رحلتي مع الإرشاد (60)
فتشت في ذاكرتي عن مواقف صعبه مرت علي أثناء عملي في التعليم بشكل عام وفي الإرشاد بشكل خاص ، فما وجدت أصعب من أن الإنسان يحب شيئا معينا ولكنه لايستطيع الحصول عليه ، ومحبتي لمجال الإرشاد هي التي أبقتني حبيس هذه المهنة على الرغم من الفرص الثمينة التي ضاعت على خارج الإرشاد، واحتقار بعض الناس للإرشادهو ما كان يزعجني أكثر ، مع أن أولئك الذي ينتقصون المرشد عندما أنظر إليهم في عملهم أجدهم لاشيء ، بعض الناس يريد المرشد أن يفعل ماعجز عنه فهو يعتقد أن المرشد ملك منزل من السماء لاصلاح التعليم ،تقودني الذاكرة يوما ما إلى موقف أزعجني حيث دعيت لالقاء محاضرة عن أساليب علاج التأخر الدراسي وقد كان هذا الموضوع يستهويني ، لكن المشكلة أنه موضوع مطروق من قبل وواسع أيضا لايكفي فيه محاضرة أو محاضرتين على العموم أنا قدمت المحاضرة في مدارس أهلية كبرى ولكن الذي أزعجني في الأمر أن مدير هذه المدارس على الرغم من خبرته الطويلة في مجال التعليم قال لي يا أستاذ إبراهيم لماذا لم تثبت على تخصصك الأصلي وهو اللغة العربية أفضل من هذا التخصص الذي أنت متمسك به؟ وهو الإرشاد وكأن الإرشاد عار لا يستحق أن الإنسان يتخصص فيه ، لا أدري عن سبب مقولته هذه ، أنا طبعا سكت لأنه لافا ئده من الرد على أمثال هؤلاء وألقيت محاضرتي وخرجت دون أن أجد منه عبارة شكر على الأقل ، ربما أنه لايريدني أن أقدم المحاضرة ربما كان ينتظر غيري ولكنه تصدق علي وأتاح لي الفرصة لإلقاء المحاضرة على مضض منه ولكن الحمدلله أنا واثق من نفسي بالعكس لقد تفاعل معي الحاضرون بشكل جيد ماكنت أتوقع ذلك ، طبعا هذه الأمور أحفظها في الذاكرة ولا أقولها لأحد إلا عند كتابتي لمثل هذه المذكرات ، لأنها من بوح الذاكرة فأحببت ذكر ذلك للناس لأنه ربما لاتأتيني فرصه أن أتحدث عما في نفسي يوما ما ، كما أني لم أذكر اسم هذا الرجل لئلا أغتابه لكني وصفت شعوري فقط ، وهذا موقف واحد من مواقف كثيرة كنت أتحملها وأسكت ، وهذا المواقف يحسن السكوت عليها لئلا تحدث بلبله .
على كل هناك أناس يريدون تحويل الإرشاد إلى وعظ ونصح والإرشاد غير ذلك في نظري ، فالنصيحة ليست بحاجة إلى شخص مدرب متخصص ، النصيحة يقدمها أي شخص الأب ينصح والمعلم ينصح وإمام المسجد ينصح والعم والخال لكن النصيحة لاتؤثر كثيرا مالم يتم البحث عن موطن الداء وعلاجه وهذه المهمة لايقوم بها إلا مختص في الإرشاد ومدرب على ذلك .
أتذكر أنني عندما انتقلت من المجمعه للرياض عام 1396هـ قال لي أحد المشرفين إذهب لأي مدرسة ثانوية قريبه من بيتكم وأسأل مديرها إذا أرادك أن تعمل لديه لتعود إلينا ونعطيك توجيه للمدرسة التي تختارها ، فذهبت لثلنوية اليمامة وكان مديرها آنذاك الأستاذ الفاضل/ عبدالرحمن الثاقب العجاجي صار فيما بعد مديرا عاما لمدارس الرياض، ذهبت لهذه المدرسة لسمعتها الحسنه ولأني كنت متدربا فيها في الفصل السابق لأني كنت أدرس الدبلوم العام في التربية ، ولكن الأستاذ /عبدالرحمن ليس من السهوله التي تجعله يقبلني عنده على الفور ، وهو لايعرفني فقال لي : لعلك تنتظر قليلا عندي معلم كبير في السن سوف نحاول إزاحته ونضعك بديلا عنه ، فخرجت من عنده ونفسي تحدثني ألا أعود إليه فنفسي ترفض أن أكون سببا في إبعاد شخص عن وظيفته ، ربما أن الكلام الذي قاله لي ليس صحيحا ولكن هذا أسلو ب بعض المديرين المهذبين الذين لايريدون أن يصدموا الشخص بعدم قبولهم له ، ذهبت لمدرسة أخرى قريبة من اليمامة الثانوية هي ثانوية الجزيرة بعليشة فدخلت على مدير المدرسة بالإنابة وطلبت منه أن يعطيني ورقه للشئون الفنية بالإدارة العامة للتعليم بالرياض لأعمل عندهم فأعطاني ورقه ، ذهبت بها للإدارة فوجهوني للمدرسة ، وبعد مضي سنتين أفاجأ بأحد الزملاء يقول لي إن عبدالرحمن الثاقب يقول لقد غلطت غلطه كبيرةحينما جاءني إبراهيم الدر يعي ولم أقبله معلما لدي ـ أنا لاأريد أن أمدح نفسي يعلم الله وأعوذ بالله من كلمة أنا إنني أعمل حتى في الإجازه الصيفية بدون مقابل وغيري من المدرسين يتمتعون بإجازاتهم ، أحد المعلمين الفضلاء يقول نريد أن نحفر لك قبرا في ثانوية الجزيرة ولم أدع المدرسة إلا بعد حصولي على بعثه للولايات المتحدة لدراسة الماجستير في الإرشاد عام 1403هـ ، والله الموفق
