أهـمـيـة الـضـمـيـر فـي الـقـرآن
بـســــــــمـ الله الـرحـمـن الـرحـيـم
الـسـلا م عـلـيـكـم ورحـمـة الله وبـركـاتـه
(:ـ : : :ـ : : : :ـ : : : :ـ : : : : :ـ : :ـ )
أولا : كـل عـام والـجـمـيـع بـخـيـر وصـحـة : ثـانـيـا : إن شـاء الله مـايـكـون المـوضـوع مـكـرر
ثـالـثـا : يـارب يـكـونـووووو اللـي ببـالـي نـايـمـيـن عـشـان مـا يـنـقـل المـوضـوع ..
أهـمـيـة الـضـمـيـر فـي الـقـرآن
))
أهمّية الضّميرفي القُرآن ترجمة: أحمد بنار مراجعة: مصطفى الستيتيهارون يحيى------إلى القارئ السبب وراء تخصيص فصل خاص لانهيار النظرية الداروينية هو أن هذه النظرية تشكل القاعدة التي يعتمد عليها كل الفلاسفة الملحدين· فمنذ أن أنكرت الداروينية حقيقة الخلق، وبالتالي حقيقة وجود الله، تخلى الكثيرون عن أديانهم أو وقعوا في التشكيك بوجود الخالق خلال المئة والأربعين سنة الأخيرة· لذلك يعتبر دحض هذه النظرية واجباً يحتمه علينا الدين، وتقع مسؤوليته على كل منا· قد لا تسنح الفرصة للقارئ أن يقرأ أكثر من كتاب من كتبنا، لذلك ارتأينا أن نخصص فصلاً نلخص فيه هذا الموضوع·تم شرح جميع الموضوعات الإيمانية التي تناولتها كل هذه الكتب على ضوء الآيات القرآنية وهي تدعو الناس إلى كلام الله والعيش مع معانيه· شرحت كل الموضوعات التي تتعلق بالآيات القرآنية بطريقة لا تدع مكاناً للشك أو التساؤل في ذهن القارئ من خلال الأسلوب السلس والبسيط الذي اعتمده الكاتب في كتبه يمكن للقرّاء في جميع الطبقات الاجتماعية والمستويات التعليمية أن تستفيد منها وتفهمها· هذا الأسلوب الروائي البسيط يمكّن القارئ من قراءة الكتاب في جلسة واحدة، حتى أولئك الذين يرفضون الأمور الروحانية ولا يعتقدون بها، تأثروا بالحقائق التي احتوتها هذه الكتب ولم يتمكنوا من إخفاء اقتناعهم بها·يمكن للقارئ أن يقرأ هذا الكتاب وغيره من كتب المؤلف بشكل منفرد أو يتناوله من خلال مناقشات جماعية· أما أولئك الذين يرغبون في الاستفادة منه فسيجدون المناقشة مفيدة جداً إذ إنهم سيتمكنون من الإدلاء بانطباعاتهم والتحدث عن تجاربهم إلى الآخرين·إضافة إلى أن المساهمة في قراءة وعرض هذه الكتب التي كتبت لوجه الله يعتبر خدمة للدين · عرضت الحقائق في هذه الكتب بأسلوب غاية في الإقناع، لذلك نقول للذين يريدون نقل الدين إلى الآخرين: إن هذه الكتب تقدم لهم عوناً كبيراً·من المفيد للقارئ أن يطلع على نماذج من هذه الكتب الموجودة في نهاية الكتاب، ليرى التنوع الذي تعرضه هذه المصادر الغنية بالمواد الدينية الممتعة والمفيدة·لن تجد في هذا الكتاب كما في غيره من الكتب، وجهات نظر شخصية للكاتب أو تعليقات تعتمد على كتب التشكيك، أو أسلوب غامض في عرض موضوعات مغرضة أو عروض يائسة تثير الشكوك وتؤدي إلى انحراف في التفكير·------حول المؤلف ولدى الكاتب الذي يكتب تحت الاسم المستعار هارون يحيى في أنقرة عام ،1956 بعد أن أنهى تعليمه الابتدائي والثانوي في أنقرة، درس الآداب في جامعة ميمار سنان في جامعة استنبول، وفي الثمانينيات بدأ بإصدار كتبه