محاولة لفهم حديث تصفيد الشياطين مع وجود الجني داخل الممسوس والمسحور في شهر رمضان:

أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


كيف تصفد الشياطين في رمضان ثم نرى الرجل به مس من الشيطان وربما تكلم على لسانه وربما أصابه السحر ، وربما كان مصابا ومازال الجني في جسده كيف نجمع بين ذلك ؟

أم التصفيد في رمضان فهو ثابت فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) الترمذي وصححه الألباني(2).

أقول وبالله التوفيق أن التصفيد للشياطين ثابت في شهر رمضان ومعني التصفيد التوثيق والتقييد ومعناه أن الشياطين تقيد وتوثق.

ولكن تقيد وتوثق عن ماذا؟

هل تقيد كما يقيد الإنس بالسلاسل والأغلال فلا يتحركون ولا يأكلون ولا يشربون إذا لهلكوا ، ولكنهم يقيدوا عن الوسوسة فلا يستطيعون الوسوسة لبني آدم وإلقاء الوسوسة إلى القلب وذلك هو المراد بالتصفيد ، وبمنع الوسوسة يصبح الانسان منشرحا للعبادة ولكنه يظل هناك حديث النفس فربما عصى الانسان ربه في رمضان وهذا ليس بسبب الوسوسة من الشياطين ولكن بسبب حديث النفس وما تشتهي من الأهواء الباطلة .

أما أننا نرى الممسوس والذي به سحر كما هو لم يشفى في رمضان بل وربما صرع المريض وتكلم الجني على لسانه فهذا جائز لأن التقييد يكون عن الوسوسة فقط أما الجني الذي تلبس بالجسد فهو قد تخطى مرحلة الوسوسة وولج إلى داخل الجسد وخالطه وتلبس بكل أنسجته وصار له تأثيرا على قلب الانسان وعقله وجسده وروحه .

كما أن وجود الإنسان خلال شهر رمضان لا يمنع من أن يصاب الإنسان السليم بسحر أو بمس ويقوم الجني بإختراق جسده لأن التصفيد كما قلنا للوسوسة .

ولكن تأثير الصيام على الشياطين في الجسد بالغ فهم يضعفون بالصيام .

ويثور سؤال آخر ؟

كيف يأكل الجني داخل الجسد وربما نواظب التسمية على الطعام والشراب؟ألا كان من المفترض أن يموت الجني المتلبس بالجسد إذا واظب الإنسان على التسمية ؟

نقول أن الذي يمنع الشيطان من الطعام والشراب معك هو التسمية وهذا إذا كان الشيطان خارج الجسد أما في حالة المس والسحر يصبح الجني متلبس بالجسد ويأكل ويشرب مباشرة من خلال الدم فعنه صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطانَ يَجري من الإنسانِ مَجرىالدمِ) متفق عليه( 2).

والحديث فيه دلالة على أن الشيطان يلج الجسم فمجرى الدم هو العروق ، ولا يقول قائل أن المقصود بالحديث الوسوسة فكما هو المعلوم اتفق علماء الأصول أن الكلام لا يصرف عن ظاهرة إلا بقرينة ولا توجد هنا قرينة.

أما تأثير التسمية على الشيطان المتلبس بالجسد فهو إن سميت على الطعام آذاه ذلك الطعام أم إذا لم تسمي لم يؤذه ،وهو سوف يأكل في كل الأحوال ، هذا والله أعلم إن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان ، والله وتعالى أعلى وأعلم.

2 ) رواه الترمذي في سننه أبواب الصوم - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ.

2 ) متفق عليه رواه البخاري ومسلم حيث رواه مسلم في كتاب السلام بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رُئِيَ خَالِيًا بِامْرَأَةٍ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ أَوْ مَحْرَمًا لَهُ أَنْ يَقُولَ هَذِهِ فُلَانَةُ لِيَدْفَعَ ظَنَّ السُّوءِ بِهِ.