مازال صوت أمي يهتف في أعماقي

أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم

بقلم: سجودي لله فقط


كنت اليوم اقرأ في سورة الصافات ولما وصلت لقوله تعالى :
{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ }


رجعت بذاكرتي للوراء وتذكرت صوت أمي الحبيب
تذكرت يوم أن أخذتها في المدرسة ورجعت البيت وكانت أمي وقت رجوعنا من المدرسة غالبا في المطبخ
مازلت اذكر هذا الموقف كأنه رأي العين في ذاكرتي
سألتني وقتها ما الآيات التي أخذتيها وطلبت مني أن اقرأها ففتحت المصحف وقرأتها
نعم هي الآيات بعينها
ثم بدات تحكي لي بطريقة تفهمها طفولتي
وحكت لي أنه كان اثنين أصدقاء أحدهما على الحق يفعل الخير ويطيع الله بينما صديقه رجل سئ يفعل المنكرات ولا يستجيب إلى الحق

كانت أمي ترفع صوتها حتى أسمعها من بين صوت خلاط الطعام وصوت البصل وهو يشوح على النار
كان الحبيبة تحكي وهي تعمل وتحضر الطعام على عجل
بينما انفعلت في سرد القصة لي وهي تعيدها على سماعي مرارا وتكرارا


تابعت أمي
أن كلا من الصديقين متمسك بموقفه ولا يستجيب للآخر
ومات الاثنين
دخل صاحب الحق الجنة ودخل الصديق السئ النار

ثم جلس صاحب الجنة وقال لإخوانه( قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ *) تذكر قرينه السئ الذي لا يصدق الله عز وجل وأحب أن يراه

وطلب من اصدقاءه في الجنة يأتون معه
قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ *

حكت لي بطريقة تصل إلى ذهني أنه هناك شباك ينظر فيه أهل الجنة ليرون أهل النار
نظر إليه وأغاظه لأنه لم يسمع كلامه ولم يتبع الحق الذي كان عليه
نظر إليه وحمد الله لأنه لم يبع الباطل مثله
(إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ )


كانت سورة الصافات هي منهجي في الصف الرابع الابتدائي وهذه القصة احكيها من ذاكرتي التي حكتها أمي
حفرت بين جدران قلبي

مازال صوت أمي عاليا يهتف في أذني
(إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ )

مازال صوتها يهتف في أعماقي
أننا على الحق ولا يجب ان نتبع الباطل مهما كان أصدقاؤنا واقرباؤنا عليه
حفرت هذه القصة وتركتني لأميز الخبيث من الباطل
خالطت الصالح والطالح ورأيت وتعاملت
تخبطت حينا وأصبت حينا آخر

و مازال صوت أمي يهتف في اعماقي
(إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ)

كان في صاحب وحش يريد أن يأخذ بيدي لأفعل مثله
كان في صاحب سئ مبسوط وسعيد في الدنيا يفعل كل مايريد ولا يصدق أن هناك يوم القيامة
وأننا سنستيقظ مرة أخرى بعد الموت لنحاسب على كل صغيرة وكبير
لما ندخل الجنة وننظر من الشباك سيكون كل هؤلاء السيئين في النار ننظر إليهم نحمد الله اننا لم نكن مثلهم
لم أتذكرها في كل حين ولكن معناها كان راسخا في الذهن ان هناك فريقين

ولكن السؤال والسؤال المهم
ماذا قصصنا لأطفالنا لي طفل في العائلة في الجيران
ماذا حفرنا في ذاكرتهم
هل نشرح لأطفالنا فعلا قصص القرآن أم نحفظهم على عجل الآيات وكأننا نتتخلص من واجب يومي ثقيل
اللهم احفظ أمي وبارك فيها واجمعني بها على خير وبارك في كل أختت حكت هذه القصة لابنها لتكون في ميزان حسنات أمي
لا تقولي أن ابنك صغير وأنه لا يفهم الآن أو سأفهمه فيما بعد إن لم يفهم كلام فسيصل المعني لينغرس في قلبه وعقله
هذا وقت الغراس هذا وقت الغراس
فهيا بنا ندرك أطفالنا