السياسية والدينية · هارون يحيى كاتب مشهور بكتاباته التي تدحض الداروينية وتعرض لعلاقاتها المباشرة مع الإيديولوجيات الدموية المدمرة·يتكون الاسم القلمي أو المستعار، من اسمي ''هارون'' و''يحيى'' في ذكرى موقرة للنبيَّين اللَّذَين حاربا الكفر والإلحاد، بينما يظهر الخاتم النبوي على الغلاف كرمز لارتباط المعاني التي تحتويها هذه الكتب بمضمون هذا الخاتم· يشير الخاتم النبوي إلى أن القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية، وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين· وفي ضوء القرآن والسنة وضع الكاتب هدفه في نسف الأسس الإلحادية والشركية وإبطال كل المزاعم التي تقوم عليها الحركات المعادية للدين، لتكون له كلمة الحق الأخيرة، ويعتبرهذا الخاتم الذي مهر به كتبه بمثابة إعلان عن أهدافه هذه·تدور جميع كتب المؤلف حول هدف واحد وهو نقل الرسالة القرآنية إلى الناس، وتشجيعهم على الإيمان بالله والتفكر بالموضوعات الإيمانية والوجود الإلهي واليوم الآخر·تتمتع كتب هارون يحيى بشعبية كبيرة لشريحة واسعة من القراء تمتد من الهند إلى أمريكا، ومن إنكلترا إلى أندونيسيا وبولندا والبوسنة والبرازيل وإسبانيا؛ وقد ترجمت بعض كتبه إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والبرتغالية والأردية والعربية والألبانية والروسية والأندونيسية· لقد أثبتت هذه الكتب فائدتها في دعوة غير المؤمنين إلى الإيمان بالله، وتقوية إيمان المؤمنين، فالأسلوب السهل والمقنع الذي تتمتع به هذه الكتب يحقق نتائجاً مضمونة في التأثير السريع والعميق على القارئ· من المستحيل على أي قارئ يقرأ هذه الكتب ويفكر بمحتواها بشكل جدي أن يبقى معتنقاً لأي نوع من أنواع الفلسفة المادية· ولو بقي أحد يحمل لواء الدفاع عنها، فسيكون ذلك من منطلق عاطفي بحت، لأن هذه الكتب تنسف تلك الفلسفات من أساسها· إن جميع الإيديولوجيات التي تقول بنكران وجود الله قد دُحضت اليوم والفضل يعود إلى الله ثم لكتب هارون يحيى·لا شك أن هذه الخصائص مستمدة من حكمة القرآن ووضوحه؛ وهدف الكاتب من وراء نشر هذه الكتب هو خدمة أولئك الذين يبحثون عن الطريق الصحيح للوصول إلى الله، وليس تحقيق السمعة أو الشهرة
علاوة على أنه لا يوجد هدف مادي من وراء نشر كتبه هذه·وعلى ضوء هذه الحقائق، فإن الذين يشجعون الآخرين على قراءة هذه الكتب، التي تفتح أعينهم وقلوبهم وترشدهم إلى طريق العبودية لله، يقدمون خدمة لا تقدر بثمن·من جهة أخرى، يعتبر تناقل الكتب التي تخلق نوعاً من التشويش في ذهن القارئ وتقود الإنسان إلى فوضى إيديولوجية، ولا تؤثر في إزاحة الشكوك من قلوب الناس، مضيعة للوقت والجهد، أما هذه الكتب فمن الواضح أنها لم تكن لتترك هذا الأثر الكبير على القارئ لو كانت تركز على القوة الأدبية للكاتب أكثر من الهدف السامي الذي يسعى إليه، ومن يشك بذلك يمكنه أن يرى أن الهدف الوحيد لكتب هارون يحيى هو هزيمة الكفر وتكريس القيم الإنسانية·لا بد من الإشارة إلى أن الحالة السيئة والصراعات التي يعيشها