نكد يوم العيد.. ذكرى يوم بكى نور
فريق هو الأكثر استحواذاً في كل مبارياته .. هو الأسرع وصولاً للمرمى .. هو الأعلى لياقة.. الأكثر انسجاماً .. الأفضل جماعية .. الأرقام والتاريخ والأسماء كلها في صالحه
الكل قد أجمع، الكل قد اطمأن بأن مسألة تتويجه هي مسألة وقت، وأنه لابد من لعب مباريات البطولة كإجراء روتيني من باب إعطاء الفرصة للجميع، ولا البطولة محسومة محسومة لهم وحدهم لاسواهم..
كثيرون كانوا ينتظرون المواجهة المنتظرة بين نمور جدة وأساطير البرشا في كاس العالم ..
ذهبوا إلى طوكيو بعد أن هزموا بطل اليابان ذهاباً وإياباً .. ظلوا في طوكيو حتى النهائي المنتظر قبل التتويج المتوقع..
ظهيرة ذلك اليوم، كم من ترك عمله أو جامعته أو مدرسته ليشاهد احتفالية آسيا بملكها المتوج ..
ومنذ الدقيقة الأولى كشر النمور كمان كان متوقعاً عن أنيابهم .. فرصة محققة أضاعها الهداف بووووشا
وتستمر الدقائق، فرصة تليها فرصة.. العارضة تتصدى، الحارس الكوري يستأسد، الكرة تعاند
ضغط من هنا وهناك.. لمسات، خذ وهات، تسديدات، مراوغات، ركنيات، فاولات .. المرمى الكوري يرفض استقبال الكرات الاتحادية!!
وفي دقائق خارج عقارب المنطق والمعقول.. ومع أول اقتراب كوري من منطقة الجزاء الاتحادية، يرتكب أحد المدافعين حماقة أمام المنطقة، خطأ للفريق الكوري في مكان خطير.. ثم هدف أول
صدمة، حيرة، إحباط، عدم تصديق .. كرة ثابتة أخرى بعد دقيقتين، يتقدم الكوري بالثاني!!!
لا اللاعبون مصدقون، لا المدرب، لا الجمهور، لا المعلق فارس عوض
هذا فقط كل ماصنعه الكوريون.. كرتان ثابتتان في دقيقتين سجلوا منهما..
يانمووووت يانفرح الجمهوووور .. كان شعار النمور طوال تلك البطولة .. استحضروه من جديد .. فارس عوض يجدد الثقة ويعلن بأن ثقته في الاتحاد عمياء.. سيعودون لأن شعارهم ببساطة كان يانموت يايفرح الجمهور
الحارس الكوري يستأسد مجدداً.. نور ينتحر مجدداً.. يقاتل ويسدد الكرة في المرمى .. ابن مكة أدرى بشعاب آسيا.. 2-1 للكوري، ولسه باقي وقت.. ويانموت يا يفرح الجمهور
بعدها بدقيقة، المحترف الأرجنتيني يسدد كرة هدف .. 100% هدف .. لا أعلم حتى الآن أي قوة سوبرمانية امتلكها الحارس الكوري وأبعد تلك الكرة.. هدف التعادل ضاع
حاولوا وحاولوا وحاولوا.. الاتحاد ضد النحس في دقائق تطير سريعاً بطاقة الضوء.. كرة ثابتة أخيرة في الثانية الأخيرة.. أمامها المتخصص بوشا اللي محد يحوشا.. التعادل اقترب اقترب .. يسددها مرة أولى وثانية فيعيدها الحكم.. كان الكوريون واثقون بأنها الضربة القاضية.. وسدد الثالثة ثم هي أيضاً ضاعت!! مرت بجوار المرمى.. مرت ولا حتى تلتفت.. مرت وعن الشباك اختفت.. صفر الحكم.. البطولة ضاعت!!
كيف كانت جدة مظلمة في تلك الظهيرة الساطعة؟! كيف تكلمنا كيف تعاتبنا كيف واسينا بعضنا؟!! كيف مر ذلك اليوم؟! كيف كانت مشاعرنا وحلمنا الجميل يتلاشى هكذا أمام أعيننا في ساعة ونصف.. بل في شوط واحد.. بل في دقيقتين فقط!!
لم يكن حلمي الجميل حينئذ هو تحقيق بطولة سبق وأن حققناها، ولمرتين.. كان حلمي الحقيقي هو رؤية أولئك النمور وهم في ذروة جبروتهم أيامها بأن يواجهوا برشلونة على النهائي.. ليس النهائي فقط.. بل تحقيق بطولة العالم.. نعم أبطال العالم.. في إحدى ليالي 2009 حلمت بأني أعانق القمر، فسروها لي بأن مجداً عظيماً يقترب مني، ففسرتها بأن الاتحاد يعانق مجداً، هو بطولة العالم بلا ريب.. هكذا كان الاتحاد هو غاية طموحاتي
لم أشطح في تخيلاتي، لم أبالغ في تصور قوة فريقي.. كانوا فعلاً أقوياء وشرسين وقادرين على الفتك بأعتى الخصوم وحتى برشا غوارديولا شخصياً..
أروع ماقرأت من تعزية بعد تلك الواقعة هو ماخطه القلم الشهير في المنتديات الاتحادية أيامها Rash Mind في ملحمة عنوانها: بائع المساويك يا(نور) يبكيك .. فتأملوا
http://www.yanbusport.com/vb/showthread.php?t=10235
.
.
قد يلومني البعض كيف نبشت الذكرى الكئيبة في هذا اليوم السعيد.. لماذا فتحت هذا الملف الباهت اليوم؟ ربما لأني اعتدت أن أستحضر الذكريات في العيد، وهكذا أتذكر الغم قبل السرور لأحمد الله على النعم.. طبع غريب أعترف بذلك
ومع ذلك أقول بألا بأس في التذكير بأن في الماضي دروس لنتعلم منها اليوم ونحن مقبلون على بطولة آسيوية وحظوظنا فيها مرتفعة بعكس كل المشاركات التي تلت 2009.. أعظم الدروس هو ألا نقلل من شأن خصومنا مهما كانوا، وألا نبالغ في الثقة بقوتنا مهما بلغت.. خصومنا أيضاً يعملون ويملكون نفس الطموح.. هم أيضاً ينشدون الفرح...
