خاطره بعنوا ..الكثره الكثيره من الناس
لكثرة الكثيرة من الناس المعلبين، في هذا الزمان المر المعلقم، يدلقون ألسنتهم على طولها، ويلهثون
وراء الجنازات، ليس لتشيعها ونيل ما تيسر من الحسنات، بل ليشبعوا لطما وندبا، بعد أن أعلنوا
موتهم بأنفسهم، وحكموا على حالهم بالكآبة المزمنة، ودهنوا زجاج نوافذهم بالسخام، فصارت كل
الألوان واحدة في عيونهم: سوداء ..!!
بل أن القلة القليلة منا يجيدون الحديث عن أفراحهم ومسراتهم، ويقدرون أن يقطروا السعادة وماءها
من أقسى أنواع صخور التعاسة، ففي غالبية أمرنا نحن ضليعون ومحترفون وموهوبون بالحديث
والإسهاب عن أحزاننا وآلامنا، حتى لو كانت بسيطة وطارئة ..!!
معظم قصائد المعلقات لم تبدأ إلا بالوقوف الإجباري للبكاء على الأطلال الدامسة الدارسة، وعلى آثار
موضع الحبيبة الخائنه، التي رحل أهلها في ليلة منزوع منها ضوء القمر، وقد تساءل متهكما الشاعر
هل يجوز أن يجلس الفتى باكيا على أطلال عينيه، بدل أن يقف ..!!
وغالب أغانينا، وحتى الحديثة منها، نادرا ما تراها أو تسمعها إلا تئن عتابا وتقطر توجعا من ظلم
الحبيب وقسوته، بل إنها محشوة حتى أعناقها ((الأغاني)) بالألم المفتعل الفج، وتعج بالتحسر المتلعثم
وكأن الحب ليس فيه إلا الفراق والشقاق والنكد ..!!
نار الحب، ظلم الحب، هجرتك، ظلموه، مش حرجعلك تاني، ابعد عني، أتقلب على نار الغظى، وأستطيع
ان املأ صفحات وصفحات من تلك الأغاني التي تنظر إلى جانب واحد من الحب فقط، هو جانب قسوته
وناره وحرقتها، فهل جرب أحدهم أن يكتب عن جنة الحب وجنانها ورعشاتها وجمالها ..!!
عندما تكتب عن الحب، تنبت لك أجنحة من ورد وياسمين، وتطير بك في فردوس معطر بنشوى
البيلسان والبخور والعود، وعندما نحب ونحب، تنقلب الآية رأسا على عقب، فتدور الشمس حول
الأرض، وتدور الأرض حول قلبك الخافق بالنغمات، هل جربت معنى أن تحب ..!!
ما من أحد في أغنية، إلا ويكيل التهم للحبيبة بالقسوة والظلم، فهل اقتربت من أنفاس حبيبك، وقرأت
نبضات دمه، وكيف تحمر وجنتاه، إذا ما مسها طيف عينيك الرامح,, وهل جرب أحدهم أن يغني أغنيه
تهطل حلاوة وعسلا لأن الحبيبة داعبت بأصابعها كؤوس الغيم ذات صباح فطلع الندى كحبات اللؤلؤ..!!
أم جرب أحدهم أن يغني عن خجل الورد اذا ما مرت الحبيبة من جانب سور حديقتكم ..!!
لم لا توجد أغاني عن حجم الرعشة الخجلى، إذا ما تصاعدت أنفاسك، وأنت تفتح منديلا ورقيا ملفوفا
فيه رسالة من حبيبتك، التي تنظر إليك من طرف الشباك، لماذا نحن سوداويون لهذا الحد من العتمة ..!!
ولم لا توجد أغنية، عن حالة انعدام الوزن، إذا ما ضمتك حبيبتك في ذات حلم بعيد وكيف صحوت وأنت
طائر كريشه في مهب الحب لكنك أبيت أن تمسح النوم عن عينيك، كي لا يخلص هذا الحلم وتذوب في الصحو البليد ..!!
ما أجملنا إذ نتحدث عن أفراحنا كأطفال،, وما أجملنا اذ نعشق، فنغدو بشرا معبئين حبا حتى رموش عيوننا
كنت هنااااااا.,,,وغدا لا اعرف .. قلب قساه الزمن ...!!