الدرس الأول شرح كلمة لاإله إلا الله لإبن عثيمين
[SIZE=3]شرح كلمة لاإله إلا الله
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ليس هناك نعمة أعظم من نعمة الإسلام والتوحيد وكلمة لا إله إلا الله وهي أعظم شيء كان من أجله الوجود فبكلمة لا إله إلا الله قامت بها الأرض والسماوات وخلقت لأجلها جميع المخلوقات وبها أرسل الله الرسل وأنزل كتبه وشرع شرائعه ولأجلها نصبت الموازين ووضعت الدواوين وقام سوق الجنة والنار ، وبها انقسمت الخليقة إلى المؤمنين والكفار ، والأبرار والفجار ، فهي منشأ الثواب والعقاب ولإجلها جردت سيوف الجهاد ، وهي حق الله على جميع العباد ، فهي كلمة الإسلام ومفتاح دار السلام وعنها يسأل الأولون والآخرون فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين
["]ماذاكنتمتعبدون؟وماذاأجبتمالرسل["]؟
فجواب ماذا كنتم تعبدون بتحقيق لا إله إلا الله معرفة وإقرار وعملا وجواب ماذا أجبتم الرسل بتحقيق أن محمد رسول الله معرفة وإقرار وانقياد وطاعة
فالتوحيد هو الباب الوحيد بينك وبين الرحمن
فمعنى لا إله إلا الله إي لا معبود بحق إلا الله وهي الاعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح .
فلو أقر الإنسان بكلمة التوحيد كلمة لا إله إلا الله بقلبه ولم ينطق باللسان لم يكن موحدا ولم تنفعه ولو قالها باللسان ولم يعتقد بها بقلبه لم يكن موحدا مثله كالمنافق ومن قالها اعتقاد بالقلب وقول باللسان ولم يعمل بجوارحه فهو لم يحقق التوحيد كامل وعنده نقص في التوحيد ونقول أن عنده خلل في الاعتقاد والانقياد .
فلا إله إلا الله هي أساس التوحيد والتوحيد أصل الدين الذي لا يقبل الله من الأولين والآخرين ديناً غيره وبه أرسل جميع الرسل وأنزل جميع الكتب وينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام
توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات .
توحيد الربوبية هو الذ ي أقر به مشركي مكة ولم ينفعهم إقرارهم بتوحيد الربوبية فقط لأنهم كانوا مشركين بالله قال تعالى ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله بل أكثرهم لا يعلمون )
واستحل النبي صلى الله عليه وسلم دماءهم وأموالهم وأوجب لهم النار وهم كانوا مقرين بأن الله وحده خلق السماوات والأرض وهو الرازق وكانوا مقرين بأن آلهتهم مخلوقة ولكنهم كانوا يتخذونهم شفعاء ويتقربون بعبادتهم إلى الله قال تعالى ( ويعبدون من دون الله ما لايضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون )
فالدين الإسلامي مبني على أصلين على أن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيء وأن يعبد الله بما شرعه له على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الذي لم يقر به كثير من الناس .
وهو حقيقة قولنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وهو الإقرار لله وللرسول
قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )
والعبادة هي : أسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة والعبادة مقسمة على القلب واللسان والجوارح فمن صلح قلبه ظهر على لسانه وجوارحه ومن فسد قلبه ظهر على لسانه وجوارحه .
والعبادة مبنية على المحبة والتعظيم ففي المحبة يكون الرجاء وفعل الأوامر طلباً للوصول إلى محبة الله عز وجل وثوابه
والتعظيم به يترك الإنسان المناهي التي نهى الله عنها ويخاف من عقابه .
وللعبادة شرطان الإخلاص لله ـ والمتابعة للرسول الله صلى الله عليه وسلم
فعبادة الله تكون بفعل المأمور وترك المحظور وفعل المأمور عند الله أعظم من ترك المحظور والدليل عندما أمر إبليس أن يسجد لآدم أبى فطرده من رحمته وعندما نهى آدم عن أكل الشجرة فأكلها وتاب غفر له .
وشهادة أن لا إله إلا الله لها شروط فعندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( قول لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال بعض السلف المفتاح يجب أن يكون له أسنان .
شروط لا إله إلا الله التي يجب على كل مؤمن ومؤمنة تحقيقها وبتحقيقها يكون من الذين يدخلون الجنة بغير حساب
1 ]العلم] :
والدليل ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) أي العلم أنه لا يستحق هذه الكلمة إلا الله
2 ا
[]ليقين]]
]: والمعنى هنا أن يوقن بقلبه ويعتقد صحة ما يقوله من أحقية إلهية الله تعالى وصحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
3ـ ]الانقياد]
وهو الأتباع بالأفعال وهو الاستسلام والإذعان ، وعدم التعقب بشيء من أحكام الله تعالى مثال أمرنا الله بالحجاب نقول سمعناً وطاعة ونعلم ما هي شروط الحجاب الذي لا تغفل مسلمة في وقتنا الحاضر عن شروطها وأعرضي حجابك على الشروط فان تطابقت فأنت أطعت الله ورسوله وإن كان هناك نقص في الشروط فعليك وزرك ووزر من تبعك من دون أن ينقص من أوزارهم شيء ( ليحملوا أوزارهم يوم القيامة كاملة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم )
فبعض الناس الدين عنده بالهوى إذا أحب شيء عمله وإذا لم يحب لم يعمله قال تعالى (أفراءيت من اتخذ ألهه هواه ) وليس الألهه هي الأصنام فقط ولكن كل متبوع من دون الله وكل مطاع .
