تدليس التسوية عند الوليد بن مسلم أحد رجال البخاري ومسلم

أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم
تعلمت من الشيخ أبو إسحاق الحويني من خلال بعض دروس الفيديو على الإنترنت أن الوليد بن مسلم ثقة (أي عدلٌ ضابطٌ) لكنه مُدَلِّس تدليس تسوية
وعرَّف الشيخ الحويني تدليس التسوية بأنه :
أن يُسقِط الراوي شيخ شيخه بشرط أن يتعاصَر شيخه (أي شيخ المدلس) مع شيخ شيخ شيخه (أي شيخ شيخ المدلس)
وضرب الشيخ الحويني مثلاً لذلك :
قال الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثنا إسحاق بن أبي فَرْوَه حدثنا الزُهري حدثنا أنس بن مالك
ففي هذا المثال : الوليد ثقة ، والأوزاعي ثقة والزهري ثقة وطبعاً الصحابي أنس ثقة
لكن المشكلة تظهر في ابن أبي فرْوَه ، حيث أنه متروك الحديث
فلو رأى العالم حديثاً هذا سنده سيرفضه لوجود متروك في سنده
لذلك يقوم الوليد بحذف ابن أبي فروه من السند
فيصير : الوليد - الأوزاعي - الزهري - أنس
لكن الوليد ثقة ، فهو عدل ضابط ، وبالتالي لا يكذب ، فلو قال : حدثنا الأوزاعي حدثنا الزهري حدثنا أنس
لكان كاذباً لأنه يعلم أن الأوزاعي لم يأخذ هذا الحديث بعينه من الزهري وإنما أخذه عن ابن ابي فروه والذي بدوره أخذه عن الزهري
لذلك يغير الوليد أداة النقل - لو كان هذا إسمها - ، فلا يُصَرِّح بالتحديث والإخبار والسماع المباشر ، فيقول بعد التعديل :
الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن الزهري حدثنا أنس .
فقام الوليد بتحويل كلمة (حدثنا) التي جاءت بعد الأوزاعي إلى كلمة (عن) لأن الزهري لم يُحَدِّث الأوزاعي بهذا الحديث بعينه وإنما حدَّث به لابن أبي فروة ، لذلك وضع الوليد كلمة (عن) وهي تفيد أن هذا الكلام منقول عن الزهري ولا يلزم من ذلك ان الأوزاعي سمعه من الزهري مباشرَةً وهذا هو المعنى الذي يريده الوليد


وبعد هذا الكلام تعَجَّبت لأنني رأيت البخاري في صحيحه روى عن الوليد بن مسلم قرابة 14 حديث ومسلم روى عن الوليد قرابة 41 حديث ، فسألت نفسي : كيف يكون الوليد مدلس ومع ذلك يُقال عنه ثقة ؟؟؟؟؟ أليس التدليس أخو الكذب ؟؟؟؟
وفي الحلقة التالي عرفت الإجابة على هذا السؤال ، إذ أوضح الشيخ أبو إسحاق الحويني أن التدليس عيب في الرواية وليس عيب في الراوي
بمعنى أن الكذب عيب في الراوي وليس عيب في الرواية
وشرح ذلك بحسب ما فهمت : أننا لو رأينا في إسناد حديثٍ ما راوي كَذَّاب فإننا نرفض حديثه بالكُليَّة لأن في إسناده كذاب والكذاب ليس ثقة لأنه مطعون في عدالته
لكن لو رأينا في إسناد حديثٍ ما راوي مُدَلِّس فإننا لا نرفض حديثه قولاً واحداً ، بل نحترس منه ، فقد يُدَلِّس في حديث بعينه ولا يُدَلِّس في حديث آخر ، لذلك لا نرفض الحديث لمجرد ورود المدلس في إسناده بل نحتاط ، فإن رأينا - أي علماء الحديث الماهرين - علامات التدليس نرفض حديثه وإن غابت علامات التدليس نقبل حديثه لأنه في الأصل ثقة متوافر فيه العدالة ولا يكذب ، لكنه في بعض الأحيان ، بلغة العوام ، (يعمل حركات مش كويسة) بأن يُسقِط راوي ضعيف بين ثقتين التقيا، فهذا العمل السيء يطعن في الرواية ولا يطعن في الراوي لأنه يفعله في حديث ولا يفعله في حديث آخر .


