أنا أحد الشيوخ المفرج عنهم بعد تسع سنوات من الاعتقال

أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


لقد طالت غيبتي عن هذا المنتدى الحبيب إلى قلبي، ولم يكن ذلك لزهد فيه ولا رغبة عنه، بل هو عندي من أحلى المجالس و أقربها إلى قلبي، وكيف لا يكون وهو مجمع العلماء والفضلاء والأخيار؟ ، لكن هذا الانقطاع لم يكن عن رضا واختيار، ولا عن قصد ولا إصرار، لكن مكره أخاك لا بطل، فقد طالت يد السجان الجهاز الذي كنت قد أدخلته خلسة من السجانين، لأعيش لحظات من النور وسط عتمة قاتلة ، ولأستنشق عبركم شيئا من الهواء النقي وسط جو نتن، سنوات من الغيبة عنكم كنت فيها أسير زنزانتي و حبيس ما نزل بي، أرجو من الله أن يتقبل مني و ألا يضيع صبري وجهدي.
قد يذكرني الكثير منكم في هذا الملتقى وأنا اناقش عقيدة المولى إدريس، أو أستفسر عن العلة في ضعف المشارقة في اللغة، أو أطرح إشكالا على بعد اللهجة المغربية عن العربية الفصحى، أو حين سألت عن فقهاء المالكية بالمغرب اليوم، أو عن أعلى المغاربة إسنادا، أو عن ملوك العدل بالمغرب الأقصى،أو غيرها من المواضيع التي أثارت هممكم العلمية فشاركتم و أفدتم، لكن ما لم يكن لكم علم به هو أني كنت أكتب كل ذلك وغيره وأنا يدي على قلبي من أن يراني أحد السجانين فيحرمني جهازي، إن لم يكن أسوأ من ذلك فيرمي بي في غرفة العقوبة ، وقدجربتها شهورا فرأيت بها من الويلات ما لا أقدر على وصفه.
قد لا يدري الواحد منكم كم سلكت من الخطر وكم غامرت لأنال لحظات من المتعة والتلذذ بمحاورتكم و مناقشتكم، لأن ذلك كان عندي فسحة الضوء الوحيدة وسط عالم أسود مليء بالإهانات و الإذلال وتمريغ الكرامة.
وها أنا اليوم عدت إليكم حرا طليقا بعد تسع سنوات من الاعتقال بالسجون المغربية أسأل الله أن يتقبلها مني وأن يجعلها في ميزان حسناتي، بارك الله فيكم ووفقكم وسددكم لما فيه خدمة هذا الدين ، وسلام الله عليكم

أحد الشيوخ المفرج عنهم بعد تسع سنوات من الاعتقال