نظام تداول والانهيار

ان ما حدث في سوق الاسهم السعودية من انهيار في نهاية الشهر الماضي، اصاب المتعاملين بفزع وهلع شديدين، ويمثل المتعاملون في السوق في الوقت الحاضر شريحة كبيرة من جميع اطياف المجتمع، ولذلك فإن تأثير الانهيار أصاب الجميع.
ولست خبيراً في سوق الأسهم ولا محللاً اقتصادياً، ولكني أعرف أنه من البديهي لأي سوق أسهم في العالم أنه إذا توالت درجات صعود فمن الطبيعي أن تحدث له درجات هبوط بين الفينة والأخرى، وهذا الهبوط لابد أن تكون له أسباب منطقية، والمشكلة الكبيرة هنا حين يكون من أسباب الهبوط النظام المعلوماتي لسوق الاسهم السعودية نظام «تداول».

فالنظام سهل للمستثمرين، عملية البيع والشراء للأسهم في السوق السعودية عن طريق صالات البنوك أو من الشاشات الخاصة، أو من خلال استخدام الإنترنت.

وأصبح النظام يمثل العمود الفقري للسوق، فمن خلاله تتم عمليات تداول الأسهم في السوق، وأي خطأ أو تعثر لتنفيذ الطلبات يعود بالخسائر الكثيرة على المستثمرين.

وفكرة النظام جيدة وميزاته رائعة لكثير من المواطنين التعامل المباشر مع سوق الأسهم، فمن خلاله يمكن - لأي شخص - أن يشتري أسهم محددة أو يبيع ما لديه أو يقبض ثمنها في وقت وجيز جداً.

ولذلك فحينما بدأ عمل هذا النظام المعلوماتي قبل بضعة سنوات كان قفزة رائعة ومميزة لسوق ناشئ مثل السوق المالي للمملكة، ولكن كان حجم التداولات اليومية وقتها لا تجاوز المليارين ريال، ولذلك فمن الطبيعي الا يستوعب أو يتحمل مثل هذا النظام حجم تداولات وصلت إلى حدود الخمسين مليار ريال أي أن الحجم تضاعف إلى خمسة وعشرين ضعف عن المعدلات السابقة.

وصحيح ان معدل التذبذب في حجم التداولات كبير بين يوم وآخر فقد ينخفض احياناً الى عشرة مليارات ريال نظراً لطبيعة المتعاملين مع السوق حيث ان نسبة كبيرة منهم يتعامل بعقلية المضارب والسعي السريع للكسب وجني الأرباح.

ولكن من المفروض ان نظاماً معلوماتياً بحجم وأهمية «تداول» ينبغي أن يطور باستمرار حسب حجم السوق وان تسخر له الإمكانات المادية الكبيرة لتطويره بشكل يتناسب طردياً مع توقعات حجم نمو السوق، وخصوصاً ان هناك مبالغ تقتطع من كل عملية تداول لصالح تطوير النظام.

لا اعرف حجم استيعاب النظام ولا يتوفر لدي معلومات محددة عن عمليات التطوير الجارية، ولكن من البديهي في أي نظام معلوماتي آني (Real Time) أن يحظى برعاية فائقة واحتياطات كثيرة مثل زيادة الاستيعاب، والاستمرارية، والبدائل التشغيلية وغيرها.

لذا يستغرب سماع ان هناك خطة إستراتيجية لدى هيئة سوق المال لتطوير نظام تداول، والغرابة هنا في ان التخطيط الاستراتيجي يحتاج إلى سنوات حتى تظهر نتائجه، لأن كثرة أعطال النظام في الآونة الأخيرة أدت إلى زعزعة الثقة بالنظام من قبل المتعاملين في السوق.

وقد يكون صحيحاً ما ذكرته بعض الصحف من أن النظام كان لديه دور في الانهيار الأخير لعجزه عن تنفيذ الطلبات، ويعزز ذلك الاعتقاد بأنه سبق الانهيار عدد من الأعطال التي أعلن عن بعضها ولم يعلن عن البعض الآخر! وأحد هذه الأعطال كانت بسبب التنفيذ الكثيف لسهم حديث التداول من قبل أحد البنوك.

للامانة ملتوش