بحث بعنوان " ظاهرة التسول "

بسم الله الرحمن الرحم
مقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...
تهتم المملكة العربية السعودية ببناء حضارتها ونهضتها في كافة المجالات وتسعى لتحقيق ذلك بكل الوسائل وتستخر كافة الإمكانات والجهود من أجل الوصول إلي أعلى مسويات الرعاية والاهتمام بالمواطن السعودي
وقد عاشت المملكة العربية السعودية تنمية شاملة وواسعة في جميع المستويات في ظل التحول الاقتصادي والطفرة الهائلة التي شهدتها وأصبح المجتمع العربي السعودي يعيش وفرة في فرص العمل وبحبوبه في العيش
وقد أدي التحول الاقتصادي إلي تغير اجتماعي سريع صاحبه ظهور بعض المشاكل والظواهر الاجتماعية السلبية كالتفكك الأسري وارتفاع معدلات الجريمة وانحراف الأحداث وانتشار ظاهرة التسول
وتعتبر ظاهرة التسول من الظواهر الاجتماعية المنتشرة في كثير من المجتمعات حيث قامت تلك المجتمعات بالتصدي لهذه الظاهرة وإصدار القوانين والأحكام التي تمنع التسول وتحذر منه وتأتي المملكة العربية السعودية من بين هذه الدول التي أصدرت عدة أنظمة وقرارات بشأن مواجهة التسول حيث أن التسول أصبح ظاهره اجتماعية تعاني منها الدول المتقدمة والنامية على حد سواء واتخذت شكلا حادا مهددا للمجتمع فأمتد إلى الشوارع والمساجد والبنوك الصرفية والمراكز التجارية والحدائق والمنتزهات والمطاعم وأصبح من المألوف أن تجد في كل مكان من يمد يده للناس معترضا طريقهم طالبا المساعدة
ولقد اخترت الكتابة في هذا الموضوع وذلك لانتشار هذه الظاهرة في مجتمعنا ومن أجل الحصول على درجات في مادة مجتمع عزي سعودي

• تعريف التسول :-
يوضح المعجم الوسيط أن كلمة تسول مشتقة من مصدر سول أي سأل وأستعطى والسؤل ما يسأل ويطلب ويعرف السروجي المتسول بأنه
(( الشخص الذي يحصل على المال بغير عمل يستحقه ))
وهو في ذاته أشبه بالطفيلي الذي يقتات من غذاء الغير دونما محاولة منه للحصول على غذائه بنفسه وبذلك يصبح قوة معطلة لأنه غير منتج بل أنه قد يصل في بعض الأحيان إلى درجة تعطيل غيره عن الإنتاج
*أشكال التسول :-
لقد صنف السروجي التسول على النحو التالي :
1- تسول ظاهر : وهو التسول الواضح الصريح المعلن وفيه يمد المتسول يده مستجديا الناس
2- تسول غير ظاهر (مقنع ) وهو التسول المستتر وراء عرض أشياء أو خدمات رمزية مثل مسح زجاج السيارات وغيرها
3- تسول موسمي : وهو يمارس فقط في المواسم والمناسبات كما في المواسم والمناسبات الدينية والأعياد كالحج ورمضان
4- تسول عارض وهو عابر ووقتي لعوز طارئ كما في حالات الطرد من الأسرة أو ضلال الطريق أو فقدان النقود في السفر
5- تسول إجباري :- وهو اضطراري كما في حالات إجبار الأطفال على التسول
6- تسول اختياري : حيث الانحراف والجري وراء الكسب
7- تسول القادر :- وهو تسول القادر الذي يستطيع التكسب عن طريق العمل ولكنه يفضل التسول وعند القبض عليه يحاكم
8- تسول غير القادر : وهو تسول العاجز أو المريض عقليا أو المتخلف عقليا وعندما يقبض عليه يودع في الدار الاجتماعية المناسبة
9- تسول الجانح : حيث يكون التسول مصاحبا بالجنوح والإجرام حيث لا باس إلى جانب التسول من سرقة أو نشل فستار التسول يسهل مهمة النشل والسرقة