لذلك اشترط العلماء لقبول حديث الراوي الذي اِشتُهِرَ بتدليس التسوية أن يُصَرِّح بالسَّماع في كل طبقات الإسناد ، فلو عنعن المدلس تدلس تسوية في أي طبقة من طبقات الإسناد فإن العلماء يرفضوا حديثه لعلمهم أن المدلس دَلَّس في هذا الحديث بعينه لأنه لم يُصَرِّح بالسماع والتحديث بل عنعن في إحدى طبقات السند

وبناءً عليه لو رأينا الوليد بن مسلم في إسناد حديث فلابد من أن يذكر الوليد كلمة (حدثنا أو أنبأنا أو أخبرنا أو سمعت من أو قال لي) وذلك في كل الطبقات من بعده إلى مُنتهَى الإسناد، لكن لو رأينا الوليد في إسناد وقد عنعن في أي طبقة من الطبقات التي تعلوه في الإسناد وصولاً لقائل المَتن ، فإننا نعلم بوقوع التدليس في هذا الحديث بعينه وبالتالي ينتفي شرط إتصال السند كأحد الشروط الخمسة الواجب توافرها للحكم بصحة الحديث

الغريب في الأمر أنني بعد هذا الكلام فهمت أن بالضرورة كل أحاديث البخاري في صحيحه عن الوليد لابد أن يخلو إسنادها ابتداءً من الوليد من العنعنة ونفس الكلام في كل أحاديث مسلم في صحيحه عن الوليد .
لكن العجيب جداً أنني وجدت قرابة خمسة أحاديث من الأربعة عشر حديثاً التي رواهم البخاري في صحيحه عن الوليد قد عنعن فيهم الوليد
ألا يدل ذلك على وقوع التدليس في هذه الأحاديث وبالتالي لا تكون صحيحة لافتقادها شرط اتصال السند ؟؟؟؟؟؟ فكيف يذكرها البخاري في صحيحه ؟؟؟؟؟؟

أرجو أن يعلم الأخ الفاضل الذي سيقوم بالرد على سؤالي أنني عندي 21 سنة طالب في السنة الرابعة في كلية الحقوق جامعة القاهرة، فإن كان لي دراية بشئ يسير جداً جداً بالفقه وأصوله من خلال ما درسته في الكلية في مادة الشريعة من نظريات فقهية ومواريث وأحكام الأسرة وأصول الفقه ، إلأ أنه لا صلة لي تماماً بعلم الحديث إلا من حلقتين سمعتهم من الشيخ أبو إسحاق الحويني يتكلم فيهم عن شروط الحديث الصحيح
فأرجو ألا تشمل الإجابة على أي تعقيدات نهائياً

وفيما يلي عرض للأحاديث التي أتعجَّب من ذكرها في البخاري عن الوليد رغم أن الوليد عنعن فيها وكان يلزم من ذلك - إن كنت فهمت الشيخ أبو إسحاق بشكل صحيح - أنها ضعيفة لافتقارها لشرط اتصال السند ، إلا أن ذكرها في صحيح البخاري دليل على وجود خلل في فهمي لدرس تدليس التسوية ، فأرجو إيضاح هذا الخلل وبيان اللبس الذي وقعت فيه لأنه من غير المعقول أن أفهم شيئاً والبخاري قد غَفَل عنه !!!!!! لذلك فمن المؤكد أن الخطأ في فهمي وليس في البخاري طبعاً .

الأحاديث التي عنعن فيها الوليد في صحيح البخاري مما يجعلني أظن بوقوع التدليس فيها وإسقاط الوليد لراوي ضعيف بين ثِقَتَين التقيا :

الحديث الأول :

صحيح البخاري كتاب الزكاة : حدثنا علي بن عبدِ الله حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي قال حدثني ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه - أعرابي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الهجرة فقال :" ويحَك ، إن شأنها شديد ، فهل لم من إبل تُؤَدِّي صدقتها "
قال نعم . قال " فاعمَل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئاً "


الحديث الثاني :

