قصة الحازمي الحربي وأولاد السجين
اغنام - ابل - دواجن - طيور
الموضوع منقول من منتدي حرب , القصه عجيبة فحبيت ان اشارك فيها المنتدى الغالي على ,,,
قصة الحازمي الحربي وأولاد السجين
تدل هذه القصة على أن الدنيا لاتزال بخير , والحمدلله , وأن فعل الجميل الذي هو من شيمة العربي المسلم لايزال متوارثا في أبناء هذه القبيلة .
لقد نُشرت تفاصيل هذه القصة في جريدة الجزيرة , في عددها رقم ( 8352 ) الصادر يوم الجمعة 15 ربيع الأول سنة 1416هـ .
لقد قام بطل هذه القصة - رحمه الله - بعمل انساني واجتماعي رائع , وببطولة تفوق الوصف والخيال , لايرجو من ذلك الا وجه الله والدار الآخرة إن شاء الله !
وفيما يلي مقتطفات من أقوال شاهد القضية وصاحبها جبران حسن عبده محرزي من منطقة جازان , الذي يقول : ( التحقت بسلاح المظلات عام 1378هـ , وتنقلت بين تبوك والحدود الشمالية , وبعد انتهاء أزمة العراق والكويت الأولى التي أثارها عبدالكريم قاسم منحتنا قيادتنا العسكرية إجازة لمدة ثلاثة أيام , فقمت بزيارة أسرتي في جازان لقضاء بعض الوقت معهم بعد غياب طويل ... وبعد وصولي بثلاث ساعات والابتسامة تعلو شفاه الأسرة والأطفال أداعبهم ويداعبونني , فجأة ودون مقدمات جاء من يطرق الباب بشدة !! وخرجت لأرى رجال الأمن يسألون عني بالاسم ! فقلت لهم : أنا المطلوب ! ... فطلبوا مني مرافقتهم للشرطة , وذهبت معهم ! .. كانت المفاجأة مدوية , هزت كياني وأفقدتني القدرة على التعبير , حيث وجه لي الضابط المناوب تهمة القتل عمدا !! .. وتوقعت أنها مداعبة هزيلة !! .. لكن الضابط حدثني بصراحة وصدق , وقال : أنت متهم بقتل عائض بن سيف الرشيدي !!
وحاولت اقناع نفسي أن التهمة قد تكون لغيري , أو أن هناك سوء فهم أو أي خطأ ! .. لكن المفاجأة زادت اتساع ببدء التحقيق معي بشكل جاد !! .. ودخلت الزنزانة ليلة القبض عليّ , وأنا صابر محتسب , لا أصدق مايجري لي من مفاجآت !
.. تم إحالتي للقضاء .. وهناك كانت المفاجأة الموجعة !! لقد ظهر لي أشخاص لا أعرفهم , وشهدوا أنني أنا القاتل للمدعو عايض بن سيف الرشيدي !! والمفاجأة الأخرى أنني لا أعرف القتيل !! .. وفي المحكمة ثُبتت القضية كاملة عليّ , ولم أجد وسيلة للدفاع ! .. وتم اعادتي للسجن بانتظار الحكم ! .. ) .
أما أولادي فقد كان : ( وضعهم سيئا للغاية , حيث توفيت زوجتي , بعد دخولي السجن بسبعة أشهر , وبقي الأطفال للضياع .. تسعة أطفال , ثمانية أولاد وبنت .. أكبرهم في العاشرة من عمره ! ) .
( لقد كان أبناء القتيل قصرا ... ولذلك استمريت في السجن خمسة عشر عاما , حتى بلغ أبناء القتيل سن الرشد , وبعدها يطالبون بالقصاص أو الدية أو العفو ) . ( ... بعد خمسة عشر عاما من الهم والغم والألم والمعاناة , استيقضت صباح الجمعة ... دخل عليَّ عدد من الرجال حوالي الساعة الثامن صباحا وطلبوا مني الاستعداد لكتابة الوصية , والحلاقة والتنظيف , وأبلغوني أن هذا اليوم آخر يوم في حياتي , وأن حكم القصاص قد صدر , ولقنوني الشهادة , وكتبوا صك الوصية ! ) .
