عبارة مكذوبة على العلامة ابن عثيمين ! لا تقل: اللهم اجعلني من الصابرين !

أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


انتشر على شبكة الإنترنت عبارة منسوبة للعلامة ابن عثيمين وهي :
((لا يقول الإنسان: اللهم اجعلنا من الصابرين، لأن الصبر لا يأتي إلا مع البلاء فكأنه يدعو على نفسه بالبلاء حتى يقع منه الصبر؛ وإنما يقول: اللهم اجعلنا عند البلاء من الصابرين))اهـ.
هذه العبارة لا تثبت عن العلامة ابن عثيمين! بل هي كذب على الشيخ،ولا يمكن أن يقولها -رحمه الله تعالى- كيف يقولها رحمه الله تعالى وهو يعرف أن الصبر ثلاثة أقسام؟!!
فالصبر :
صبر على الطاعة،وصبر عن المعصية،وصبر على المصائب!
فليس الصبر فقط صبرا على المصائب والأقدار المؤلمة!،بل أعظم الصبر الصبر على الطاعة،ويحتاج المكلف إلى تصبير الله تعالى على الطاعة!
ثانيا : لا أثر لهذه الفتوى عن الشيخ-رحمه الله تعالى- في كتبه!
ثالثا: قد ورد في كتاب الله تعالى ما يدل على استخدام الصبر في غير نزول البلاء! :
قال الله تعالى في قصة موسى مع الخضر -عليهما الصلاة والسلام- :
{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)}.
وقال تعالى في قصة قارون مظهرا فضل أهل العلم في الصبر على الطاعة :
{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)}.
قال الحافظ ابن كثير:
((وقوله: { ولا يلقاها إلا الصابرون } : قال السدي: وما يلقى الجنة إلا الصابرون. كأنه جعل ذلك من تمام كلام الذين أوتوا العلم.
قال ابن جرير: وما يلقى هذه الكلمة إلا الصابرون عن محبة الدنيا، الراغبون في الدار الآخرة.
وكأنه جعل ذلك مقطوعا من كلام أولئك، وجعله من كلام الله عز وجل وإخباره بذلك))اهـ.
فتأمل كيف جعل الصبر هنا صبرا على الطاعة وصبرا عن المعصية وشهوات الدنيا المحرمة!

وقال الله تعالى:
{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)}.
قال العلامة السعدي في تفسيره:
{{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } وهذا عام في جميع أنواع الصبر، الصبر على أقدار اللّه المؤلمة فلا يتسخطها، والصبر عن معاصيه فلا يرتكبها، والصبر على طاعته حتى يؤديها، فوعد اللّه الصابرين أجرهم بغير حساب، أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار، وما ذاك إلا لفضيلة الصبر ومحله عند اللّه، وأنه معين على كل الأمور}.

رابعا: صبر الصبر والمصابرة صفة مدح،وخاصة للمؤمن،وإن لم يكن ثمّ بلاء،قال تعالى : {{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }}.
قال البغوي:
(({ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } و"الصبار": الكثير الصبر، و"الشكور": الكثير الشكر، وأراد: لكل مؤمن، لأن الصبر والشكر من خصال المؤمنين))اهـ.

فالخلاصة :
هذه الفتوى مكذوبة على الشيخ العلامة ابن عثيمين ولا أصل لها في كتبه وشروحه،وهي منكرة المعنى.
فلا يجوز نشرها،ويجب التحذير منها.
والله أعلم.