الحمد لله .. وبعد
تحفة أدبية عتيقة !
حلم قديم ، تحقق اليوم وما ظننته يواتيني يوما من الدهر !
كتاب في الدرجة العليا من التحقيق العلمي -على رغم أنوف المتكلفين- ، وقد عرفت وعرف غيري أن الجهد الذي بذله أكثر المحققين في إثبات فروق النسخ وصنع الفهارس كان هذا الطود الشامخ يستفرغه في التدقيق ومراجعة تجارب الطباعة حتى يغدو الكتاب وكأنه قطعة اقتطعها من فؤاده وبذلها رخيصة لطلاب العلم حقا وشداة الفهم صدقا
-لا من همهم الوحيد الفراغ من بحث أو إتمام رسالة جامعية فهؤلاء غاية مطلبهم تخريج بيت ما أو تكثير قائمة المصادر...إلخ وماذا على هؤلاء لو امتلأ الكتاب وطفح بالأخطاء المطبعية ؟!
قال الدكتور عبد اللطيف الخطيب في مقدمة تحقيقه الممتاز لكتاب "مغني اللبيب" أثناء حديثه عن الطبعات السابقة ، قال عن طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد : " فقد نشر متن الكتاب مضبوطا ضبطا سليما ... وهي طبعة قيمة
يندر أن تقع فيها على
خطأ "
وحسبنا ما نهض له الاستاذ الطناحي دفاعا عن محيي الدين عبد الحميد ، صفحة 70 من كتابه "مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي" فقد أنصفه وبلغ الغاية في ذلك وأربى عليها فجزاه الله عنا وعن شيخنا وعن التراث العربي خيرا
لم يكن أبو رجاء شاذا في منهجه هذا بل كان سليل مدرسة عتيقة وربيب طائفة كريمة من أمثال مصححي ومراجعي المطابع الأميرية "بولاق" الذين لايزال كثير مما أخرجوه إلى هذا اليوم هو الشهد المصفى والمورد العذب الزلال الذي لا يجرؤ أحد أن يشكك في شيء منه ، تراثا عظيما قصدوا به الراغبين الصادقين في حبهم للعلم والفائدة
هذا وقد كان الشيخ محيي الدين حريصا كل الحرص على مراجعة النسخ الخطية والتثبت مما يثبته في طبعته فكثيرا ما تراه يقول : "وفي نسخة أخرى كذا" ونحو ذلك ، ولم ينقصه إلا أن يصف هذا المخطوطات وصفا دقيقا ويجعل من ذلك مقدمة لتحقيقه ، ولكنه رأى أن غير هذا أهم وأولى ، وهذا عذر لعمري جليل كريم ، وما هو والله بعيب إلا على حد قول النابغة :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب
==========================
من قلة البركة والغثائية في العمل والإنتاج أني بقيت مدة أبحث في النت عن هذا التحقيق وبعد جهد جهيد ظفرت بأربعة طبعات لديوان ابن أبي ربيعة ينبو عنها النظر وينفر عنها عشاق الأدب وقد هممت بجمعها ورفعها مع هذه الطبعة ثم رأيتها لا تستحق ذلك ، ومن أرادها فليطلبها على الشبكة...
ولما يئست من الحصول على نسخة من هذا التحقيق الجليل الذي لم يظهر بعده خير منه وبقي هو معتمد الأدباء والمحققين إلى يومنا هذا ، لما يئست من ذلك طرحت التردد وطلقت الراحة وعزمت وتوكلت على الله .. وقد أتم الله علي النعمة وأعانني ووفقني في أول تجربة لي لتصوير كتاب ورفعه هلى هيئة pdf
والحمد لله أني قد ظفرت بنسخة جيدة منه حيث أن كثيرا من تحقيقات هذا الإمام كانت تُمنى بطباعة سيئة من أجل أن حرف المطبعة يتآكل ولا يهتم له أصحاب المطبعة فتدرس بعض الحروف وتبدو في الكتاب مشوهة
ولما رأيت أن هذا الكتاب تحفة أدبية بحق ، وأن الأدب لا يتذوقه ويقف على أسراره ويصل إلى مفاتنه إلا من كان لديه أحلى وأطيب من الكواعب الحسان ومن ثمار الجنان ، رأيت أن كمال الاستمتاع إنما يتم بتصويره ملونا كهيئته التي هو عليها وبدقة متناهية وجودة عالية ، < ومن يطلب الحسناء لم يغله المهرُ >
فدونكم إياه على أرشيف :
http://archive.org/details/ibnabirbea3h 