الإجازة الصيفية وعاصفة الامتحانات
---------------------------------------------------
خليل الفزيع
يبدو ان مؤسساتنا التعليمية مصرة – دون قصد – على حرمان بعض ابنائنا وبناتنا من التمتع بايام الإجازة الصيفية. فمع زيادة نسبة المحتاجين للدور الثاني بين الطلبة والطالبات، أصبح لزاما عليهم ان يقضوا هذه العطلة في المذاكرة والاستعداد لنفس الامتحانات مرة اخرى، وهو أمر مربك لأولياء امورهم دون شك.هذا لا يعني المطالبة بالغاء الامتحانات – وهو مطلب لا بأس به على كل حال خاصة في بعض المراحل التعليمية – ومع ذلك فلا مفر من هذه الامتحانات لمعرفة مستويات الخريجين، وتحديد الفرص المتاحة لهم لمواصلة تعليمهم الجامعي وغير الجامعي، او حتى على مستوى التوظيف، للالتحاق بالاعمال المناسبة، رغم ندرة الفرص في هذا المجال، مع تزايد عدد العاطلين عن العمل، في الوقت الذي تنتشر فيه العمالة الوافدة حتى في الوظائف التي يمكن تغطيتها باليد العاملة المحلية، وهذا ليس موضوعنا على كل حال رغم انه يشغل حيزا كبيرا من عقول ابنائنا وبناتنا واولياء امورهم. فموضوعنا عن الامتحانات والاجازة الصيفية. ففي كل عام تقبل علينا الامتحانات كل عام كالعاصفة الهوجاء، ويستقبلها الطلاب والطالبات بشيء غير يسير من القلق والتوتر والخوف والانزعاج، وسهر الليالي.ومن طلب المعالي، سهر الليالي – كما يقولون – ويزداد الامر سوءا مع الاقبال على الدروس الخصوصية المكلفة، دون ان تؤتي هذه الدروس الخصوصية ثمارها، خاصة اذا اتت متأخرة، بل ان ضررها اكثر من نفعها لانها تعلم الاتكالية، وتؤسس لوهم النجاح المنتظر، الذي لا يلبث أن يطير ومعه تطير تكاليف تلك الدروس الخصوصية، ولا أعرف لماذا لم تصل الجهات المعنية، لوضع حد لهذه القرصنة التعليمية التي تمارس على رؤوس الاشهاد.الاجازة الصيفية تعني الراحة والمتعة، فكيف تتحقق الراحة والمتعة مع المواد المحمولة للدور الثاني، او للفصل الدراسي التالي؟ ربما يكون التعثر الدراسي مقبولا لدى المهملين الذين لا ينظرون الى الدراسة بجدية، بل يعتبرونها تسلية، او تمضية وقت لان وعيهم قاصر عن ادراك اهمية التعامل مع الدراسة بما تستحقه من الجد والاجتهاد والمثابرة، لكن هذا التعثر يشكل كارثة حقيقية للمجتهدين قد تصل بهم الى درجة الانتحار نتيجة صعوبة اسئلة بعض المواد، وكأن المراد من هذه الاسئلة هو تعذيب الطالب او الطالبة وليس امتحانهما.هناك حالات لا علاقة لها بصعوبة الاسئلة عندما تكون النظرة الاهمالية هي السبب الوحيد للفشل الدراسي، بدليل النجاح الذي يحققه المجتهد وهو في نفس المستوى الدراسي وفي نفس الظروف المعاشة،.وكل ما في الامر ان هناك اجتهادا وحرصا ومثابرة وهناك اهمال وعدم احساس بالمسئولية وسوء تقدير للامور، وما من مجتهد إلا وله نصيبه من اجتهاده. اما المهمل فله ايضا نصيبه من اهماله.نحن مجتمع استهلاكي وكثيرون منا لا يحرصون على تنمية الشعور بالمسئولية لدى ابنائهم، وغرس حب العلم والحرص على التعلم في نفوسهم منذ الصغر.والامر في حالات كثيرة متروك للطالب او الطالبة دون متابعة من الاسرة مع انهم في سن يحتاجون فيها الى المتابعة والتوجيه والتنبيه على الخطأ لتجنبه والتشجيع على الصواب للاستمرار فيه، وها نحن نرى بعض الآباء اميين وأبناءهم في قمة الحرص والاجتهاد، وبعض الآباء وصلوا الى مستويات عالية في التعليم وابناؤهم في سفح الاهمال واللامبالاة.السؤال الذي يبقى دون جواب هو: كيف يتسنى للطلبة المكملين في بعض المواد التمتع بالاجازة الصيفية، وهم يحملون هم الدور الثاني؟ هل الطالب هو المسئول حتى وان كان مجتهدا واتت رياحه بما لا تشتهي سفنه؟ ام المؤسسات التعليمية التي تصر على جعل الامتحانات نوعا من التعذيب للطلبة والطالبات؟ ام هي الاسرة المهملة التي تنسى مسئولياتها تجاه اولادها؟ ام ان النظام التعليمي بحاجة الى اكثر من وقفة لتخطي مثل هذه الاشكالية؟ ام ان هذه العوامل مشتركة هي السبب في ان تكون الاجازة الصيفية دون اجازة؟
[email protected]
http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=12416&P=4

