أمور يستحب مراعاتها في الأضحية :
أمور يستحب مراعاتها في الأضحية :
1. ينبغي على وجه الكمال والتمام لمن أراد أن يضحي الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أضحيته ،
التي جاء ذكرها في حديث عائشة : قالت : (( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبشٍ أقرنَ يَطأُ في سوادٍ
ويبرك في سواد ، وينظر في سواد ، فأتي به ليضحّي به ؛ فقال يا عائشة ! هلمّي المدية ، ثم قال :
اشحذيها بحجر ، ففعلت . ثم أخذها و أخذ الكبش ، فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله ، اللهمَّ تقبَّل
من محمد وآل محمد ومن أمّة محمد )) . ثمّ ضحّى به ( مسلم ) .
2. أجمع العلماء على جواز الأضحية بالكبش الأجم ، الذي لا قرن له في أصل خلقته ، ولكنّ الكبش الأقرن
أحبُّ إلى الله لفعل النبي صلى الله عليه وسلم . وقع خلاف بين العلماء في الكبش الذي كسر قرنه ،
فمنهم من منع ، واستدل على ذلك بما أخرجه أبو داود عن علي رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم :
(( نهى أن يضحّى بعضباء الأذن و القرن )) . وهذا الحديث غير صحيح ، فيه جُرَيّ بن كلب ، وهو على أحسن أحواله
مستور إن لم يكن مجهولاً .
وورد عن قتادة أنّه سأل سعيد بن المسيب عن معنى ( العضب ) فقال سعيد : ( النصف فما زاد ) .
والحديث ضعيف أصلاً .
هذا وقد ورد عن علي رضي الله عنه خلافه ، فأخرج الترمذي و الدارمي بإسناد حسن ،
عن حُجَيَّة َبن عدي قال : كنّا عند علي فأتاه رجل فقال : ( البقرة ) ؟ قال علي : عن سبعة ، قال ( القرن ) ؟
وفي رواية : فمكسورة القرن ؟ فقال علي : لا يضرك .
3. قال بعض العلماء أن البقرة تجزئ عن سبعة لحديث علي السابق ، والجزور يجزئ عن عشرة لحديث
رافع بن خديج ، قال : (( كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة ، فأصبنا غنماً وإبلاً ،
فعجَّل القوم فأغلوا بها القدور ، فأمر بها فَكُفِِئَت ثم عدل عشراً من الغنم بجزور)) ( مسلم ) وهذا هو القول الراجح .
4. يستحب أن يذبح المضحّي بنفسه ، وأن يَحُدَّ المُدْيَة وأن يُرِيِِحَ الأضحية ، ويضجعها ويضع رجلَه على صفيحتها ،
وإن استـناب غيره جاز ، وإن استطاع إن يشاهدها فهو أفضل ، وأما من استـناب ذمّياً فإن الراجح
أنه يجوز مع الكراهة .
لذلك فإن توكيل شخصٍ للذبح في بلد آخر ليس بحسن ، لأن الوكيل قد يكون إنساناً غير أمين ،
أو أن يذبح في غير الوقت . وإن كان الأصل الجواز .
5. لا يجوز للجزار أن يأخذ من الأضحية شيئاً ، لحديث علي رضي الله عنه قال :
(( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدنه ، وأن أقسم جلودها وجلالها ،
ولا أعطي الجازر منها شيئاً )) رواه الشيخان .
يستحب التعدد في الأضاحي إذا تيسر ذلك ، فلو ضحى عن كل شخص بعينه أضحية فلا حرج ،
واستحب مالك ذلك ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضحّى عن كل واحدة من نسائه ،
وإن كانت الأضحية الواحدة عن كل بيت تجزئ .
العيوب التي لا تجزئ فيها الأضحية :
العيوب التي لا تجزئ فيها الأضحية :
بين الرسول الله صلى الله عليه وسلم العيوب التي لا تجزئ فيها الأضحية بقوله : (( أربع لا تجزئ من الأضاحي :
العوراء البيّن عورها ، والمريضة البيّن مرضها ، العرجاء البيّن ظلعها ، والكسير أو قال : العجفاء التي لا تُنقِي )) .
وقد أخرج النسائي عن علي رضي الله عنه قال : (( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن ،
وأن لا نضحي بعوراء و لا جدعاء )) .
وقوله : ( أن نستشرف العين و الأذن ) : أي نرفع نظرنا إلى ذلك ، ونتفقد الأذن ، وأن نختار السالمة
من العيوب ، ثم فسّر ذلك بقوله : ( وأن لا نضحّي بعوراء و لا جدعاء ) ، وورد في الحديث نفسه :
(( و أن لا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء )) ؛ المقابلة : التي قطع بعض أذُنها .
و يستفاد مما سبق ، أن العوراء الشيء اليسير ، والتي فيها عرج يسير ، فهي مجزئة .
والأحسن أن تكون كاملة ، واختلف العلماء في الأذن ، والأصل المنع . كما ورد في الحديث . ويجوز أن يضحي
بالكبش الخصي ( الموجوء ) ، كما روى أبو رافع قال : (( ضحّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملجين
موجوءين خصيّين )) ( أخرجه أحمد ) .
مسألة : هل يشترط أن تكون الأضحية من بلدي ؟
الجواب : لا فالمسلم الروماني أو الأسترالي يضحي بما عنده ، فلا عبرة ببلد المنشأ ،
والذبائح الموجودة منها من لا يكون له إلية ، فإن كانت في أصل خلقتها كذلك فهذا ليس عيباً ،
وهي على أصلها ، وإن كانت مقطوعة الإلية فهذا ليس عيباً منصوصاً على المنع منه ،
وأما أن تكون تامة و سمينة فهذا أفضل ، وليس من باب حصر المشروعية في ذلك .
• ذكاة الأضحية :
العبرة في الذبح الشرعي ما أنهر الدم ، و يكون ذلك بفري الأوداج و قطع الحلقوم من تحت الغصة ،
و كذلك ذكر اسم الله عليها ، فمن فعل ذلك في الأضحية كانت حلالاً لحديث رافع بن خديج قال : قلت :
يا رسول الله ! إنا لاقوا العدو غداً وليست معنا مُدياً ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أعجل أو أرني ،
ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل ، ليس السن و الظفر ، وسأحدثك : أما السن فعظم ، وأما الظفر فمُدَى الحبشة ))
( مسلم ) .
وبعض العلماء منع الذكاة بالسن و الظفر المتصل بالبدن ، و جوَّز بالمنفصل إن أفرى الودجين ،
وهذه التفرقة تحتاج إلى دليل خاص ، و النبي صلى الله عليه وسلم عمَّم ؛ فتمنع الذكاة بالسنّ و الظفر ،
والمراد بالسنّ : الخنق .
إذا هرب البعير و استطاع أحد أن يضربه بسهم و حبس به ، وإن لم يقع في موضع النحر ،
ثم قدر عليه فذكي فهو حلال .
لحديث رافع الذي قال فيه : (( و أصبنا نهب إبل و غنم فندَّ منها بعير فرماه رجل بسهم فحبسه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنّ لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش ، فإذا غلبكم منها شيء
فاصنعوا به هكذا )) .
• حكم ادخار لحم الأضحية :
ورد النهي عن أكل لحم الأضحية فوق ثلاثة أيام ، و الأصل في النهي التحريم لحديث ابن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يأكل أحد من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام )) ( مسلم ) .
وجاءت أحاديث تدل على جواز الادخار ، وقد سلك العلماء في الجمع بينها مسلكين ( الأول ) :
النسخ ؛ أي : الجواز ينسخ المنع .
و ( الثاني ) : أن المنع من الحبس كان بسبب الفقر ، فمن كان في بلد فقيرة يوجد فيها محتاجون
فيحرم عليه أن يحبس وأن يدخر ، ويجب عليه خلال ثلاثة أيام أن يأكل أو يتصدّق أو يهدي ،
وهذا ما وقع التنصيص عليه في حديث سلمة بن الأكوع قال : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( من ضحّى منكم فلا يصبحن في بيته بعد ثالثه شيئاً ، فلما كان في العام المقبل قالوا : يا رسول الله!
نفعل كما فعلنا عام أول ؟ فقال : لا ، ذاك عام كان الناس فيه بجهد ، فأردت أن يفشو فيهم )) . ( مسلم ) .
