .
هذا الكون الفسيح جدا لدرجة يتوه العقل فيها تماما، ولن يستطيع أن يتخيلها، وتفكر في الكون، وتخيل أن هناك طائرة خيالية لم تُخْتَرع بَعْدُ، طائرة خيالية تسير بسرعة 300000 كيلو متر في الثانية الواحدة، ترى كم من الوقت تحتاج للتجول في أرجاء الكون؟
تحتاج لألف مليون سنة، وفي النهاية لن تسطيع؛ لأن الكون يتمدد ويتوسع، كما قال الله عز وجل:
[وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ]
{الذاريات:47} .
وفكر معي، الأرض تبعد عن الشمس مسافة 150 مليون كليو متر، تخيل، وهي تدور، أي الأرض، تدور في محورها بسرعة ألف وستمائة كيلو متر في الساعة، الدائرة التي تدور الأرض فيها قطرها 300 مليون كيلو متر، تخيل الأرقام، وتكمل الدورة في سنة كاملة، الأرض مع ثمان كواكب أخرى مع الشمس، المجموعة الشمسية كما تعرفون تسع كواكب، أبعد كوكب فيها هو كوكب بلوتو، يدور في دائرة قطرها 12 مليون مليون كيلو متر، يدور حول الشمس في الدائرة 12 مليون مليون كيلو متر، كل هذا في المجموعة الشمسية، والشمس نفسها ليست ثابتة، الشمس نفسها تدور في فلك، ومعها كل الكواكب التي من حولها، ومنها الأرض، سرعة دوران الشمس 960000 كيلو متر في الساعة، وهذه الشمس أحد الشموس في مجرة هائلة اسمها مجرة درب التبانة، الشمس معها كم شمس مثلها، وحولها كواكب مثل الأرض، وأكبر، وأصغر حولها أيضًا، كم شمس في مجرة درب التبانة؟ أربعمائة ألف مليون شمس مثل شمسنا في مجرة درب التبانة، أكيد الكون كله عبارة عن مجرة درب التبانة، أبدا، بل مجرة درب التبانة واحدة من مجرات هائلة في الكون، يبلغ عدد المجرات في الكون مائتي ألف مليون مجرة، تشبه مجرة درب التبانة.
ارجع، راجع هذه المعلومات، وتلك الأرقام، وهل هذا ملكوت ربنا سبحانه وتعالى، أو جزء من ملكوت ربنا سبحانه وتعالى؟
كل هذا جزء من الكون الذي رأيناه بالتلسكوبات، وكل ما يُخْترع تلسكوب أكبر، كل ما نرى أكثر، كل هذه المليارات تدور في الكون دون تصادم، وبعض المجرات تدخل مجرات أخرى كاملة، دون أن تصطدم، هذا الكون عظيم من صنع الله عز وجل، [هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ] {لقمان:11} .
فكيف بك بعد معرفة كل هذه المعلومات، وتلك الحقائق، ولا تعبده سبحانه وتعالى حق العبادة، ولا تعمل لله عز وجل، أو تعمل لغيره، أو تشرك بالله عز وجل شيئا.
ما سبق كان أكبر ما في الكون، السموات والأرض، فلنتدبر شيئا صغيرا جدًا في الكون، نتدبر في الذرة، سبحان الله، الذرة صغيرة جدا في الحجم لدرجة إننا لا نستطيع بالمناظير الكبيرة جدا التي تكبر ملايين المرات، لا نستطيع أن نرى هذه الذرة، هذه الذرة العجيبة تحتوي على نفس نظام الكواكب السيارة حول الشمس، نفس نظام النجوم الدائرة في المجرة، سبحان الله، هذا يثبت أن خالق هذا الكون هو خالق واحد؛ لأن الكون متشابه، كل الكون فيه أشياء متشابهة جدا، هذه الذرة الدقيقة جدا تحتوي على إلكترونات تدور حول برتون، مثل الأرض والكواكب تدور حول الشمس، هذه الإلكترونات التي تدور حول البرتون، فكم حجم الإلكترون في الذرة؟
نسبة الإلكترون إلى الذرة تساوي- لقد قلنا إن الذرة لا نستطيع رؤيتها لأنها صغيرة جدا جدا- واحد على ألف مليون من حجم الذرة، يا سبحان الله، واحد على ألف مليون من حجم الذرة، الإلكترون يدور حول البرتون بلايين المرات، بلايين المرات في الثانية الواحدة، الإلكترون أصغر من الذرة بكثير لهذا نستطيع أن نفهم كلام ربنا سبحانه وتعالى:
[وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ]
{سبأ:3} .