- لمحة تاريخية عن ظاهرة التسول :-
قد يظن الكثير من الناس أن التسول ظاهرة حديثة نشأت في العصر الحديث ولكن المتتبع لثقافات الشعوب القديمة يتضح له أن التسول من الظواهر التي كانت منتشرة في تلك المجتمعات القديمة والأساليب والحيل التي يلجأ إليها المتسولون للحصول على المال
*الساسانيون :
هم جماعة من الناس تفرقوا في أقاليم شتى من العالم وفي كل بلد يسمون باسم مختلف ومنها (الفجر) و(النور ) وتعتبر ساسان من الجماعات التي اشتهرت بالتسول ومن دأب هذه الجماعة التنقل والسفر من مكان لأخر بحثا وراء الرزق والعيش في كنف الطبيعة الرحب وأما أماكن سكانهم فهي الخيام والبيوت المتنقلة وهم سريعو التعلم للغات الأمم التي ينزلون عليها أما رجالهم فيتميزون بالكسل على عكس نسائهم اللاتي يتميزن بالنشاط والحيوية ويتفنن في لبس الملابس الزاهية ويبلغن في وضع الكحل ويتخذون من الرقص والغناء واللعب وسيلة لجمع المال فهم اباحيون لا يتقيدون بمذاهب الأخلاق ودينهم طلاء ظاهري يغيرونه بحسب البلد الذي يذهبون إليه
*الشحاذون :
لقد عاش الشحاذون متشردين ينتقلون من مكان إلى مكان ومن بلد إلى بلد وقد ذكر المنجد أن الشحاذين حيثما لقطوا سقطوا فكانوا يأخذون أطاليب بكل بلد تراهم في بغداد وقت الرمان وفي حلوان أيام التين والجوذ وفي الجبل أيام اللوز يأكلون من طيبات الأرض لا يخافون ولا يهتمون تلك كانت حياتهم فوضى يرون فيها لذة وحيل تبرر عندهم الغاية يضحكون من الناس ويلهون ويبتزون الأموال ولا يحزنون
*المكدون :-
يعرف المنجد الكدية بأنها حرفة السائل الملح يقال أكد إذا لح في المسألة وهو مكد أي سائل شحاذ وهم المكدون أي الشحاذون
وذكر عنهم بأنهم وجدوا في الكدية من طمأنينة العيش وهدوء البال مالا يجده غيرهم في الصناعات فصناعاتهم محببة لذيذة وصاحبها في نعيم لا ينفذ فهو على بريد الدنيا وساحة الأرض وخليفة ذي القرنين الذي بلغ المشرق والمغرب فحيثما حل لا يخف البؤس يسير حيث شاء ويأخذ أطايب كل بلد وهو راضي البال حسن الحال لا يغتم لهل ولا مال ولا دار
- أساليب وحيل للمتسولين قديما :
مما تقدم يتبين لنا أن التسول مهنه قديمة ولا تزال في كل المجتمعات ولكن تتغير الطرق والأساليب من زمن لآخر ويذكر الجاحظ في كتابة البخلاء بعض حيل المتسولين قديما منها
- مستعرض القافية : وهو الذي يأتيك من قفاك وهو في ثياب صالحه كأنه هاب من الحياء مخاف أن يراه من لا يعرفه ثم يكلمك كلاما خافيا ويشكو لك فقره وعسره هو يقضي بذات نفسه
- الكاغاني : هو الذي يتجنن ويتصارع ويظهر أنه مجنون تارة أو مصروع تارة أخرى ويزيد حتى تشك أن لا دواء له لشدة ما ينزل بنفسه فترحمه وتواسيه وتبره بما تشاء
- الأسطيل :- وهو المتعامي إن شاء الله أراك أنه منخسف العينين وإن شاء أراك أن بهما ماء
أما البيهيقي ذكر بعضا من حيل المتسولين ومنها
المكي : هو رجل يدخل المسجد ويدعي أن اللصوص قد قطعوا الطريق وأخذوا ما معه من تجارة وتركوه على حالة من البؤس فيرق الناس له ويهشون لعطائه
المشعب : هو الذي يعمي ولده حتى يسأل به الناس
الخاقاني :- هو الذي يحتال في وجهه حتى يجعله أسود يوهمك أنه ودم فيسحرون منه مره ويعطفون عليه مره وفي الحالتين يربح المال
