أسرار الهداية....... في القرآن والسنة .( الجزء الأول)
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم
بسم الله الرحمن الرحيم
كل مسلم يعتقد اعتقاداً لا شك فيه أن القرآن هو الكتاب الذي أنزله الله لهداية البشر وأن من اتبع القرآن واستمسك به كان من المهتدين بإذن الله ...ونحن نقرأ في أول القرآن في سورة البقرة قوله تعالى : " ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى ً للمتقين " ونقرأ أيضاً " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " ...وأنا أريد أن أتكلم هنا عن سر من أسرار القرآن وآية باهرة من آياته ومعجزة من معجزاته فيها سبيل إلى الإيمان واليقين الراسخ بإذن الله ....وفيها هداية للإنسان المؤمن إلى الصراط المستقيم الموصل إلى الجنة .بحيث يكون القرآن - بالإضافة إلى السنة - هو مرجع الانسان في كل شؤون حياته ....
ولشرح هذه الطريقة وهذا الإعجاز القرآني الفريد أضرب لذلك مثلاً :
نفترض أن أميراً من الامراء دعا أهل مدينته إلى احتفال كبير في قصره وأنه سيوزع في هذه الحفلة على الضيوف والحضور هدايا و كنوز و أموال كثيرة ومن لم يحضر من أهل المدينة إلى القصر في الوقت المحدد للحفلة فيستم القبض عليه و سجنه و إنزال أقصى العقوبات عليه .. ..مع العلم أنه ليس هناك من أحد في المدينة يعلم مكان القصر ...والطريقة الوحيدة لمعرفة مكان القصر هي بإتباع لوحات إرشادية تم وضعها في كل طرقات المدينة ومن يتجاهل هذه اللوحات فلن يستطيع اطلاقاً الوصول للقصر ...وفي يوم من الايام فوجئ الناس عند طلوع الفجر برجال ينادون في الناس أن هذا اليوم هو اليوم الذي ستقام فيه الحفلة عند منتصف الليل ...وأن على جميع أهل المدينة الحضور ...ومن يتخلف سيعاقب ...عندها بدأ أهل المدينة بالاستعداد للحفل ...وعندما نزلوا إلى الشوارع وقرروا التوجه للقصر اكتشفوا أنهم لا يعرفون قصر الأمير ....وانقسموا إلى فئات عديدة ...منهم فئة بدأت تمشي قي طرقات المدينة باحثة عن القصر ..وهي مستمرة في البحث وجدت سوقاً كبيراً فيه محلات ودكاكين وملاهي ومطاعم فقررت التوقف في هذا المكان وبدأت في التجول في السوق لساعات طويلة ...تنتقل من محل إلى محل ومن دكان إلى دكان ...تستمع بالملاهي ...وتجرب الوجبات في المطاعم ..حتى أنها نست أن هذا اليوم ليس عادياً ...وأن هناك حفلة مطلوب من الجميع الحضور إليها ...وبينما هم في السوق والملاهي إذ يفاجئون بهجوم مجموعة كبيرة من الجنود ينهالون عليهم بالهروات ويشبعونهم ضرباً ورفساً و يجرونهم إلى عربات ستأخذهم إلى سجون الملك ....مجموعة أخرى من أهل المدينة ...بدأت في السير إلى قصر الأمير ...وانطلقت في الطرقات تنتقل من طريق إلى طريق ومن شارع إلى شارع .. وكانت تدور في حلقة مفرغة في المدينة ...تنطلق تائهة تبحث عن القصر بلا فائدة ...حتى أقبل منتصف الليل وهي عاجزة عن الوصول للقصر ...وكان مصيرها مثل مصير المجموعة السابقة ...لم يعلم هولاء أصحاب المجموعة أن هناك لوحات إرشادية واضحة وضعها الملك في كل طرقات المدينة ..البعض منهم لم يكونوا يعلمون أصلاً أن هناك لوحات إرشادية ...