نفح العبير في فضائل التبكير
بسم الله الرحمن الرحيم
(( ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد ))
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد أمابعد...
فللتذكير الذي أمر به الله سبحانه وتعالى بقوله : ((فذكر إنما أنت مذكر )) [ الغاشية 21 ] ، وقوله : ((فذكر إن نفعت الذكرى )) [ الأعلى 9 ] ، وللنصح الذي أخبر عنه النبي e بقوله : ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ )) رواه مسلم .
لهذا وذاك أكتب لك أخي المبارك هذه الكلمات أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعني وإياك بها .
أخي بارك الله فيك .....
إن أهم عبادة بعد الشهادتين الصلاة ، كيف لا ؟ ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ )) رواه الترمذي وصححه الألباني . وقوله صلى الله عليه وسلم : ((الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ )) يعني المنافقين .
ومن أهم الأمور المتعلقة بالصلاة صلاتها في جماعة مع المسلمين في بيوت الله ، واسمع الى هذا الموقف الذي هم به صلى الله عليه وسلم مع أولئك الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة حيث قال : ((إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ )) مسلم ، وهذا دليل على وجوب الصلاة مع الجماعة في المسجد وهل تراه صلى الله عليه وسلم سيحرق عليهم بيوتهم بالنار لو كانت الصلاة في جماعة سنة وليست واجبة .
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ )) رواه مسلم .
ثم اسمح لي أخي بارك الله فيك أن أذكرك بشيئ من الفضائل والأجور التي ينالها ذلك المسلم الحريص على التبكير لصلاة الجماعة ، فمن تلك الفضائل :
1.المبكر الى الصلاة يمكنه الترديد مع المؤذن الذي ثوابه الجنة فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ)) رواه مسلم ، ومعلوم أن كثير ممن يتأخرون عن الصلاة يفوتهم هذا الأجر .
2.المبكر الى الصلاة يدراك فضيلة الصف الأول فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ )) رواه بن ماجة وصححه الألباني ، وجاء في رواية : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ )) رواه النسائي وصححه الألباني .
و استمرار التأخر عن الصف الأول أمر خطير قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ )) رواه أبو داوود وصححه الألباني .
كما أن التأخر عن الصف الأول يبعد المصلي عن صفوف الرجال قال صلى الله عليه وسلم : ((خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا )) رواه مسلم .
3.المبكر الى الصلاة يتمكن من الدعاء بين الأذان والإقامة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)) رواه الترمذي وصححه الألباني .
4.المبكر الى الصلاة يتمكن من الصلاة بين الأذان والإقامة ، فقد حث على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ((بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ)) رواه البخاري . وقد تفوت المتأخر السنة القبلية لصلاة الفجروالسنة القبلية لصلاة الظهر .
5.المبكر الى الصلاة يتمكن من إدراك تكبيرة الإحرام فقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن عظم فضلها بقوله : ((مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ )) رواه الترمذي وحسنه الألباني .
6.المبكر الى الصلاة يتمكن من قول : ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ)) بعد رفع الإمام من الركوع وفي ذلك من الأجرما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) رواه البخاري .
7.المبكر الى الصلاة يتمكن من قول : (( آمين )) بعد أنتهاء الإمام من الفاتحة وفي ذلك من الأجر ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ((إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) رواه البخاري .
عن سعيد بن المسيب قال :
(( ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد ))
أورده الذهبي في السير وقال : (( إسناده ثابت )) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
