كيف تكتب بحثا رائعا؟

أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


كيف تكتب بحثا رائعا؟
يخوض كثير من الطلبة هذه الأيام غمار مناقشة البحوث، وسنتحدث اليوم عن كيفية إنشاء بحث متقن رائع، على أن الخطاب من صغير إلى كبير، وإنما يراد به التذكير:
1- الاعتناء بمظهر البحث، ولنا في الأوائل أسوة فإن الواحد منهم تجده يكتب تصنيفه ويجمله، والله جميل يحب الجمال.

2- الابتعاد عن التكلف في استخدام الألوان، والسير على نهج العلماء في طريقة استخدامهم لها، قال الناظم:
وميِّزَنْ بحُمرة(1) ما يحسن === تمييزه فهو صنيع حسن
من ذلك الأبوابُ والتراجِم === كذلك الأعلامُ والمعالم
ثم لغات القوم والأسماء === ومثلها الأقوال والآراء
ونحوُها الأبواب والفصول === كذلك الأعداد، والمنقول
من نص آية ومن حديثٍ او === شواهد مما الرواة قد رووا(2)
3- الحرص على وضع فهرس للبحث، وهاك نقولا عن كبار المؤلفين والمحققين في هذا المعنى:
قال العلامة العملاق محمود شاكر: «الكتاب من غير فهرس كنـز مغلق، فاقرأ الفهرس قبل كل شيء».
قال المحقق الكبير العلامة عبد السلام هارون: «لم يعد مستساغًا، ولا مقبولاً أن يخرج كتاب لمؤلف محترم، أو من دار نشر محترمة خالياً من الفهارس الفنية أو التحليلية» .
قال العلامة محمود الطناحي تلميذ العلامة محمود شاكر: «ولو كان لي من الأمر شيء في الدراسات العليا بالجامعات العربية لجعلت موضوع الماجستيـر والدكتوراه فهرسة كتاب من كتب التراث فهرسة تفصيلية كاشفة، فإذا فُهرست كتب كل فن من فنون التراث على هذا النحو الكاشف الجامع أمكن لنا أن نقدم صورة حقيقية لفكرنا العربيّ الإسلاميّ».
قال العلامة المحقق عبد العظيم الديب: «فلو كان الأمر بيدي لمنعت تداول أيّ كتاب بدون أن تُصنع له الفهارس العلمية المناسبة ، صغر هذا الكتاب أو كبـر ، محققًا أو مؤلفًا ، عدا القصص والمسرحيات».
قال الدكتور عبد المجيد دياب: «إن إصدار أيّ كتاب بدون فهارس تحليلية يعتبـر جناية على الكتاب وعلى القارئ»(3). فشمر عن ساعد الجد وضع فهرسا لجميع مواد بحثك (الموضوعات، الآيات، الأحاديث...).
4- الحرص على معرفة الحد الأدنى-على الأقل- من قواعد الإملاء، فكما أن النحو يعصم من الخطأ في اللفظ، فإن قواعد الإملاء تعصم من الخطأ في اللحظ (أي الكتابة).
5- احرص على الالتزام بنهج الأوائل في وضعهم للحواشي، وابتعد عن طريقة الغربيين، فإن أقل ما يقال عنها أن فيها تعظيم للكاتب على الكتاب، وابتعد في الجملة عن طريقة الغربيين في التصنيف.
6- لا تكن ممن إذا مر معه ذكر اسم النبي ﷺ اكتفى بإيراد حرف «الصاد» أو كلمة «صلعم»؛ لأن فيه سوء أدب وضعف وقلة عقل وفوات أجر، وعلى هذا فقس الترضي على الأصحاب(4)ﭫ والترحم على العلماء رحمة الله عليهم.
7- وفي الجملة احرص على جمال وتنظيم وتنسيق البحث، ويعينك على ذلك اتساع المسافة بين السطرين، واتساع الهامش، ووضوح الحواشي، وإتقان ترتيب الصفحات وترقيمها. وخذها من الدكتور أحمد شبلي:«الأناقة وحسن الإخراج من الأسس المهمة التي ينبغي أن يتدبرها طالب الماجستير والدكتوراه»(5).
وختاما، أحسبك أنك لن تكون ممن يتقن إصلاح المظهر حتى إذا اطلعت على مخبره وجدته خرابا، واعلم أن «القائد الذي يقصد اقتحام حصن ما، عليه أن يُعِدَّ جنده إعدادا تاما، ثم عليه أن يبرع في إدارة المعركة، وأن يواصل ضغطه حتى يصل إلى هدفه، وكذلك الطالب إذا كوَّن باطلاعه رأياً فليحشد له من المادة ما يكفي لإبانته، وليبرع في عرض هذه المادة بأسلوب جميل وبدقة وإتقان ووضوح، وبدون استطراد أو إبهام؛ وليستمر على ذلك طيلة عمله، فليست مهمة الطالب أن يكشف جديدا فقط، ولكن أن يصوغ ما كشفه في قالب جميل، فيه وضوح وإغراء، وقوة وتأثير، فهذا لا ريب جزء متمم لعمله»(6)، وفقك الله وأرشدك للصواب.
ولا تحرمنا من صالح دعائك، ولا نعدم منك نصيحة إذا لزم النصح، وكلي سعادة بالقبول منك والرجوع إلى الصواب.
لا تتردد في طلب مساعدة إذا احتجتها؛ من تنسيق بحث وتوفير كتب، وتصميم غلاف بحثك.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مدونة احتراف في دقائق
www.yossr.blgspot.com
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
1- أي اللون الأحمر.
2- عدة الطلب بنظم منهج التلقي والأدب.
3- منقول من كتاب «نـهاية المطلب في دراية المذهب» للإمام الجويـنيّ، رحم الله الجميع.
4- يرمز بعضه إلى كلمة «رضي الله عنه» بـ «رض» والشيعة إنما يقصدون بها السب والدعاء على الصحابة، فحري بأهل الإيمان الابتعاد عن هذا الرمز، ولقد وقفت على مقال لأحدهم فيهم ذكر لأحد الخلفاء متبوعا برمز «رض» فاستغربت، لأكتشف فيما بعد أنها من أساليبهم الخبيثة في التورية عن منهجهم الفاسد البائد، قطع الله أعناق من سب الصحابة ﭫ.
5- كيف تكتب بحثا أو رسالة، للدكتور أحمد شبلي.
6- المصدر السابق.

الملفات المرفقة http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/attach/pdf.gif كيف تكتب بحثا رائعا؟.pdf‏ (708.6 كيلوبايت)