العالم الإسلامي في يومنا هذا ليست إلا نتيجة الابتعاد عن دين الله الحنيف والتوجه نحو الإيديولوجيات الكافرة، وهذا لن ينتهي إلا بالعودة إلى منهج الإيمان والتخلي عن تلك المناهج المضللة، والتوجه إلى القيم والشرائع القرآنية التي عرضها لنا خالق الكون لتكون لنا دستوراً· وبالنظر إلى حالة العالم المتردية والتي تسير به نحو هاوية الفساد والدمار، هناك واجب لا بد من أدائه وإلا··· قد لا نصل في الوقت المناسب·لا نبالغ إذا قلنا: إن مجموعة هارون يحيى قد أخذت على عاتقها هذا الدور القائد، وبعون الله ستكون هذه الكتب الوسيلة التي ستحقق شعوب القرن العشرين من خلالها السلام والعدل والسعادة التي وعد بها القرآن الكريم·تتضمن أعمال الكاتب: النظام الماسوني الجديد، اليهودية والماسونية، الكوارث التي جرتها الداروينية على العالم، الشيوعية عند الأمبوش، الإيديولوجية الدموية للداروينية: الفاشية، الإسلام يرفض الإرهاب، اليد الخفية في البوسنة، وراء حوادث الإرهاب، وراء حوادث الهولوكوست، قيَم القرآن، الموضوعات 1-2-3, سلاح الشيطان: الرومانسية حقائق 1-،2 الغرب يتجه إلى الله، خدعة التطور، أكاذيب التطور، ، الأمم البائدة، لأولي الألباب، انهيار نظرية التطور في عشرين سؤالاً، إجابات دقيقة على التطوريين، النبي موسى، النبي يوسف، العصر الذهبي، إعجاز الله في الألوان، العظمة في كل مكان، حقيقة حياة هذا العالم، القرآن طريق العلم، التصميم في الطبيعة، بذل النفس ونماذج رائعة من السلوك في عالم الحيوان، السرمدية قد بدأت فعلاً، ، خلق الكون، لا تتجاهل، الخلود وحقيقة القدر، معجزة الذرة، المعجزة في الخلية، معجزة الجهاز المناعي، المعجزة في العين، معجزة الخلق في النباتات، المعجزة في العنكبوت، المعجزة في البعوضة، المعجزة في نحل العسل، المعجزة في النملة، الأصل الحقيقي للحياة، الشعور في الخلية، سلسلة من المعجزات، بالعقل يُعرف الله، المعجزة الخضراء في التركيب الضوئي، المعجزة في البروتين، أسرار .DNA وكتب الكاتب للأطفال: أيها الأطفال كذب داروين!، عالم الحيوان، عظمة السماوات، عالم أصدقائك الصغار، النمل، النحل يبني خليته بإتقان، بناة الجسر المهرة: القنادس·وتتضمن أعمال الكاتب الأخرى التي تتناول موضوعات قرآنية: المفاهيم الأساسية في القرآن، القِيَم الأخلاقية في القرآن، فهم سريع للإيمان 1-2-3, هجر مجتمع الجاهلية، المأوى الحقيقي للمؤمنين: الجنة، القيم الروحانية في القرآن، علوم القرآن، الهجرة في سبيل الله، شخصية المنافقين في القرآن، أسرار المنافق، أسماء الله، تبليغ الرسالة والمجادلة في القرآن، المفاهيم الأساسية في القرآن، إجابات من القرآن، بعث النار، معركة الرسل، عدو الإنسان المُعلن: الشيطان، الوثنية، دين الجاهل، تكبر الشيطان، الصلاة في القرآن، أهمية الوعي في القرآن، يوم البعث، لا تنس أبداً، أحكام القرآن المنسية، شخصية الإنسان في مجتمع الجاهلية، أهمية الصبر في القرآن، معارف عامة من القرآن، حجج الكفر الواهية، الإيمان المتكامل، قبل أن تتوب، تقول رسلنا، رحمة المؤمنين، خشية الله، كابوس الكفر، النبي عيسى آتٍ، الجمال في الحياة في القرآن، مجموعة من جماليات الله 1-2-3, مدرسة يوسف، الافتراءات التي تعرض لها الإسلام عبر التاريخ، أهمية اتباع كلام الله، لماذا تخدع نفسك، كيف يفسر الكون القرآن، بعض أسرار القرآن، الله يتجلى في كل مكان، الصبر والعدل في القرآن، أولئك الذين يستمعون إلى القرآن·------المحتويات8 - المقدمة10 - الضمير هبة الله عز وجل لكل إنسان12 - الضمير دليل على وجود الله عز وجل22 - الضمير والقرآن25 - القرآن والضمير دليلا الإنسان إلى الهد ف الحقيقي من الحياة28 - الضّمير والقرآن يأمران بالإيمان بالآخرة استنادا إلى العلم الثّابت36 - الانصياع لصوت الضّمير باستمرار يهدي إلى الخلق القرآني47 - كيف يكون الضمير صلة الإنسان بالله عز وجل53 - القوى السلبية التي تقف في وجه الضمير:النفس والشيطان61 - لماذا لا ينقاد النّاس إلى ضمائرهم بالرّغم من أنها تهدي إلى ما هو خير81 - مكانة أصحاب الضمير الحي في الدنيا والآخرة85 - مكانة أولئك الذين لم يتبعوا ضمائرهم89 - أمثلة قرآنية على وجود الضمير وانعدامه 98 - أناس بلا ضمائر دخلوا التاريخ 111 - خاتمة114 - الملحـق: خديعة التــطوّرالمقدمةسنتحدث في هذا الكتاب عن هذا الصوت الذي يحرك فيك العدالة ··· مكارم الأخلاق ··· التواضع ··· الاستقامة ··· الإخلاص وكل ما هو صالح·هذا الصوت الذي يلازمك أينما كنت وأنت غير دارٍ به·وربما سأل سائل ··· إلى من ينتمي هذا الصوت؟هو صوت يخصك ويعيش داخلك ··· إنه صوت ضميرك·وكلمة الضّمير شائعة وكثيرة الاستعمال، إلاّ أن معناها الحقيقي وأهميتها في الدين وكيف يكون السلوك الشخصي لأصحاب الضمائر، وبماذا يتميزون عن غيرهم بشكل عام، كلها حقائق غير معروفة·فمعنى الضّمير محدود بما تعارف عليه المجتمع، فعلى سبيل المثال: يُعَدُّ من يمتنع عن رمي القمامة في الشوارع، ويتصدق بالمال على المحتاجين، ويهتم لأمر الحيوانات الضالة، شخصاً حيّ الضمير·غير أنّ المعنى الحقيقي للضمير أدق وأشمل من ذلك· والهدف في هذا الكتاب هو تعريف الضمير من خلال القرآن الكريم، والإشارة إلى طريقة تفكير أصحاب الضمير الحي، والتعريف برؤيتهم، وكشف أهمية الضمير في الحياة الأخروية·سوف تجد في هذا الكتاب ما يلزمك من معلومات لتتمكن من التّعرف إلى صوت ضميرك وتمييزه من غيره من الأصوات والإيحاءات الداخلية· وسوف نشرح بعض الأمور التي يحملك ضميرك على التفكير فيها والقيام بها، وكيف يمكن للإنسان إذا اتبع ضميره أن يصل إلى حالة من الصّفاء الكلي·وهدفنا الرئيسي ليس مجرد الإخبار، بل إنّ هدفنا هو استصراخ الضمير في نفس الإنسان لحثه على أن يعيش ما تبقى من حياته وفقاً لما يمليه عليه ضميره، وليكشف له الضّياع الذي يمكن أن يتردى فيه إذا لم يفعل ذلك·الضمير هبة الله عز وجل لكل إنسان إنّ الضمير هو تلك القوة الرّوحية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره، فتجعله يميز الخطأ من الصّواب، وهو منحة الله عز وجل للإنسان يدلّه من خلالها على ما فيه خيره وصلاحه ومرضاة الله عز وجل· وهذا ما يكسب الضمير صفة العمومية التي هي أحد أهم صفاته، فلا يمكن لحكم الضمير أن يتغير من شخص لآخر مع أخذ الظروف بعين الاعتبار، ونجد ذلك في قوله تعالى:
