التغيير والتحرير طريق لنهضة الأمة !!!
،
،،
[align=center]عنوان المقال : " التغيير والتحرير طريق لنهضة الأمة " ... [/align]
في حمأة التردي التي تحياها الأمة في ظرفها الراهن، خرجت أصوات منادية بعودة البطل المثال ـ الذي يعيد للأمة هويتها ويقيلها من عثرتها، دون أن يتنبه المنادون لسطحية هذا الطرح الذي يقفز فوق حقائق التاريخ وسنن الكون ويحرق المراحل دون أن يوصلنا إلا إلى مزيد من الركون إلى الأرض ودونما بذل وتضحية ـ انتظاراً للمخلص الذي يظنونه عنقاء تخرج من رماد خيالهم المريض، متناسين حقيقة قرآنية في أسس التدافع الحضاري ومقوماته لنشوء الأمم، توجه الخلق بها للأمة >مجموع الأمة< دونما التفات للفرد إلا بالقدر الذي يسهم فيه جهده بتعضد عمل الجماعة، نظراً لمحدودية جهده الفردي فهما قوياً، قياساً إلى قوة العمل والجهد الجماعي·
(إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم) الرعد:11·
إن من ينادون بانتظار البطل الأسطورة مكتفين بالقعود والانتظار لإنقاذ الأمة، هؤلاء مع احترامنا لحسن نواياهم لا يقرأون التاريخ، ونخص منهم أولئك الذين يشيرون في كتاباتهم تحديداً إلى صلاح الدين الأيوبي ـ القائد البارز ـ ناظرين إلى نتائج معاركة التي حصد ثمارها بفعل وعي وتخطيط جماعي، وتمثّل هذا أولاً في إدراك عوامل وهن الأمة وإيجاد الحلول العملية لها من أجل التخلص من الأمراض التي تفتك بجسم الأمة، فلا يعقل والأمة موهنة بالمرض والوهن والتفتت أن تنهض بمسؤولية التغيير، لأن مثل هذا الجهد مصيره معروف ونهايته متوقعة·
صلاح الدين الأيوبي لم يكن وحيداً، فهو ومن معه، انصبَّ جهدهم على جبهتين: بناء داخلي وتصحيح للمسارات الخاطئة وتأسيس لبنى وقواعد علمية فكرية بغطاء عسكري يترجم القناعات إلى واقع ملموس، يعيشه الجندي ويراه المواطن العادي، ويخطط به لمواجهة أعداء الخارج، في الوقت الذي يجري العمل فيه على قدم وساق في مشروع نهضوي داخلي يوازن بين متطلبات الداخل ومستحقات الخارج·
بفلسفة التغيير والتحرير في آن معاً، تنهض الأمة التي هي بأمسِّ الحاجة لقائد يستنهض كوامنها وقدراتها لكن بوعي وإيمان وإخلاص أفراد الأمة جيشاً وعلماء وعاملين، كل في موقعه وكل حسب جهده، لا أن ينام الوطن على احتمالات التذويب والقضم والمسخ وأفراده يغرقون في نوم أثير على فرش من خيال انتظاراً لجهد الغائب الملهم الذي ينوب عن مطلق الأمة· قائد كهذا، لو افترضنا وجوده في أمه نائمة، ماذا سيكون حاله؟
ألاَّ يسبب له مثل هذه الحال عظمة كاذبة، تلغي عقول كفاءات الأمة فيصول ويجول القائد على هواه ضمن قدراته الفردية التي لن يقوِّيها باستشارة أهل العلم ولا بالرجوع لذوي الاختصاص، وعندئذ يستبد ويحمل الأمة على مغامرات ليس لنهاياتها تصور؟
ثم ألا يلغي مطلبنا بإيجاد القائد الأوحد حاجتنا للالتفات إلى أحوالنا في الداخل، بحجة التصدي للخطر المقبل والقضية الكبرى، على حساب الفقراء والمرضى والأميين الذين يزداد عددهم، ثم نطالب بمنطق مقلوب هؤلاء الفقراء التصدي والخدمة والدفاع؟
خطورة مأزقنا الحاضر، يحتم علينا أن تتنادى الأمة ـ كل الأمة، قواداً وشعوباً، لوضع القدم على الدرجة الأولى في التغيير، أي إدراك أسباب العلل التي تفتك بنا والعمل على التصدي لها وفي الوقت نفسه معايشه الواقع ومواجهته بإمكانات معقولة بعيداً عن العواطف والانفعالات الآنية ووضع الاستراتيجيات التي لا يلغي بعضها بعضاً بل تعضّد إحداها الأخرى·
كل ذلك مرهون بعمق الإخلاص في العمل، بعيداً عن المركز أو الجهة أو القبيلة أو الشهرة· هذا يعني أن يكون مطلق الولاء لداخل الأمة التي ستبني حاضرها وعينها على مستقبلها بوعي مجموع الأمة الذين يحسّون بوجودهم مخلوقات كريمة في أوطانها، مطمئنة على أرواحها وأموالها، لها حريتها التي تجعل منها سداً أمام التشويه الذي قد يتعرض له الوطن، وعندئذ ستستميت في الدفاع عن مبدأها وستقف بصلابة لمجابهة الأخطار التي تتهدد الوطن، حتى لو لم يكن لديها أبواق إعلامية تحرضها، لأن التحريض يأتي إليها من وعيها للواقع وحسّها بالمسؤولية وتنفيذها للأمر الإلهي·
http://alwaei.com/topics/current/art...=542&issue=459
