[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
الدافعية مصطلح بدأ ظهوره عام (1880) في انكلترا وامريكا في كتابات بعض العلماء عندما تكلموا عن الرغبة والقصد، الارادة والفعل الارادي، فكتب (سالي) مثلا ان الرغبة التي تسبق الفعل والسلوك وتحدده تسمى القوة الدافعة او المثير او الدافع، وقال (جون ديوي) في عام (1886) حينما تختار الرغبة تصبح دافعا.
وفي بداية القرن العشرين اصبحت الدوافع موضوعا مهما في علم النفس، ويرجع ذلك بقدر كبير الى (وليم ماكدوجل ،1938) وهو عالم سلوكي انكليزي وقد اطلق على الدوافع (الغرائز) ، وعرفها على انها قوى موروثة لاعقلانية تجبر السلوك على اتجاه معين. وهي تشكل بصورة جوهرية كل شئ يفعله الناس، ويشعرون به او يفكرون فيه. وقد تبنى العديد من علماء النفس الاوائل وجهة نظر (ماكدوجل) وحاولوا التعرف على الغرائز الخاصة المسؤولة عن جميع الافعال الانسانية. وتضم قائمة (ماكدوجل) للغرائز التي نشرها عام (1908) حب الاستطلاع، النفور، العدوانية، تاكيد الذات، الهروب، تربية الطفل، التكاثر (التناسل)، الجوع، الاجتماعية، والتملك.
ويكتسب موضوع الدافعية اهتماما متميزا من المعنيين بدراسة الانسان والمتعاملين معه، وذلك لارتباط سلوك الفرد بدوافع متعددة تثيره وتحركه وتوجهه في آن واحد نحو اتجاهات محددة، لذلك استخدم موضوع الدافعية لتفسير السلوك الانساني في محاولة للتنبؤ بذلك السلوك والتحكم فيه.
وقد اكتسبت دوافع السلوك البشري اهميتها في علم النفس نظرا لانها تمثل الاسس العامة لعملية التعلم وطرق التكيف مع العالم الخارجي والاسس الاولى للصحة النفسية ، وعلى مدى تنظيم هذه الدوافع واشباعها يتوقف التنظيم العام للشخصية، الامرالذي جعل علماء النفس يوحدون بين الشخصية ودوافع السلوك. ولكي يحدث السلوك لابد من وجود حافز او دافع له ، والدافع او الحافز هو اي عامل داخلي في الكائن الحي يدفعه الى عمل معين ، والاستمرار في هذا العمل مدة معينة من الزمن حتى يشبع هذا الدافع ، فنحن نلاحظ ان الكائن الحي اذا جاع بحث عن الطعام، فاذا عثر على طعامه ظل ياكل حتى يشبع، فالشعور بالجوع دفع الكائن الحي الى البحث عن الطعام ، كما ان نفس هذا الحافز جعله يستمر في عملية الاكل حتى يشبع حاجته منه . ومعنى ذلك ان حاجات الكائن الحي ودوافعه هي نقطة البدء في السلوك.
لذلك تعرف الدافعية على انها " حالة داخلية في الفرد تستثير سلوكه، وتعمل على استمرار هذا السلوك وتوجيهه نحو تحقيق هدف معين" .
الوظائف الاساسية للدافعية:
هناك ثلاث وظائف اساسية للدافعية هي:
1- تحريك وتنشيط السلوك بعد ان يكون في مرحلة من الاستقرار او الاتزان النسبي . فالدوافع تحرك السلوك او تكون هي نفسها دلالات تنشط الاجهزة العضوية لارضاء بعض الحاجات الاساسية .
2- توجيه السلوك نحو وجهة معينة دون اخرى، فالدوافع بهذا المعنى اختيارية،أي انها تساعد الفرد في اختيار الوسائل لتحقيق الحاجات عن طريق وضعه على اتصال مع بعض المثيرات المهمة لاجل بقائه مسببة بذلك سلوك اقدام. وعن طريق ابعاد الفرد عن مواقف تهدد بقائه مسببة بذلك سلوك احجام.