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا , فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاَهَا , قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَاْبَ مَنْ دَسَّاهَا. الشمس: 7 -10.في الآيات السابقة يخبرنا الله تعالى أنه ألهم النفس فجورها، و(الفجور: هو الفسق والمعصية وكل ما يمثل انحرافا عن الطريق القويم)، وتقابله التقوى التي تزرع الرهبة في قلب الإنسان، فتجعله يبتعد عن السيئات ويقبل على فعل الحسنات· وكأن التقوى هي الضمير بعينه الذي يجنب الإنسان أفعال السوء ويدله على طريق الخير· إذن، فالضمير هو الذي يجعلنا نعرف الصواب من غير أن يكرهنا أحد على ذلك أو حتى يخبرنا به، فما على الإنسان إلا أن يتبع ما يمليه عليه ضميره، لذلك نستطيع أن نقول: إنّ الضمير هو أساس الدّين وجوهره·وعلى الإنسان أن يضع في حسبانه أنه حين يستشعر صوت ضميره وذلك منذ اللحظة التي يميز فيها الخطأ من الصّواب، ويستطيع أن يحكم على الأمور، فإنه يكون مسؤولاً ومحاسباً وسوف يسأل عن أفعاله جميعها، فإذا كانت موافقة لضميره فإن الله عز وجلّ سيجزيه عنها حياة الخلد في الجنة· أما إذا تجاهل صوت ضميره وخالفه، فسيلقى عذاب الجحيم خالداً فيه أبداً والعياذ بالله·الضمير دليل على وجود الله عز وجل إنّ أول ما يقوم به الشخص الذي يتبع ضميره هو أن يسأل ويحاول اكتشاف ما يدور حوله، وإذا كان نافذ البصيرة فإنه يستطيع بسهولة أن يرى أنه يعيش في عالم، بل في كون متكامل· وإذا تأملنا للحظة في محيطنا والظروف التي نعيش فيها، نجد أننا في عالم متناسق ومنظم ومزود بدقائق الأمور· ولنبدأ من جسم الإنسان نفسه، إنّه حقاً نظام مذهل ··· قلب يدق باستمرار ··· بشرة تتجدد ·· رئتان تنقيان الهواء ··· كبد ينقي الدم وملايين من البروتينات تتكون في الخلايا كل ثانية لتضمن استمرار الحياة· ويقضي الإنسان حياته دون أن يشعر بآلاف الفعاليات التي تتم داخل جسمه ولا حتى بطريقة حدوثها·وفي الفضاء الفسيح يستقر نجم الشمس بعيداً عن كوكبنا ملايين الأميال؛ ليؤمّن لنا الضّوء والحرارة والطاقة التي نحتاجها، والمسافة التي تفصلنا عنه دقيقة جداً، فليست بعيدة فتتجمد الأرض ولا قريبة فتحرقها·وإذا نظرنا إلى السّماء وغضضنا البصر عن روعتها وجمالها، فسنجد أنها تحتوي على الغلاف الجوي، تلك الكتلة الهوائية (الستراتوسفير) التي تحمي الأرض والإنسان وجميع الكائنات الحية من الأخطار الخارجية، ولا يمكن لكائن حي واحد أن يبقى على سطح الأرض لولا وجود هذا الغلاف الجوي·إن الإنسان الذي يتأمل ويتفكر في هذه الأمور سيسأل عاجلاً أم آجلاً: كيف أمكن له ولهذا الكون أن يوجدا؟