مسوغات الجرح والتعديل :
لقد أوجوب الله سبحانه وتعالى الكشف والتبين عن خبر الفاسقين فقال( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) , كما أن الله رتب رد خبر الفاسق على فسقه , فعلة رد خبر الفاسق إنما هى الفسق , فليزم من ذالك أن يكون الراوى الذى تقبل روايته عدلا فى دينه فقال ( وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ) .
وقد عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرح ,وسن للمسلمين القول فى الناس على سبيل النصيحة , فقال ( أرى عبد الله رجلا صالحا ) وقال : ( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلى من الليل ) يقصد به ابن عمر رضى الله عنه .
وقال فى الرجل الذى استأذن عليه ( بئس أخوا العشيرة ) , فقد استدل الإمام البخارى بهذا الحديث على جواز غيبة أهل الفساد والرأى كما هو واضح فى ترجمة الباب , حيث قال : باب ما يجوز من اغتاب أهل الفساد والرى .
وفيه دليل على أن إخبار المخبر بما يكون فى الرجل من العيب على ما يوجب العلم والدين من النصيحة للسائل ليس بغيبة , إذ لو كان ذالك غيبة لما أطلقه النبى صلى الله عليه وسلم , وإنما أراد أن بئس للناس الحالة المذمومة منه , وهى الفحش فيجتنبونها , لاأنه أراد الطعن عليه والسلب له , وكذالك العلماء إنما أطلقوا الجرح فى من ليس بعدل , لئلا يتغطى أمره على من لا يعلمه, فيظنه من أهل العدالة فيحتج بخبره .
