الاستبطاء وأداته في مغني ابن هشام النحوي
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم
الاستبطاء في اللغة من الفعل " بَطَأَ "، و" بَطَأَ " عليه الأمر تبطيئاً : أخَّرهُ ،أبْطَأ : ضِدُّ أسرع ، والبطيء ضِدُّ المُسْرِعُ.[1]
وفي الاصطلاح ، " الاستبطاء هو الإبطاء أو وجدان الشيء بطيئا "[2]، فهو عَدُّ الشيء بطيئا في زمن انتظاره ، وقد يكون محبوبا مُنتظرا، ولهذا يخرج الاستفهام فيه عن معناه الأصلي للدلالة على بُعْد زمن السؤال، وهذا البعد يستلزم الإبطاء، فالغرض إذن، ليس استبعاد وقوع الفعل أو الحدث ، وإنما الفعل مُحقق الوقوع غير أن حدوثه بطيء ، أو أنه تأخر الشيء عن الزمن الذي كان ينبغي أن يحدث فيه.
الاستبطاء وأداته في المغني :
اكتفى ابن هشام بضرب مثال على هذا المعنى دون تحديد للمقصود بهذا المصطلح[3]، وهو قوله تعالى:﴿ أَلَمْ يَأِنْ لِلذين آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالذّينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾[4]، فقد أفادت الهمزة في الآية القرآنية الكريمة معنى الاستبطاء الذي يجيء عندما يخرج الاستفهام عن معناه الحقيقي ،خاصة حين يكون المراد التنصيص على بطء حدوث الفعل، قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : " إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث من نزول القرآن "[5]. وعن نفس الآية قال الحسن رضي الله عنه :" أما والله قد استبطأهم وهم يقرؤون من القرآن أقل مما تقرؤون ، فانظروا في طول ما قرأتم منه وما ظهر فيكم من الفسق."[6]
ويؤدَّى هذا المعنى بالهمزة حين تخرج عن معنى الاستفهام الذِّي هو طلب الفهم ،إلى معاني أخرى منها تُستَفَادُ من سياق الكلام، منها : الاستبطاء.[7]
[1] - أقرب الموارد إلى فُصَح العربية ، ص: 42.
[2] - موسوعة علوم العربية ، 2 / 5.
[4] -سورة الحديد ،آية : 16 .
[5] - انظر الكشاف ، 4/64، و مختصر تفسير ابن كثير، 3/451.
