العدوان في الرياضة

[align=center] بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

العدوان في الرياضة:
الرياضة ذلك الميدان الذي يفترض ان يكون قدوة للميادين الاجتماعية الأخرى في التعامل الإنساني السليم مع المحيط وفي القيم الايجابية الكبيرة التي يحملها منتسبوها فإننا وللأسف الكبير نرى ان ذلك الميدان أضحى مسرحا من المسارح الحياتية التي تجيد الإشكال المختلفة للعدوان البشري حيث "يعد العدوان إحدى المشكلات الاجتماعية التي تواجه المجتمعات الرياضية المختلفة والتي لا تتفق مع الأهداف السامية التي تقام من اجلها المباريات والمنافسات و الألعاب الرياضية والتي تهدف الى نشر روح المحبة والتعاون والسلام بين أبناء هذا العالم",فبينما يجب ان يكون الرياضيون مميزين ايجابيا بقوتهم وتواضعهم ولطفهم ومجاملتهم واجتماعيتهم و أخلاقهم العالية نجد ان البحوث قد أشارت الى ان "العنف والسلوك العدواني في المنافسات الرياضية أصبح ظاهرة شائعة الحدوث فالدفع و الشد و المسك والاعتراض على قرارات الحكم أصبحت جميعها واردة في المنافسات الرياضية ناهيك عن ان العنف والعدوان باتجاه المنافس أصبح احد الطرق تحقيق الفوز في المباراة", لمراجعة سبب ذلك نجد ان "السلوك العدواني للاعب شانه شان إي نمط سلوك أخر يقوم به فهو نتاج عدة متغيرات تتكامل مع بعضها البعض لتعطي هذا النمط او ذاك من السلوك فليس هناك متغير واحد فقط هو الذي ينتج السلوك العدواني",ومن هذه المتغيرات هو التأكيد على الفوز والفوز وحده في المباريات التنافسية ولم تكن المبادئ السامية التي تأسست عليها قوانين الالعاب في حساب الإداريين والمدربين((فكثير من الإداريين يصبحون أسرى رغبات أعضاء الفريق والجمهور مما يؤثر سلبيا في سلوكهم... وأحيانا يكون الإداري سببا في شحن الجماهير وهياجها مما يؤثر سلبيا ويجعلها تلجأ للعنف وإيذاء الحكم او الفريق المنافس)).

أنواع العدوان في الرياضة:
تناول علماء النفس والباحثون في هذا المجال العدوان بدقة اكبر حيث حاولوا تصنيفه وتقسيمه الى أنواع حسب السبب او الهدف المؤدي إليه فقد قسم بعضهم العدوان الى "هجومي و دفاعي" ((فالعدوان يكون ضارا وهجوميا عند محاولة الفرد إلحاق الأذى بشخص أخر لم يلحق الأذى به ويكون دفاعيا عند محاولة الفرد إلحاق الأذى بمن حاول إلحاق الأذى به))

وبعضهم ذكر "ان العدوان إما عادي او شاذ ومن علامات الشاذ انه متكرر هائم طليق يحدث دون سبب يدعو إليه ودون تقدير الى عواقبه الضارة".
ويميز (بانديورا) بين نوعين من العدوان في المجتمع هما: العدوان الوسيلي والعدوان العدائي, ويتفق هذا الكلام مع (بس) و (فيشباخ) في ان للعدوان نمطين هما: عدوان الغضب (إي بسبب الغضب) او العدوان العدائي والعدوان الوسيلي.
إما في مجال الرياضة فقد قسم العدوان الى العدوان كغاية (إي العدوان العدائي) والعدوان الوسيلي.
وفي هاذين النوعين فالمقصود بالعدوان العدائي: هو السلوك إلي يحاول فيه الفرد إصابة كائن حي أخر لإحداث الألم والأذى او المعاناة له وهدفه التمتع والرضا بشاهدة هذا الأذى كنتيجة للسلوك العدواني ,إما العدوان الوسيلي فيقصد به: السلوك الذي يحاول إصابة كائن حي أخر لإحداث الألم والأذى او المعاناة له بهدف الحصول على تعزيز او تدعيم خارجي كتشجيع الجمهور او إعجاب المدرب وليس بهدف التمتع والرضا بمشاهدة هذا الألم ,ولهذا يكون السلوك العدواني هنا وسيلة لغاية معينة مثل الحصول على ثواب معين.
وبهذا نرى ان العدوان كسلوك قد يكون هو الغاية (إي إيقاع الألم بالغير) وقد يكون وسيلة لتحقيق هدف معين ,إي ان الفرد في طريقه الى الهدف لابد ان يؤذي الغير ليتحقق ذلك الهدف),ويذكر "سيلفا" بان النوعين السابقين للعدوان هما من نوع العدوان السلبي غير المرغوب فيه نظرا لان القصد منه إيذاء المنافس ويضيف نوعا أخر يطلق عليه السلوك العدواني الايجابي او (السلوك الجازم) والذي يقصد به الإلحاق الأذى بالآخرين فضلا عن عدم خروجه عن قوانين الرياضة التخصصية ومن أمثلة ذلك تشتيت الكرة بقوة بكرة القدم.
وعند مراجعة هذا المثال وبافتراض ان لاعب الكرة هذا بضربته القوية حدث إصابة غير متعمدة للاعب الخصم فهل يمكن احتساب ذلك سلوكا عدوانيا؟ بالتأكيد سيكون الجواب كلا لأنه لايوجد نية لإلحاق الضرر بالغير.

