خاطرة في قوله تعالى: وَأَعْطَى قَلِيلاً

أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


يحسب بعض الناس أن من أعطى شيئا يسيرا من أمواله الطائلة يجعله من المنفقين المتصدقين، ولكن هذه الآية تلقي الضوء على المنفقين أو المتصدقين بحق. فلو كان الرجل يمتلك ألف دينار مثلا وأعطى دينارا واحدا كان من الذين أعطوا قليلا، ولكنه لو أعطى ثلث ماله لكان من الذين أعطوا كثيرا وإن كان ما أعطاه قليلا بالنسبة للأغنياء.
وعلى هذا فإن الأمر يتعلق بنسبة ماينفق الرجل من ماله وليس بالكمية فقط، فقد يكون للرجل دينارا واحدا فيعطيه فلايكون ديناره كمن عنده ألف وينفق منه دينارا، لأن الأول ينطبق عليه قوله تعالى: فففالَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىققق وأما الأخر فهو ممن قال الله تعالى فيهم: فففوَأَعْطَى قَلِيلاًققق.
وعلى هذا نستطيع أن نضع إنفاق البعض في موضعه لاسيما إذا كان القليل من نفقتهم فيه مَنٌّ وأذى. كمن يتقاضى آلافا في الشهر ويعطي السائلين واحداً مع وجه عابس فهذا من الذين أعطوا قليلا. أو من يضطهد المستخدَمين لديه ثم يَمُنُّ عليهم بفتات موائده وبقايا أسماله.
ويبدو لي أن إنفاق الصحابة على العموم كان من الضرب الأول، فقد تصدق الصديق بكل ماله والفاروق بشطره، وذو النورين بقافلة كاملة، وأبو طلحة بمزرعته المثمرة ومائها وكثير غيرهم.
وأحسب أن الإنفاق المقصود في الآيات والأحاديث هو ما يكون له أثر كبير في نفس المنفق، والذي يغلب على الظن أنه يقود في عرف الناس إلى الفقر.
والله أعلم