الدوافع والأسباب وراء القيام بالتسول :-
هناك دراسات عديدة تناولت ظاهرة التسول منها دراسة ظاهرة التسول في مدينة الرياض للباحث عيد البقمي حيث كشفت نتائجها عن الأسباب التالية :-
1- أن عدم وجود العمل كان من أهم الأسباب والدوافع للقيام بالتسول علما أن الغالبية العظمى من المتسولين الأميين وبالتالي تقل فرصتهم للحصول على عمل مناسب
2- إجبار ولي الأمر للقيام بالتسول حيث كشفت الدراسة تزايد أعداد المتسولين وخاصة الأطفال عند إشارات المرور بإيعاز من ولي الأمر لممارسة التسول
3- زيادة العائد من التسول هو السبب للقيام بالتسول كما أوضحت الدراسة أن 18.75% من أفراد العينة يقرون بأنه زيادة العائد من التسول هو السبب للقيام بالتسول
4- اتخاذ التسول حرفه حيث أثبتت الدراسة وجود فئة أجانب بصراحة بأنها تحترف التسول لأن أفرادها لا يجيدون مهنة غيره
كما كشفت الدراسة عن السبب وراء تسول العزاب هو إجبار ولي الأمر للقيام بالتسول أما المطلقون والأرامل فالسبب وراء تسولهم هو عدم وجود عمل
أما المتزوجون فإن السبب وراء القيام بالتسول هو أن العائد من التسول مغر وكبير

الوسائل والأساليب المستخدمة في التسول :-
تختلف الوسائل والأساليب التي تستخدم في التسول وتتغير من وقت إلي أخر
أ****- الوسائل المستخدمة في التسول :
إن أكثر الوسائل شيوعا هو الدعاء للمتصدقين ، ثم راوية قصة ثم حمل صكوك إعسار
ب****- الوسائل المستخدمة لاستدرار عطف المتصدقين :-
إن أكثر الوسائل المستخدمة لاستدرار عطف المتصدقين شيوعا حمل طفل رضيع ، ثم البكاء أمام المتصدقين ث4م ارتداء ملابس ممزقة كذلك إجبار أولياء الأمور أطفالهم بالمشي حفاة القدمين عند إشارات المرور خاصة وقت الظهيرة وأكثر الوسائل المستخدمة لاستدرار عطف الناس لدى الذكور هي ارتداء ملابس ممزقة ثم البكاء أمام المتصدقين أما الإناث فإن حمل طفل رضيع هي الوسيلة الأكثر شيوعا لاستدرار عطف المحسنين
*نمط التسول :-
أن نمط التسول الأكثر شيوعا عند المتسولين بصفة عامة هو التسول مع جميع أفراد الأسرة ، حيث يقوم ولى الأمر بتوزيع أفراد الأسرة على عدة آماكن لممارسة التسول بها ثم التسول الفردي الذي لا ينتمي إلى تنظيم جماعي كشفت دراسة أن التسول الفردي ينتشر لدى المتسولين غير السعوديين بينما التسول مع جميع أفراد الأسرة فينتشر لدى المتسولين السعوديين وبينت الدراسة أيضا أن التسول الفردي ينتشر لدى الذكور أما الإناث فإن التسول مع جميع أفراد الأسرة هو الأكثر شيوعا
كما بنيت هذه الدراسة أن النمط السائد لدى العزاب هو التسول مع جميع أفراد الأسرة أما المطلقون والأرامل فالنمط السائد لديهم التسول الفردي أما المتسولون المتزوجون فالنمط السائد هو اصطحاب طفل صغير أثناء ممارسة التسول وكشفت الدراسة أيضا عن وجود تسول جماعي أسري يقوم الأب أو الأم بتنظيمه وتوزيع أفراد أسرته على بعض المواقع التي يراها مناسبة لجمع المال ،والإشراف المباشر عليهم أثناء تأديتهم مهام عملهم ومراقبتهم عن كثب والتدخل السريع في حالة حدوث القبض عليهم وإشعارهم بوصول فرق مكافحة التسول خاصة الأطفال عند إشارات المرور
