قبل ساعة من يناير الموعود: جمجوم والأزمة المالية .. ومفهوم الكيان

عقد الرعاية الموعود هو بمثابة مسمار جحا الذي راهنت عليه إدارة الفايز ثم الجمجوم طيلة هذه الفترة .. هو شعرة الثقة الأخيرة بين الجمهور والإدارة .. يناير الموعود سيصل بالسلامة بعد ساعة واحدة وهابي نيو نير.

ولا أتحدث عن نتائج فريق كرة القدم والذي لم يحقق في هذا الموسم أي انتصارين متتاليين، فاللاعبين صغار في السن والنتائج ستأتي لاحقاً إن تحسنت الأمور المالية مما يعني ارتفاع معنويات اللاعبين وتعاقدات أكثر جودة مع مدربين ومحترفين، خصوصاً وأن نفس هؤلاء اللاعبين قد حققوا بطولة قبل شهور .. القضية الآن بالنسبة لي ليست فنية عن نتائج فريق القدم أو عن إمكانيات لاعبيه المحليين بقدر ماهي مالية، فعقد الرعاية الموعود هو الطريقة الوحيدة المنتظرة لحل إشكاليات الديون ودفع المتأخرات والقضايا العالقة حال خسارتها وبالتالي للصرف على الفريق وبقية نشاطات النادي التي تتأثر هي الأخرى بالأزمة!

أحياناً أقول بأن الإدارة الحالية مظلومة، فهذه الإدارة حققت في أول موسم لها بطولة على مستوى فريق القدم بعد غياب لثلاث سنوات،وهاهو الجار في الموسم الحالي وبميزانيته الضخمة ومحترفيه العالميين مع هدايا ضربات الجزاء في كل مباراة ومع ذلك يتخبط مثلنا في الدوري ولم يحقق هو الآخر أي انتصارين متتاليين! ونفس الأمر ينطبق على الشباب المزدهر مالياً ومع ذلك تفصله عنا 3 نقاط فقط!

ثم أتراجع وأقول بأن مايحصل في الاتحاد هو أمر صحي يدل على أن طموحات جمهور الاتحاد عالية ولاترضى سوى بالقمة، فالنصراويون يتغنون بكحيلانهم رغم أنه ظل في الرئاسة لست سنوات أعظم ماحققه فيها حتى الآن هو وصافة ولي العهد! والأهلاويون يتغنون بإدارتهم وداعمها رغم كل تخبطات فريقهم الكروي!

لو قارنا حجم ماتم صرفه والقوة الشرائية حالياً للأهلي والنصر بالحالة المالية المتردية للاتحاد مع ماتم تحقيقه على مستوى الملعب، بالنسبة والتناسب فإدارة الاتحاد تتفوق على إداراتي النصر والجار .. الاتحاد يتفوق في قيمة ماتم تحقيقه بالنسبة لما تم صرفه، مع الأخذ بالاعتبار أيضاً سعة الوقت الذي تحصلت عليه إدارات تلك الأندية مقارنة بإدارة الاتحاد التي لم تتم موسمها الثاني بعد..

لكن في المقابل ورغم ذلك فحجم الغضب الجماهيري هو الأعلى في الاتحاد وهو أمر وإن كان سلبياً ويعكس مدى قوة وتأثير الإعلام الاتحادي على عقلية المشجع الاتحادي ومن ثم على استقرار النادي، فإنه في المقابل أيضاً يعكس سقف الطموحات المرتفع للمشجع الاتحادي مقارنة بغيره وهو أمر مدعاة للتفاؤل أيضاً!

عني كشخص أدعي بأن نظرتي لمنظومة الاتحاد ككيان لاتتعلق بنتائج فريق كرة القدم فحسب إنما هناك ألعاب مختلفة وهناك أمور إدارية وتنظيمية ومالية واجتماعية وحتى ثقافية وتاريخية، فلن تتوقف تساؤلاتي للإدارة حيال الأزمة المالية وبعض الأخطاء الإدارية حتى وإن اكتسح فريق كرة القدم الأول كل البطولات ..

