بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد..
فلا يخفى على المتابع -المنصف- أنَّ رايات الجهاد بدأت تخفق في ساحات كثيرة من البلاد، تضرب بجذورها في الأرض، معلنةً صفاء الراية، ووضوح المنهج.
ولما كان الجهاد من أعظم شعائر الإسلام -حتى عده بعضهم: ركنه السادس- اعنى به الفقهاء عنايةً بالغة؛ فحرروا مسائله، وفصلوا أحكامه، ودللوا على أبوابه، وسيرة النبي صصص -قبل ذلك- حافلةٌ بتفصيلاتٍ كثيرةٍ في هذا الباب؛ إذ سيرة النبي صصص كلها جهاد -فقد عد ابن النحاس في "مصارع الأشواق" ثمانٍ وعشرين (28)غزوة غزاها النبي القائد رسول الله صصص، ثم عد خمسًا وخمسين (55) سرية بعثها صصص بنفسه!- وسيرة أصحابه رررم حافلةٌ بهذه المعارك العظيمة، والبطولات الجسيمة..
ولكن سوق "الجهاد في هذا الزمان قد درست آثاره؛ فلا ترى، وطمست أنواره بين الورى، وأعتم ليله بعد أن كان مقمرا، وأظلم نهاره بعد أن كان نيرا، وذوى غصنه بعد أن كان مورقا، وانطفأ حسنه بعد أن كان مشرقا، وقفلت أبوابه فلا تطرق، وأهملت أسبابه فلا ترمق..." [من كلام ابن النحاس: مصارع الأشواق].
ونتج على هذه الحالة المزرية -والله المستعان- الجهل بكثير من أحكام الجهاد التي لا بد للمجاهد أن يدركها، وأن يعرف مراميها ومغازيها، ويتفحض أباوبها ومسائلها..
ومن أهم مسائل الجهاد التي دَرَست في هذا الزمان:
أحكام الغنائم، والفيء، والسلب.. فمعلومةٌ تفاصيلها في كلام أهل العلم المتقدمين، ولكنها في زماننا المعاصر -نظرا لتغير كل شيء في القتال والمعارك عن صورتها المتقدمة- قد جدت فيهِ مسائلُ بصورٍ كثيرةٍ جدًا جدًا.. وللأسف لم يطرق هذا الباب بالتجديد والإبداع والنظر والدراسة العملية المتقنة الجادة الخبيرة إلا ما ندر، ولو كان هذا الطروق حادثا -فرضا- فليس هو بذاك القدر الكافي.. فنظرةٌ واحدة إلى صغار المسائل التي ليس فيها عمل إلا لآحاد الناس وأفرادهم = تريك حجم الهوة، وعظيم الفرقة؛ بين طلبة العلم ومسائل الجهاد؛ فمؤلفات كثيرة جدا في مسائل طرقها في الواقع نادر، لكنَّ أبواب الجهاد لا تطرق البتة، وإن؛ فعلى استحياءٍ وبغير إنصافٍ في أحايين كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
فلهذا؛ كان هذا الموضوع الذي نطرح فيه بعضًا من المسائل التي يحتاجها المجاهدون في هذا الباب..
وأعترف أن ما في الجعبة من الإشكالات في هذه الأبواب كثيرٌ جدا، ومن أمثلة ذلك:
- ماهية الغنائم المعاصرة، وما هي الأسلحة التي تغتبر أسلحة الجيش عامة، وما هي الأسلحة التي تجوز كسلاح فردي؟ (RPG مثلًا للنزاع، والدبابة مثلا للنوع الأول، والكلاش مثلا للنوع الثاني!)
- وآلية اغتنامها
- وكيفية توزيعها
- وما الحكم لو تعددت الجماعات المقاتلة في ذات المعركة؟ كيف نقسم الغنيمة بين هذه الجماعات؟ وما ضابط ذلك؟
- ومن هو الراكب ومن هو الرجل؟
- وما لو كان السلاح ملك الجماعة وما لو كان ملك الفرد؛ أيختلف الحكم؟
- والتعفف عن المغانم.
- وصور الغلول المعاصرة فيها.
- وآلية معاقبة الغال.
- وصورٌ كثيرة تتفرع على ذلك؛ مثل: ما لو كانت الذخيرة ملك الجماعة، وعكس ذلك، ومثل: ما لو كانت الدولة تتكفل بنفقة الجند أو لا تتكفل، ومثل: التفريق بين المهاجرين والأنصار، ومثل: ما هو الخمس لله ورسوله في هذا الزمان؟.... وغيرها..
* وكل ما قيل في مالغانم يقال مثله -غالبا- في الفيء والسلب؛ الماهية والآلية والكيفية.. الخ.
فيا مشايخنا وإخواننا وأحبتنا الكرام الأبرار -كما نحسبكم ولا نزكيكم على الله-: هذه نبذةٌ اقتضى المقام طرحها على حضراتكم للمذاكرة والتباحث في فروعها وأصولها واستدلالاتها ومواطن الوفاق والنزاع فيها، وإنزالها منزلتها اللائقة بها؛ كشريعة فرضها الله في كتابه، وأنزل فيها آيات تتلى إلى يوم الدين، لن تنسخ ولم تبدل..
وأعلم أن بعض الناس قد لا يروق لهم بعض ما جاء في ثنايا هذا الموضوع، وهم في ذلك وشأنهم، وليس هذا الموضِع مخصصا لمقدمته بل لنتيجته! (ليس مختًّصا في بيان ودراسة أصل جواز الجهاد الآن أم لا! بل لمناقشة ثمرة الجهاد من الغنائم وأخواتها) فبالله لا يجرنَّ أحد هذه المناقشة إلى مناقشة أخرى لا تسمن ولا تغني من جوع.. بل: من كان عنده خيرٌ يستطيع أن يدلوَ به هاهنا فليفعل مشكورا مأجورًا بإذن الله تعالى..
ومن كان عنده مباحث تفصيلية عن بعض ما ذكرنا فليمدنا يها أو يدلنا عليها مشكورًا مأحورًا بإذن الله تعالى..
وقبل أن أنهيَ ما سطرته هنا أطرح عليكم مثالًا به يزول بعض الإشكال (ولمزيد من ذلك انظر:
هذه الصفحة)عن مرادي في هذه المذاكرة، وهو بحث مسألة:
ما يدخل في معنى السلب في زماننا، ومسألة:
هل يدخل القاذف مضاد الدروع في السلب للشيخ المجاهد: أبي الوليد خالد بن فتحي أغا الغزي (@aknafbmansari)..
أسأل المولى عز وجل أن يشرح صدورنا وإياكم لطاعته، ويوفقنا وإياكم لمرضاته، وييسر لنا وإياكم نصرة دينه..
وفي انتظار إثراء الموضع فيما طُرح وغيره مما ييتعلق به..
والحمد لله رب العالمين..
