أنواع الكفاءة في سوق الأوراق المالية
يوجد نوعين من الكفاءة لسوق رأس المال وهما:
الكفاءة الكاملة:
يقصد بها عدم وجود فاصل زمني بين تحليل المعلومات الواردة إلى السوق وبين الوصول إلى نتائج محددة بشأن سعر السهم حيث يؤدي إلى تغيير فوري في السعر، فتوقعات المستثمرين متماثلة والمعلومات متاحة للجميع وبدون تكاليف وعليه تتحقق الكفاءة الكاملة في ظل توافر الشروط التالية:
الكفاءة الاقتصادية :
وفقا لمفهوم الكفاءة يتوقع وجود فاصل زمني بين وصول المعلومات وانعكاسها على أسعار الأسهم، وذلك يعني أن القيمة السوقية تكون أكبر أو أقل من القيمة الحقيقية لبعض من الوقت مما يؤدي إلى زيادة تكاليف المعاملات والضرائب، نتيجة الفارق في السعر، وتقوم الكفاءة الاقتصادية أساسا على مبدأ سعي الغالبية من المتعاملين منهم في السوق إلى تعظيم ثرواتهم.
والشكلين التاليين يوضحان ردود فعل كل من سوق الكفاءة الكاملة وسوق الكفاءة الاقتصادية: حيث يوضح التمثيل البياني سلوك السعر في ظل السوق الكفء والغير كفء بناءا على المعلومات الواردة إلى السوق:
ففي حالة وصول معلومات جديدة ومشجعة عن إنتاج إحدى الشركات سينعكس ذلك مباشرة في استجابة فورية وتلقائية في سعر السهم بالارتفاع بما يؤدي في نهاية الأمر إلى تحقيق التعادل بين القيمة السوقية والقيمة الحقيقية للسهم وهو ما يحقق للسوق كفاءة عالية.
أما في حالة وصول معلومات سلبية إلى السوق فذلك سينعكس سلبا في سعر السهم بالانخفاض في القيمة السوقية عن القيمة الحقيقية فتكون الاستجابة متأخرة حتى يستوعب السوق هذه المعلومات مما لا يحقق للمستثمرين فيتصف السوق في مثل هذه الحالة بعدمة الكفاءة، حيث إن تعديل السعر إلى السعر الحقيقي يستغرق مدة ثمانية أيام من وصول هذه المعلومات إلى السوق.
أما حالة الاستجابة المفرطة فيقصد بها بلوغ سعر السهم مستوى أعلى من السعر الحقيقي نتيجة المبالغة في تأثير هذه المعلومات مما يدفع بالسعر إلى أعلى مستوياته ومن ثم يتعدل بعد ذلك تدريجيا.
الصيغ المختلفة لكفاءة السوق المالي
من الأمور التي يجب إدراكها في كفاءة الأسواق الأوراق المالية طبيعة العلاقة بين القيمة السوقية للسهم من جهة وبين المعلومات والبيانات التي تحدد قرار المستثمر في هذه الأسهم من جهة أخرى، لذا نستعرض فيما يلي المستويات التي تعكس أسعار الأسهم محل التداول في السوق :
الكفاءة الضعيفة:
وتسمى أيضا بنظرية الحركة العشوائية للأسعار ووفقا لهذه الصيغة يفترض أن المعلومات التاريخية التي جرت في الماضي سواء في الأيام أو الأشهر أو السنين لا تؤثر على سعر السهم الحالي، ولا يمكن الاستفادة منها للتنبؤ بالتغيرات المستقبلية في الأسعار، ولذلك فإن التغيرات المتتالية في أسعار الأسهم مستقلة عن بعضها البعض ولا يوجد بينها أي علاقة واضحة، ومن هنا يطلق على الصيغة الضعيفة لكفاءة السوق بالحركة العشوائية للأسعار باعتبار أن التغير في السعر من يوم لأخر لا يسير على نمط واحد.
