[align=justify]
.
.
هُنَا أحْفُرُوهَا
هَكذا تراءى لِي أننِي سمعتها ، أصواتهم بعيِدة كُلّ البعد ، لكن كيف سمعتها..!
ومَاءُ يُسكب بِتُؤُدة فوقِي ، بارِد..!
حَار..!
لا أعلم أن كان بارِدًا أم حارًا ، لم أعد أميّز بِين المحسوسات ، حتى أنِّي لا أرى شئ ، هَل أُعصِبت عينيّ
كُلّ ماهُنا هادئ ، حتى صوت النّسوة اللاتِي يتهامسن وكأنهن يخشين منِي السماع ، كانَ هادئًا
غير أن كلمات لم أفهم منها شئ تسرّبت لِمسامعِي [ أمها ، خطيبها ، أين نضع هذا ..! ، يبدو ليسَ جديدًا ] بِصراحة لم أفهم شئ مِن تِلك الرموز
وهل هُنّ يعنين أمِي أم خطيبِي ، ومالشئ الذي تتساءلن أين تضعنه..! ، آهااا لابُد أنهن يعنين خاتم خُطوبتِي ، ذاكَ الذي كنتُ قد أخبرت أخواتِي
أننِي حين أفعلها وأتزوج سأختار مِثل الأجنبات ، خاتم بِوسطه قُطعة زُمرّد فقط
وهذا الذي يبدو غير جديد ، قد يكون كفنِي ، نعم كنتُ قد أرتديته مِرارًا أنتظر الموت
هل يشعر الميّت بِما حوله..!
وبَعد..!
هَل يستطيع الصُراخ على الباكيِن والقول : أنا هُنا..!
ها أنذا أصرخ ولايصلُ صوتِي ، أرى أمِي تتلفت هُنا وهُنا تبحث عنِي وأخِي ينزل للأرض ماسكًا بيديها
لا ، ليست أمِي ، تبدو أقصر ربّاااه ، أننِي أرى
هذهِ أمِي تقف بِزاوية قُرب بيتنا وأبِي ، أين أبي..!
ماحدث مع جدي يوم أن توفت جدتِي ، يحدث لأبي الآن يعجزوا فِي إقناعِه أن يصعد السيارة لِيلحق بِتلك الجنازة
هاهو مُحمّد ، يبكِي ينتحِب ، لا : محمّد أرفع رأسك على مَن تبكِي..! أنا هُنا
أنظر ، هيّا خُذنِي لِـ [ كنتاكِي ] كما آخر وعدنا
مُحمّد أنّ أمِي وأبِي بِخير ، وهذا الآخر مُمسكًا بِيد طفل جميل ، أنّه أحمد
لكن لِمَ يبكِي أحمد..!
[ أحمد ، حبيبِي أش فيك ..! تبِي دراجّة وإلا بدلة باور رنجُس وإلا سونِي ..! ] يمسح بِعبث دموعه ولاينظر لِي ، نعم آخر العنقود أنّه صغيري
[ حبوّب ، تعال معِي بِنلعب أونو ، يلا ..! ] لكنّه لايرى يدي
مممممم ، لحظة ..!
هذهِ مدرسة أخوتِي ، وهذهِ روضتِي هُنا بكى الصغير وتمرّد الآخر وهُنا ضُربتُ أنا مِن قِبل أمِي لأننا تأخرنا على البيت
هُنا ركضنا أنا وفطوّم ، وهذهِ المقبرة ، ونظرتُ لكفيّ الحُرقا بِسبب نومِي اللا مُبرر فيها حِينَ كُنتُ فِي السادِسة مِن عُمري
قبلتُ كفيّ ونظرتُ لِجهة أمِي ، ليست هُنا ، يبدو أنها تُعد وجبة الغِذاء التِي أخبرتها أننِي أريدها ، أكيدة أننِي سأعود مِن دوامِي والجُوع يقرصنِي
سألحقُ بها الآن
مَن ، ماذا تُريد..!
لن تلحقِي بأهل الدنيا..!
لِمَ..!
لأنكِ ميّتة
لا ، لم أمت أننِي أراهم ، أنظر هذا محمّد وهذا أحمد وهذا إبراهيم وهـ....
هيّا ، حانَ الرحِيل
إلَى أين..!
إلَى المَوت
لا ، أنا أرغبُ بِالعيش ، أمِي سَتغضب أن لم أخبرها وأبِي سيأكله القلق هيّا معِي أخبرهم أننِي سأذهب معك
صمت
وأسئلة حيرى منِي ..!
وحُفرة ضيّقة أدركتُ بعدها أن التِي كانت ترى كُلّ شئ رُوُح
رُوُح ميّتة
[/align]