عمت البصائر وماتت الضمائر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد جائه اثنان يختصمان :
"انما انا بشر وانكم تختصمون الي فلعل بعضكم ان يكون الحن بحجته من بعض فاقضي له على نحو ما اسمع فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعه من النار فلياخذها او ليتركها "
وقوله "قطعه من النار" تمثيل يفهم منه شده التعذيب فهو من مجاز التشبيه كقوله تعالى "انما ياكلون في بطونهم ناراً"

وقوله فلياخذها او ليتركها : للتهديد لا للتخيير كقوله تعالى "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
وفي هذا الحديث من الفوائد :
1- اثم من خاصم غيره بالباطل لينال به حراماً فمن ادعى مالاً وحلف عليه ثم حكم له به فلا يبرأ عند الله
2- وفيه ان فصاحة اللسان وروعة البيان قد تكون ثمن العذاب في النار ولهوان .
3- وان اي ربح وان علا واي كسب وان غلا لا قيمه له اذا كانت النهايه له : جهنم
4- وان من احتال لباطل بوجه من الوجوه حتى ناله فلا يحل له اخذه ولا يرتفع عند اثمه والقاضي بشر والبشر لا يعلمون الغيب ولا استتر من ضمائر الناس وانما يقضي القاضي بما سمع من اقرار وانكار او بينة ليس غير فإذا كان بعض الناس ادرى بمواضع الحجه ولحن القول ربما فازوا ببعض المتاع في الدنيا لكنهم اشتروا به شقاء الاخرة.
كل هذه المعاني ثارت في قلب الصحابيين من قول النبي صلى الله عليه وسلم فارتعدا خوفاً ووجلاً وبكى الرجلان
وقال كل منهما للاخر : حقي لك فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم اما اذا فعلتما فاقتسما وتوخيا الحق ثم استهما ثم تحاللا
ولو ان كل اخوين في سوق او شريكين في تجاره او متنازعين على تركه استذاءا بانوار هذا الحديث لاختفت كثير من نزاعات اليوم وقضاياه ولكن عمت البصائر وماتت الضمائر