بعضهم كان ينكر انكاراً عظيماً وجود لوحات إرشادية ويجادل الآخرين في هذا .و بعضهم كان يعلم بأمر اللوحات ولكنه تجاهلها ولم يبحث عنها ولم يعرها أي اهتمام ..والبعض الآخر كان يعلم بأمر اللوحات...وكان يراها أمامه في الطرقات ...لكن المشكلة أنه لم يستطع أن يفهم ما هو مكتوب في اللوحة ولم يبذل الجهد في معرفة معنى الكلام المكتوب في اللوحة ...اعتبرها مجرد لغز صعب ...ولا حاجة لإتعاب الذهن في حله !..وقرر أنه يمكن اللوصول للقصر بدونها ... مجموعة أخرى ...سمعت أن هناك مجموعة من سادات المدينة وأشرافها سيذهبون إلى القصر ...قررت أن تسير خلف هذه المجموعة ..اينما يسيرون فنحن خلفهم ..وحتماً سنصل ..لأنهم أصحاب مكانة عالية ومرتبة سامية وأصحاب عقول وتفكير سديد لا يمكن أن يخطأوا طريق القصر أبداً فلنمضي خلفهم ...ولنجعلهم يتحملون عنا عناء البحث عن الطريق الصحيح و عن اللوحات الإرشادية ...وإذا حدث أننا فشلنا جميعاً في الوصول إلى القصر ...فيمكن أن نعتذر بأننا كنا نسير خلفهم وهم يتحملون المسئولية ....وهذه الفئة لم تنجح طريقتها أيضاً ولم تستطع الوصول للقصر ....وعندما تم القبض عليها اعتذرت بأنها كانت مجرد تابعة للآخرين ولا تتحمل مسؤلية الفشل وإنما يتحملها موكب السادة والأشراف والعباقرة الذين كانوا يسيرون خلفهم ....للأسف لم يكن هذا العذر مقبولاً عند الملك لأن اللوحات الارشادية كانت موجودة في كل مكان ...فلماذا تجاهلتموها وعطلتم عقولكم ... من البديهي أن نعرف من هي الفئة الوحيدة التي استطاعت الوصول إلى القصر ومقابلة الملك .
* الذي أريد أن أوضحه من المثال السابق عدة أمور :
الأمر الأول :
.....هناك في عالمنا الاسلامي ...مذاهب وطوائف وأحزاب كثيرة جداً . في العقائد والفقه والسياسة ..هناك مثلاً : السني والشيعي والأشعري والصوفي والسلفي ....وهذه المذاهب فيها أفكار كثيرة جداً يختلف أصحابها مع الآخرين فيها ...وكثير من أتباعها يعتبرها مسلمات لايجوز التفكير في صحتها ولا يجوز مطلقاً التنازل عنها ....مع أنها قد تكون مجرد اجتهادات من قبل المؤسسين لها ...تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ ....وقد يكون الصواب والحق في هذه المسئلة مع أصحاب المذهب الآخر ....وقد يكون هذا الاجتهاد البشري خطأ وضلال لا يجوز اتباعه و تقليده ...ويتحمل الإنسان مسؤلية تقليده لهذه الفكرة الخاطئة ....لأن الانسان مأمور بالسير على الصراط المستقيم ...وهو طريق الهداية ...إذاً السؤال ما هو المعيار الذي نعرف به صحة الأفكار المختلفة والمرجع الذي نرجع إليه ونحتكم إليه عند الخلاف ..
اقتبس هنا اقتباسات تشير إلى الجواب على هذا السؤال :
قال تعالى " إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون"
قال تعالى " كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم"
قال تعالى " وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمة لقوم يؤمنون"
قال تعالى " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر"
قال تعالى " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً "
قال تعالى " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا "
.
