سجينات خلف القضبان.. ندم وتوبة وأمل في تفهم المجتمع لظروفهن
النفوس الضعيفة وصديقات السوء والتدليل أولى الخطوات نحو الانحراف
سجينات خلف القضبان.. ندم وتوبة وأمل في تفهم المجتمع لظروفهن
في سجون النساء نماذج متعددة زلت أقدامهن بوعي أو دون وعي فوقعن في مستنقع الخطأ والانحراف الذي قادهن إلى خلف القضبان ومن المؤمل أن تكون تجربة السجن زادت لهن توبة خالصة تعينهن على العودة إلى حياتهن الطبيعة بعد انقضاء فترة محكوميتهن.
وفيما بعض النزيلات يفضلن الصمت والانكفاء على الذات وعدم الخوض في الماضي لأنه وصمة في حياتهن كما يعتقدن يرغبن في نسيانها فإن أخريات أظهرن استعدادهن للحديث عن تجربتهن والأسباب التي أوصلتهن إلى السجن عسى أن يستفيد غيرهن من تجربتهن ويتلافين ما وقعن فيه.
قسوة زوج
النزيلة س. ش. (42 عاما) التي دخلت السجن في قضية ترويج مخدرات، قالت: بدأت معاناتي منذ كنت في السادسة من عمري حيث أدخلت إلى دار الرعاية الاجتماعية بعد أن توفي والدي وتزوجت والدتي من رجل آخر، وبعد أن حصلت على الابتدائية زوجني أخوالي برجل كبير السن فرضيت بحياتي بحثا عن الاستقرار وبناء بيت وأسرة،لكن حلمي انهار بسبب قسوة الزوج وعنفه الذي كان يذيقني منه فاضطررت للهرب من بيته وأنا حامل".
وتضيف "وبعد طلاقي منه تعرفت على صديقات سهلن لي دخول عالم الانحراف لأؤمن لطفلتي التي أنجبتها ما تحتاجه، وقادتني المخدرات إلى الزواج بأحد المروجين وأنجبت منه طفلة ثانية، وغرقت في مستنقع الإدمان والترويج، حتى ألقي القبض علينا الاثنين وكنت حاملا ساعتها للمرة الثالثة إلا أنه انتهى بموت الجنين بسبب المخدرات".
وقالت جاءني صديق لزوجي وعرض علي تزويدي بالمخدرات ورعايتي ماديا مع ابنتيّ.. وبالطبع لم يكن الأمر لوجه الله فوافقت لأنني كنت محاصرة من كل الجهات، ولكن الأمر لم يتم حيث قبض علينا الاثنين خلال زيارته لي في منزلي وحكم علي بالسجن سنتين في قضية أخلاقية و5 أشهر بسبب التعاطي". وبعد انقضاء نصف المدة خرجت (س. ش) من السجن وطلبت الطلاق من زوجها الثاني للتزوج من مروج آخر لتواصل حياتها في عالم الضياع لكن هذه المرة مع رجل يملأ الشك قلبه وتحرقه نيران الغيرة وأيضا لم يسلم الاثنان من الوقوع في قبضة الأعين الساهرة لتدخل السجن من جديد بتهمة ترويج وتعاطي المخدرات.
وتستجمع (س .ش) خيوط الذكريات المؤلمة وتضيف "فرحت كثيرا بزواج ابنتي الكبرى لكن فرحتي لم تكتمل لأن زوجها منعها من زيارتي أو اللقاء بي في أي مكان، أما ابنتي الثانية التي بلغت 17 عاما فتعيش الآن مع أهل والدها وهذا يطمئنني عليها، حتى لا تقع في ما وقعت فيه".
وعبرت عن ندمها وتوبتها الخالصة مشيرة إلى أنها استفادت كثيرا من البرامج الإصلاحية في السجن حيث أتقنت الخياطة والتفصيل، وهي ترجو أن يتقبل الله توبتها لتعيش باقي أيامها فيما يرضيه ويحفظ كرامتها.
خيانة
ولا تختلف حكاية النزيلة ح. ق. (27 عاما) في النتائج ولكن في بعض التفاصيل التي ترويها قائلة "تزوجت وعمري 16 عاما وكانت الأحلام الجميلة تملأني بعد أن عشتها حقيقة مع زوجي الذي صار كل شيء في حياتي فهو مدرستي ومعلّمي والنموذج الذي لا مثيل له حتى إنه لم تكن لي صديقات وكل وقتي مكرس لخدمته والمنزل وتربية أولادي".
وتضيف "لكن هذا الكيان السعيد الجميل انهار بالكامل ذات ليلة عندما وجدت زوجي يخونني مع امرأة أخرى في فراشنا، فطلبت الطلاق واستجاب لطلبي، وتحت تأثير الصدمة القاتلة تعرفت على من جرتني إلى طريق الضياع بتعاطي المخدرات التي كان ثمنها التخلي عن شرفي وإنسانيتي وأخلاقي وأنا أتمزق على أبنائي الذين تركتهم ورائي ولا أعرف شيئا عن أحوالهم، حتى ألقي القبض علي بالجرم المشهود وأدخلت
السجن الذي أعاد لي الإحساس بمعنى الحياة الكريمة الصادقة بعد أن تبت وتعلمت مهنة شريفة سوف تفيدني في حياتي بعد خروجي وتجعلني عضوا نافعا في المجتمع بفضل الله ثم إدارة السجون التي ساعدتنا كثيرا".
أفسدني الدلال
أما النزيلة ل. م. (21 عاما) التي تقضي عقوبة بالسجن لمدة عامين بسبب تعاطي المخدرات والمسكر والسرقة فتروي حكايتها قائلة "أؤكد أن سبب انحرافي هم أهلي فقد كنت الفتاة المدللة التي لا يسألها أحد عن مواعيد خروجها ودخولها إلى المنزل فأبي مشغول بعمله وأمي بحياتها الخاصة، وأدى ذلك إلى تعرفي بفتيات من سني شربنا معا المسكر وتعاطينا الحبوب المخدرة ودخلنا الأماكن المشبوهة ومارسنا السرقة من المحلات لمدة سنة كاملة دون أن يعرف أحد من أهلي شيئا عن ذلك حتى ألقي القبض علينا في إحدى الشقق أثناء تعاطينا المخدرات وأدخلت بعدها السجن، ولا أجد ما أقوله سوى أنني نادمة جدا على ما فعلته بنفسي، ولتأكيد توبتي حفظت القرآن والأحاديث النبوية وأواظب على الصلاة التي نورت حياتي وأعادت لي الأمل بأن أبدأ من جديد طالبة الصفح من أهلي والمجتمع لأعود إليهم إنسانة مؤمنة ملتزمة".
ويعلق مدير الشؤون العامة بالمديرية العامة للسجون العقيد سعيد بن حمزة الحربي على أوضاع النزيلات في سجون النساء بالمملكة قائلا "لأن ولاة الأمر يهتمون برعاية السجينات وإصلاحهن هناك برامج مهنية وحرفية لتدريب وتأهيل النزيلات داخل سجون النساء وإعدادهن للعمل في الخياطة والتطريز وغيرها ويحث مدير عام السجون الجميع على توفير جميع سبل الراحة للنزيلات لإعادتهن إلى الطريق الصحيح، كذلك هناك برامج توعوية ودينية يتم إلقاؤها على النزيلات من قبل موجهات متخصصات، كذلك يتم تشجيع الراغبات في مواصلة دراستهن بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، فيما تعمل اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم بالتنسيق مع وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية على مساعدة المطلق سراحهن في الحصول على عمل أو وظيفة مناسبة.
