شرح موعظة بليغة
بدأ عمر بن عبد العزيز موعظته بأداة شرطية تفيد حصول الثوابوالجزاء لكل من حاول أن يكون بينه وبين أخيه المسلم جسورا من التواصل والتناصححددها في تقديم النصح والتوجيه والدلالة على الخير .. سواء في أمور الدين أو الدنيا .. والدين النصيحة هو المنطلق الذي ننطلق منه في تعاملاتنا مع أخواننا محبة منا لهموخوفا عليهم من أمور قد تلحق بهم الضرر ..كأن ينصح الجار جاره بضرورة اصطحاب أولادهالى المسجد وأن تنصح الأخت أختها بضرورة الالتزام بالعباءة الساترة وهكذا .. ومنفعل ذلك مع إخوانه المسلمين .. وقدم لهم النصح والتوجية ولم يهمل مايحدث منهم منأخطأ فقد أحسن صلتهم وبرهم ..وهذا مايريده الإسلام من أبنائة التكافل والتراحموالتناصح ..وتأدية الحقوق ليست مرهونة بالماديات فقط فالمعنويات أعلى وأسمى مكانةوواجبها أعظم ..واستخدم عمربن عبد العزيز الأسلوب الانشائي (أمر)لالزامهم بضرورةالتقيد بماورد في الخطبة ..لأن ذلك يعد من الأمور التي ينبغي أن نحذر فيها ونتقيالله .. ولانكون كبني اسرائيل كانوا لايتناهون عن منكر فعلوة فغضب اللله عليهوتوعدهم بأشد العذاب ..
واعتبر عمر بن عبد العزيز هذه بمثابة نصيحة لابد منقبولها والالتزام بها لأنها ستنجيكم بإذن الله من مغبة السكوت عن الحق ..ونلاحظالتوافق بين الأحرف الأخيرة ( فاقبلوها _ والزموها ) ففلابد من القبول والالتزام ..
ثم تحدث عن الرزق وإنه أمر محسوم منذ الأزل ومقدر قبل الخلائق فكل إنسان وماقسمه الله له قليلا أو كثيرا علينا الرضى والقبول فالقناعة باب كل خير ..والرضىبالقليل خير من لاشيء ..وعدم الرضى لن يغير في الأمر شيئا ولن يورث سوى الندموالحسرة ..
إن هذه الدنيا التي تسعون خلفها وتطلبونها نهايتها ربما تكون قريبةمنكم وانتم غير آبهين وفي غفلة من أمركم فكأن الموت حبلا معلقا في أعناقكم سيباغتكمفي أي لحظة وانتم مازلتم تطلبون الدنيا وتريدونها.. فعليكم بالعتدال في كل شيء فيالمأكل والمشرب والملبس وكل شيء .. فالبخل إجحاف والتبذير إسراف وكلاهما نهى عنهالدين ويبقى التوسط خير الأمور ..
وهذه النار المستعرة تتلظى وتتوق الى الأجساد ( يوم يقول هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) فأربأوا بأجسادكم عن هذه النار وأسالواالله القناعة والرضى .. فكل ماعلى هذه الأرض سيذهب ويقنى فلاتغركم الحياة ومباهجها ( كل من عليها فان )
ثم يسوق له مشهد الأموات وقد انقطعت صلتهم بالحياة وتذوقواالموت وسكراته وبدأت حياتهم البرزخية حيث لن ينفعهم الا العمل الصالح حينها.. أماأموال الميت فقد عمدتم الى قسمتها ..ولم ترحل معه ولن ترحل ولن تثقل ميزان اعمالهتلك الأموال ولن تفعل !! ماذا بقي له من أثر .. أمواله وقد قُسمت .. ومعالم وجههوملامحة لسوف تنسونها يوما بعد يوم ..وبابه الذي طالما طرقتوه في دنياه أصبح مهجورالا زائر أو طالب ..وذكره سينسى مع الزمن ..وكأنه لم يوجد على هذه الأرض ولم يكن لهأولاد وأخدان ..أو جيران واخوان .. رحل وحيداً متجردا من كل عتاد ..سوى عمله إماسيء أو صالح .. وعمد في نهاية الموعظة الى أسلوب الأمر اتقوا الله واجعلوا بينكموبين عذاب الله وقاية وحاجزا منيعا تترفعون فيه عن السيئات والمنكرات وتقدمون علىالصالحات ..فيوم القيامة يوم سيأتي وهوله عظيم ومشاهدة مروعه ..ولن تحتقرفيهالأعمال مهما كانت صغيرة