ولعلنا في هذه الأيام في نوع جهد ، و جاء في حديث بريدة قال : (( ونهيتكم عن لحوم الأضاحي
فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم )) ( مسلم ) .
وورد في حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
في حجة الوداع : ((أصلح هذا اللحم )) ، قال : فأصلحته فلم يزل يأكل منه حتى بلغ المدينة )) (مسلم) .
ويستفاد منه أن المسافر له أن يضحّي ، وأما الحاج فلا يضحّي لأنه لم يرد عن أحد
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه ضحّى وهو حاج .
• ما يلزم المضحي اجتنابه :
لا يجوز للمضحي أن يمس من بشره شيئا سواء كان شعر الإبط أو العانة أو الشارب ،
كما أنه لا يجوز له أن يقص أظفاره ، وهذا في حق المضحي . وهذه سنة تركها بعض الناس
وليس الأمر بتركها جديداً فقد قال عمرو بن مسلم بن عمار الليثي : (( كنا في الحمام قبيل الأضحى ،
فاطَّلى فيه أناس فقال بعض أهل الحمام إن سعيد بن المسيب يكره هذا أو ينهى عنه ، فلقيت سعيداً
فذكرت له ذلك فقال : يا ابن أخي ! هذا حديث قد نسي وترك )) ( مسلم ) . وقد جاء ذلك صريحاً
عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من كان له ذبحٌ يذبحه ، فإذا أُهِلََََّ هلال ذي الحجة فلا يأخذنَّ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي )) . ( مسلم ) .
وأما الذي لا يستطيع الأضحية فهذا لا يجب عليه ، فإن حصلت نية بعد دخول العشرة فمتى عزم الأضحية يمسك ،
وما قبل ذلك معفو عنه ، وأما الذي لا يمسك ويريد أن يضحّي فأضحيته صحيحة ، وإن كان قد قصّر وأساء .
وهذا النهى للتحريم كما هو مذهب إسحاق وأحمد وابن المنذر وابن حزم ، وهذا الواجب على من أراد
أن يضحي فحسب ، وليس على أهله الإمساك لأن الأصل استصحاب الجواز ، و النبي صلى الله عليه وسلم
قيّد المنع في حق من أراد أن يضحي .
ويبدأ الإمساك من أول ليلة يثبت فيها هلال ذي الحجة ، ويبقى على هذا الحال حتى يضحي .
وذهب الإمام مالك والطحاوي على أن هذا الحديث لا يعمل به لأن عائشة كانت تطيّب النبي صلى الله عليه وسلم
بفرق رأسه لما حج ، وقالت : كان لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم قبل التلبية ، وقال : الطحاوي :
إن الجماع أغلط من أخذ الشعر ومع ذلك يجوز في العشر الأوائل من ذي الحجة ، وهذا الكلام مردود
لأن كلام عائشة في حال الحاج ، وأما من لم يرد الحج ، فهذا يجب عليه أن يتشبه بالحجيج
في شيء من الأشياء ، وهو الإمساك عن أخذ الظفر والشعر من جميع البدن .
• تنبيهات مهمة:
ذكر الفقهاء ثلاثة قيود لمن تجزئ الأضحية عنهم :
1. أن يكونوا من قرابة الرجل المضحي كالزوجة والأبناء والأب .
2. أن يكونوا في نفقته .
3. أن يكونوا في مسكنه ، فلو كانوا في شقق مختلفة في بيت واحد ، وهم مستقلون في النفقة ؛
فحينئذ تجب الأضحية على كل عائلة .
توزيع المال بدل الأضحية لا يجزئ ..
فإن إنهار الدم مقصود بذاته ، وأن يعظم الله به وقد (( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذبح لغير الله )) ( مسلم ) .
لا يجوز جمع نية العقيقة والأضحية معاً ؛
لأن النيات تجمع في الوسائل لا في المقاصد ، لأن هذه طاعة لها سبب ، وتلك طاعة لها سبب .
أما لو توضأ مسلم وعلى رجله نجاسة فغسلها ؛ فإن هذا الغسل يجزئ لإزالة النجاسة والقيام بالواجب من الوضوء .