"جعيدة"... "حردانة"... "معطنة"... "مغيوظة"
يحتار الأبوان كثيراً عند اختيار اسم لمولودهما الجديد، فالبعض يفضل المألوف من الأسماء، والبعض الآخر يبحث عن الغريب منها، والآخر يفضل أسماء الأجداد إلا أن بعضها قد يسبب الكثير من الحرج للأبناء، حيث إن بعض الأسماء القديمة ذات معان قد لا تناسب الجيل الجديد.
تقول سهيلة (معلمة) إنها تواجه الكثير من الحرج بسبب الأسماء الغريبة لبعض الطالبات، كما أنها تشعر بالحزن والشفقة عندما تملك إحدى الطالبات اسما يسيئ إليها، ومن الأسماء التي لفتت انتباهها (جعيدة - حردانة - معطنة - مغيوظة)، وغيرها من الأسماء التي بالفعل لا يصح ذكرها لسوء معناها من الناحية الأدبية.
وتقول عبير (ربة منزل) "أبحث جيداً في معنى الاسم قبل أن أطلقه على أحد أبنائي، وأبحث عن المعنى الجيد والحسن، ولا أحبذ الأسماء الغريبة أو البعيدة عن ثقافتنا العربية"، وتشير سوسن (ربة منزل) إلى أن زوجها يحرص على أن يسمي أولادها بأسماء الجد والجدة والأقارب، والتي غالباً ما تكون قديمة ذات مسحة تاريخية، ولا يقتنع أبدا بالأسماء الجديدة المستحدثة مهما كانت معانيها".
وإذا أحسنا التأمل سنجد أن ثقافتنا العربية مليئة بالعديد من الأسماء التي لها أسمى المعاني، وعلى الرغم من ذلك نبتعد عن استخدامها بسبب أن ظاهرها سيئ مثل اسم (زليخة) فقد لا يستخدمه الكثيرون على الرغم من أن معناه المرأة الجميلة، والمفارقة الغريبة هي أن هناك العديد من الأسماء الحديثة المنتشرة بشكل كبير بين المجتمعات العربية والتي يفضلها العديد من الآباء دون معرفة معناها السيئ جداً مثل (مي) والذي يعني القردة الشقية، و( دريد ) والذي يعني من سقطت أسنانه، وأيضا (أدهم) الذي يعني شديد السواد، و(رشوان) وهو من أعطى الرشوة، (عنتر) الذباب الأزرق.
ويقول مصدر مسؤول في الجهة المسؤولة عن تسجيل أسماء المواليد بجدة "المملكة ذات مساحة كبيرة ومترامية الأطراف، لذلك فإن أساليب الحياة مختلفة، ولكل منطقة أسماؤها المعروفة والمشهورة باستخدامها"، ويشير إلى أنه يفاجأ بالكثير من الأسماء الغريبة وغير المناسبة سواء كان اجتماعياً أو دينياً من التي يختارها الآباء لأبنائهم أو بناتهم، ولكن الجهات المسؤولة لا يمكنها منع الأب من اختيار اسم معين مادام أنه لا يخالف الشريعة، فمثل هذه المعاني تمنع وغير مسموح بها، أما الأسماء الأجنبية التي ليس لها معنى عند العرب فلا يسمح للمواطن باستخدامها، أما إذا كان مقيما فيمكنه أن يسمي ما يشاء فهذا شأنه.
ويشير المصدر إلى أنه في حالة رغبة الأب في تسمية ابنه اسما غير لائق اجتماعيا يقوم الموظف بنصح الأب بعدم استخدامه، إلا أن البعض قد يصر على استخدام الاسم، ربما لأنه اسم جدة من أجداده، والذي عادة ما يكون غريبا مثل (صندوقة - بقرة - شهوة - جرادة - مجنة - جلوس - ذبحه- ثومه) وغير ذلك، أو أن يختار اسما لأحد أجداده في البادية مثل: (حنش - وحش - ذيب - جهم - حردان)، ويؤكد المصدر أنه في أغلب الأحيان يعود الأب بعد فترة ليطلب تغيير الاسم، وهناك إجراءات تتبع لتغيير الاسم، حيث تتطلب صورة من شهادة الميلاد وشاهدين وتوقيع العمدة وإعلانا في إحدى الصحف، إلى جانب صك شرعي، ثم يرفع الطلب إلى الجهة المسؤولة في الرياض وتتم الموافقة عليه.
وعن الأثر النفسي الذي يترتب على حامل أو حاملة الاسم السيئ تشير الاختصاصية النفسية حنان مصطفى إلى أنه ربما يؤدي ذلك إلى الانطواء وعدم الثقة بالنفس خاصة عندما يكبر الطفل ويبدأ يفهم معاني الكلمات، ولكن يمكن أن يكون الاسم ذا معنى جيد، إلا أن ظاهره سيئ، مما يسبب لصاحبه خاصة إذا كانت فتاة الكثير من الحرج، ويجعلها تكن الكراهية تجاه الأم والأب اللذين تسببا في حدوث هذا الإحراج لها سواء في المدرسة أو الجامعة أو مكان العمل، وقد يكون الاسم ظاهرة جيد ومعناه سيئ، إلا أنه لا يسبب أي حرج لصاحبه أو صاحبته لأنه مألوف، وليس من الضروري أن يتأذى الشاب أو الفتاة من أسمائهم فقط، بل قد يتأذوا من اسم الأب أو الأم أو العائلة، وهذا أيضا يسبب الكثير من الحرج.
ويقول رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور بكر باقادر "هناك عادة قديمة عند العرب تنطلق من المعتقدات والأعراف، وهي أن تسمي أبناءها بأعدائها وعبيدها بضيوفها، فنجد قديماً أن أفضل الأسماء هي أسماء العبيد والجواري، وأبشع الأسماء تكون للأبناء، وأشار باقادر إلى أنه يجب اختيار أسماء البنات بما يليق بهن، حيث إن أسماء البنات في جميع الثقافات لها علاقة بالجمال والتميز كأسماء الزهور مثلاً، ويضيف أن كل مجتمع له مخزون من الأسماء يعرف به، فقد يطرق مسامعك اسم معين فتتوقع جنسية صاحبه من الخليج مثلاً أو من الشام أو من السودان أو مصر وما إلى ذلك، وقد يختار البعض لأولاده أسماء شخصيات سياسية أو دينية أو فنية، وقد حدث مثل ذلك مؤخراً في فلسطين حيث وافق يوم اغتيال الشيخ أحمد ياسين 16 حالة ولادة، فقام الآباء بتسمية أبنائهم اسما مركبا (أحمد ياسين).
منقول