3- المحافظة على استدامة السلوك طالما بقى الانسان مدفوعا ، او طالما بقيت الحاجة قائمة . فالدوافع بالاضافة الى انها تحرك السلوك تعمل على المحافظة عليه نشيطا حتى تشبع الحاجة .
حالات الدافعية :
الدافعية مفهوم عام ومركب لا يشير الى حالة خاصة محددة ، يشمل عدة مفاهيم ، ونظرا لكثرة ما يحدث من خلط بين هذه المفاهيم ارتأى الباحث توضيحها على النحو التالي:
- الحاجة need : : هي "حالة من حالات النقص والعوز ترتبط بنوع من التوتر يزول عند قضاء الحاجة وسد النقص ، وهذا النقص قد يكون من الناحية الفسيولوجية كالحاجة الى الدفء او قد يكون من الناحية النفسية كالحاجة الى الانجاز "
- الغريزة instin : : هي "قوة بيولوجية فطرية تدفع بالفرد الى التصرف باسلوب معين ، وهي نمط من الاستجابة الفطرية المعقدة المتجهة نحو تحقيق غاية"
- الحافز drive : هو "تسهيلات مادية ومعنوية تقدمها البيئة المحيطة بالافراد لمساعدتهم في الوصول بدوافعهم الى غايتها اشباعا لحاجاتهم ." وكذلك يشير الى زيادة توتر الفرد نتيجة لوجود حاجة غير مشبعة او نتيجة للتغير في ناحية عضوية عنده . وهذا التوتر الزائد يجعل الفرد مستعدا للقيام باستجابات خاصة نحو موضوع معين في البيئة الخارجية بهدف اشباع حاجته او استعادة توازنه الفسولوجي ، ومن امثلة الحوافز الجوع والعطش .
- الباعث incontive : " هو احد خواص الاهداف التي من خلالها تشبع الحاجات لذلك فهو يمثل المنبهات والمثيرات الخارجية التي تدفع الانسان الى سلوك ما ."
ويشير ايضا الى الشىء الذي يهدف اليه الفرد ويوجه استجاباته سواء نحوه او بعيدا عنه . ومن شأن الباعث ان يعمل على ازالة حالة الضيق او التوتر الذي يشعر بها الفرد ، ومن امثلة البواعث الطعام الذي يقابل حافز الجوع ، والماء الذي يقابل حافز العطش.
أهمية الدافعية في المجال الرياضي :
احتل موضوع الدافعية في الرياضة مكانة متقدمة في مجالات الدراسة والبحث سواء في مجال سيكولوجية المنافسات او علم نفس الرياضة .
وموضوع الدافعية يعد من بين اهم الموضوعات التي تهم المدرب الرياضي، اذ يهمه ان يعرف لماذا يقبل بعض اللاعبين على ممارسة النشاط الرياضي في حين يكتفي البعض الاخر بالمشاهدة ؟ او لماذا يمارس بعض اللاعبين العاب او انشطة رياضية معينة دون سواها من الانشطة الرياضية الاخرى ، كما يهمه ان يتفهم لماذا يستمر البعض في ممارسة النشاط الرياضي والمواظبة على التدريب ومحاولة الوصول لاعلى المستويات الرياضية ، في حين ينصرف البعض الاخر عن الممارسة ويتركونها في منتصف الطريق ؟ وما اهمية الحوافز او البواعث او المثيرات التي يمكن ان تحفز او تثير اللاعب للوصول لاعلى المستويات الرياضية. وهم بذلك كله يتساءلون عن الدافعية واهميتها وطرق استثمارها تطبيقيا في عملهم التربوي الرياضي .
