بل أستطــــــــــــــــــــي ع؟؟؟
بــل أستطيــع ..!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد ..
كثيرا ما نسمع ونرى نساء وفتيات انغمسوا في الشهوات والملذات فعرضوا أنفسهم لعقوبة الله تبارك وتعالى , جرياً وراء حطام الدنيا الفانيـــة ..
فتتبادر إليهن القلوب الناصحة المشفقة , والمُحبة للخير لهن , مع أنه لا تربط بينهن أي صلة قرابة سوى الأخوة والمحبة في الله سبحانه وتعالى ..
ثم نجد أن منهن من ترد وكلها أسى على ما فعلت بقولها :
(( لا أستطيع !! ))
لا أستطيع , أن أترك سماع الغناء ..
لا أستطيع ترك مشاهدة المسلسلات والحفلات الماجنة ..
لا أستطيع ترك العباءة المتبرجة ..
لا أستطيع ترك الملابس الضيقة الفاضحة ..
لا أستطيع الابتعاد عن رفيقة السوء ..
لا أستطيع أن أترك الغيبة والنميمة ..
لا أستطيع أن أتخلى عن المعاكسات ..
لا أستطيع .. لا أستطيع .. وغير ذلك كثير جدا يشيب لها الرأس ,
ويتفطر لأجلها القلب , وتدمع معها العين , فكلها ذنوب ومعاصي , مهما تشكلت وتنوعت ..
هذه هي حججهم الباطلة ,
ويزدن بقولهن أنهن قد اعتدن على مثل ذلك ..!!
لكن!!
دعيني أبين لكِ أختي في الله بعض مما يدور في خلجات قلبي ,
وبعضا من النصائح المستقاة من كتاب الله تبارك وتعالى ,
ومن سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ,
الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى , لأغلفها بحبي لكِ فيه , وخوفي عليكِ , وأقدمها هدية لكِ أنتِ , فأرجوا منكِ القبول بقلبٍ مبتسم ..
فأولا : لا تقولي (( لا أستطيع )) , لكن قولي (( بل أستطيع )) !!
لأنكِ حقا تستطيعين ..!
وادحري شيطانكِ , وأوقفي نفسكِ , والتي قال الله عنها في كتابه على لسان امرأة العزيز ( إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) ..
فأنتِ يا غاليتي , تستطيعين , بل وأكثر من ذلكِ ..!
لأنكِ أنتِ مذ خُلقتِ لا تعرفين شيئا من هذه الشهوات ولا المنكرات , فكنتِ تأكلين وتشربين وتلعبين في أمان وسلام , وكلكِ رقة وبراءة ..
إلى أن أوقعكِ شياطين الإنس والجن فيما يغضب الباري جل في علاه , بعد استجابتكِ لهم , وقد أغشي على قلبكِ وعينيكِ , كلام التقدم والموضة , والترويح عن النفس وطرد الكآبة والملل ..!!
أليس كذلك ..؟!!
لكن , يا غاليتي كل ذلك دعاوى باطلة , وسعادة مزيفة ,
يتبعها حسراتٍ وآهاتْ , وحزن وضيقة في الدنيا والآخرة ..
فالله سبحانه وتعالى لم يجعل سعادتنا في معصيته!!!!!!!
بل السعادة كل السعادة في طاعته والقرب منه سبحانه وتعالى ..
ألم يقل في كتابه
( الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألآ بذكر الله تطمئن القلوب )
ألم يقل ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )
فهذه الآيات وغيرها كثير , تبين أن الحياة السعيدة , لا تكون إلا بالقرب منه سبحانه , وعبادته حق العبادة , لأننا لم نخلق إلا لعبادته فقال سبحانه
( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ..
إذن ما الحل ؟؟!!
كيف أستطيع أن أغير من حالي ..؟؟!!!
كيف أن أزرع في نفسي حب الله ورسوله , وطاعة الله ورسوله ..؟؟
كيف .. وكيف .. وكيف !!
على رسلكِ يا غاليتي ..
فطريق السعادة والنجاة ليس حكرا على أشخاص معينين ..
وليس بذلك التعقيد حينما قلتِ لا أستطيع !!
بل هو طريق واضح كوضوح الشمس .. وسهل الولوج إليه ..
