فيروز…. كذبك حلو
؛
الأمل .. عذر مقنع جدا للبقاء والاستمرار
عذر منطقي للانتظار والتوجس .. وترقب الظفر بالسعادة المرجوة
مهلا مهلا ما السعادة ؟
أليست نوع من الطمأنينة .. أليست إقناع النفس أن كل شيء على ما يرام
أليست خداع ظرفي يذهب فور التعود
أيا ليثني ما عرفتك يا الأمل ولا عرفت بصيصك المترامي من بعيد .. أراه من هنا كما لو كان قريب
إنما الواقع أنه نائي جدا .. بعيد جدا .. بعد النجوم البراقة عن الأرض المسطحة
منذ زمن بعيد كانت الأفكار مختلفة تماما .. تفاؤل ساذج .. سرور بسيط لا يكدره مانع
فجئت أنتَ يا الأمل وحكيت لي كم ينتظرني من سعادة .. وأماني تحقق .. وأحلام تعاش .. سردت
لي تفاصيل الفرح .. رونق السرور .. حددت لي زوايا الضحك ومنحتني سهام من نور .. لأوجهها
فأصيب الهدف
نعم يا الأمل .. صنعت بداخلي بأعماقي جميل الأمنيات ووعدتني بالظفر .. كونت بقلبي الصغير
حب كبير لكل الناس .. جيدين قساة
أولست أنت من جعلتني أحترم الصالح وأبرم الأعذار ما حييت للطالح .. والظالم والسيء
ياااه يا الأمل
كذبت علي
وكان كذبك حلو المذاق .. طيب الطعم حتى أني صدقته دون نقاش ..
بلهاء صدقته دون بحث صحته ومصداقيته
حمقاء صدقته دون النظر لعينيه ومحاولة قراءة أفكاره
خدعتني
وما بعد الخداع إلا الخيبة
خدعتني والحياة قاسية لا تمنح متنفس لتدارك الظرف .. ولا لتدارس المسألة بروية
خدعتني والجدران لا ترحم .. تضيق وتضيق حتى أحسها تطبق علي دون رادع
خدعتني بدنيا جميلة .. صافية .. بريئة وعند أول منعطف حصدني الطوفان
فكان ذاك منعطف الخيبة
أحسست لأول مرة بالحزن يتآكلني .. وبالألم يلتهم الأخضر واليابس من جسمي
آه ثم آآه يا الأمل لو تدري فقط حدة المفاجأة
لو أنك فقط جهزتني لاستقبال الخيبة .. لو أنك فقط لم تجعلني أتيه في بحر الجمال والأحلام
لو أنك لم تفعل .. لما كان الحزن محزن
ولا كان الألم مؤلم .. أضعاف أضعاف
كذبك حلو
سحقني
وأستغرب حقا كم للذات البشرية من طاقة لتحتمل ومتى تخمد الطاقة هذه لتنهار وتهوي فتريح
وترتاح
كذبك حلو
وها هو صوت الفيروز يتناهى من المذياع
" كان الامل فيك ولسا باقي فيك ...يعني ما في شي بيرضيك .... خليك "
" كذبك حلو يا أول كذبة صدقتها بحياتي......... كذبك حلو يا أحلى كذبة واخترتها بذاتي"
استمع واستمع .. بكل كلمة .. بكل نغمة تجرفني الذكرى لترمي بي هناك بموطن الكذبة
كذبك حلو يا الأمل يا عزيز الروح
مازل يسحقني بحدة .. مازالت أتجرع تبعاته مرة تلو الأخرى