فالتسول الجماعي يكثر لدى الإناث أكثر منه عند الذكور وهذا يؤكد على وجود تسول أسري ذا تنظيم داخلي لم يصل إلى مرحلة التنظيم الرسمي الذي يحدد الأدوار والمسؤوليات
الأماكن والأوقات المناسبة للتسول :-
أ****- الأماكن المناسبة للتسول :-
أن الأماكن المفضلة لدى غالبية المتسولين بصفة عامة عند إشارات المرور ثم التسول في الأسواق
وإن الأماكن المفضلة لدى الإناث في الأسواق ثم إشارات المرور أما الذكور فإن أماكن تسولهم المفضلة بجوار الساجد ثم إشارة المرور
وغالبية المتسولين السعوديين يكثر تسولهم عند إشارات المرور بينما غير السعوديين فغن تسولهم يكثر في الأسواق
ب****- الأوقات المناسبة للتسول :-
أن الوقت المناسب للغالبية العظمى من المتسولين في المساء ثم في الظهيرة بينما الوقت المناسب للتسول لدى العزاب وقت الظهيرة أما المطلقون ففي فترة الليل أما الأرامل فيكثر تسولهم في فترة الليل ويكثر تسول السعوديين في فترة الليل ثم فترة الظهيرة أما غير السعوديين فيكثر تسولهم طوال النهار ثم فترة الليل
* دراسات أجريت في المملكة العربية السعودية
الدراسة التي أجرتها وزارة العمل والشئون الاجتماعية كباكورة دراسات هذه الوزارة في مجال التسول وذلك كوسيلة عملية لمواجهة هذه المشكلة (وزارة العمل والشئون الاجتماعية 382) ولقد شكلت لجنة تضم مندوبين عن وزارة العمل والشئون الاجتماعية والوزارات الأخرى المعنية بمكافحة التسول كوزارة الداخلية ووزارة الحج والأوقاف في كل من مكة المكرمة والمدينة وجدة وأنشئت معسكرات في تلك المدن الثلاثة لحز المتسولين فيها وأقيمت في كل معسكر وحدة للبحث الاجتماعي وقامت هذه الوحدات لجمع معومات وبيانات عن نزلاء المعسكرات ثم استخلصت النتائج ولقد شملت الدراسة على بيانات عن السعوديين وغير السعوديين أما فيما يتعلق بالسعوديين فقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية :
1-أن نسبة السعوديين بالنسبة للجنسيات الأخرى تمثل 22%
2-نسبة الذكور وصلت 72%
3- لوحظ أن نسبة 505 من المتسولين الذين في سن العمل لم يسبق لهم مزاولة أي مهنة
أما الجنسيات غير السعوديين فقد توصلت الدراسة إلى الأتي :-
1- أغلبهم يدخلون المملكة تسللا دون جوازات أو استخدامهم جوازات مؤقتة للحج ودون المرور على مراكز الرقابة على الحدود لفحص جوازاتهم
2- لا تتوفر لديهم الإمكانات الكافية لتحمل نفقات السفر والإقامة والإعاشة في المملكة
3- حيث أنهم من محدودي الدخل فإنهم يحضرون إلى المملكة غالبا بقصد الحج ثم يعملون على تغطية نفقاتهم بأي وسيلة ويؤدي ذلك بأغلبيتهم إلى التسول
*- حجم ظاهرة التسول في مدينة الرياض :
من خلال الاطلاع على الإحصائيات الصادرة من وزارة العمل والشئون الاجتماعية ومكتب مكافحة التسول بالرياض يتضح ازدياد معدلات المتسولين بشكل ملحوظ فقد أكدت ذلك الإحصائيات التالية :
بلغ عدد المتسولين لعام 1417ه ( 4494) متسولا وموزعين على النحو التالي :
ا-المتسولون السعوديون وعددهم ( 3996) متسولا بلغ عدد المتسولين الذكور (1462 ) وبلغ عدد المتسولات الإناث ( 2534) متسولة
ب- المتسولون غير السعوديين ( 498) متسولا بلغ عدد الذكور منهم( 370) وعدد الإناث(128) متسولة
كما بلغ عدد المتسولين لعام 1418/1419ه ( 3384) متسولا موزعين على النحو التالي :
أ-المتسولون السعوديون وعددهم( 2787)متسولا بلغ عدد المتسولون الذكور منهم ( 1042 ) متسولا وعدد المتسولات الإناث ( 1745) متسولة
ب- المتسولون غير السعوديين وعددهم( 597) متسولا بلغ عدد الذكور منهم (478) متسولا وعدد الإناث( 119) متسولة كما بلغت أعداد المتسولين في هذه الدراسة ( 160) متسولا خلال شهرين وهي فترة جمع البيانات المقررة للدراسة موزعين على النحو التالي :
المتسولون السعوديون (130) متسولا
المتسولون غير السعوديين (30) متسولا
• ابرز خصائص المتسولين في مدينة الرياض
أ – الجنس :-
أظهرت نتائج الدراسة أن الإناث يمثلن الغالبية العظمى من المتسولين المقبوض عليهم خلال فترة الدراسة حيث بلغت نسبتهن 71.25% أما الذكور فبلغت نسبتهم 28.75% وتتفق هذه النتيجة مع جميع الإحصائيات الصادرة عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ففي الإحصائيات الخاصة لعام 1416ه بلغت نسبة الإناث 54.43% والذكور 45.57% ( التقرير السنوي لأنشطة وزارة العمل 1415ه) وتؤكد إحصائيات عام 1417ه أيضا ذلك حيث بلغت نسبة الإناث 59.24% ونسبة الذكور بلغت 40.76% (التقرير السنوي 1417ه) وكذلك الإحصائيات الصادرة في عام 1418ه من مكتب مكافحة التسول بالرياض لعام 1419ه حيث بلغت نسبة الإناث 55.08% ونسبة الذكور 44.92% وقد ترجع زيادة نسبة الإناث المتسولات إلى اعتقادهن بصعوبة القبض عليهن أو المساس بهن نظرا لعادات وتقاليد المجتمع إضافة على عدم إمكانية التعرف عليهن من خلال الحجاب مما يشجع أعدادا كثيرة من النساء على التسول
ب -العمر :-
كشفت الدراسة عن أن غالبية المتسولين من صغار السن فمن تتراوح أعمارهم بين 15و أقل من 20 سنة حيث بلغت نسبتهم 38.76% ثم الذين تقع أعمارهم بين 20سنة وأقل من 30 سنة وقد بلغت نسبتهم 18.75% ثم تنخفض النسبة تباعا مع ارتفاع معدل العمر كما أشارة إحصائية عام 1417 ه إلى أن الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة يحتلون المرتبة الأولى بنسبة 22.8% وكذلك تتفق هذه النتيجة مع الإحصائية الصادرة من مكتب مكافحة التسول بالرياض لعام 1418ه حيث أشارة إلى أن الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة يحتلون المرتبة الأولى بنسبة 33.95%
ج- الجنسية
أوضحت نتائج الدراسة أن نسبة المتسولين السعوديين يمثلون الغالبية من المتسولين حيث بلغت نسبتهم 81.25% بينما يمثل المتسولون غير السعوديين نسبة 18.75 % حيث تتفق هذه النتيجة مع الإحصائية الصادرة عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لعام 1415/1416 ه حيث بلغت نسبة المتسولين السعوديين 90.8% وغير السعوديين 9.2% وكذلك الإحصائية الصادرة من الشؤون الاجتماعية لعام 1416/1417ه والتي تتفق أيضا مع الدراسة الحالية والتي توضح أن نسبة المتسولين السعوديين تبلغ 88.92% بينما أشارة إلى أن نسبة المتسولين غير السعوديين بلغت 11.085
وكذلك الإحصائية الصادرة من مكتب مكافحة التسول في الرياض لعام 1418 ه والتي أشارت إلى أن نسبة المتسولين السعوديين قد بلغت 82.36% بينما بلغت نسبة المتسولين غير السعوديين 17.64%
