تأتي إلى البيت وقد عاث في ملامحك الحزن ، ورفرفت فوق راسك الكآبه ، وسخرت من حالتك الدعابه ، أصبحت الدنيا عندك أضيق من ثقب الإبره ، لاتساوي في نظرك جناح بعوضه ، هموم تعتريك ، وغموم تهتويك ، تهوي مرة وتقوم مره ، تتهادى كما يتهادى السقيم ، فتفتح الباب فتنظر فتسقط ، ثم تقوم فتصوب نظرك ، فإذا عين دعجاء تنحر غمومك ، ووجنة حمراء تحرق غمومك ، وثناياً غرّاء تشتت حزنك ، وشفاه حمراء تنشط بدنك ، فتنتفض كما انتفض العصفور بلّله القطر ، فيدب في عروقك سرور ، ويجري في أعصابك حبور ، وتنتشر في أجزاءك الراحه ، وتنمو أزهارك الفوّاحه ، فتقول لك حبيبي ، فينطفيء الكون ليشع من ثناياها ، وتظلم المعمورة لتشرق من عينيها ، وتنسى أحمد وحميد ، وسعد وسعيد ، فتقول : مرحبا وأنت سكران ، تفضلي ياقمر النسوان ، فتأخذك بيديك بلطافة، فتتخبط برجليك في ظرافة ، وتقول : هيا لترتاح وتشرب الراح ، فهذه قهوتك ، أنا صنعتها لك ، هيا نحتسيها ، لترى فني فيها ، فتناولك فنجان القهوة ، فتشرب شرب الهيم ، وتقول سبحان الرحيم ، إنقلبت القهوة سكرا خالصا ، فلعها أضافت قليلا من بنانها ، أو مزجتها بلسانها ، ثم تناولك الشاي ، فترشفه عسلا مصفى ، بل أنقى وأشهى ، ثم تنظر إليها فترى ثمر يتدلى ، وقمراً يتجلى ، مترعة من الحنان ، وعبلة من اللطافه ، وريانةً من الإبتسامه ، لاتحن ولاتئن ، ولاتغضب ولاتمن ، إن مشت تضوع البيت سكوناً ، وإن تهادت تأرج المكان بهاءاً ، فإذا البيت الصغير ، القصر الكبير ، والموطأ الأثير ، فيه خدم لاتراه ، وحشم على ذراه ، ترفل البهجة في جوانبه ، ويخطر الأنس على مناكبه، فإذا بك شامخ في ذرى السعاده ، باذخ في قمم المتعة ، تبدلت نارك جنه ، وتلاشت الآهة والأنه ، فحقا قيل :هي التي أفقدتنا الجنه ، ولكننا نجدها بين ذراعيها ، حلالا طيبا ، ورزقا كريما ، فتنسى قول الشاعر الذي قال ، وتمسحه من البال :
لقد كنت محتاجا إلى موت زوجتي *** ولكن قرين السوء باق معمّر
فياليتها صارت إلى القبر عاجـــــلا *** وعذبها فيه نكير ومنكــــــر
هذه هي المرأه اللتي تسقي زوجها من خمر أخلاقها ليثمل ، وتسحره بطلاسم أنوثتها لينجن
بدر العضياني
http://www.arb-up.com/files/arb-up-Dec1/DNS95688.jpg
