عباد الله : إن من أعظم النعم علينا نعمة الأمن ، فهذه البلاد المباركة منَّ الله عليها بنعمة الأمن قال سبحانه : (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) .. هذه النعمة استجابةٌ لدعوة أبينا إبراهيم عليه السلام : (ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ) .. إن استتباب الأمن تكريم من الله تعالى لعباده المؤمنين .. وإن أمْن هذه البلاد ليس أمنًا لها وحدها بل أمنٌ لجميع المسلمين في شتى بقاع الأرض .. إنها مهبط الوحي ، فيها قبلة المسلمين ، ومسجدُ سيد الأولين والآخرين .. هي بلاد تهوي إليها أفئدة المؤمنين ، من زارها ودخل المسجد الحرام ، أو مسجد رسول الله r نسي دياره وأوطانه ، وأهله وأطفاله ، يتمنى لو كان لها ساكنًا ، ولديارها عامرًا .. يتمنى حياةً فيها وموتًا فيها .. أنظروا حولكم من البلدان : أوثانًا تعبد ، وقبورًا يُطاف بها ، حاناتٌ للخمور ، وكنائسُ ومعابد ، تحكيمٌ للقوانين ، وتضييقٌ على المصلين .. أمنهم ضعيف ، ورزقهم شظيف .. ونحن هنا في هذه البلاد لا يُعبد إلا الله الواحد القهار ، هل فيها أوثانٌ أم أصنام ، هل بها قبور يطاف بها ، هل فيها كنائس ومعابد ، أمنها ظاهر ، وخيرها وافر .. بها مكة والمدينة عليها ملائكة يحرسونها .. قال r : ( ليس من بلدٍ إلا سيطؤهُ الدجال ، إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها نقب ، إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها ) رواه البخاري ومسلم .. وقال r : ( على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ) رواه البخاري ومسلم .... قل لي بربك أنرغب عن جوار بيت الله ، أم نرغب عن جوار رسول الله ، ما أسعدهم ساكنوها ، ما أهنأهم قاطنوها ، اللهم ارزقنا حياة هنية فيها ، وميتتة سوية فيها .. وارزقنا شفاعة نبينا r بأن نموت فيها .. يقول نبيكم r : ( من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فأني أشفع لمن يموت بها ) رواه الترمذي وقال حسن غريب ..
بطيبة رسم للرسول ومعهدُمنيرٌ وقدتعفو الرسوم وتهمَدُ
ولا تنمحي الآيات من دار حرمةٍبها منبرالهادي الذي كان يصعدُ
وواضحُ آثارٍ وباقي معالمٍورَبْعٌ له فيهمصلى ومسجدُ
بها حجراتٌ كان ينزل وسطهامن الله نوريُستضاء ويوقدُ
معارفُ لم تُطمَس على العهد آيُهاأتاها البِلىفالآي منها تَجَدَّدُ
اللهم كما رزقتنا جوار نبيك في الدنيا فارزقنا جواره في الآخرة يا رحمن يا رحيم ..
عباد الله : إن هذه البلاد ليست كسائر البلدان ..إن أمنَها مطلبٌ عظيم ، وإن أعداء الدين قد حاولوا جاهدين ، ويحاولون مستمرين ، لزعزعة أمنها ، وخراب عمرانها ، وتحريف دينها .. انظروا حولكم فإن الاعداء بنا يتربصون ، ولنعمتنا يحسدون ، يتمنى اليهود والنصارى والروافض لو يجدون عُذرًا ليدخلوا هذه البلاد فيعثوا بأرضها فسادا ، لقد غاظهم أمنُها ، ودينُها ، وعقيدتُها (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) (ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ) (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) .. ولقد أغرى الأعداءُ بعض أبناء هذه البلاد فجعلوهم أداةً يحققون بها ما يريدون ، جعلوهم أسهمًا يرمون بها ، فلنحذر أن نكون منهم ، أو أن نعين بعضهم ، فإن كل ذي نعمة محسود ، لا نشعلُ نار الفتنة ، لا نكونَ رؤوسًا فيها .. فإن أمن هذه البلاد مسؤولية كل مسلم ؛ لأنها لجميع المسلمين .. قل لي بربك لو تزعزع أمنها فهل سيحج حاج ، أم هل سيعتمر معتمر .. لقد جعل الله أمنها أساسًا لقيام ركن عظيم ( جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس ) أي تقوم ببقائها مصالح الناس الدينية والدنيوية ..
عباد الله : لقد قرر الإسلام ما يحفظ على المجتمع المسلم أمنه ، وحرم الاعتداء على النفوس والأعراض والأموال وإزهاقَها وإيذاءَها ، بل جعل عقوبة من يزهقها الوعيد الشديد تكريما وصيانة لهذه النفس البشرية المسلمة ، بل جعل قتلها بدون سبب يبيح ذلك كقتل الناس جميعا قال تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ ..) وقال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) وقال r : «لو أن أهل السماء وأهل والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» رواه الترمذيوصححه الألباني في الروض النضير والتعليق الرغيب .. وقال r : ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ) رواه مسلم ..
عباد الله : ليعلم الجميع أننا في زمن الفتن ، زمنٌ أخبرنا عنه حبيبنا r فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : نادى منادي رسول الله r : الصلاةَ جامعة ، فاجتمعنا إلى رسول الله r فقال : (( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتُها في أولها ، وسيصيب آخرَها بلاءٌ وأمور تنكرونها ، وتجيء فتن يرقق بعضها بعضا ، وتجي الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه ، هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ، ويدخل الجنة ، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه )) .. وقال r : (( بادروا بالأعمال الصالحة ، فستكون فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا )) رواه مسلم . اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ..