دوافع الأداء الرياضى
تعتبر دوافع الأداء الرياضى سواء كانت داخلية أم خارجية بمثابة دواقع اجتماعية مكتسبة من المجتمعن حيث يمكن تعلمها، واكسابها للنشئ الرياضى. وأن كان الأمر من وجهة نظرنا يحتاج إلى أن نلقى مزيداً من الضوء على أسباب اختيار الناشئ ممارسة نشاط رياضى معين، أو أكثر من نشاط رياضى؟ ولماذا يستمر هذا الناشئ فى ممارسة هذا النشاط الرياضى المعين؟ وما هى أسباب العزوف الكلى أو الجزئى عن ممارسة النشاط الرياضى؟
وربما يكون من المفيد فى محاولة الاجابة عن الأسئلة السابقة وغيرها أن نتعرض لتحليل بعض العوامل الهامة المرتبطة بالاستعداد Reedness للتعلم والأداء الرياضى.
ويعنى الاستعداد الحالة التى يكون عليها الناشئ من حيث القابلية للتعلم والتدريب. فإن وسائل وطرق تنمية الدافعية تفقد قيمتها، إذا لم يكن الناشئ فعلا لدية الاستعداد لتعلم المهارات الرياضية الخاصة لنشاط رياضى معين. ومفهوم الاستعداد يتضمن كلا من الاستعداد البدنى والاستعداد النفسى. ونستعرض فيما يلى شرحاً لكل من النوعين السابقين.
(أ) الاستعداد البدنى:
عندما نتحدث عن الاستعداد البدنى، فمن الأهمية أن نشير إلى مفهوم النضج الذى يمكن تعريفه بأنه عملية تطور ونمو داخلى Internal تتابع بشكل معين منذ بدء الحياة وذلك باتحاد الخلية الذكرية بالخلية الأنثوية. ولا دخل للفرد فيه. وتشمل هذه العملية تغييرات تشريحية وفسيولوجية وعضوية وكذلك تغييرات عقلية. وهى ضرورية ولازمة وسابقة لاكتساب أية خبرة أو تعلم معين. فالنضج شرط أساسى لكل تعلم فهو يضع الحدود والاطار التكوينى الفطرى الذى يكون للممارسة أثرها فى داخله لكى يحدث التعلم. معنى ذلك أنه توجد أنماط سلوكية موروثة لدى الفرد، ولكن هذه الأنماط ليست على استعداد للعمل رغم وجود المثيرات المختلفة فى البيئة الخارجية إلا إذا نضجت الأعضاء المناسبة الخاصة بها. ويمكن توضيح ذلك بحقيقة هى أن الطفل مهما درب لا يستطيع المشى إلا إذا وصل نموه العصبى والعضلى إلى مستوى معين يمكنه من هذا الأداء. وتجدر الاشارة هنا إلى أن النضج بأشكاله المختلفة يعتبر مؤشراً جيداً لمدى استعداد الناشئ لتعلم المهارات الحركية الخاصة بنشاط رياضى معين، ولا شك أن الناشئ، الأكثر نضجاً والأفضل نموا من أقرانه فى نفس العمر سوف يمتلك بناء جسمانيا، وصفات بدنية تسمح له بالتعلم واكتساب المهارات على نحو أفضل.
وعندما نتحدث عن الاستعداد البدنى فمن الأهمية بمكان أن يؤخذ فى الاعتبار المتطلبات البدنية أو بالأحرى الاستعداد البدنى الخاص الذى يحتاج إليه النشاط الرياضى المعين، ولنضرب مثالاً يوضح ما نذهب إليه، فإن كبر حجم الجسم وزيادة قوته قد يمثلان ميزة لاستعداد الناشئ لممارسة مسابقات الرمى فى ألعاب القوى، بينما كبر حجم الجسم نفسه قد يمثل عاملاً معوقاً للتفوق فى نشاط رياضى آخر مثل الجمباز. لذلك اتجه الباحثون فى الآونة الأخيرة إلى تحديد المواصفات الجسمية والبدنية الخاصة التى يتطلبها كل نوع من الأنشطة الرياضية، والتى يمكن على أساسها اختيار الناشئ بطريقة سليمة طبقاً للأسس العلمية. هذا الاختيار الذى يسهم بصورة فعالة فى تحقيق التقدم بالمستوى الرياضى، مع ضمان الاقتصاد فى الوقت والجهد.
(ب) الاستعداد النفسى:
تحدثنا فىالنقطة السابقة عن الاستعداد البدنى، وأوضحنا أهمية أن يمتلك الناشئ الصفات البدنية والجسمية المؤهلة والملائمة لمتطلبات النشاط الرياضى المعين. ولكن ما يجب أن نلفت النظر إليه أن النضج البدنى وحده لا يكفى لضمان استمرار الناشئ فى الممارسة والتدريب، ولكن من الأهمية أيضاً أن يحقق الناشئ النضج النفسى الذى يؤهله للأقبال على ممارسة النشاط الرياضى، وتحمل العبء البدنى والنفسى الناتج عن عملية التدريب واحتمال الاشتراك فى المنافسة. لذلك ينصح بأن قدر الاهتمام الذى يوجه إلى النضج والنمو البدنى يجب أن يواكب الاهتمام بالنمو والنضج النفسى، فمن الأهمية أن نتفهم الانفعالات والاتجاهات الخاصة بالناشئ. فعلى سبيل المثال يجب أن يكون لدى الناشئ الرغبة فى تنمية المهارات الرياضية، ويمتلك الدافع والتهيئة النفسية لمواجهة المتطلبات النفسية الخاصة بالنشاط الرياضى. فكما نعلم أن لكل نشاط رياضى الخصائص النفسية الخاصة التى يتميزبها، فبعض الأنشطة الرياضية تتطلب توفر قدرا كبيرا من الشجاعة والجرأة، للناشئ أو اللاعب، بينما تحتاج بعض الأنشطة الأخرى إلى قدر أكبر من الانتباه والتركيز، فى الوقت الذى قد تحتاج فيه بعض الأنشطة إلى تمتع الناشئ أو اللاعب بسرعة رد الفعل، أو القدرة على تحمل الألم ... ألخ. فضلاً عن أن جميع الأنشطة الرياضية لها خصائصها النفسية العامة المميزة لها، فعلى سبيل المثال يجب أن يتمتع الناشئ الذى يأمل تحقيق التفوق الرياضى بالمقدرة على مواجهة التحديات، أو الاحباطات التى قد تنتج عن خبرات الفشل، التى قد تصاحب الاشتراك فى المنافسات الرياضية، ولديه التهيئة النفسية ليقضى الساعات الطويلة فى التدريب، وما قد يتبع ذلك من التضحية ببعض اهتماماته وميوله الأخرى. أن الناشئ الذى يفتقد التهيئة والاستعداد النفسى، لا شك أنه سوف يكون أكثر عرضة للمشكلات النفسية والشخصية، ومن ثم ينعكس ذلك على مستوى تقدمه فى الأداء الرياضى.
وهنا ينبغى أن نشير إلى أن الكثير من الناشئين الصغار قد يجبرون على الدخول فى خضم التدريب والمنافسة الرياضية سواء من قبل آبائهم الذين يرون تفوق أبنائهم فى المجال الرياضى تعويضاً لهم عن رغبة كامنة لم يستطيعوا هم أن يحققوها، أو قد يكون الأجبار من قبل المدربين الذين لا يعولون أهمية على الناحية النفسية والانفعالية. ومثل هؤلاء الناشئين الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى الاندماج فى برنامج تدريبى متفاوت الشدة، والاشتراك فى منافسات رياضية لا طاقة لهم بها، وقد يحدث نتيجة لذلك أن يعانى الناشئ من بعض أو العديد من المشكلات النفسية فقد يعانى الخوف الشديد من الفشل، كما أن المنافسة قد تسبب له الاهاقاً نفسياً وذهنياً. فضلاً عن مضار بحالته الانفعالية. وهكذا قد تصبح خبرة ممارسة النشاط الرياضى بالنسبة له خبرة مثبطة تتسم بالفشل والاحباط، والتعب النفسى والارهاق الذهنى، وتتجمع هذه المشاعر لتشكل عبئاً نفسياً لا يقوى الناشئ على تحمله، فيترك النشاط الرياضى، ويعرض عن الممارسة والتدريب غير نادم على ذلك.
أسباب ممارسة النشء للنشاط الرياضى:
وعلى ضوء المناقشة السابقة لمفهوم الاستعداد البدنى ومفهوم الاستعداد النفسى وحتى تكتمل الصورة نحتاج إلى التعرف على دوافع اشتراك النشء فى برنامج معين للنشاط الرياضى أو بالأحرى لماذا نجد بعض الناشئين يعطون اهتماماً كبيراً لممارسة النشاط الرياضى؟ ولماذا يقل هذا الاهتمام عند البعض الآخر.
وحتى تتسنى الاجابة عن التساؤلات السابقة يجب أن نفرق بين ما يقرر الناشئ من عمل معين؟ ولماذا يقوم هذا الناشئ بعمل معين؟
أى أنه من الأهمية ألا نخلط بين الاختيار، وأسباب هذا الاختيار، ففى بعض الأحيان قد يختار الناشئ ممارسة نشاط رياضى معين لأسباب ليست نابعة من ذاته، ولكن فى محاولة منه لارضاء والديه، أو للحصول على الرضا الاجتماعى. فكم من ناشئين أجبروا على ممارسة نشاط رياضى معين وأدى ذلك إلى هروبهم المستمر من مزاولة النشاط الرياضى طول حياتهم. أن الأساس المهام هو أن الناشئ سوف يتعلم ويتفوق فى النشاط الرياضى على نحو أفضل إذا استثيرت دوافعه نحو النشاط الرياضى، وليس ثمة شك فى أن دوافع ممارسة النشاط الرياضى سوف تختلف من ناشئ لآخر، فالفروق الفردية قائمة، والاختلافات واضحة، ورغما عن هذا فإن جهود المهتمين بتحليل دوافع ممارسة النشاط الرياضى توضح أن هناك ست فئات أساسية هى على النحو التالى:
* التنمية لمهاراته وكفاءاته.
* الانتساب لجماعة وتكوين الأصدقاء.
* الحصول على النجاح والتقدير.
* التمرين وتحسين اللياقة البدنية.
* التخلص من الطاقة.
* الحصول على خبرة التحدى والاستثارة.
وهنا نلاحظ أن الدوافع السابقة من نوع الدافع الداخلى الناتجة عن الممارسة والأداء، والتى يمكن تلخيصها فى أمرين أساسيين هما أن يجد النشء فى الممارسة أو التدريب فرصة اللعب والمتعة.
أسباب عزوف النشء عن ممارسة النشاط الرياضى:
بعد أن ألقينا الضوء على دوافع ممارسة النشء للنشاط الرياضى، ولآكمال الصورة العملية فمن الأهمية أن نلقى مزيدا من الضوء على الأسباب التى قد تجعل هؤلاء النشء يقررون ترك النشاط الرياضى والعزوف عن ممارسته. أو بمعنى آخر نحاول الاجابة عن سؤال عام مفاده:
لماذا يبدأ الموسم الرياضى باقبال كبير من الناشئين، يرغبون الاشتراك فى البرنامج، ثم سرعان ما يلاحظ تسرب الكثير منهم، ربما بقدر يزيد عن درجة اقبالهم؟
وفيما يلى استعراض لأهم أسباب تسرب الناشئين من برنامج النشاط الرياضى:
1- يتسم النشاط بالملل.
2- يفتقد النشاط التحدى والاستثارة.
3- يفتقد النشاط المتعة والسعادة.
4- تتسم الخبرات المتضمنة فى النشاط بأنها محبطة ومخيبة لآمال الناشئ.
5- شعور الناشئ بالخوف من الفشل.
6- شعور الناشئ بالخوف من النجاح.
7- عدم حصول الناشئ على الاعتراف والتقدير.
8- عدم تحديد الناشئ أهداف واقعية.
9- ضعف المساعدة والمساندة من قبل الأسرة والأصدقاء والمدرب.