د****- المستوى التعليمي للمتسولين :-
كشفت الدراسة الحالية تدني المستوى التعليمي للمتسولين بصفة عامة حيث أن غالبية المتسولين كانوا من الأميين أو الذين يقرؤون ويكتبون أو الذين لم يتجاوزوا التعليم الابتدائي 97.5%بينما الحاصلين على الشهادة المتوسطة بلغت نسبتهم 2.5%فقط
وتتفق نتائج الدراسة مع إحصائية وزارة العمل لعام 1416ه حيث أكدت أن نسبة الأميين والذين يقرؤون ويكتبون 81.44% وكذلك تتفق نتائج الدراسة الحالية مع الإحصائية الصادرة لعام 1417ه حيث أشارة إلى أن نسبة المتسولين الأميين والذين يقرؤون ويكتبون قد بلغت 94.25% وبذلك تؤكد جميع الدراسات والإحصائيات انخفاض المستوى التعليمي لدى المتسولين
هـ- الحالة الاجتماعية للمتسولين :-
أظهرت نتائج الدراسة الحالية أن غالبية المتسولين من العزاب ويليهم مباشرة المتسولون المتزوجون ثم يأتي بفارق كبير المتسولون الأرمل وأخيرا المتسولون المطلقون
وتختلف نتائج الدراسة الحالية مع الإحصائيات الصادرة عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ففي عام 1416 ه أشارة الإحصائية إلى أن المتسولين المتزوجين يحتلون المرتبة الأولى بنسبة 43.75ثم يليهم العزاب 28.35% كما أشارت إحصائية عام 1417ه إلى أن المتسولين المتزوجين قد احتلوا المرتبة الأولى يليهم العزاب
الإجراءات المتخذة من قبل مكاتب مكافحة التسول عند القبض على المتسولين
إن أكثر الإجراءات التي يتخذها مكتب مكافحة التسول وتسليمهم للجهات المختصة لتتولى عملية الترحيل فورا وتنفيذ اللائحة الخاصة بالمتسولين
- خصائص المتسولين والتمييز فيما بينهم :
1- حسن المتسول المحتال المحترف استخدام العبارات والكلمات الجميلة المؤثرة في حين أن المتسول المحتاج لا يحسن غالبا استخدام مثل هذه العبارات لكونه قلقا أو خجولا ومترددا
2- يمتلك المتسول المتحايل عادة مهارة في اختيار المواقع الإستراتيجية الجيدة التي يحقق من خلالها عائدا جيدا في حين أن المتسول المحتاج لا يراعي اختيار المواقع المناسبة من منطلقات عديدة من أهمها رغبته بالتخفي والتواجد في أماكن بعيدة عن الأنظار لأنه لا يحب أن يعرف الناس شخصيته من منطلقات أخلاقية بسبب أعراف وتقاليد ويسعى دوما أن يكون متخفيا بعيدا عن الاحتكاك بصورة مباشرة حتى يتلافى التعرف عليه وغالبا ما يكون قنوعا ويكتفي بالقليل لسد رمقه وحاجته ومن يتكفل بهم
3- يتصف المتسول المحتال بأنه لحوح وجرئ ومبالغ في تقمصه للدور والادعاء والمحتاج على العكس من بل يظهر غالبا للناس بسليقته وطبيعته ويبدو عليه عدم القدرة في ترجمة حاجته بوضوح
4- المتسول المحتال يحسن المشاغبة والخصام مع رجال المتابعة وربما الاختفاء والتنكر في حين أن المتسول المحتاج لا يستطيع المواجهة ولا يميز بين الواقع الآمنة والمستهدفة ولا السبل المنجية عند وجود ملاحقة من قبل المكافحة
5- المتسول المحتال لا يعير النظرات المربية تجاه توسلاته ولا الأحكام القاسية بسبب لياقته واحترافه وإدراكه بأنه يستحقها في حين أن المتسول الصادق تعصره ألما وتحرجه لكونه يحس بأنه محتاج وفوق ذلك مظلوم ومجني عليه لوضعه في منزلة المتسول المحتال