( ... بعد ذلك اقتادوني إلى ساحة القصاص , وكانت الجموع كبيرة , وكان ذكر الله لاينقطع من لساني ! وتم تثبيتي بالعمود , وتربيط عيوني !! وحدد الدكتور الهدف لإطلاق الرصاص , وبدأ المسؤول في تلاوة البيان ) .
( ... ذكرت الله ودعوته وقلت : ربي إنني مظلوم وأنت علام الغيوب .. فوضت أمري لك , لا اله الا أنت لاشريك لك ) . ( .. لم أكمل دعائي أثناء تلاوة البيان حتى سمعت أصواتا عالية وصراخا مرتفعا , وسمعت صوت رجل يقول : لا تقتلوه ! أنا القاتل !! أنا القاتل !! وتبعه اصوات كثيرة , وهرج ومرج , ولم أعد أسمع ماحولي .. وتوقف البيان عن التكملة !! ) .
( .. اتضح الحق وزهق الباطل , وأنظق ربي الشهود في آخر لحظة , وثبتت إدانتهم , وجاء الأمر بإيقاف القصاص بي وإعادتي للشرطة !! وتم تصديق اقوال الشهود شرعا , وتم تنفيذ القصاص بهم ... وخرجت للدنيا كالمولود جديد !! )
أما أولادي بعد وفاة والدتهم : ( ... كان هناك أياد رحيمة من الأهل والأقارب .. لكن الدور الحقيقي كان للمواطن مصلح بن عوض الحربي .. حيث شمل أولادي بعطفه وكرمه , وعاشوا معه ومع أولاده , واهتم بهم كأنهم أبناؤه !! .. ورباهم أحسن تربية .. ولايوجد بيني وبينه سوى أنه فاعل خير !!
ووجدت أن هذا دين عليَّ يجب أن أرده للحربي فاعل الخير .. جزاه الله عنا خير الجزاء ... دخلت السجن وهم أطفال , وخرجت وهم في مستوى تعليمي مشرف , ورجال أفرح بهم .. فأربعة منهم في كلية المعلمين , وثلاثة في المعهد والبنت قائمة بشئون المنزل ... ) .
أما الموقف مع الجار الوفي : ( ... من سوء الحظ أن مصلح بن عوض الحربي الذي اهتم بأبنائي ورعاهم ورباهم تربية صالحة , وتعب عليهم كأبنائه اختاره الله , وانتقل إلى جوار ربه وجاء الدور عليَّ لأرد له الجميل !! .. لكن ماذا أفعل ؟ .. لكن سأظل أجاهد على أبنائي وأحاول رد الجميل !! ) .
انتهى ما اخترناه من كلام شاهد القصة .
أما صاحب هذا العمل النبيل , فهو مصلح بن عمر بن عوض من الجبول من قبيلة الحوازم من بني سالم من حرب .
وقد ولد مصلح الحازمي سنة 1348هـ في منطقة المدينة المنورة , ونشأ في ظروف عائلية قاسية , ثم التحق بالخدمة العسكرية كطالب بتاريخ 111368هـ بالمدرسة العسكرية بالطائف , وتخرج منها برتبة ملازم ثاني , وبعد ذلك تدرج في الرتب العسكرية مواصلا خدمة بلاده , متنقلا بين مدنها ومناطقها من الجنوب إلى الشمال ومن الغرب إلى الشرق إلى أن وصل إلى رتبة لواء مظلي بتاريخ 10\11\ 1397هـ .
وقد وافاه الأجل المحتوم سنة 1408هـ .
وكان رحمه الله معروفا بكرمه الزائد , مشهورا بشهامته وحسن أخلاقه , محبوبا من زملائه ومعارفه , رحمه الله رحمة واسعة فقد كان من خيرة الرجال .