الكفاءة المتوسطة:
يقتضي هذا الفرض بأن الأسعار الحالية للأسهم لا تعكس التغيرات السابقة فقط في أسعار الأسهم، بل تعكس كذلك كافة المعلومات المتاحة للجمهور أو التوقعات التي تقوم على تلك المعلومات حول الظروف الاقتصادية، وظروف الشركة، والتقارير المالية وغيرها، وفي ظل الصيغة المتوسطة لكفاءة السوق يتوقع أن تستجيب أسعار الأسهم لما يتاح من تلك المعلومات حيث تكون الاستجابة ضعيفة في البداية لأنها تكون مبينة على وجهة نظر أولية بشأن تلك المعلومات غير أنه إذا أدرك المستثمر ومنذ اللحظة الأولى القيمة الحقيقية التي ينبغي أن يكون عليها سعر السهم في ظل تلك المعلومات سوف يحقق غير عادية مقارنة بنظرائه المستثمرين .
الكفاءة القوية:
وفقا لهذه الصيغة يفترض أن تعكس الأسعار الحالية بصفة كاملة كل المعلومات المتاحة للعامة والخاصة، فهذه الصيغة اختبرت بطريقة غير مباشرة من خلال قياس العائد الذي تحققه فئات معينة من المستثمرين يفترض أن لها وسائلها الخاصة في الحصول على معلومات لا تتاح لدى مستثمرين آخرين بذات السرعة ويقوم بها المؤسسات المالية المتخصصة في الاستثمار، والمتخصصون في تحليل الأوراق المالية.
ينشغل السوق الكفء أساسا بأسعار الأسهم التي تعكس المعلومات الجديدة التي ترد إليه، وعن مدى الاستجابة لها ومدى السرعة في تحليلها، وإن الخلاف حول أي من الصيغ الثلاث السابقة الذكر تحظى بتأييد أقوى من قبل المحللين الماليين ينحصر في طبيعة تلك المعلومات، ومدى سرعة استجابة الأسعار لها، وإن هناك علاقة وثيقة بين مفهومي كفاءة السوق وحركة الأسعار العشوائية، فكلما زادت الكفاءة ازدادت عشوائية الأسعار، والعكس صحيح .
متطلبات كفاءة سوق الأوراق المالية
إن السوق المثالي هو السوق الذي يحقق استغلالا جيدا للموارد المتاحة بما يضمن توجيه تلك الموارد إلى المجالات الأكثر ربحية، ووفقا لمفهوم الكفاءة يفترض أن تؤدي دورين بارزين أحدهما مباشر، والآخر غير مباشر
الدور المباشر: يقوم على حقيقة مؤداها أنه عندما يقوم المستثمر بشراء أسهم شركة ما، فهو في الحقيقة يشتري عوائد مستقبلية وبالتالي فإن الشركات التي تتاح لها فرص استثمار واعدة تستطيع بسهولة إصدار المزيد من الأسهم وبيعها بسعر ملائم، مما يعني زيادة حصيلة الإصدار وانخفاض متوسط تكلفة الأموال .
الدور غير المباشر: حيث يعتبر إقبال المستثمرين على التعامل في الأسهم التي تصدرها الشركة مؤشر أمان للمقترضين مما يعني إمكانية حصول الشركة على المزيد من الموارد المالية من خلال إصدار سندات أو إبرام عقود اقتراض مع مؤسسات مالية وعادة ما تكون بسعر فائدة معقول.
ولتحقيق التخصيص المثالي للموارد المالية المتاحة ينبغي تحقق عاملان رئيسيان لتحقيق كفاءة سوق الأوراق المالية هما كفاءة التسعير وكفاءة التشغيل.
كفاءة التسعير:
يقصد بها سرعة وصول المعلومات الجديدة إلى المتعاملين في السوق دون فاصل زمني كبير، وبدون أن يتكبدوا في سبيلها تكاليف باهظة مما يجعل أسعار الأسهم مرآة تعكس كافة المعلومات المتاحة، والفرصة متاحة لجميع المستثمرين للحصول على تلك المعلومات ونفس مستوى ال، إلا أنه يمكن لعدد قليل من المستثمرين تحقيق غير عادية ويتوقف ذلك على مدى تحليل المعلومات، غير أنه في ظل السوق الكفؤة لا يمكن لعدد كبير من المتعاملين أن يحصلوا على الدوام على تلك المعلومات ويحققوا بها ا غير عادية على حساب المستثمرين الآخرين لأن أي وسيلة للكسب المميز في أي مجال من مجالات الحياة تدمر نفسها بمجرد أن تصبح معروفة لعدد كبير من المتعاملين .