في المقابل فإن غالبية الجمهور ينظر للأمور ويقيس النجاح والفشل بما تم تحقيقه على مستوى فريق كرة القدم الأول فقط .. المشجع لن يعنيه إن كان النادي مديوناً بالمليارات طالما يحقق فريق كرة القدم وفقط فريق كرة القدم البطولات! وفي المقابل فلن يعنيه أيضاً إن كانت ميزانية ناديه كميزانية الدولة السعودية ويحقق النادي الإنجازات في شتى الألعاب وفي مختلف المجالات طالما أن فريق كرة القدم وفقط فريق كرة القدم لا يحقق البطولات!

هذه الهوة في النظرة للعشق والكيان والانتماء هي سبب مشكلاتي الخلافية ابتداء من فترة منصور البلوي الذي لم يقنعني كنتائج كرة قدم مقارنة بما تم صرفه على الفريق ومقارنة بما تم تحقيقه كعدد بطولات في السنوات السابقة له،لكنه أقنعني إجمالاً كنجاح في إدارة الكيان كمنظومة متعددة الجوانب..
وهي نفس الهوة التي سببت خلافات أخرى في فترة المرزوقي التي كانت مزدهرة مالياً وعلى مستوى الألعاب المختلفة ( فريق كرة الماء مثلاً حقق اللقب الآسيوي ذلك الموسم) وحتى على مستوى فريق كرة القدم لم يكن الأمر بذلك السوء فالفريق أنهى موسمه ببطولة ووصافتين، لكن الشعرة التي قصمت ظهر إدارة المرزوقي وهدت كل العمل الإداري الناجح أيامها هو خسارة فريق كرة القدم لمباراة الهلال بخماسية! هزيمة واحدة قاسية فقط لفريق القدم في الدوري قضت على كل شيء!

وهنا يأتي دور الإعلام وإدارات الأندية في توعية الجماهير وتوسيع الآفاق بأن النظرة للكيان تحمل مفهوماً أعمق بكثير من فريق كرة القدم وأن مقياس النجاح والفشل أدق بكثير من نتائج فريق كرة القدم .. الكيان كمنظومة متكاملة يختلف عن فريق كرة القدم .. فريق كرة القدم هوء جزء من منظومة الكيان وإن كان الأكثر صخباً، لكنه ليس كل الكيان!

منصور ليس ناجحاً فقط لأن فريق كرة القدم بعهده حقق الآسيوية لمرتين وشارك في كاس العالم بل هو ناجح في نظري لأنه قام بعدة أعمال رائعة للنادي على مختلف الأصعدة .. وخالد المرزوقي ليس فاشلاً لأن فريق كرة القدم خسر بخماسية ولأن مهاجمي الفريق أضاعوا فرصاً سهلة في نهائي آسيا، بل هو ناجح في نظري لأن النادي شهد تنظيماً إدارياً ورخاء مالياً ونجاحاً في كل الألعاب .. وكذلك فإن طلعت لامي في نظري ليس بالرئيس الناجح رغم أنه حقق الثلاثية التاريخية لفريق القدم، ففي عهده حصلت انشقاقات شرفية وفي عهده تم أحد أسوأ القرارات المسيئة في تاريخ النادي وهو إلغاء كرة اليد!!

وعودة لإدارة جمجوم وقبله الفايز فهي معذورة كونها تواجه أزمة مالية لم تتسبب بها كونها تزامنت مع انتهاء عقد الرعاية وانقطاع ال الشيخ مع وجود تراكمات مالية سابقة وأخطاء تعاقدية وسمسرات مبالغ فيها ..

لكنها في المقابل هي المسؤولة الآن لإيجاد الحلول لهذه الأزمة .. لايمكن أن نتساهل مع قبطان في عدم قدرته على إنقاذ سفينة من الغرق لأن السفينة وصلت لتلك الحالة بسبب غشامة القبطان السابق! مادام القبطان الحالي قد أتى في معمعة الظروف القاسية وقال أنا لها فليتحمل مسؤولية قراره ولايتحجج بظروف يعلمها مسبقاً! الإدارة الحالية لاتلام في أسباب الأزمة ولكنها تلام في عدم إيجاد حل لها حتى الآن، وقد أتى يناير وهو الفرصة الأخيرة لها لتنفيذ وعودها.. إن لم يتم حل الأزمة المالية في يناير فليرحل جمجوم ويترك الدفة لقبطان آخر..

شكراً لوقت من قرأ مع أطيب الأماني بسنة جديدة حافلة بالنجاح والسرور والعافية :)