النظرة الشرعية للمتسول :-
شرع الإسلام للمحتاج أن يستغيث بالمسلمين طالبا حاجته سائلا إياهم عونه ومساعدته فهو حق مشروع للمحتاج الذي تضطره ظروفه وحاجته الاعتيادية أو المفاجئة لمد يده للغير أوقتا شدتهم مساندته والوقوف معه لعجزه عن الوفاء بحاجته أو تعزر السبل للحصول على مصدر رزق أو عدم تمكنه من معالجة وضعه بصورة تلبي حاجته على الوجه الصحيح فإن المجتمع مطالب بتقديم العون والمساعدات استجابة لما يمليه الواجب الديني
قال تعالى (( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ))
ولا يشرع التسول للكذاب والمتحايل والمخادع ليس فقط لكونه يقترف ذنبا بل لأنه أيضا يسئ إلى فعل الخير ويستولى على حقوق المحتاجين ويشكك فيهم من قبل المتعاطفين ومحبي الخير وضعهم في سلة المتحايلين الذين يدعون الحاجة وهم غير أهل لها .
وتوجد أدلة كثيرة توضح حكم المتحايل والكاذب والممتهن للتوسل منها عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سال الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر
وأصدرت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية قرارها رقم 123 بتاريخ 24/1/1401 والذي يتضمن بأن المسألة لا تحل إلا لمن تحققت منه صفة من الصفات الثلاثة المذكورة في الحديث الذي أخرجه مسلم في صححيه عن قبيصه بن فحارق الهلالي قال تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها فقال أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ثم قال (يا قبيصه إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوم من عيش أو قال سداد من عيش ورجل أصابته فاقه حتى يقوم ثلاثة من ذوى ألحجي من قومه فيقولون لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قوما من عيش أو قال سداد فما سواهن من المسألة ياقبيصه سحتا يأكلها صاحبها سحتا )
فمن وجدت فيه صفة من هذه الصفات الثلاث فإنه يتعين النظر في وضعه ومساعدته حتى تزول حاجته وتندفع ضرورته فلا مانع والحال ما ذكر من سؤاله لإخوانه المسلمين حتى تزول ضرورته
أما من سأل الناس تكثرا أو اتخذ من التسول مهنة وحرفه وهو قادر على الكسب بالطرق المشروعة فإن ذلك لا يحل ولا يجوز وقد تضامرت الأحاديث الصحيحة على ذم فاعله وبيان عقوبته في الدنيا بمحق بركته وفي الآخرة بما ينتظره من عذاب النار
وحيث أن ما هو موجود الآن من حال المتسولين في هذه البلاد يخرج عن منطق هذه الأحاديث الشريفة إما بمخالفتها كلية أو تكون المسالة للاستزداه وليست لسد الحاجة حتى أنه عثر مع بعض المتسولين على مبالغ تجعلهم في صفوف الأغنياء وأنهم أصبحوا أغنى من بعض من يتصدق عليهم
وفي جريدة الجزيرة للشيخ إبراهيم الطبيعي لا يجوز إعطاء المتسولين في المساجد يقول : يتفق علماء الإسلام على أن التسول حرام لغير ضرورة ولا يجوز إعطاء المتسولين في المساجد لأن فيه تشجيع لاستمرارهم في هذه المسك القبيح وفيه تعطيل لتلك الطاقات عن الكسب المشروع
معوقات معالجة ظاهرة التسول :-
المعوقات التي تعيق معالجة ظاهرة التسول كثيرة منها :
