المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المخاطر المترتبة على علم الكلام المذموم



أهــل الحـديث
04-01-2014, 05:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



المخاطر المترتبة على علم الكلام المذموم

الأول:
الاستهانة بنهج السلف القائم على نصوص الكتاب والسنة, ونبز من يعتد به, ويوصف بالجهل, والتقليد الأعمى, وأنه معادٍ للعقل؛ علما بأن كل ما يحتاج الناس الى معرفته واعتقاده والتصديق به من أصول الدين قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بيانا شافيا قاطعا للعذر بأدلة شرعية وعقلية بلغت من الإحكام والقوة والوضوح مبلغا لا تستقر أمامه أدلة المتكلمين التي لا تعدو بيت العنكبوت بعد البحث والنقد.

الثاني:
الإدعاء بأن السلف لم يتفرغوا للبحث في أمور الدين, لأنهم لم تكن لديهم القدرة العقلية اللازمة للبحث في مثل هذه الامور, فأصبح نتيجة قولهم استجهال السابقين الاولين من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان, واستِبلاهُهُم, واعتقاد انهم كانوا قوما أمِّيين, بمنزلة الصالحين من العامة, لم يتبحروا في حقائق العلم بالله, ولم يتفطنوا لدقائق العلم الإلهي, وأن الخلف الفضلاء حازوا قصب السبق في هذا كله.
وقد قال شيخ الاسلام في التدمُرِية [ص 192]: (( وهذا القول اذا تدبره الانسان وجده في غاية الجهالة, بل في غاية الضلالة, فكيف يكون هؤلاء المتكلمون الذين كثر في باب الدين اضطرابهم, وغلُظ عن معرفة الله حجابهم, وأخبر الواقف على ناهيات إقدامهم بما انتهى إليه من مرامهم حيث يقول:

لعمري لقد طُفت المعاهد كلها :::: وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أرَ إلا واضعا كفَّ حائرٍ :::: على ذقنٍ أو قارعاً سن نادمِ
وأقروا على نفوسهم بما قالوه متمثلين به, أو منشئين له فيما صنفوه من كتبهم, كقول بعض رؤوسهم:

نهاية إقدام العقول عقال :::: وأكثر سعي العالمين ضلالُ
وأرواحنا في وحشة من جسومنا :::: وغاية دنيانا أذىً ووبالُ
ولم نستفد من بحثنا طولَ عمرِنا :::: سوى ان جمعنى فيه قيل وقالوا
ويقول الآخر منهم: " لقد خضت البحر الخضم, وتركت أهل الاسلام وعلومهم, وخضت في الذي نهوني عنه, والآن إن لم يتداركني الله برحمة منه فالويل لفلان! وها أنا أموت على حقيدة أمي "
ويقول الآخر: " أكثر الناس شكَّاً عند الموت أصحاب الكلام "
ثم هؤلاء المتكلمون المخالفون للسلف إذا حقق عليهم الأمر لم يقفوا من ذلك على عين ولا أثر, كيف يكون هؤلاء المحجوبون المنقوصون المسبوقون الحيارى المتهوِّكون أعلم بالله وأسمائه وصفاته, وأحكم في باب آياته وذاته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان, من ورثة الانبياء وخلفاء الرسل, وأعلام الهدى, ومصابيح الدجى, الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا, وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا, الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء فضلاً عن سائر الأمم الذين لا كتاب لهم, واحاطوا من حقائق المعارف ولواطن الحقائق بما لو جُمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة )) انتهى كلام شيخ الاسلام رحمه الله.

الثالث:
إعلاء شأن النظريات والفرضيات العقلية وتقديمها على الكتاب والسنة, فوقعوا نتيجة لهذا المنهج في أمور خطيرة جدا, ومن أخطرها أنهم أولوا النصوص المتعلقة بصفات الله من أجل النظريات والفرضيات العقلية تأويلا يُفضي الى تعطيلها عن مدلولها, ويفتح باب التحريف في آيات القرآن والإلحاد في معانيه, وكان عليهم أن يُثبتوا الصفات كما جائت في الكتاب والسنة بلا كيف كما هو منهج السلف الأسلم والأعلم والأحكم؛ لأن العقل لا يدرك الكنه والحقيقة في هذا المجال, فمن التعقُّل أن لا نقحمه في غير مجاله.

الرابع:
إلتزامُهم التفصيل في النفي, والإجمال في الإثبات؛ وهذا كما هو معلوم مخالف لطريقة القرآن ولطريقة أنبياء الله الكرام الذين أُرسلوا بإثبات مفصل ونفي مجمل, فسلكوا الطريقة المثلى في المدح, الموافقة للعقل والذوق السليم والأدب الرفيع.

الخامس:
تجريد الإسلام من أدلته النقليه, وتفريغُه في مضمون فلسفي عقلي يتَّسِم بالجفاف.

السادس:
استخدام قياس التمثيل والشمول في حق الله تعالى, وكان بالأجدر بهم أن يستخدموا قياس الأولى كما في قوله تعالى: ففف وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ ققق.

السابع:
ابتداع مصطلحات كلامية وتفسير النصوص بمقتضاها, واتخاذها حجة اثناء موضع النزاع؛ علما بأن هذا المصطلحات ليس لها علاقة بمدلولها اللغوي.

الثامن:
اقتصار بحوثهم على أمور فلسفية, وشبهات وهمية, جُرُّوا إليها, وقضوا معظم حياتهم في الرد عليها, وبذلك تحولت دعوة الاسلام وتبليغ عقائده الى مناظرات ومجادلات كلامية جافة منفّرة.


فأهل الكلام يستحقون ما قاله فيهم الإمام الشافعي رضي الله عنه عندما قال: (حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنعال, ويُطاف بهم في القبائل والعشار, ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام)