بحث مختصر في تقرير أن التضحية بغير بهيمة الأنعام لايثبت عن أحد من الصحابة.

أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم





هذا مخلص بحث كنت قد كتبته قبل سنوات في حكم التضحية بما سوى بهيمة الأنعام، وقد بالغت في اختصاره:-





قال ابن القيم:
(لم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم ولاعن الصحابة...أضحية...من غيرها[يعني:بهيمة الأنعام]). "زادالمعاد"2/285

-ونحوه في"العزيز شرح الوجيز"12/62 للرافعي






-وقد اعترض عليهما بأن بعض الصحابة قد رأوا التضحية بغيرها.
[انظر:جزء"الرد على من شدد" لابن المبرد ص169]


-ويجاب عن هذا الاعتراض بأن أشهر وأصح مايذكره كل من يدعي أن ذلك مما فعله الصحابة= هما أثرا بلال وابن عباس.


- وما يذكر عن سواهما فمما لايعرف له أصل.

[بل أشار ابن حزم في"المحلى"8/18 -وهو أشهر من ادعى ثبوت ذلك عن الصحابة- إلى أنه لم يثبت إلا عن بلال وحده(وسيأتي أن في ثبوت ذلك نظرا حتى عن بلال)].







1/فأما أثر ابن عباس

(أنه أعطى مولى له درهمين، وقال:اشتر بهما لحما، ومن لقيك فقل:هذه ضحية ابن عباس).

رواه عبدالرزاق في"مصنفه"4/382 وغيره.



-ففيه أبومعشر؛ نجيح السندي.

-وعامة الحفاظ على ضعف أبي معشر هذا-كما أشار لذلك أبوأحمد الحاكم والخليلي-[وانظر:"تهذيب الكمال"7/318]،،

بل قال الفلاس والبخاري:منكر الحديث[وهذا اصطلاح للبخاري في الراوي الذي لايرى الرواية عنه أصلا(انظر:"التاريخ لأوسط"2/107)].






-ولهذا الأثر طريق آخر عند البيهقي في سننه9/265.

-وفي ثبوت سند البيهقي نظر من عدة وجوه.




-ثم إن الإمام الشافعي في"الأم"3/385،

والطحاوي في"اختلاف العلماء"،

وابن عبدالبر في"الاستذكار"15/163، وغيرهم من الأئمة =

قد فهموا أن صنيع ابن عباس من باب تقرير عدم وجوب****الأضحية عمليا،،

خاصة أن التعبير النبوي عما لاتجزئ أضحية= هو وصفها بأنها(شاة لحم) كما في الصحيحين وغيرهما.










2/أما أثر بلال


فرواه عبدالرزاق في"مصنفه"4/385، وغيره.


من طريق عمران بن مسلم عن سويد عن بلال أنه قال:(ما أبالي لوضحيت بديك...).




- فقد تفرد به عمران بن مسلم، وليس هو الجعفي-كما ظن بعضهم- ،،


بل هو ابن رياح.
[كما ذهب إلى هذا الإمامان أحمد-كما في"العلل" لابنه عبدالله2/402،3/400-، والدارقطني في كتابه"المؤتلف والمختلف"1041، وانظر:تاريخ الدوري3/356]،،


وابن رياح لايحتمل مثل هذا الأثر الذي يخرق اتفاقا عمليا.
[وراجع:"التنكيل"للمعلمي( )، و"إكمال التهذيب"لمغلطاي( )] ،،


ثم إن الحافظ ابن حجر قد قال عنه في كتابه"التقريب"430: (مقبول).

أي:مقبول حيث يتابع،وإلا فلين-كما هو اصطلاحه في مقدمة"التقريب"-.

[وقد دل الاستقراء على أن الأصل عند ابن حجر في"التقريب" = إطلاق مصطلح على من وثق توثيقا غير معتبر(وهناك رسائل جامعية في دراسة هذا المصطلح****في كتاب"التقريب")]


- وابن رياح لم يتابع على هذا الأثر.
[فهو إذن على مذهب ابن حجر في"التقريب"= لين]



-وقد أغرب البسوي في"المعرفة"3/191 فجعل هذا الراوي عن سويد رجلا آخر لايعرف !




-وممن أشار إلى عدم ثبوت أثر بلال هذا:

ابن عبدالبر في"الاستذكار"15/163،،


بل قصر القدوري إسناد هذا الأثر في كتابه"التجريد"6326؛ فجعله من قول سويد !




-ثم إن بعض العلماء حملوا أثر بلال هذا على معنى المبالغة في تقرير عدم وجوب الأضحية.
[انظر: "الاستذكار"15/163، "بداية المجتهد"2/432]


-فهو على هذا= من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ((لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده)).


- قال أبوالعباس القرطبي في"المفهم"5/74:
(إنما سلك النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مسلك العرب فيما إذا أغيت في تكثير شيء أو تحقيره؛ فإنها تذكر في ذلك ما لايصح وجوده).

ثم مثل بحديث:((من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة)).

وقال:(ولايتصور مسجد مثل ذلك).

ثم قال:(ومثل هذا كثير في كلامهم، وعادة لاتستنكر في خطابهم).







-والخلاصة أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة = التضحية بغير بهيمة الأنعام[؛سندا أو معنى]،،


وهذا مقتضى قول ابن القيم والرافعي السابقين،،


وكذلك هو مقتضى قول كل من حكى الاتفاق على عدم مشروعية التضحية بغير بهيمة الأنعام دون الإشارة إلى مخالفة صحابي أو غيره،،


كابن عبدالبر في"التمهيد"23/188، وفي "الاستذكار"15/383،


وابن رشد في"بداية المجتهد"2/435،


وأبوعبدالله القرطبي في"تفسيره"15/109،


والرافعي في"العزيز"12/62


والنووي في"المجموع8/394، وفي"شرح مسلم"13/102،



والدميري في"شرح المنهاج"9/502،



والصنعاني في"سبل السلام"7/415،



والتهانوي في"إعلاء السنن"17/230،


وغيرهم.




والله أعلم