صحيح البخاري كتاب البيوع : حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن سالم عن أبيه - رضي الله عنه - قال رأيتُ الذين يشترون الطعام مجازفة يُضرَبون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى يُئْوُوهُ إلى رحالهم "


الحديث الثالث :

صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار : حدثنا عيَّاش بن الوليد حدثنا الوليد بن مسلم حدثني الأوزاعي حدثني يَحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم التَّيْميِّ قال حدثني عروة بن الزبير قال سألتُ ابن عمرو بن العاص أخبرني بأشدِّ شئٍ صنعه المشركون بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال بيْنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي في حِجْر الكعبة إذ أقبَلَ عُقبة بن أبي مُعَيْط ، فوضع ثوبه في عُنُقِهِ فخنقه خنقاً شديداً ، فأقبَل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (أتقتلون رجلاً أن يقول ربيَ الله) الآية .


الحديث الرابع :

صحيح البخاري كتاب المغازي : وقال هشام بن عمَّار حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عُمَر بن محمد العُمَرِي أخبَرَني نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن الناس كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ الحُديبية ، تفرَّقوا في ظلالِ الشجر، فإذا الناسُ مُحدِقون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا عبد الله ، اُنْظُر ما شأنُ الناسِ قد أخحدَقوا برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدهم يُبايعون ، فبايَع ثم رجع إلى عمر فخرج فبايع .


الحديث الخامس :

صحيح البخاري كتاب كفارات الأيمان : حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا داود بن رُشَيْدٍ حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي غَسَّان محمد بن مُطَرِّف عن زيد بن أسلَمَ عن علي بن حُسَيْن عن سعيد ابنِ مَرْجَانَةَ عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " مَن أعتَقَ رَقَبَة مسلمة، أعتق الله بكل عضوٍ منه عُضواً من النار ، حتى فَرْجَهُ بفرجِهِ "


الحديث السادس :

صحيح البخاري كتاب المحاربين : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثني يَحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو قِلابَة الجَرْمِي عن أنس - رضي الله عنه - قال قَدِمَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - نَفَرٌ مِن عُكْلٍ، فأسلَموا فاجتَوَوُا المدينة، فأمَرَهُم أن يأتوا إبِلَ الصَّدَقَة، فيشرَبوا مِن أبوالها وألبانها ، ففعلوا فصحُّوا ، فارتدُّوا وقتلوا رُعاتَها واستاقوا، فبَعَثَ في آثارِهِم فأُتِيَ بهم، فقطع أيهديهم وأرجلهم وسَمَلَ أعيُنَهم ، ثم لم يَحسِمهُم حتى ماتوا "

اَكتَفي بهذا القدر ولن أذكر مرويات الوليد بن مسلم التي عنعن فيها في صحيح مسلم حتى أفهم علة كون هذه الأحاديث الستة الواردة في البخاري صحيحة رغم عنعنة الوليد فيها ، هذا لسبب ، ولسبب ثاني أنني لم أنتَهِ بعد من جمع كل ما عنعن فيه الوليد في صحيح مسلم لأنهم أربعين حديث تقريباً والبحث فيهم طويل ولم أدخل بعد في كتاب المساجد في صحيح مسلم ، لأنني أستعمل موسوعة الحديث الشريف التي أصدرتها وزارة الأوقاف المصرية
وأكتب في البحث (الوليد بن مسلم) وأضع علامة صح على البخاري فقط فيأتي نتيجة البحث بكل أحاديث الوليد في البخاري ، ثم أحذف علامة صح من على البخاري وأضعها على مسلم فيأتي لي بكل أحاديث الوليد في مسلم ، وهكذا .
فلم أبحث في مرويات الوليد في مسلم من أول كتاب المساجد .

وأذكركم أنني لا أفقه شئ في الحديث تماماً إلا نُبذَة يسيرة عن اتصال السند وقوادحه ونُبذَة عن العدالة ونُبذَة عن الضبط ولا أعرف معنى الشذوذ ولا العلة
هل فهمتم مستوايَ العلمي في الحديث ؟؟؟؟؟
يعني تقريباً واحد من مِيَّة في المية (0.01 %) هذا نسبة فهمي لعلم الحديث
فأرجو التيسير جداً في الرد .