العلماء السابقون كانوا يعتقدون أن هذه صيغة مبالغة [وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ] {يونس:61} لأن في اعتقادهم أنه لا يوجد شيء أصغر من الذرة، يعني سبحان الله هذا بعض ما مّن الله به علينا من العلم، العلم يثبت أن الإلكترون أصغر من الذرة ألف مليون مرة، ولا ندري ماذا يحدث غدًا، مؤكد سيكتشف العلم بعد ذلك أن الإلكترون هذا الجسيم الصغير جدا داخل الذرة، بداخله عالم ضخم جدا من الأحداث لا نعرفها بعد.
لو نفكر في أنفسنا، في حياتنا نفسها [وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ] {الذاريات:21} الإنسان قد ينبهر بنظام الاتصالات، اتصالات العصر الحديث: التليفونات، وأقمار صناعية، أشياء كثيرة، لكن سبحان الله، تعالى انظر في جسدك، وانظر لنظامك العصبي، لنظام الاتصالات داخل النظام العصبي في الإنسان يضم ألف مليون خلية عصبية بداخل الطفل، والشاب، والشيخ الكبير، ألف مليون خلية عصبية داخل نظام الاتصالات الرهيب الذي خلقه ربنا سبحانه وتعالى داخلنا، من كل خلية تخرج أسلاك تنتشر في أنحاء الجسم المختلفة؛ لكي تتحكم في كل وظائف الجسم، فتوجد خلايا ذاهبة للرئة، خلايا للعين، للقلب لكل عضو في الجسم، الأخبار تمشي في الأسلاك بسرعة أكبر من مائة كيلومتر في الساعة داخل جسمك، تخيل الأخبار تمشي بسرعة أكبر من مائة كيلو متر في الساعة، لكي تتدوق يوجد لديك عشرة آلاف شُعَيرة في لسانك للتذوق سبحان الله، لكي تسمع عندك في كل أذن عشرة آلاف خلية سمعية، عندك في كل عين مائة وثلاثون مليون خلية ملتقطة للضوء؛ لكي تبصر، مائة وثلاثون مليون خلية في العين الصغيرة، في العين الواحدة، عندك 3 مليون غدة عرقية تفرز لك عرقا باردا لتلطف حرارة الجسم، عندك ربع مليون خلية تلتقط الأشياء الباردة، وترسلها للمخ فينتج عن ذلك توسيع الشراين؛ ليكثر الدم، والحرارة تزداد في الجسم، هذا جزء من الجسم، جزء من الجهاز العصبي، ويوجد الجهاز الهضمي، والبولي، والتنفسي، والدوري، وغيره ،عالم ليست له نهاية، وكل هذا داخل جسمك [سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ] {فصِّلت:53} .
هذا هو الإله الذي نعبده، هذا هو الإله الذي يجب أن نخلص له، فكيف نطلب رضا غيره بسخطه؟
كيف نخشى غيره؟
سبحان الله، هؤلاء المتكبرون المتجبرون الظالمون، ما هم إلا أجسام بسيطة جدا لا ترى على وجه الأرض، الأرض فقط، فكيف إذا تخيلت الكون الفسيح كيف يخشى المؤمن رجل يعلم أنه خلق لفترة مؤقتة ثم هو حتما سيموت؟ وكيف لا يخشي المؤمن الله الحي الذي لا يموت؟
كيف يحب المؤمن أحد ينهاه أن يسير في طريق هذا الإله العظيم الجليل القدير سبحانه وتعالى؟
هذا هو إلهنا الذي من المفروض أن نخلص له، ونتجرد من كل شيء لأجله، سبحانه ما أسهل أن يفني الله الخلق أجمعين إلى فئة من الناس اغترت وأعتقدت أنها ملكت شيئا، فإذا بهم يناطحون الله عز وجل في ملكه، ويحاربونه في شرعه، ويعذبون أولياءه ويتقربون إلى أعدائه، إليهم أهدي قول الله عز وجل:
[أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ(19)وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ]
{إبراهيم:20} .
يا أهل الأرض أجمعين، والله لو أبطأت الكرة الأرضية من سرعتها قليلا، لقُذِفَ الخلق كلهم أجمعون من فوق سطحها، ولقُذِفت معهم أبنيتهم، وأدواتهم، وأسلحتهم، وكل ما يملكون، لكنه سبحان وتعالى يؤخرهم إلى أجل مسمى
[وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ]
{النحل:61} .
الصحابة رضوان الله عليهم عرفوا قدر الله عز وجل، عرفوا قدر الله بمعطيات أقل بكثير من المعطيات التي معنا، لم يكن عندهم كل هذه العلوم التي تعطي كل هذه التفاصيل، لكن أي تفكر في خلق الله عز وجل يقود إلى الإيمان به والإخلاص له، أي تفكر، حتى ولو كان بسيطا، يقول الله في كتابه: [أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ] {الغاشية:17} .
فقط انظرعلى الإبل من غير أن تعرف تفاصيل الجهاز التنفسي، والدوري، والهضمي، والبولي، وكل هذه التفاصيل التي قلناها [أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ(17)وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ] {الغاشية:17،18} بدون الدخول في تفاصيل الأرض وحجمها، والسموات وحجمها، والشمس وحجمها، والمجرات، [وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ(18)وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ(19)وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ] {الغاشية:20} سطحت هذه أمور معجزة نحن تعودنا على هذه الأمور، لكن هذا التعود لا يمنع هذا الإعجاز الرهيب في هذه الأشياء إن تدبرت فيها على ضحالة العلوم، فإنك لا شك ستعظم الله عز وجل الذي خلق هذه الأشياء، فما بالك لو تبحر الناس في علومهم.
@1التفكر عامل من عوامل تثبيت الإخلاص
التفكر شيء في غاية الأهمية؛ لتثبيت الإخلاص في نفس المؤمن؛ لذلك سئلت أم الدرداء رضي الله عنها وأرضاها، قالوا لها:
ما كان أكثر شأن من أبي الدرداء؟
أكثرعمل كان يعمله، قالت:
كان أكثر شأنه التفكر.
قيل لأبي الدرداء:
أفترى التفكر عملا من الأعمال؟
قال: نعم هو اليقين في الله عز وجل.
إذا تفكرت في خلق الله عز وجل لا شك أنك ستخلص له، لذلك كان الحسن البصري رحمه الله يقول:
تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
الأعرابي الذي عرف وجود ربنا سبحانه وتعالى بمعلومات بسيطة جدا، قال: البَعْرة تدل على البعير.
بمعني لو رأيت روث بعير فمن المؤكد أن بعيرا مر من هنا.
البعْرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير.
أثر الأقدام يدل على سير أحد في هذا المكان.
أفسماء ذات أفلاك، وأرض ذات فجاج، ألا تدلاني على العليم الخبير.
سبحانه وتعالى، الأعرابي بمعلومات بسيطة جدا عرف ربنا سبحانه وتعالى، فما بالك بمن عرف كل هذه المعلومات التي ذكرنا طرفا قليلا منها في هذا الفصل.
من عرف الإخلاص صغرت الدنيا في عينيه
عندما فقه الصحابة قدر الله عز وجل عن طريق القراءة في كتابي الله عز وجل المقروء والمنظور استصغروا كل ما دون الله عز وجل، عملوا لله عز وجل، ولم يعملوا لغيره، خافوا منه، ولم يخافوا من غيره، اعتصموا به، ولم يعتصموا بغيره، والكلام يفسر لنا مواقف كثيرة جدا في حياة الصحابة نتعجب لها كثيرا، ولنرى موقف عبد الله بن حذافة رضي الله عنه وأرضاه أمام هرقل، عبد الله بن حذافة وقع أسيرا في يد هرقل ملك الروم في سنة 19 من الهجرة، وهرقل سمع كثيرًا عن ثبات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع عن عزوفهم عن الدنيا، وسمع عن استهانتهم بكل قوى الأرض سواء الفرس، أو الرومان، أو غيرهم، فهرقل يريد أن يختبر هذا الأمر بنفسه، يريد معرفة طبيعة هؤلاء الناس الذين هزموا كل جيوش الأرض بهذه الصورة الغريبة جدا، فهرقل أُحضر عنده عبد الله بن حذافة، وبدأ يسأله، قال:
إني أعرض عليك أمرا.
فقال عبد الله: ما هو؟
فقال هرقل:
أعرض عليك أن تتنصر.
ولكن ما هو ثمن أن أترك هذا الدين؟
قال هرقل:
فإن فعلت خليت سبيلك، وأكرمت مسواك.
فقال عبد الله في ثبات وإخلاص لربنا سبحانه وتعالى قال عبد الله:
هيهات إن الموت لأحب إلي ألف مرة مما تدعونني إليه.
فلم ييأس هرقل، وقال له:
إني لأراك رجلا شهما، فإن أجبتني إلى ما أعرضه عليك- يعني النصرانية- أشركتك في أمري، وقاسمتك سلطاني.
سأعطيك نصف الإمبراطورية الرومانية، تخيلوا حجم العرض، عرض رهيب جدا، إننا نتكلم في دولة ملكت نصف الأرض، يعني عبد الله بن حذافة في لحظة سيكون عنده ربع الأرض، وكم من أناس تبيع دينها في أشياء تافه حقيرة لا تساوي واحد على ألف مليون مما عرض على عبد الله بن حذافة رضي الله عنه وأرضاه!
ويرد عليه عبد الله، وهو يبتسم ابتسامة سخرية سخرية كبيرة جدًا من هرقل ملك الروم:
والله لو أعطتيتني جميع ما تملك، وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما فعلت ولو للحظة واحدة، ثم بعد ذلك أرجع للإسلام مرة أخرى.
لن أترك هذا الدين بكل ملك الأرض، فهرقل استخدم معه السلاح الأخير الذي عنده، قال:
إذن أقتلك.
آخر سلاح في يد هرقل، فقال عبد الله في منتهى البساطة:
أنت وما تريد.
افعل ما تريد، فأمر به هرقل، فصلب، ثم أمر القناصة الرومان، فقال:
ارموه قريب من يديه ورجليه.
نوع من الإرهاب، لا نريد موته، هرقل يريد أن يكسر إرادته، ويكسر إخلاصه لله عز وجل، وهو لا يستطيع كل ذلك، وهو يعرض عليه النصرانية، الجنود يرمونه عن يمينه، وعن شماله، قريب من يديه، وقريب من قدميه، وفي كل مرة يعرضوا عليه النصرانية، وهو يرفض، ويقول لهم: أنتم وما تريدون، لن أرجع عن دين الإسلام.
فانتقل هرقل إلى خطوة إرهابية أعظم من ذلك، طلب قِدْرًا كبيرة، ثم فرغ فيها الزيت، ورفعت على النار، حتى أخذ الزيت يغلي، ثم أحضر اثنين من أسارى المسلمين أمام عبد الله بن حذافة، ورمى واحدا منهما في الزيت المغلي، وعبد الله بن حذافة رضي الله عنه وأرضاه يقف، ويرى كل هذه الأحداث، يقول:
فإذا بعظامه عارية- عظام هذا الأسير الذي ألقي في الزيت المغلي- فإذا بعظامة عارية، وقد تفتت لحمه.
ثم عرض هرقل على عبد الله بن حذافة النصرانية من جديد، فكان عبد الله رضي الله عنه أشد لها رفضا، لما يأس هرقل من عبد الله بن حذافه أمر رجاله أن يلقوه في القدر المملوء بالزيت المغلي، فلما ذهبوا بعبد الله بن حذافة دمعت عيناه، ففرح رجال هرقل، وقالوا إنه قد بكى، بدأ يتأثر، فظن هرقل أنه قد جزع من الموت، فقال هرقل:
ردوه إليَّ.
فلما جاءه عرض عليه النصرانية من جديد، فأبى عبد الله بن حذافة من جديد فقال هرقل:
ويحك فما الذي أبكاك إذن.
فقال عبد الله:
أبكاني أني قلت في نفسي الآن في هذه القدر، فتذهب نفسك، وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعر أنفس، فتلقى كلها في هذا القدر، في سبيل الله.
يا خسارة سأموت مرة واحدة، كنت أتمنى أن أعيش مرة ثانية لأموت في سبيل الله عز وجل، هذا هو الإخلاص لله سبحانه وتعالى، هو لا يرى هرقل بالمرة، هو يرى عمله لربنا سبحانه وتعالى، أحبط هرقل تماما، فعرض على عبد الله حذافة عرضًا جديدا، عرضا يبين مدى الإحباط الذي وصل إليه هرقل ملك الروم قال:
هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟
فقال عبد الله بن حذافة ويشترط في هذا الموقف، ويقول:
وعن جميع أساري المسلمين أيضا؟
سأقبل رأسك، وتطلق سراحي، وسراح كل أسارى المسلمين، فقال هرقل: وعن جميع أسارى المسلمين أيضا.
فقال عبد الله:
فقلت في نفسي عدو من أعداء الله، أقبل رأسه فيخلي عني، وعن أساري المسلمين جميعا، لا ضير في ذلك عليّ، فقمت، فقبلت رأسه، فأطلق هرقل عبد الله بن حذافة، وأطلق معه جميع أسارى المسلمين.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لما سمع بهذه القصة سُرَّ أعظم السرور، وقال:
حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ بذلك.
وقام بنفسه أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه يقبل رأس عبد الله بن حذافة.
في هذا الموقف إن عبد الله بن حذافة فقه قدر الله عز وجل، وجلال الله عز وجل، فلم ير هرقل إلى جوار الله عز وجل، لم يهتم بجيوش هرقل، ولا قناصة هرقل، ولا وزراء هرقل، ولا أمراء هرقل، ولا سهام هرقل، ولا الزيت المغلي عند هرقل، كل هذه الأشياء لم يرها.
بيت القصيد أن تعرف لله قدره، فإن عرفت ذلك لم تشرك بالله شيئا، وهكذا يا إخواني فإن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرفوا قدر الله عز وجل، فأخلصوا، ولم يطلبوا إلا منه، ولم يرجوا إلا إياه، ولم يعتمدوا إلا عليه، ولم يلجأوا إلا إليه، هكذا وَحَدّوا الله عز وجل التوحيد الكامل، وأخلصوا له الإخلاص الصادق، ولذلك وصلوا.
الإخلاص طريق هام جدا من طرق الوصول إلى الله عز وجل، نسأل الله عز وجل أن يبصرنا بمعالم الطريق المستقيم، وأن يطهر نوايانا من أي شائبة، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يعظم قدره في قلوبنا، حتى لا نرى أحدا سواه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.