.:.
يمرُ العام تِلوَ العام ، ولنا في كُلِ عامٍ ذكريات ، أبكتنا بعضها وأضحكتنا أخرى .
في العامِ الواحدِ ثلاثـُمائةٍ وخمسَةٍ وسُتون يوماً ، فيَومٌ نقضِيهِ في طاعَة ، وآخرُ في صِيَاعة .
في العامِ المُنصَرم ذكرياتٌ بينَ الألمِ والأمَل .
في العامِ المَاضِي ارتفعَت رُؤوسنا حِيناً ، ولكِنهَا انحَنت في أحيانٍ كثيرَة .
أحبَبتُ هنا أن أقِفَ وَقفاتٍ حولَ عامِنا الذي انقضى قبلَ أيام .
قلّبتُ بَعدَ أن انقضى هذا العَام رُوزمَانة التقويم لأتذكَرَ مَواقِفنا المُشتركة ، وصِراعَاتنا في هذهِ الحياة ، فخَرجتُ لكم بهَذه الوَقفات :
<> <> <> <> <> <> <> <> <> <> <>
الوَقفَة الأُولى :
.:. كَائنٌ نَجس يَغزو العَالم .:.
حَيوانٌ غريب يُثيرُ الرُعبَ في العَالمِ بأسرهِ .
القاراتُ السبعُ تنتفضُ مِن هيبتهِ ، وتحَاولُ التخلصَ منهُ .
لقد أصَابَ ذلكَ الحَيوان مَرضٌ مُزمِن ، ولكن -للأسف- نحنُ من تألمنا مِن مَرضِهِ .
وللعِلمِ فهذا الحَيوانُ الذي وَضعَ الناسُ لهُ ألفَ حِساب ، هو مَن قال اللهُ فيهِ :" إنـَّـهُ رجس "
بَل زادَ على ذلك أن قال :
" إنـَّـهُ نَجَس "
فعليكَ لعنة اللهِ أيُها الخِنزيرُ الخَبيث .
كَم أرعَبتني وأرعبتَ أبناء بلدي ومَن حَولنا مِن القُرى !!
أنتَ الذي يُصيبُك الزكامُ ونحنُ من يموت مِن زكامِكَ !!
ولكِن تباً وقبحاً لكَ فعُلماء المُختبراتِ لم ولن يَدعوا لك سَبيلاً لانتشارِ زكَامك المُنتن .
فقد أعَدوا العُدةَ وأجلبوا بخَيلِهم ورَجْلِهم وعَقاقيرهِم ليقضوا على خُبثك .
فأخرَجوا لنا " اللُقاحَ الحُلم " فَفرحَ العالمُ وأخذوا يُهددونَ الخِنزيرَ به .
ففاجأهم النَجسُ بلعبةٍ أخرى ، حيث قال لهُم بالحَرفِ الواحدِ :
" بدري عليكم اللقاح غير آمن " !!
فطارَ الناسُ في المعمعةِ وصَاحوا بأعالي حِبالِهم الصَوتية الخمس :
" هجوا يا ناس ، لا تطعمون عيالكم تراه يجيب العقم والسرطان و ... إلخ "
فأصبحَ الوضعُ مقلوباً .
بَدلاً مِن الخوفِ من الداءِ أصبَحنا نَخشى الدَواء .
ولكِن لا غرابة ، فنحنُ في عالمٍ مَعكوس .
لذلكَ قال أحَد الحُكماءِ -ولكنه من فئةِ المزارعينَ يبدو- :
" الدنيا معكوسة تزرع خيار تطلع كوسة "
أمَّا أنا فأقولُ لذلكَ الحكيم :
" الدنيا معكوسة ، فالأدوية تسبب الأمراضَ بدلاً مِن عِلاجهَا "
أتدرونَ أعجبُ ما في هذا المرض :
أننا كنا نُعاتبُ الصحَة السعودية ونقولُ للرَبيعَة :
تكفى شف لنا أي علاج !!
فتزهل ذلكَ الوزيرُ الرائع وأحضرَ اللُقاح ، ولكِن بعدَ أن تأكدنا أنَ الخطرَ قد زالَ قلنا له :
" تضحك علينا يا وزير تطعم نفسك وبناتك بفيتامين سي وتقول هذا لقاح الخنازير "
يا سبحان الله أيها الشعب الغريب !!
وزير أمّـنـَهُ وليُ الأمر على صِحة الشعب ، وقد عُرفَ هذا الوزير قبلَ أن يكونَ وزيراً بإنسَانيتهِ الفذّة .
حيثُ يتميزُ بمِيزةٍ لا يوجدُ لهُ شريكٌ بها في هذا العالم ، إنها فصلُ التوائم !!
عمَلية إنسَانية قبل أن تكونَ طبية .
رَفعَ فيها الربيعَة رُؤوسنا عاليةً .
ومَع هذا لا زلنا نقدَح في نيتهِ وفي مقاصِدهِ ، ومَا زالت نظريةُ المؤامرةِ تسيطرُ علينا .
بَقي أن أقول :
لقد أخطأ مَن قادَ حملة التطعيم ضدَ هذه الأنفلونزا المُستجدة ثلاثة أخطاءٍ فضِيعةٍ :
فقد أخطأ في الأولى عِندما أرسلَ ورَقة تعهُدٍ لأولياءِ الأمور عن إخلاءِ مسؤوليتهِ مِن أي أعراضٍ قد تصِيبُ الطفلَ بعد اللقاح !!
ثم إنه أخطأ خطاً أعظمُ من سابقهِ عندمَا أتى اللقاح بعدَ أن هَبطت مؤشراتُ المرض وقلّت هيبَتهُ .
فلو أنَّ اللقاحَ أتى مع بدايةِ العامِ الدراسي لجزمتُ لكم بأنَّ الجميعَ سيأخذهُ بلا استثناء .
وأمَّا ثالث الأخطاءِ فهو أنَّ طريقة أخذِ اللقاح مُريبة لأنها عن طريق الحَقن .
فلمَ لم تكُن مثلاً عن طريق التنقيط ؟؟
لكي تكونَ الحملة أخفَّ صيحةً وأريح بالاً مِن الحَقن .
أقولُ وأقولُ ولكن لا أزيدُ على أن أقولُ لكم يا جنسَ البشرِ ويَا بني آدمَ :
" حَانتِ الآن الحُروبُ الحَيوانِية " !!
فالخنزيرُ ينتشِر ، و المَاعز في الطريقِ ينتظر ، و الكَلبُ يريدُ أن نحتضِر ، و الجَملُ غاضبٌ منا ولكنه يريدُ أن ينتقِم و... و... إلخ .
فالقائمة تطولُ وتطول .
ولكن لا نقول إلا :
اللهمَ ارفع عنا الوَباء وارحَمنا برحمتِكَ التي وَسِعت كلَّ شيء ..
<> <> <> <> <> <> <> <> <> <>
إلى اللقاءِ في وقفتِنا الثانية
.:. جلدٌ منفوخ وعقلٌ مَصلوخ .:.
حتى إصدار هذهِ الوقفة ، اتركُكُم في رعايةِ الله .
.:.
منقول