لكن شياطين الإنس والجن أعاذنا الله وإياكِ منهم , يهولون لكِ الأمر ويصعبونه , ويَحُولون بينكِ وبين التوبة والرجوع إلى الطريق المستقيم , بكلمة ( سوف ولا أستطيع ) !!
وحينما يأتي اليوم الموعود وهو يوم القيامة فكل من أبعدكِ عن الطريق الصحيح , يلوذون بالفرار , ويقولون نفسي .. نفسي ..!!
فالشيطان يقول كما بينه الله لنا في كتابه
( وقال الشيطان لمّا قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم)
وأما أنتِ فتقولين لرفيقتكِ
( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا )
إذن فالحل هو ..... استشعار عقوبة الله للمذنبين من عباده ...
وأنه سيجازي كل بعمله , وأنه لا يظلم أحدا ... ( من يعمل سوءا يجزَ به ) ..
تذكري عند همكِ بعمل السيئة ..
أولا / بأن الله مطلع عليكِ وأنه لا تخفى عليه خافية حتى ولو كنتِ في مكان خالٍ , وبمنأى عن الناس !!
فهو سبحانه قال عن نفسه في كتابه ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) ..
ثانيا / استشعار العقوبة المترتبة بفعلكِ ما يغضب الله , وأنكِ قد عصيتِ رب السماوات والأرض , عصيتِ المنعم والمتفضل عليكِ بالنعم التي لا تعد ولا تعصى , وأنتِ تقابلين ذلك بعصيانه !!
فأيُّ قلبي تحملين ؟؟!!!
ثالثا / استشعار الجزاء والأجر المترتب بترككِ لتلك المعصية , وأنتِ قادرة على فعلها , لكن منعتِ نفسكِ وكبتِ رغبتها وشهوتها طلبا ً لما عند الله من الأجر العظيم والفضل الكبير ..
( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنا وإن الله لمع المحسنين )
رابعا / الجنة يا غالية حفت بالمكاره , والنار حفت بالشهوات , فأيُّ دار ترغبين ؟؟!!
الجنة .. فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ..
الجنة .. لو غمستِ فيها غمسة واحدة نسيتِ كل أكدار وهموم وغموم الدنيـــا بأكملها ..
حتى إن الجبار جل جلاله يسألكِ فيقول هل رأيتِ بؤسا ً قط فتقولين لا يا رب !!
ويكفي بأنكِ في الجنة ترين الرب سبحانه وتعالى , وهذا والله من أجّل وأعظم النعم ..
بينما أهل النار قد حُرموا من رؤيته , ومن نعيمه ورحمته ..
خامسا / ما هو الفرق بينكِ وبين تلك الفتاة المطيعة لربها , المتمسكة بسنة نبيها ؟؟
اسألي نفسكِ , حتما فإنه لا فرق , فالذي جعلها كذلك قــــادر على أن يجعلكِ مثلها ..
فقط أخلصي النية , وغيري من نفسكِ
( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ,
وارفعي من همتكِ , وتقربي إلى الله بما أمركِ به ,
وابتعدي عن ما نهاكِ عنه , والله سيكون معكِ
( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )..
سادسا/ الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عبده أياً كان ذنبه قال سبحانه ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) , وقال ( نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) , فهو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار , ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل , حتى تطلع الشمس من مغربها ..
والتوبة واجبة من كل ذنب , ولها شروط ثلاث : الإقلاع عن المعصية , والندم على فعلها , والعزم على عدم العودة إليها أبدا ..
( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون ) ..
وبعدها أختي الحبيبة ......
هلاَّ راجعتِ نفسكِ , بقولكِ (( لا أستطيع !! )) ..
اجلسي مع نفسكِ ولو لدقائق قليلة , وسائليها , فإنها بحاجة إليكِ , وخففي عليها الذنوب , بتوبة واستغفار وفعل للواجبات وترك للمحرمات واشتغال بالأعمال الصالحة النافعة لكِ ..
وبعدها ...... سينفجر من بين جبال الأحزان والهموم ,
أنهار السعادة والصفاء ..
أسأل الله أن يهدي قلبكِ , ويلهمه التوبة الصادقة ,
والعاجلة , وغيركِ ..
وأن يثبتنا على الدين إلى حين لقياه ..
اللهم آمين ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيــــــــــرا ..
اهداء خاص لمن وضعني على طريق البداية