1- اتساع ظاهرة التسول فجأة وبدون مقدمات واتساع دائرة مساحتها وخاصة خلال المواسم والمناسبات مثل شهر رمضان المبارك ومواسم العمرة والحج والمنسبات الرياضية والاحتفالات وغيرها مع ما يصاحب ذلك من الخلل بين الإمكانيات المتاحة وحجم الظاهرة وعدم القدرة على التحكم فيها والسيطرة عليها في ظل ضعف الإمكانيات المتاحة
2- محدودية الطاقات البشرية المخصصة للمكافحة والمعالجة التي لا يمكن مقارنتها وموازنتها مع الهجمة الكبيرة من المتسولين
3- استنزاف جهد الجهات الاجتماعية في بعض الدول بتكليفها بالقبض على المتسولين وهو جهد مكلف لا يمكن أن يقوم دون دعمه بمتطلباته وتكاليفه المتنوعة من الطاقات البشرية والسيارات ألجواله وغيرها
4- عدم وجود دائرة معلومات تحصر العدد الفعلي بكافة أنواعه ووسائله الذي يعلن عن نفسه أو تصور العدد الآخر المتردد عن مزاولة التسول بسبب العادات والتقاليد أو بسبب التعفف
5- قلة فاعلية الجهود الإدارية التي تركز دورها على المنع دون التشخيص لهذه الظاهرة وتوفير العلاج الملائم والمساعدات المناسبة التي تلبي ظروف من يطالبون بحقوقهم من المجتمع المكفول لهم دينا ودنيا مما يزيد من حدة المشكلة وانتشارها في بعض الدول
6- يواجه العاملون في ميدان مكافحة التسول عقبات في سبيل القبض على المتسولين بسبب ضعف الوعي في بعض المجتمعات وفهمهم لأهداف مكافحة التسول وخاصة عندما يحول بعض الجماهير بين الموظفين الرسميين وبين المتسولين ويعيقونهم من القبض عليهم للاعتقاد بأنه الهدف من القبض مقتصر على المنع القطعي والمحاسبة دون الدراسة وتقديم المساعدة المناسبة للمحتاجين
7- تعاطف بعض الناس بقوة مع المتسولين الذي يظهر عليهم متاعب صحية مثل الكسور واستخدام الجبس أو المعوقين وغيرهم دون التأكد من مصداقيتهم على جانب وجود حساسية كبيرة عند القبض على النساء وما يصاحب ذلك من قلق تجاه مصيرهن والمحافظة عليهن
الحلول والاقتراحات لمعالجة ظاهرة التسول :-
1-التأهيل وإعادة التأهيل
تأهيل المتسولين وتأمين عمل يوفر لهم دخل ثابت وإعادة تأهيل البعض في الأعمال الجديدة التي لا تناسب مع المؤهلات التي يحملونها والخبرات التي يحسونها ويمكن كل دولة أن تتبنى شركات مساهمة لإصلاح وصيانة السيارات أو الأجهزة والمعدات وغيرها لفتح فرص وظيفية خاصة إذا كانت الضوابط تركز على تدريب وتأهيل المواطنين للعمل
2- تأهيل الرجال والنساء للعمل
3- تعديل تخصصات عدد من الكليات النظرية في الجامعات والمعاهد المتخصصة بما ينسجم والحاجة الفعلية بسوق العمل للخرجين ووجود مواقع عمل لهم عند تخرجهم حيث يلاحظ وجود خلل بين مبدأ العرض والطلب حيال ما تخرجه هذه الجامعات من طاقات بشرية كبيرة في تخصصات نظرية اكتفت القطاعات الحكومية منها في حين مازالت حاجتها قائمة في كثير من التخصصات الفنية والعلمية وخاصة في القطاع الصحي والأعمال الفنية والمهنية
4- وضع أنظمة وتعليمات تساعد على توظيف المواطنين وتقلل من الاعتماد على العمالة الأجنبية وخاصة على المؤسسات والشركات ذات الامتيازات الخاصة كمرحله أوليه
5- وبالنسبة للقطاع النسائي تأسيس شركة أو شركات تتخصص في خياطة للملابس النسائية وتقوم بتدريب عدد من المواطنات لهذه المهنة وفق سلم رواتب منظمه وتأمين يوفر الحماية والأمان