القفص الأرجواني.....؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه اولى مشاركاتي في هذا المنتدى الرائع واتمنى ان تنال على اعجابكم...
____________________________
هذه احدى القصص التي كتبتها واتمنى ان تحوز على رضاكم....
نبدأ................
_______________________________
القفص الأرجواني
وقفت خلف الشرفة وعيناها إلى الأعلى...كان واضحا على ملامح وجهها البرئ الجمود واللامبالاة..كانت أمها تقف عند غرفتها تنظر إليها باستعطاف بالغ..حاولت حبس تلك الدمعة التي انحدرت على خديها بسرعة فأدارت وجهها وغادرت الغرفة.......لم تستطع الأم النوم تلك الليلة..كانت تفكر في مصير ابنتها (نوار)......نوار التي أصيبت بحالة من الوحدة والانطوائية التي لم تكن معروفة عليها من قبل .....نوار التي كانت مثالا للفتاة الاجتماعية المحبوبة..لكن حالتها انتكست بعد أن حصل مالم يكن في الحسبان.......
كانت عائدة في ذلك الصباح من مدرستها مشرقة ضاحكة مستبشرة وماان دخلت إلى المنزل حتى وجدت أمها التي بادرتها بضمها إليها ضمة لم تعرفها نوار من قبل.......نظرت إليها الأم بعينين تقاوم انهمار سيل من الدموع......أمسكت الأم يد ابنتها بحنان وسحبتها إلى غرفتها وأغلقت الباب عليهما...وأجلستها على الفراش...ثم نظرت إليها قائلة:نوار...أنت تعرفين أن أباك يرقد الآن أو بالأصح كان يرقد في المستشفى منذ الأسابيع الثلاثة الماضية اثر مرض الم به...نظرت الفتاة إلى أمها التي لم تستطع حبس تلك الدمعات التي انحدرت على وجنتيها الموردتين...ظلت الفتاة صامتة مندهشة تنظر إلى أمها....التي ماان خرت بالبكاء فجأة حتى نهضت نوار قائلة:ماالذي حدث لأبي ياامي.؟؟نظرت الأم إلى ابنتها ومازالت تلك الدموع تنهمر كالسيول على تلك الوجنات القمحية وهي تقول بصوت متهدج..: نوار...عزيزتي..أنت مؤمنة بالله وتعرفين أن كل ابن ادم على وجه هذه الأرض مصيره أن يلقى وجه ربه وأباك..واباك يانوار...لقي وجه ربه بالأمس...لقد مات ..مات يانوار...قالتها بصوت تحشرج في حلقها طويلا ولم تستطع الإكمال...فأنزلت رأسها قليلا...ثم رفعته لترى ردة فعل ابنتها ...لم تبد نوار أي انفعال...بل تقدمت وجلست على الفراش بجانب أمها وقد تحولت ملامحها إلى الجمود والبرود..والغريب في الأمر...إنها لم تصرخ..لم تبك..لم تذرف ولا دمعة واحدة...لقد ظلت صامتة لم تتكلم..ظنت الأم أن ابنتها أصيبت بالبكم..فأمسكتها وهي تهزها صارخة :نوار....نوار...ردي علي ياابنتي..أدارت البنت وجهها ناحية أمها بكل برود ولامبالاة...كانت تنظر إليها بلا وعي...كالفاقد عقله فجأة..صرخت الأم لابنتها:نوار..لاتفعلي ذلك أرجوك..ولكن نوار لم تبال بصراخ الأم..
وفي العزاء..لم تتحرك الفتاة من غرفتها ..بل لم تستقبل المعزين..ظلت قابعة في غرفتها..مقفلة الباب عليها ...جالسة خلف الشرفة..تنظر إلى ذلك القفص الأرجواني..الذي يحمل بين قضبانه..طائرا كناريا جميل المنظر رائع اللون صغير الحجم..ذلك الطائر الذي احضره لها والدها يوم نجاحها..
مرت ثلاثة أسابيع على وفاة والدها ونوار لم تخرج من غرفتها قط...كانت أمها تجلب لها الطعام ولكنها لاتأكل منه أبدا..كانت تطيل النظر إلى الطائر الحبيس وعندما يجن الليل تأوي إلى فراشها فتدفن أحزانها بعمق بين صمت الوسادة وبرد الفراش....وفي الصباح تعاود الكرة وتجلس عنده...بل أنها طيلة الأسابيع الماضية لم تذرف دمعه واحدة...وكان الأمر لايعنيها...
انقضت الأسابيع الثلاث...وفي الرابع وفي احد أيامه دخلت الأم على ابنتها ومعها شقيقها (خال نوار)...فالتفتت الأم إلى الخال قائلة:أنها هناك منذ ثلاث أسابيع....لم اعد استطع التحمل...اذهب وتحدث معها..حاول معها أرجوك..دخل الخال عليها وعندما رأته فتحت فمها وكأنها تريد قول شئ ..لكنها لم تستطع...كانت عيناها تحملان الكثير من العبر والأحزان لكنها لاتحمل دموعا..ثم أشاحت بوجهها تجاه القفص ونهضت من على الكرسي وتقدمت ناحيته والخال يقف ينتظر مالذي ستفعله..مدت يدها..وفتحت ذلك القفص الأرجواني وحملت الطائر الصغير على كفيها وهي تنظر إليه بنفس ملامح الجمود واللامبالاة ...رفعت كفيها ...وأطلقت سراح ذلك الكناري...حلق الطائر بعيدا...حلق..حلق...فعانق شعاع الحرية لأول مرة منذ أمد طويل...كانت نوار تنظر إليه وهو يصعد إلى السماء فوق..وفجأة وبدون مقدمات نزلت أول دمعة تذرفها عينا نوار البنيتان..تلك الدمعة التي ابتسمت من اجلها الأم..ظلت نوار تنظر إلى السماء..ودموعها تنحدر سجاما واحدة تلو الأخرى..وابتسامة عريضة ترتسم على وجهها البرئ..وبعدها انفكت عقدة نوار وعادت كما كانت...ولكن قلبها الصغير مازال يحمل فراغا بعد ذهاب ذلك الوالد الحنون الذي كان يملأ حياتها بسمة وضياء..وذلك الطائر الذي يحمل كل معاني الحرية والشموخ..