الملك عبد الله.. مصلح داخل الأسرة الحاكمة

نشرت صحيفة واشنطن تايمز الامريكية فى عددها الصادرالجمعة الماضية مقالا للدكتور اس روب سوبحانى رئيس مؤسسة الطاقة الاستشارية لبحر قزوين وعضو لجنة المخاطرالراهنة بعنوان / مصلح داخل الأسرة السعودية الحاكمة تحدث فيه عن الإصلاحات الحيوية والتنمية الخلاقة التى تشهدها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والمستقبل الواعد الذى ينتظرها.وفيما يلى نص المقال:لقد اتسمت المائة يوم الاولى من وصول الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعرش بالتميز بسبب الحيوية والإقدام التى دشن فيها مجموعة من الاجراءات الاصلاحية.ولقد تبين أن هذا الملك التقي الذى يتمتع بشعبية بين مواطنيه هو أول مصلح أصيل فى تاريخ المملكة..فمنذ أن تقلد منصب الملك رسميا بعد رحيل أخيه الملك فهد عكف الملك عبدالله على مهمة ايجاد الوسائل المبدعة لتطويرالمؤسسات والشراكات السعودية.
مواجهة التحديات
وخلافا لبعض الدوائر داخل الأسرة السعودية الحاكمة فإن الملك عبدالله قد أظهر رغبته فى مواجهة التحديات التى تواجه البلاد ومنطقة الشرق الاوسط بشكل عام .. بما فى ذلك مخاطرالتطرف الإسلامى واستعادة ثقة المخلصين ومحاربة الفساد وإيجاد فرص عمل للشباب السعودى ومواجهة التأثير الايرانى على المناطق الشيعية بالعراق ودمج الاقتصاد السعودى فى الاقتصاد العالمى وحماية أكبر احتياطات نفطية سعودية عالمية من التهديد الإرهابى والترويج لإيجاد جيل جديد من القادة فى القرن الحادى والعشرين.
كما سيعود نجاح الملك عبدالله فى فن الحكم بمكسب كبير على الولايات المتحدة لذلك من الواجب على الولايات المتحدة أن تقدم الدعم لهذا القائد الشعبى من خلال الدبلوماسية الهادئة .. ولكن ولسوء الحظ فإن هناك بعض الفئات فى واشنطن ممن يعتقدون بأن المملكة لم تقم بما يكفى للتصدى للإرهاب واجتثاثه وأن الترويج لمثل هذا التصور له مخاطره لانه يوجد فجوة بين واشنطن والملك عبدالله وجهوده لإصلاح المؤسسات السعودية والشؤون الخارجية للمملكة وسيعود بالفائدة على أعداء المملكة والولايات المتحدة من الإرهابيين من أمثال أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوى.
التجارة العالمية
وان أعمال الملك عبدالله بن عبدالعزيز التى شهدتها المئة يوم الاولى من حكمه قد بعثت حياة جديدة فى شرايين الجسم السياسى للمملكة التى هى أكبر منتج للنفط فى العالم .. وعلى سبيل المثال فلقد تم تجميد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية حتى تم وصول الملك عبدالله للعرش ولقد وافقت الرياض على أن تنهى أنواع المقاطعات الاقتصادية وتعهدت أن تمتنع عن فرض أى اجراءات حظر اقتصادية ضد الآخرين وبالتالى سمح للمملكة بأن تصبح العضو 149 بمنظمة التجارة العالمية. إن الملك عبدالله يدرك أن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية واجراء إصلاح اقتصادى لبلاده يسيران جنبا الى جنب ولذلك فلقد تمت ازالة معظم القيود التى كانت مفروضة فى السابق على الاستثمارات الاجنبية البنكية وفى التأمين وقطاع الاتصالات والصناعات الاخرى وبالتالى فتحت المملكة أبوابها التى تعتبر أكبر سوق اقتصادى حر فى العالم أمام البضائع والاستثمارات الخارجية وبهذا فإن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية يسجل انتصارا سياسيا رئيسيا للملك عبدالله.
شفافية المعاملات
من ناحية أخرى فإن السوق المالى للمملكة يحتل عاشر سوق مالى فى العالم ويقدر رأسماله بـ 6 ر 517 بليون دولار كما أن الملك قد خصص أخيرا ما يقرب من 3 ر 21 بليون من الأرصدة الحكومية لبناء طرق جديدة ومحطات تحلية للمياه ومدارس خلال عام 2006 كما أمر بأن تتمشى كافة المعاملات المالية الحكومية مع المعايير العالمية للشفافية والمحاسبة ..ومثل هذا الجمع بين الشفافية المالية والحرص على تمويل وتحسين البيئة التحتية على كافة المستويات للمملكة وتوفير رأسمال نشط فى الاسواق المالية سوف يسمح بتسهيل عملية الإصلاح الاقتصادية ويعزز من النمو.
المنطق السليم
ويبدو أيضا أن الملك عبد الله قد أنهى الهدنة السابقة التى توصل اليها مع ايران خلال السنوات الثمانية الماضية من ادارته شؤون البلاد خلال مرض أخيه الراحل الملك فهد حيث لفت أخيرا وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل الانتباه لمخاطر تدخل ايران فى الشؤون الداخلية للعراق .. ويبدو أن منطق الملك عبد الله الجغرافى السياسى هو منطق سليم لأن ظهور حكومة موالية لإيران فى العراق التى هى جارة للمملكة التى يقطن منطقتها الشرقية الغنية بالثروة النفطية أغلبية شيعية هو أمر خطير سيهدد أمن وسلامة الاحتياطات النفطية السعودية الضخمة فى المستقبل. ومن المأمول أن يعنى اصدار الملك لمرسومه الملكي الاول الذى يسمح فيه بالاحتفال باليوم الوطنى للمملكة أن يصبح الملك هو الذى يشكل طابع الحياة فى المملكة بدلا من علماء الدين.. كما أن الملك عبد الله مهتم أيضا بإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية حيث إن المملكة قد اجرت هذا العام أول انتخابات لاختيار نصف عدد أعضاء المجالس البلدية والتى لم تشارك فيها النساء ولكن هذا التحرك ربما يفتح الباب أمام تحركات أخرى فى المستقبل لإشراك المرأة فى الانتخابات.
الاحتفال باليوم الوطني
ولقد سمح الملك عبدالله أخيرا بالاحتفال باليوم الوطنى للبلاد والذى يعتبر تجديدا غير معتاد للمملكة .. كما سعى الملك عبدالله إلى تبنى قانون جديد للعمل ليحل محل القانون القديم رقم 1668 حيث يعالج القانون الجديد حق المرأة فى العمل والواجب نحو توظيف المواطنين السعوديين والتقاعد الإجبارى لإتاحة فرص وظيفية جديدة للعاطلين عن العمل من الشباب السعودي.إن مبدأ الإصلاح بالمملكة يجب ألا يكون مبدأ مطلقا حيث إن لدى المملكة ظروفا وتحديات جغرافية سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية معقدة يجب أن تؤخذ فى الاعتبار عندما نقيم أداء الملك عبدالله فى اليوم المائة من تنصيبه ملكا للبلاد والخبر السار أنه ولأول مرة يحكم أكبر دولة منتجة للنفط فى العالم ملك تقي نقى وصالح.