هناك قول مأثور في التراث الغربي يقول (يمكنك ان تقود الحصان الى النهر ولكنك لا تستطيع ان تجبره على الشرب) لانه سيشرب من تلقاء نفسه عند ما يكون في حاجة الى الماء ، أي عند ما تكون لديه الدافعية للشرب . وكذلك هو الحال في الرياضة ، فانه يمكنك ان تقود اللاعب الى الملعب للاشتراك في منافسة رياضية معينة ولكنك لاتستطيع ان تجبره على الاجادة وبذل اقصى الجهد لانه سيقوم باداء ذلك من تلقاء نفسه عندما تتوفر لديه الدافعية لذلك
لذلك تعرف الدافعية رياضيا على انها "جنوح اللاعب / اللاعبة على بذل جهد لتحقيق هدف معين نتيجة قوى داخلية".
مصادر الدافعية في المجال الرياضي :
يتفق أغلب الباحثين في علم النفس الرياضي على انه يمكن تقسيم الدافعية في المجال الرياضي من حيث مصدرها الى قسمين رئيسين هما:
الدافعية الداخلية :
الدافعية الداخلية في المجال الرياضي هي الحالات الداخلية المتأتية من داخل اللاعب نفسه والتي تشبعها الممارسة الرياضية كهدف في حد ذاته. مثل الرضا والسرور والمتعة الناتجة عن الممارسة الرياضية ، والشعور بالارتياح كنتيجة للتغلب على التدريبات البدنية التى تتميز بصعوبتها او التي تتطلب المزيد من الشجاعة والجرأة وقوة الارادة ، او بسبب المتعة الجمالية الناجمة من رشاقة وتناسق الاداء الحركي الذاتي للاعب ، وكذلك الاثارة والتحدي في مواجهة بعض العقبات او الصعاب المرتبطة بالاداء . فكأن الدافعية الداخلية تشير الى ان الاشتراك الرياضي او الاداء الرياضي ما هو الا قيمة في حد ذاته .
الدافعية الخارجية :
أما الدافعية الخارجية في المجال الرياضي فهي الحالات الخارجية التي لاتنبع من داخل اللاعب نفسه وانما تاتي من خارجه والتي تثير وتوجه السلوك نحو الممارسة الرياضية. فالمدرب او الاداري الرياضي او الوالدين او الاصدقاء يمكن اعتبارهم بمثابة دافعية خارجية للاعب. كما يدخل في عداد الدافعية الخارجية المكاسب المادية والمعنوية كالحصول على مكافأت او جوائز او الحصول على التدعيم او التشجيع الخارجي.
العوامل المساهمة في تحديد مستوى الدافعية للاعب:
هناك عوامل عديدة ومتنوعة تسهم في تحديد مستوى دافعية اللاعب ، وتقسم هذه العوامل الى اربعة اقسام رئيسة هي :
اولا : عوامل متعلقة باللاعب : مثل سمات شخصية اللاعب، ومستوى طموحه، ورغباته الذاتية وهذه جميعها تعد عوامل مستقلة للدافعية لا يستطيع المدرب التأثير فيها بسهولة .
ثانيا : عوامل متعلقة بنتائج الاداء الرياضي : مثل خبرات النجاح والفشل ، والتعزيز الايجابي والسلبي والتهديد والعقاب ، وهذه العوامل جميعها تعد مصادر كامنة للدافعية يمكنها ان تؤثر في مستوى دافعية اللاعب . وباستطاعة المدرب ان يؤثر في هذه العوامل بأساليب مختلفة .
ثالثا : عوامل متعلقة بالمنافسة الرياضية : مثل مستوى المنافسة ، واهميتها ، ونظامها ، ومكانها ، وحضور الجمهور ، وطبيعته …….الخ . وهذه العوامل تعد مستقلة نسبيا عن ما يقوم به المدرب الرياضي اذ ان دور المدرب بسيط في احداث تأثير فيها .
رابعا : عوامل متعلقة بطبيعة المهارة : مثل سهولة المهارة وصعوبتها ، ومعلومات التغذية الراجعة ، ودرجة الانتباه الخاص الذي يتطلبه اداء المهارة ، وباستطاعة المدرب ان يؤثر في عوامل الدافعية هذه من خلال عملية التدريب .