الأمر الثاني : الإنسان في حياته ....يمارس العديد من الأعمال والسلوكيات المختلفة ويعتقد العديد من الاعتقادات ...بعض هذه الاعتقادات و الأعمال يمارسها الانسان وهو يظن أنها أفكر صحيحة و أعمال خيرة وطيبة ويدافع عن ممارسته لها ويجادل الآخرين فيها ...لكن الحقيقة أنها قد تكون مجرد هوى وضلال ومعصية يحاسب الانسان ويعاقب عليها ...ويحتاج الإنسان من يبين له أن ما يفعله خطأ وأن ما يظنه صواب ليس كما يظن .....و هناك أعمال أخرى تدخل في دائرة الحرام والمعصية ...ويمارسها الانسان بكل براءة ولم يخطر على باله أبداً أنها معصية وضلال وأنه سيحاسب عليها يوم القيامة ...فيحتاج الانسان أيضاً إلى من ينبهه ويبين له قبل أن يفاجأ يوم القيامة بعاقبة هذا العمل ... ..و هناك أعمال وواجبات يجب على الانسان القيام بها في هذه الدنيا مما يتعلق بحياته الشخصية ومما يتعلق بدوره في المجتمع ...وسيسئل عن هذه الواجبات ....وقد لا يشعر الانسان اطلاقاً أن هذا الشيء واجب عليه ولم يخطر بباله مطلقاً ....كذلك أيضاً قد يمارس الانسان عمل ويهتم به وغيره أولى منه واشتغاله بالأول يضيع عليه فرصة العمل بالثاني الذي قد يكون أوجب عليه أو أكثر نفعاً ....المشكلة الكبرى ..أن الانسان إذا جاءه انسان آخره مثله ينبهه أن هذا الفعل ضلال ولا يجوز عمله ...قد يختلف معه وسيجادل فيه ولا يسلم للآخرين ...ولو جاءه إنسان مثله ونبهه أن هذا الفعل واجب عليه سيختلف معه أيضاً و يجادل فيه ولا يسلم ...وقد يكون الحق مع الشخص الآخر وقد لا يكون ....فما هو المرجع الذي يرجع إليه الانسان ويحتكم إليه ويعرف به صحة أفكاره ومعتقداته ..ويعرف به الواجبات التي عليه ...ويعرف به الخطوط الحمراء التي لا يجوز له أن يتجاوزها ...ويستلم لهذا المرجع ويقبل كل ما يأتي منه ..
الأمر الثالث : الإنسان بعد الموت سيقبل على أهوال عظيمة ..قبر وحساب وجنة ونار ....وهو محتاج في هذه الدنيا ...أن يعرف أسباب النجاة ....وأسباب الفوز ...ويحتاج إلى من يذكره اذا ارتكب أمراً له تبعات في الآخرة وهو غافل عنه ....ويحتاج إلى من يدله على الأعمال الصالحة التي تكون بإذن الله سبباً لفوزه بالدرجات العالية من الجنة ....
وهذه اقتباسات تشير إلى الجواب على هذه الأسئلة :
قال تعالى " ويبين الله لكم الآيات "
قال تعالى " يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم"
قال تعالى " ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء"
قال تعالى " وكل شيء فصلناه تفصيلاً "
قال تعالى " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم"
قال تعالى في حق نبيه صلى الله عليه وسلم " وإن تطيعوه تهتدوا "
وقال تعالى " واتبعوه لعلكم تهتدون"
لكن يبقى السؤال المهم .....كيف يمكن أن أرجع إلى القرآن والسنة فأجد فيهما الجواب التفصيلي المبين لكل الأسئلة السابقة ....؟ ....وإن شاء الله سأبين في الجزء الثاني من الموضوع طريقة نافعة سهلة للرجوع إلى القرآن والسنة والبحث فيهما عن كل ما طرح من أسئلة ...وسترون فيها آية عجيبة من آيات القرآن ومعجزة من معجزاته ....
انتظروني في الجزء الثاني ...
