-
أنقذوا ... البصاص
أنقذوا ... البصاص
بداية لابد أن أعترف أن هذه الخربشة كتبتها بتأثير عاطفة جياشة اجتاحتني عند رؤيتي لتعبيرات وجه البصاص عند مغادرته للشرقية وقد أظهرت مقدار الضغط النفسي الذي يعانيه ومعه لا أتوقع عودته سريعاً مالم يعالج نفسياً من أثر هذه الحملة الشعواء التي بالتأكيد أطلع عليها وتأثر بها .
الجماهير الملكية _ بقوة العاطفة وعدم إنضباطها _ مدفوعة نحو التصفيق لكل لقطة جميلة يظهرها أحد نجومها والانتقاد القوي لكل تجاوز تراه حتى وإن كان من نجوم صفقت لهم كثيراً ولا أنكر عليها ذلك .
فتلك فطرة بشرية وما تفعله جماهيرنا تفعله غالبية الجماهير الرياضية وإن كان ظهور تأثيره أقل لغياب الاحتقان الموجود حصرياً في نادي الأسود الملكية بسبب غيابنا القصري عن الدوري الذي أرق منامنا ووظف من الأعداء لإحباطنا .
ومع إقراري بأن ردة الفعل جزء من الفعل نفسه إلا أننا بحاجة لضبط ردات أفعالنا وعدم الانسياق خلف الانفعالية الممقوتة كونها أي هذه الانتقادات المبالغ فيها ستعود بالضرر الكبير على أداء اللاعبين وتؤثر على سير الفريق في منافساته القادمة ولا تخدم الكيان في محصلتها النهائية .
لنكن متيقنين أن اللاعب لا يرضى أن يكون محل انتقاد ويسعى جاهداً أن يكون مميزاً بين أقرانه خاصة والمشاركة في المباريات مرتبطة في الغالب بهذا الظهور ويشذ عن ذلك البعض ممن يعتمدون على علاقاتهم الشخصية في المشاركة وهذا برأيي لم يعد له وجود خاصة في الأندية الكبيرة الحريصة على تحقيق منجزات ، يستحيل معها أن تجامل على حساب هذا المبدأ .
من ذلك نستنتج أن انخفاض مستوى البصاص وكل اللاعبين الموهوبين لا يرتبط في الغالب بتقصير من اللاعب نفسه بقدر ما يرتبط بالظروف المحيطة به والتي تؤثر في مستواه ومن ذلك بعض الخلافات الأسرية التي لا يمكن أن يصرح بها لخصوصيتها الكبيرة جداً وبعض السلوكيات الاجتماعية الخاصة أيضاً وكذلك خلافاته مع بعض زملائه داخل الفريق التي تزال أسبابها وتبقى أثارها النفسية ومنها أيضاً إجبار اللاعب على اللعب في مركز لا يتوافق مع إمكانياته فينخفض مستواه دون أن يكون له ذنب في ذلك أو تكليفه بمهام يرضى عنها المدرب ولا يشاهدها المتابع العادي فيسرف في نقده وقد يكون ضحية مدرب حقود يريد إنهائه لأسباب شخصية أو يكون ضحية إخفاق عرضي في مباراة عظم من الجماهير حتى تلبس به وصعُب الخروج منه .
الأهم من ذلك أننا بانتقادنا المبالغ فيه دون النظر للأسباب السابقة وبمطالباتنا بإبعاده عن الفريق ووصفه بأوصاف غير لائقة نعمق المشكلة ونجذر الإخفاق ونُصعب العودة وبالتالي قد نقضي على موهبة قادمة ونتباكى عليها مستقبلاً كما حدث ويحدث دائماً مع لاعبينا وبالتأكيد البصاص يأتي ضمن هذا السياق مما يجعله بحاجة للوقوف والتشجيع ــ غير المبالغ فيه ــ وترك أمر إشراكه من عدمه للمدرب الذي يتحمل المسؤولية كاملة لاعتقادي أنه لن يجامله على حساب الفريق ولن يشركه إذا شعر أن لا جدوى من مشاركته .
وعلينا التوقف عن لعب كل الأدوار في الفريق من رئاسة النادي لملف الاحتراف للملف الاقتصادي للتدريب وخلافه وكأننا أصبحنا عشرة خبرات في واحد بانتقاداتنا المبالغ فيها ( وربما أحدنا يعاني الأمرين في حياته الخاصة فيمارس الفشل في كل جزئياتها ويأتي للتنظير هنا ) .
وكلمة حق بالنسبة للبصاص أو مصطفى الكبير أجدهم يقومون بأدوار إستراتيجية ضمن خطة المدرب التي تهدف لنجاح الفريق ككتلة واحدة وليس شرطاً أن يقوموا هم بالتسجيل الذي يتكفل به السومة ومن يملكون هذه القدرة التهديفية ويتكفلوا هم بخلق المساحات وسحب المدافعين وإيجاد الثغرات في دفاع الخصم بتحركاتهم لكنهم مع ذلك يستفزون الجميع برعونتهم في التهديف خاصة أمام الفرص السهلة فلا يظهروا على المستوى الشخصي ويكونوا محل نقد كبير رغم أن المدرب لا يطالبهم بالتسجيل مقارنة بالأدوار المهمة التي ينجحون فيها .
خلاصة القول لنترك المدرب الذي نثق في قدراته وإمكانياته يعمل في صمت لصنع فريق لا يقهر ولا نستعجل النتائج التي ترتبط بعوامل كثيرة قد يكون منها عدم التوفيق ولنبتعد عن النقد الجارح لأي من اللاعبين إلا في نهاية الموسم عندما يكون لنقدنا قيمة أما الآن فنقدنا دمار للاعب من الناحية النفسية وانهيار للفريق ولن نجني من ورائه أكثر من ذلك وليكن همنا في تحطيم الأرقام القياسية الخاصة بالجماهير فهذا دورنا الحقيقي الذي لا حياد عنه قبل أن يسحب الجار البساط من تحتنا وأراه قد فعل .
