منذ تأسيس نادي الاتحاد وإلى عهد قريب مضى كان رئيس النادي يعرف تمام المعرفة أنه لا يدير نادياً عادياً بل جسداً تنبض فيه روح (الجمهور)،
وأن هذا الجمهور هو اللاعب رقم واحد في هذا الكيان الكبير، وأنه المؤثر الرئيس في صناعة القرار وتنفيذه، ولهذا كانت العلاقة بين الرئيس وبين
الجمهور هي المعادلة الثابتة ورمانة التوازن والاستقرار في البيت الأصفر.
- كان الرئيس الذكي يفتح مكتبه لمنسوبي النادي، يلتقي مع الجمهور في السراء والضراء.. في الفرح والحزن.. في الفوز والخسارة.. يلتقي
بهم في أروقة النادي أو في مدرجات الملعب، في أي مكان لأنه جاء منهم.. جاء من المدرج ويعرف لغة ومشاعر المدرج.. وبالتالي تجده يتفاعل
معهم فيكسبهم حتى وهو يصرح بأنه يتحمل مسؤولية خسارة مباراة كبيرة أو ضياع بطولة هامة.
-هذا النوع من الرؤساء الكبار والقادة الرموز انقرض في الاتحاد.. لم يعد له وجود أو بالأحرى خرج ولم يعد.. ومن هنا خلت الساحة في السنوات
الأخيرة لكل من هب ودب.. وتسلم الراية بعض الذين وصلوا لغرفة القيادة فجأة وعبر صندوق (الفزعة والوعود الوهمية).
- ليس هذا انقلاباً على الإدارة كما يعتقد البعض فليس بيني وبينها إلا الاحترام على المستوى الشخصي لكن عندما يتعلق الأمر بالاتحاد
فلابد من وقفة حاسمة في وجه كل الأسماء التي كنا نظنها قادرة على حمل مفتاح النادي وتأدية الأمانة المتوارثة من جيل إلى جيل،
أسماء عجزت عن قيادة النادي بصورة صحيحة، أسماء خذلت كل من وقف معها وركبت رأسها على طريقة (أنا حر).. أسماء لم يعد يهمها
معنى (الاتحاد).. ولا تشعر بقيمة العميد.. ولا تلتفت لمعاناة جماهيره التي تحترق من أجله.
- إن تركيبة قيادية بهذا الشكل والمضمون لا غرابة أن تسير بالنادي إلى الهاوية.. إلى مستنقع الفشل ومراتع الإخفاق.. إلى نفق طويل
مظلم ينتهي في آخره بكلمة واحدة تقول: (فاشلون).. والغريب أنهم يعرفون هذه النهاية الفاشلة.. بل هم يعيشونها فعلاً ويلمسونها
واقعاً.. ومع كل ذلك يغالطون أنفسهم ويصرون على المكابرة والبقاء تحت مظلة حصانة مصطنعة لن تصمد أمام رفض الجماهير لهم.
غادر الرئيس المكلف وبعض أعضاء إدارته إلى إمارة دبي وما أدراك ما دبي.. إنها محطة تصوير الحلقة الأخيرة من مسلسل
(لله يا محسنين) وهي الحلقة التي يراهنون على أنها نقطة التحول وطوق النجاة والحل الناجع لأزمة الاتحاد المالية، وأن الشركات
الإماراتية الكبرى ستترك كل الفرص الاستثمارية المغرية التي بين يديها لتدخل في سباق مجنون (مع المخاطرة) للاستثمار في
السعودية برعاية نادي الاتحاد.
- وبعيداً عن هذا الجنون الذي لا أتوقع حدوثه فإن من الصعب على جماهير الاتحاد أن تصدق الذين باعوا لها الوهم مرات
عديدة، لن تنساق خلف أحلامهم الكاذبة ولا مغامراتهم اليائسة، لكنها ستدعهم يصورون حلقتهم الأخيرة خارج مسرح
الجريمة هناك في دبي كالغريق يتعلق بالقشة وبعدها أمسكوا الباب وإلا.
صالح العمودي