ولما أتى عدي ابن حاتم الطائي إلى الرسول صلى عليه وسلم فقرأ عليه الرسول ( أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ) قال عدي والله ما عبدناهم قال الرسول أليسوا يحرمون ما أحل ويحرمون ما أحل الله قال بلا .
فإذا علمنا وأعتقدنا ولم ننقاد لم نحقق التوحيد
4 []لصدق
في قول كلمة التوحيد لقوله صلى الله عليه وسلم ( من قال لا إله إلا الله صادقاً من قلبه دخل الجنة ، فيجب أن تكون أعتقاد وقول وفعل وأنقياد .
قال سهل بن عبد الله ما من ساعة إلا والله سبحانه وتعالى يطلع فيها على قلوب العباد فأي قلب رأى فيه غيره سلط عليه إبليس )
5 ـ][]لإخلاص ]
ودليلها ( فاعبد الله مخلصا له الدين ) وقال بعض السلف ( ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص لإن الإنسان يرى أنه قد حقق التوحيد وهو لم يحققه وذلك أن النفس متعلقة بالدنيا تريد حظوظها من مال أو جاه أو رئاسة ، وقد تريد بعمل الآخرة الدنيا وهذا نقص في الإخلاص .
فالله سبحانه وتعالى ماحرم شيء إلا أحل مكانه أحسن منه ومافيه فائدة لنا ومصلحة أحل الله البيع وحرم الربا أحل الله الزواج وحرم الزنا أحل الطيبات وحرم الفواحش ماظهر منه ومابطن
إذن الدين فيه سعه ولكن الشيطان هو الذي يغوي ابن آدم ويزين له الأعمال المخلة بالتوحيد
وقال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) وقال تعالى في الحديث القدسي ( يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطا يا وأتيتني لا تشرك بي شيء غفرت لك ولا أبالي )
فالشرك لا يغفره الله أبدا لا نه جناية في حق الله سبحانه وتعالى فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل أشترى له عبد من ماله الخاص ثم أسكنه داره وقال أعمل وارفع لي فجعل يعمل ويرفع إلى غير سيده
وفي الأثر ( أني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وارزق ويشكر سواي خيري إلى العباد نازل وشرهم إلي صاعد أتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إلى بالمعاصي
فالإنسان لا يأمن على نفسه عدم الشرك يقول أنا في بلد التوحيد فهذا إبراهيم عليه السلام يقول ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام إي أجعلني في جانب والأصنام في جانب وهو إبراهيم خليل الرحمن وإما الحنفاء فما بالك بنا نحن إذن فلا نأمن من الشرك ولا نأمن من النفاق .
وقال ابن أبي مليكه ( أدركت ثلاثين من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف على نفسه النفاق )
وعمر بن الخطاب المبشر بالجنة كان يخاف على نفسه من النفاق فقال لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه كاتب سر النبي قال له ( أنشدك بالله ، هل سماني لك رسول الله صلى الله وسلم من المنافقين فقال حذيفة لا ولا أزكي بعدك أحدا
وكان رسول الله صلى الله وسلم يقول أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال الرياء .
6 ـ
][6]المحبة لله ولرسوله ]
]: كل ما يحبه الله ورسوله من الأعمال والأقوال وكذلك محبة أولائه وأهل طاعته سئل ذو النون المصري رحمه الله
متى أحب الله فقال إذا كان ما يبغضه الله أمر عليك من الصبر
فالله سبحانه وتعالى يحب أن يراك حيث أمرك ولا يحب أن يراك حيث نهاك
فياأبناء الإسلام
فلنكون ممن يحبون الله ورسوله قال تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حباً لله )
والند هو النظير أو المشابه أو الذي يساوي في المحبة مع الله فما بالك بمن كان عنده الند أحب من الله والعياذ بالله فمن الناس من يكون هواه أحب إليه من طاعة الله ورسوله .
=7]
الكفر بما يعبد من دون الله قال صلى الله عليه وسلم ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله )
فهنا لا يكفي قول لاإله إلا الله بل لا بد أن تكفر بجميع العبادات التي تعبد من دون الله وتكفر بكل كفر
فمن يقول لاإله إلا الله ويرى اليهود والنصارى اليوم على دين صحيح فليس بمسلم .
وأسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يجعله شاهدا لنا لا شاهد علينا وأن يغفر لنا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين وأن ينصر الإسلام والمسلمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
وصلى الله على سيدنا][/COLOR]المراجع فتح المجيد
وكتاب التوحيد لإبن عثيمين
والأصول الثلاثة لإبن عثيمين