··· وبعد التأمل سوف يجد أنّ لسؤاله إجابتين:الأول··· يقول: إن هذا الكون بكواكبه ونجومه وكل ما فيه من كائنات حية قد وجد من تلقاء نفسه وبمحض المصادفة، ويدعي أن الذرات العائمة التي هي أصغر وحدة في المادة، قد التقت بالمصادفة فكونت الخلايا والناس والحيوانات والنباتات والنجوم وكل ما يحيط من تراكيب وأنظمة شديدة التعقيد·والثاني ··· يقول: إنه من المستحيل أن يكون هذا الكون قد وجد بمحض المصادفة، وإن هناك خالقاً عظيماً حكيماً وقادراً على كل شيء هو الذي أبدع وخلق وسير هذا الكون، ذلك الخالق هو الله عز وجل·ولإختيار أحد التفسيرين علينا العودة إلى ضميرنا لنسأله: هل يمكن للمصادفة أن توجد نظاماً بالغ التعقيد والدقة، وإذا أمكن ذلك فهل يمكن تسييره بهذا الانسجام والاتساق؟ إن أي شخص يستطيع أن يدرك بالعودة إلى ضميره أن لكل شيء خالقاً حكيماً عظيم القدرة، فكل ما حولنا يحمل دليلاً على وجود الله عز وجل ··· التناغم والاتساق في هذا الكون والمخلوقات أكبر دليل يستطيع أن يدركه الإنسان بشعوره السامي· إنه دليل واضح بسيط وغير قابل للجدل، ولا يمكن للضمير إلا أن يُسلّم أن هذا الخلق هو إبداع الله الذي لا إله إلا هو· ولكنّنا قد نجد أن شخصاً لا يصغي إلى صوت ضميره لا يمكن أن يكون بهذا الوعي لأنه لو كان واعياً فلا بد أن يدرك الحقائق من خلال قوة روحية لا يمتلكها إلاّ حين يتبع ضميره ألا وهي الحكمة؛ لأن كل موقف يتخذه الإنسان بناء على حكم ضميره يساعد في تعزيز حكمته· وهنا لا بد من الإشارة إلى تعريف الحكمة فعلى العكس من المفهوم العام تختلف الحكمة عن الذكاء فقد يكون الإنسان على قدر كبير من الذكاء والمعرفة ولكنه يفتقر إلى الحكمة لأنّه لا يصغي إلى ضميره فيتفهم ويدرك الحقائق التي تدور حوله ·سنطرح مثالاً يظهر بوضوح الفارق بين الذكاء والحكمة التي تتأتى كنتيجة عن تحكيم الضمير:فالعالم الذي يقضي سنين في بحث مفصل عن الخلية وهو يفتقر إلى الحكمة والضمير، لن يصل إلا إلى معرفةً مجزأةً حتى ولو كان متفوقاً في مجاله، ولن يستطيع وضعَ هذه الأجزاء في قالب كلي يصل من خلاله إلى استنتاج صحيح·ولكنّه إذا امتلك الحكمة والضمير، فسيمكنه إدراك نواحي الإعجاز والتكامل في دراسته للخلية، وعندها يسلم بوجود خالق حكيم مدبر· إن صوت ضميره سيخبره بأن القوة التي خلقت الخلية بهذا الكمال هي ذات القوة التي خلقت كل شيء·وفي القرآن الكريم نجد أن سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ قد وجد ربه عن طريق إصغائه لصوت ضميره: فَلَمَّاْ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىْ كَوْكَبَاً قَاْلَ هَذَاْ رَبِّيْ فَلَمَّاْ أَفَلَ قَاْلَ لا أُحِبُّ الأَفِلِيْنَ فَلَمَّاْ رَأَىْ الْقَمَرَ بَاْزِغَاً قَاْلَ هَذَاْ رَبِّيْ فَلَمَّاْ أَفَلَ قَاْلَ لَئِنْ لَمْ يَهدِنيْ رَبِّيْ لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّيْنَ فَلَمَّاْ رَأَىْ الشَّمْسَ بَاْزِغَةً قَاْلَ هَذَاْ رَبِّيْ هَذَاْ أَكْبَرُ فَلَمَّاْ أَفَلَتْ قَاْلَ يَاْ قَوْمِ إِنِّيْ بَرِيءٌ ممَّاْ تُشْرِكُوْنَ إِنِّي وَجَّهتُ وَجهِي لِلذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ المُشرِكِينَ.
يـتـبـع