رحل والدي وغيّب الموت بهجة قلبي ونور عيني.. فكيف أنساك يا والدي؟ أنسى نفسي وأنسى العالم ولكن لن أنساك..
كيف أنسى تلك الكلمات التي كانت هي أول ما هتف بها لساني وترددت على شفاهي منذ أن كنت طفل صغير وما زلت أهتف
بها حتى بعدما فقدتك يا أبي؟ ليتك تعلم أني لا استطيع أن أنسى هذه الكلمة مهما تقدم بي العمر، فلي الحق بأن أهتف بها
وليس لي الحق بأن أنادي بها أحدا بعدك يا والدي. ولكن سوف أهتف بها في منامي وبيني وبين نفسي، سوف أناديك يا أبي
لأحكي لك عن كل ما يدور ويجول في خاطري لعل شيئًا من الحزن ينزاح من قلبي ونفسي. أبي أحس بأنك تحس بمعاناتي
وأحزاني ولكن لا تحزن يا أبي على حالي فالحزن عليك أصبح جزءًا من حياتي أتجرعه منذ فقدتك يا أبي، ولو كان للحزن وسام
لمنحت أنا هذا الوسام، أرى كل شيء من حولي حزينًا وحتى ابتسامتي الباكية وجلوسي وكلامي وهيئتي كلها يطغى عليها
الحزن، لقد ترك موتك جرحًا عميقًا في نفسي وثقبًا كبيرًا داخل قلبي لن تندمل هذه الجروح ولن تنسينا الأيام والسنين أبًا رحيمًا
طيبًا، فقدت تلك العين التي كانت تراقبني لتحميني.. فقدت أحاسيسه ومشاعره التي بها يكشف عن حزني وفرحي.. لن أرى
تلك العيون.. ولن أجد تلك الأحاسيس والمشاعر مرة أخرى.. بعدك يا أبي من سينتشلني من حزني وأرقي ليدفعني إلى شيء
من الفرح؟ لن أراها مرة أخرى في دار الدنيا أبدًا. لقد ذهب أغلى شيء عندي بالوجود.. رحل وترك جمرة في داخلي.. رحل
وتركني بصمتي ووحدتي.. ترك فراغًا كبيرًا في حياتي.. حتى صوتك يا أبي رحل وأصبح بعيدًا.. بعيدا. بعدك يا أبي انطفأت
البسمة من شفاهي.. والسعادة ليس لها مكان عندي.. والآهات تعتصر قلبي.. وأنين يؤرق منامي.. أنام على ذكراك.. أتمنى
أن أراك وأسمع صوتك وأصحو على دموعي وهي تبلل وسائدي.