كفاءة التشغيل:
ويقصد بها قدرة السوق على خلق التوازن بين العرض والطلب دون أن يتحمل المتعاملون فيه تكلفة عالية للسمسرة ودون أن يتاح للتجار والمتخصصين أو صناع السوق فرصة تحقيق مدى أو هامش ربح مبالغ فيه، وتعتمد كفاءة التسعير إلى حد كبير على كفاءة التشغيل، والتي تعني أن تعكس قيمة الورقة المالية المعلومات الواردة إلى السوق على أن تكون التكاليف التي يتكبدها المستثمرين لإتمام الصفقة عند حدها الأدنى مما يشجعهم على بذل الجهد للحصول على المعلومات الجديدة وتحليلها مهما كان حجم التأثير الذي تحدثه تلك المعلومات على السعر الذي تباع به الورقة المالية، ولكن تحقيق الكفاءة في كلا من كفاءة التسعير وكفاءة التشغيل للسوق المالي متوقفة على مجموعة من الشروط نذكر أهمها :
أن تسود السوق المالي منافسة كاملة بين المتدخلين ولهم حرية الدخول والخروج منه وذلك للتغلب على فرص الاحتكار.
أن يتمتع السوق المالي بخاصية سيولة الأوراق المتداولة فيه لتحقيق فرص البيع والشراء للأوراق بالتكلفة المناسبة في الوقت المناسب، كما أن توفر هذه الخاصية يحقق ما يعرف باستمرارية الأسعار السائدة فيه والتي تقلل من احتمالات حدوث تقلبات مفاجئة وغير مبررة في أسعار الأوراق المالية وبالتالي من فرص المضاربة غير المأمونة فيه .
أن يتوفر في السوق المالي وسائل وقنوات اتصال فعالة توفر للمتعاملين معلومات دقيقة حول السعر وحجم عمليات التبادل التي يتم فيه، بالإضافة إلى مؤشرات عن العرض والطلب في الحاضر والمستقبل والتي تأخذ صور متعددة وتقدم للمستثمر نشرة تعرف بحركة الأسعار اليومية التي تصدر عن البورصة .
توفر عنصر الشفافية في المعلومات عن أسعار الأوراق المالية المتداولة فيه مما يجعلها متاحة لجميع المتعاملين فيه بالمساواة وبشكل يحد من عملية احتكار المعلومات، وفي هذا السياق تحدد شروط الإدراج في السوق والتي تركز على عنصر الإفصاح عن المعلومات في البيانات المالية المنشورة للشركة التي تتقدم بطلب الإدراج، كما يطلب من الشركات المدرجة فيه أيضا نشر تقارير مالية فصلية عن نشاطها خلال العام .
أن تتوفر التقنيات الحديثة الخاصة بحركة التداول وعرض أوامر وتنفيذ الصفقات، بالإضافة إلى وجود مجموعات متخصصة من السماسرة والخبراء لتقديم النصح والاستشارة للمتعاملين في السوق ومساعدتهم على تنفيذ صفقات البيع والشراء.
أن يحكم عمل السوق المالي والمتعاملين فيه هيئة أو لجنة تعرف بهيئة أو لجنة إدارة السوق تتوفر فيها صفة الفاعلية وتكون محايدة وذات خبرة، تستمد سلطتها من مجموع النظم واللوائح والقوانين الهادفة إلى توفير جو من الاستقرار والأمان للمستثمرين بمساعدة مجموعات استشارية متخصصة وهو ما يزيد من فعالية السوق المالي.
الكيفية التي تتحقق بها الكفاءة في السوق المالي
وتتمثل في مجموعة من الخطوات الأساسية التي تقوم عليها الكفاءة في سوق الأوراق المالية، والتي تتمثل أساسا فيما يلي: