***ارى الدنيا بمنظارها الوردي***
قبل فترة من الزمن , عندما كنت لا أزال أرى الدنيا بمنظارها الوردي...
لا أرى فيها إلا الفضيلة
لا أرى فيها إلا الارواح الجميلة
لا أرى فيها إلا ضحكة بيضاء طاهرة نقية
لا أرى إلا معدن صافيِ منير كالفتيلة
يومها كانت هناك مشكلة عصيبة
يومها كنت على أعتاب معرفة الحقيقة
----------------------------------------------------------
يومها تواعدت أنا ومجموعة من الأصدقاء لنتناول وجبة في أحد الشوارع المعروفة ,
كان المغرب قد أوشك على الدخول, و أنا كنت أول الواصلين منتظرا على أعتاب أحد
المطاعم منتظرا إخواني أن يتوافدوا علي تباعا.
كان لحظات لا تشي بما يأتي بعدها, رأيت فتيات يمشين على قارعة الطريق و روائح
العطور تفوح , و رأيت عروض أزياء لفساتين تجعل اللبيب فيها حيران, و أنا أقتلي على
الجمر فقد تأخر الرفاق و ما أنا ممن يرتضي لنفسه المكوث أكثر في هذا الشارع الكئيب.
إنتظرت و انتظرت و الحسرات تملاء قلبي و و كلما مرت فتاة متوشحة بالحجاب دعوت لها
وودت لو كنت أخاها لأقول لها هنيئا لنا بك, و تمر أخرى كاسية عارية , فهي تتوشح
بالسواد و لكن من نظر إليها ظنها عارية, غضضنا الطرف و النفس صارت مثقلة و الطعنات تتوالى,
هممت بالرحيل إلا أن موقفا شدني فلم أتمالك نفسي,
أحسست كانت النار تتأجج في قلبي تحت الرماد حتى جائت تلك الريح العاصف فأصبح
الرماد نارا و النار لهيب و أصبح بركان قلبي قاب قوسين أو أدني من الانفجار.
فتاة تمشي في الطرف الاخر من الشارع, تمشى لوحدها , فلا أخ و لا أب و لا أخت ولا أم و لا حتى
طفل بجوارها.... تمشي بخطى ثابته ورأس مرفوع .... و من ورائها خمسة أو ستة من أشباه
الرجال و الشباب, تفوتت أعمارهم بين الطيش و الرجولة...
كلا يطاردها و يريد الظفر بها.... فتارة يتقدم أصغرهم و تارة يتقدم أوسطهم و تارة يتقدم أكبرهم.
اه ياقلبي ما الذي اراه و ما الذي يجري...
كان كل واحد منهم أذا وصل إلى محاذاة الفتاة نظر إليها و حاورها و كأنه يراودها عن نفسها,
لن أنسى ذلك المنظر ما حييت....
فيتنحى و يأتي دور الاخر, و هم يشدوون السير وراءها... هل رأيتم مثل هذا من قبل؟؟؟؟
تملكني الغضب و اسودت الدنيا في عيني و فاض البركان و ما عدت أقدر على السكوت...
فتاة تمشي و ذئاب تطارد....لم أبالي بما قد يجري.... و لم ألتحف بشماغي حتى لا يعرفني
رفاقي إن وصلوا....
حملت رأسي على يميني و شرفي و سمعتي على يساري و انطلقت مثل السهم يخترق عباب
السماء من قوس رجل غار على أخته, غار على زوجته , غار على أمة و ابنته خاله و عمته,
من قوس رجل غار على أمرأة لا يعرفها حسبها أن تقول ربي الله فترخص لها الارواح و تذود
عنها الانفس,,,, لا أدري لم أفكر و لم أتريث بل انطلقت و أخترقت صفوف الشباب و المارة
لهلي أصل إليها فأحذرها فوالذي نفسي بيده لمنظر الشباب و هي يطاردها لا يوحي بخير
ولولا أن في الشارع مارة و ناس لكانوا أكلوها في الطريق أكل الذئاب للخراف.
تجاوزتهم كلهم و أنا أحث الخطى حتى حاذيتها , فلما وصلت إليها ناديتها و أنا أمشي بجوارها
أختي.......أختي...........أختي
و قلبي يتفطر خوفا عليها و يكاد ينفجر من النقمة على تلك العينة الخبيثة من أشباه الرجال.
يعلم الله أني رجل يتسمى الشرف باسمى و العفاف بكنيتي و لم أكن من أصحاب الاهواء
و الاخدان لله الحمد من قبل و من بعد و لكن أعمتني غيرتي عليها...
إلتفتت إلى .......الحمد لله ...........إلتفتت.............الان أستطيع أن أحذرها.
فإذا بي أصاب بصاعقة من السماء وكأن رجلا صب علي ماءا باردا.
إلتفتت إلي فإذا العيون الكحيلة و العطور التي تذوب القلوب الضعيفة,
كمية كبيرة من المكياج يقدر بالكيلومات فقط في منطقة العين و حدها , أزرق و أسود و غيرها.
أيها الفارس المخبول ,,, أما رأيت كيف كانت عبائتها مجسمة , أما رأيت مشيتها وهي تتقصع,
أعمتني الغيرة و حرصي عليها فما رأيت و ما أدركت......
نظرت إلي وأنا واجم لا أدري لم أوقعت نفسي في هذا الموقف....ماذا لوراني أحد رفاقي
ماذا لو مر أحد أصحابي و أحبابي...
أهذا هو فارسك العفيف ........ هنيئا لي بسمعتي الجديده....
نظرت إليها واستجمعت شتات قلبي من الصدمة و قلت لها:
أخي ورائك مجموعة من الشباب ووالله لا أرى فيهم إلا شرا عليك ... أختي ألا أخذت لك سيارة
أجرة و عدت إلى دارك خوفا عليك منهم......
نظرت إلي بنظرة لا أدري ما معناها ثم التفتت إلى الخلف فرأت أعينهم تنهشها...
لم تبالي
نعم لم تبالي.
و انا انسحبت و لا ألوي على شي..
كنت أراقبها و هي تمشي و أقول الان ستوقف سيارة أجرة, الان,, نعم الان...
لكنها أكملت مشوارها بمشيتها الملوكية و عطرها الفواح و عيونها المشبعة بالزينة...
ذهبت و أنا أتحسر على شبابها و على عقلها...
ذهبت و الذئاب وراءها تنهش الطريق خلفها نهشا...
ذهبت و أخذت معها كبريائي الذي خفت أن يدنسة مشهدي و انا أحذرها.....
لم أكمل يومي ...... فررت إلى بيتي و لم ألقى أصحابي......
مضى زمن طويل على تلك الحادثة و لازلت كلما أتذكرها ينزف قلبي دما و أرقا.
أختي الحبيبة لماذا كل هذا ؟
أختي الغالية لماذا كل هذا ؟
الارواح ترخص لك إن كنت محتشمة متسترة لا يرى منك إلا ما أحل الله, فلباسك فضفاض ساتر.
أين الحياء ؟ و الله ما يزيد جمالك إلا حياءك, أما السفور و المخصر و المكحل فلا يزيدك في
نظرنا إلا بعدا...وإن قالوا لك غير ذلك فهم يلعبون بك.
ندمت على غيرتي عليها .... ندمت أن وضعت سمعتي على المحك.....و الذي بعث محمد بالحق
لو كانت إمرأة كاملة الحجاب و تعرض لها أحدهم فإن إراقة دمي ذودا عنها هي أقل ما يقدم
تحت قدميها تلك الشريفة الطاهرة.
أختي الغالية ليس لنا إلا الظاهر....فإن تسترت كما يجب أحسنا بك الظن .........
و إن لبستي غيرها و تزينتي للمارة في الشوارع فلا تنتظري منا إحسانا للظن و ذودا عنك...
كيف نذود عنك و نحن نظن أن لو جئناك لرددتنا أنت............
أختي الغالية رفقا بإخوانك المسلمين في الطرقات.....إرحمي غيرتهم عليك......إرحمي مجتمعا
يتوسل إليك أن تتعففي و تتستري حتى تحفظي لنا ما بقي من عزنا و شرفنا.....
أدري لقد تحدثت كثيرا لكن سامحوني...فكلما أتذكر هذا المنظر و أرى مثله في الشوارع
يهيج قلبي و ينكأ قلبي من جديد.....
أواه ياقلبي على نساء المسلمين
أواه عليكن يابنات الجزيرة...
أسأل الله أن يحفظكن من كل مكروة و مصيبة... فمهما بدر منكن لا نستطيع أن لا نهتم بكن...
فالصالحة منا....و الطالحة منا.....والمحتشمة منا .......و السافرة أختنا........و المتبرجة منا ......
ألا رحمتي غيره المؤمنين عليك...........
ألا رحمتيها و لبستس حجابك..
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
منقول....