أسباب العدوان في الرياضة:
أولا:العوامل المرتبطة بخصائص الأنشطة الرياضية:
أ****- أنشطة رياضة تشجع العدوان المباشر: قوانينها وقواعدها تشجع التعدي البدني المباشر نحو المنافس بدرجة كبيرة مثل "الملاكمة والمصارعة".
ب****- أنشطة رياضية تشجع العدوان المباشر بدرجة محدودة: وهذه الأنشطة تسمح قوانينها للاعب بالاحتكاك المباشر مع المنافس ولكن في نطاق محدود مثل كرة القدم وكرة اليد.
ت****- أنشطة رياضية تشجع العدوان غير المباشر نحو المنافس :تسمح قوانينها بتوجيه أقوى ضربة للكرة مثلا الى الساحة التي يكون فيها الخصم ولا يعاقب اللاعب على ذلك حتى ان أصابت الكرة اللاعب طالما لم يقصد الإيذاء مثل لاعب كرة الطائرة او التنس يوجه ضربة ساحقة بالكرة نحو المنافس.
ث****- أنشطة رياضية تتميز بالعدوان الموجه نحو الأداة: مثل رياضة الكولف حيث يضرب اللاعب الكرة نحو الحفرة .
ج****- أنشطة رياضية لا تتضمن العدوان المباشر او غير مباشر: ومن أمثلة ذلك التمرينات الحرة وغيرها.

ثانيا: العوامل المرتبط بخصائص المنافسة الرياضية:
أ****- المكسب والخسارة: الخاسرون يميلون الى العدوانية عكس الفائزون.
ب****- تقارب النتائج:العدوان يقل كلما تقاربت نتيجة المباراة بين الفريقين.
ت****- تباين النتائج:العدوان يقل حدوثه عند تسجيل الأهداف الكثيرة لان ذلك يؤدي الى قلة درجة الاستثارة لدى اللاعبين.
ث****- ترتيب الفريق: الفريق او اللاعب الذي يحتل المراكز المؤخرة يظهر قدرا اكبر من السلوك العدواني عن اللاعب او الفريق الذي يحتل المقدمة.
ج****- مكان المنافسة: أثبتت الدراسة "ان الفرق التي تلعب خارج ملعبها تلعب بعدوانية أكثر من تلك الفرق التي تلعب على ملعبها.
ح****- مدة اللعب : العدوان يزاد بزيادة فترة اللعب وهو اقل خلال الفترات الأولى من المباريات.

ثالثا: العوامل المرتبطة بخصائص اللاعب الرياضي:
أ****- الاستثارة الانفعالية: حيث يتميز كل فرد بمستوى معين لشدة الاستجابة نحو المواقف التي يقابلها فهناك من يستجيب بشدة انفعالية عالية مما يؤهله أكثر من غيره لسلوك العدوان.
ب****- الاتجاه النفسي نحو المنافس :أظهرت نتائج الدراسات ان الصيغة التي يدرك اللاعب بها منافسه ونواياه,تؤثر في سلوكه نحو ,فالإدراك السلبي او الاتجاه السلبي للاعب نحو منافسه يزيد من احتمال السلوك العدواني نحو المنافس.
ت****- الخوف من الانتقام "الثأر" : أشارت بعض الدراسات الى ان اللاعب الذي يتوقع ان يقابل سلوكه العدواني بعدوان مضاد او عقاب شديد سوف يراجع نفسه قبل الإقدام عليه,وهذا يعني ان سلوكه العدواني قد تحدد نتيجة الخوف من انتقام المنافس.
ث****- الحالة البدنية والمهارية: حيث "ان لضعف اللياقة البدنية وضعف المهارة دور كبير في السلوك العدواني للاعب".
ج****- الفروق بين الجنسين: تبين نتائج البحوث ان الذكور أكثر عدوانية من الإناث ويرجع تفسير ذلك الى عوامل التنشئة الاجتماعية التي تفرض على الإناث قيودا أكثر في السلوك.