ياغائبا في الثرى تبلى محاسنه...الله يوليك غفرانا وإحسانا
إن كنت تجرعت كأس الموت واحدة...فأنا أذوق طعم الموت ألوانا
مع سقوط ورقة راحلة من أوارق عمري تذكرت بالأمس
كنت أقف وحدي دونك أناجي سنوات من العمر مضت وتسربت شيئا فشيئا كما تتسرب قطرات الماء من بين أيدينا
رحلت بعد أن تركت في النفس حزنا عميق ووحشة مؤلمة
ليس حزنا لإنقضائها بل لأن مالبث منها في حساب العمر لم يكن سوى أقل القليل
هنا بنيت عمري أحلام وأمال وطموحات
هنا كنت وأنتي نبني المستقبل الواعد الجميل
بين أحضان هذا الجبل الأشم
إحتوانا دفئه
ظللتنا أشجاره
وعطرتنا أزهاره
وتهادينا وروده
وغردت لنا طيوره
هاهو جبل أعذب الأشم يقف شامخا كما هو لم يكن للزمن عليه من سلطان
هاهو من كنا نستلهم منه الشموخ والإباء والعزة والكرامة
نعتقد أننا نتطره بماءه العذب الزلال الذي ينساب كالألماس في جداول رائعة بين أشجاره الخضراء الزاهية
نتطهر منه مؤمنين بأن من خلقنا وخلقه وحده فقط من يمكن أن يفرقنا لحكمة سبحانه يراها
لا لا لم يعد كما كنت يوم أنت
كنت سر جماله
وعظمة هيبته
وعزته وإبائه
بل شموخه وكبريائه
آآآآآآه ثم آآآآآآه
هاهو عام جديد تشرق شمسه على الشامخ أعذب فأكون في حضنه دونك وحدي أقلب صفحات عمري الراحلة في أعماقي وبين أروقة ذاكرتي مجتهدا في محاولة ترتيبها وعاجزا عن إغلاقها لأفتح صفحة جديدة لعام وليد
فأخر جاثيا على ركبتي
غير قادر على طي أحلامي وطموحاتي وأمالي وذكرياتي
كيف يمكن لميت أن يملك حيا
أعوام من الذوبان في الأيام والأماكن والوجوه عجزت عن محو صورتك من الذاكرة
إنه الحنين وثورة الوجدان
لم تستطع هذه السنين على حمل قلبي على النسيان
فالناس تطفئ الشموع في أعياد ميلادهم فرحا وسعادة وإبتهالا بعامهم الجديد
وأطفئها أنا حسرة وألم على أيام مضت وإنقضت ولاأمل في رجوعها
تنتابني رعشة
رعشة شوق وحنين
صراع موت وتشبث بحياة
فأبدأ بالهذيان
لأحكي لليوم الأمس الرائع
أحكي قصة تلك الطفلة التى رأيتها تبكي وأنا أستعد للعودة إلى المدينة بعد أن قضيت ثلاثة أشهرالهوا وألعب معها تشرق الشمس حين نلتقي وتغرب حين فراقنا
من تلك القرية التى كنت أغرق في تفاصيلها وتفاصيل بدائيتها وأعشقها عشقا أبديا لايزول إلا بزوال الروح أغادر بحنين للعودة قبل المغادرة
كان جدي يمسك بيدي ويسلمني لعمي الذي كان يمتطي ذلك الونيت الأبيض
ويقوم بتحميل بعض فواكه مزرعتنا هناك التى كان يقوم عليها جدي وجدتي وأعمامي
كان يتجه بي إلى تلك المدينة التى يقطنها أبي وأمي
من الهدوء والسكينة
من رحم السعادة
من أغلى الأماكن
وأجمل الأرواح
إنتزعوني
زجوا بي في صخب المدينة
في عالم اللا شعوربأحد
كنت أنظر خلفي يطاردني سؤال بحثت عن إجابته طوال ذلك اليوم وحين إحتواني ظلام ليلة ذلك اليوم زاد بي الوله وإلحاح السؤال
لماذا تبكي (....)
لم أكن أعرف الإجابة
لكن الزمن كان أسرع مما كنت أتخيل وكان الحنين يشتد بي إلى العودة فأنى لي بها قبل إجازة صيفية أخرى يأتي عمي ليأخذني من حضن مدينة ضاقت بي وبأهلها
إلى باحة قرية إحتوتني والعالم كله معي
متى أعود إليك لأملأ بك فراغات المكان
وأطوي بك ساعات الزمان
كانت ذاكرة الطفل أقصر من كل المسافات وأوسع من كل الطرقات وأسرع من كل الساعات
فلقد بدأت تعرض على شاشة العين كل التفاصيل
كل كلمة
كل همسة
كل حركة
كل نظرة
كل إيمائه
كل ضحكة
ولكل ...من مافات حكاية
يعجز العالم أن يحوي تفاصيلها
فقط وحده نسيج الذاكرة
ودوحة القلب
وأسفار الفكر
من يمكن أن تبسطه وتطويه
أيام وليال وليال وأيام
تنسج عاما بعد عام
فيكبرالحب بالوليد
وتكبر الأحلام والأمال
في القرية كل شيئ بخير لاشر ولاشرور
الناس بالناس والكل بالله
قلوبهم على بعض حانية
وأيديهم بأيدي بعضهم متماسكه
طرق الخوف مقفله
وأبواب الحب مشرعه
نعم
كبرنا أمام كل الناس إلا أمام أنفسنا فمازلنا كما كنا لانعترف بسير الأيام ولامضي الأزمان نعيش حياتنا كما نريدها وليس كما يريدها غيرنا
كان حبا طاهرا عفيفا لم يدنسه هوى النفس
كنت حين ألقاك تموت الكلمة وتذوب روحي ويزيد شوقي وتفيض كل المشاعر إليك
ويولد قلبي معك من جديد
حين ألقاك وتموت الكلمة أظل صامتا
وأخشى عليك من كلماتي بل من همساتي
ويبقى صمتي أقوى من الكلام وتظل عيوني مسهمة في عينيك
فأتمنى أن يموت الزمان حين ألقاك
آآآآآآآآآه ياملاكي
لن يعيدك الكلام ولو ملكت لسان الفكر وسطور البيان
فليس في الوجود لك وجود
فلا قلبك هنا بالحب كما كان ينبض
ولا وجهك الفتان بالجمال يسحر
ولامشاعرك بالود والصدق تبدي
ضحك الزمان وإتحدنا
لكنه مالبث أن كشر عن أنيابه فإفترقنا
فلله الأمر من قبل ومن بعد
ولله ماأعطى ولله ماأخذ
وكل شيئ عنده بقدر
وإنا لله وإنا إليه راجعون
وصبرا يارب أفرغ علينا اللهم صبرا
سأصمت وسأظل صامتا على مابقي من الحكاية
فبدايتها كانت سعادتي وأحلامي وأمنياتي
ونهايتها عذابي وجراحي وألامي
قصتك ملكي وحدي
يحتويها عمري
ترويها دموعي
على الموعد هنا أأتي
...........وحدي
فأنحني وأدفن وجهي في ثرى ظننت أن أثر لك يوما ما كان هنا
فأرويه بدموعي لعله يختلط بشيئ منك تركته يوما ما هنا
بعد أن كان هنا عذب الكلام
الصمت حل به وأقام
سأصمت ....ياملاكي
لانها تغيرت الدنيا وتبدلت الأوضاع وإنقلبت الموازين لم يعد لهذا الوجود أي وجود
لم يبق شيئ يمكن أن أكتبه في صفحة عامي الجديد إلا عمر موحش وذكرى موجعة وأحلام ذابلة تترامى بين أيام العمر
حتما سنلتقي في دار سبقتني إليها فكل أملي أن أرضي ربي ليمن علي بأن ألقاك في صحبة حبيبي وحبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم
سأتذكرك وسأظل لك ذاكرا فذكراك وهج حياتي
كل عام سأزورقبرك وألقي عليك من بعيد السلام فأبكي لتغسل الدموع ناظري ليتوهج من جديد متأملا أن يراك
عاهدتك وسأظل عند عهدي ماحييت
أن أحفظ الزهرة التى تركت
آآآآآآآآآآآآه ياعذابي
من تركتها لي ورحلت عني وعنها
أسميتها بإسمك
لأظل أناديك فلايموت في حياتي إسمك قبل حياتي
تكبر أمام عيني
قطعة منك
بل هي أنتي
بل يستحيل أن يكون أحد أنتي
تناجيك كما أناجيك
تتأمل ماتركت لنا من ذكريات
فتقتلني
حين تطلب أن تقبل عيني
فأسئلها لماذا
فتقول
إني أقبل في عينك أمي
ألم تكن في عينك أمي
تفيض محاجرنا
فتلتقي أدمعنا
وأحزاننا
ونبكيك
وسنظل نبكيك
فأنت قد غلبت النسيان
سأظل على قبرك أبكيك
سأذكرك وحدي
وعليه أستعيد بقلبي وفكري رصيد أحلامي وألامي وأمنياتي وأوجاعي وذكرياتي
أستعيدها بعد أن مضت وإرتحلت فذهبت حزينة جريحة في عينيها بقايا حنين وعلى شفتيها إبتسامة غاربة
أعذب ميسان
