المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العقل بصر و نوره النقل



أهــل الحـديث
02-01-2014, 09:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



العقل بصر و نوره النقل



قال الشيخ الطريفي حفظه الله (وإن تعارضا - أي العقل والنقل – قُدم النقل على العقل , لأن النقل علم الخالق الكامل , والعقل علم المخلوق القاصر ) -الفصول الشامية-

قلتُ : ليس المقصود , النقل المجرد ، بل النقل المجوَّد كالكتاب وما صح من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم , وإلا ففي الموضوعات ما يخالف المعقول .

وقال أيضاً ( العقل كالبصر , والنقل كالنور , لا ينتفع المبصر بعينه في ظلام دامس , ولا ينتفع العاقل بعقله بلا وحي , وبقدر النور تهتدي العين , وبقدر الوحي يهتدي العقل , وبكمال العقل والنقل تكتمل الهداية والبصيرة ) -الفصول الشامية-

وحقيقٌ على طالب الحق أن يكرر هذا الدعاء كثيراً (اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ. فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ. عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )


الحمدالله رب العالمين وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد
:

قال تعالى ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور )

قال تعالى ( أفمن كان ميتاً فأحييناه فجعلنا له نوراً يمشي به )

العقل إناء , يجمع المعلومات عن طريق الحواس , ثم يركبها ثم يخلطها ثم يخرج بنتيجة , جمع الحروف ثم خلطها فكون كلمة , جمع الكلمات فكون جملة , ولهذا يكون تصوره للواقع على ما فيه من معلومات , فالرجل الذي يعيش في البادية يختلف عن الرجل المتمدن , فهذا يتصور أشياء لا يتصورها الآخر .

و الحواس أنهار تصب في خليج العقل , وإدراكها على النحو الآتي /

يدرك العقل عن طريق حاسة البصر : صورة شمعة مضاءة تُرى على بعد 30 ميلاً في ليلٍ مظلمٍ صافٍ في الظلام 290 مليميكرون .

و يدرك العقل عن طريق السمع : صوت دقة ساعة في ظروف هادئة تماماً على بعد 20 قدماً.

و يدرك العقل عن طريق الذوق : ملعقة صغيرة من السكر مذابة في جالونين من الماء .

و يدرك العقل عن طريق الشم : نقطة عطر منتشرة في غرفة مساحتها 6 أمتار مربعة .

وأن يدرك العقل عن طريق اللمس : جناح ذبابة يسقط على الصدغ من مسافة 1 سم تقريباً.

فإذا كان الجهاز الإدراكى في الإنسان قاصرا بتلك الصورة في الدنيا ؛ فمن الصعب أن يرى ما وراء ذلك مما يحدث في القبر من عذاب ، أو نعيم ، أو يرى الملائكة ، أو الجن ، أو عالم الغيب، أو يرى ذات الله وصفاته من باب أولى ، وعدم رؤيته لهذه الحقائق لا يعنى عدم وجودها . ) اهـ ( محمود الرضواني - محاضرة العقل ومدارك اليقين- )

قال الشيخ الطريفي : ( والعقل لا حدود له في الدنيا شريطة ألا يستكثر من الشهوات والملذات حتى تفسد على الإنسان حياته وأما في الدين فقد أتمه الله فليس للإنسان أن يخرج عنه ) – من برنامج في الصميم على روتانا خليجية -

والعقل لا يمكن أن يوجد معلومة من العدم بل لها أصل في عقله , اينشتاين حلل معلومات وربط حادثة فأخرج القانون المشهور , - مع أن هناك قول يحتاج إلى تتبع , مفاده أن قانونه ليس جديداً , بل أخذ القانون من أحد علماء العرب وقام بتطويره وأضاف عليه والله أعلم -
نعم لو اجتهد شخص في البحث , وفي التفكير , والإستنتاج , والتحليل , والتركيب ثم توصل إلى نتيجة , فإنه لم يستخرجها من العدم , بل لها أصل في عقله , فالعقل ليس خالقاُ , بل يجمع المعلومات , ويخلطها ليستخرج النتيجة

ولهذا تجد أن الذي يخترع فكرة , أو يؤسس علماً , يُعظم ويبجل , والحقيقة أنه مشى على جسر أفكار ومعلومات من سبقوه , حتى ظفر هو بنهاية الطريق , فنسب الطريق لنفسه وأهمل من أتى بفكرة الجسر, و من صمم الجسر , ومن وضع اصوله وفروعه , ومن حبب الناس إليه , ومن صنعه , ومن شاركه في صناعته , ومن مشى عليه وأكمله , ومن ناضل وجاهد لإجله وقُتل من أجله , ثم يأتي الأخير ويمشي عليه , حتى وصل إلى النهاية ونسب الفضل لنفسه , وأصبح مخترع العلم أو النظرية أو الفكرة ...الخ ..

نعم هذه هي طريقة بداية العلوم والنظريات والأفكار , يأتي العالم الأول فيصل إلى اجتهاد , ويأتي من بعده يصحح قوله بالزيادة أو الرد , أو يبني عليه فروع أخرى , ككتاب الرسالة للشافعي رحمه الله كان بداية لعلم أصول الفقه , ثم صُنفت المصنفات في هذا العلم وأصبح محل نزاع بين كبار المحققين ما بين قبول ورد .

ومن خواص العقل أنه يصور الحوادث على ما فيه من معلومات سابقة , فلو قلنا لرجل قبل خمسة قرون أنه سيقدم علينا الملك فلان , لتخيل موكباً من خيل وإبل ومتاع حسن وجواري وغلمان , ولكن لو قلنا لرجل في العصر الحاضر كما قلنا لذلك الرجل , لتخيل طائرة تهبط ثم ينزل منها الملك ومعه الحاشية ويستقبله حاكم تلك المنطقة ثم يذهب بالسيارة إلى مقر الضيافة .

العقل واحد في الحادثتين , ولكن اختلف في تصوره بإعتبار ما عنده من المعلومات , كلٌ في زمنه , والعقل له خاصية التجدد , فهو يتجدد مع كل معلومة جديدة , ويتراجع ويصحح أفكاره بإستمرار حتى الموت وليس ثابتاً ولا يبقى على حال واحد , بخلاف النقل _ أي الكتاب والسنة _ فهو في حالة واحدة لا يتغير ولا يتبدل , لأنه من الذي خلق العقل – وهو الله تعالى - , والعقل كالبصر والقرآن والسنة هي كالنور , فلا فائدة من البصر في حال الظلام , ولا من النور في حال العمى , ولا يكون العقل حاكماً على القرآن والسنة فيرد ما يريد , ويأخذ ما يريد قال تعالى ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) ولا يوظفهما لمصلحة حاكم أو فرقة أو دولة قال تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ارباباً من دون الله )

وهذه منزلة العقل بالنسبة للقرآن والسنة , فلم يهمله , ولم يعطيه الجانب , الذي يدرك به المغيبيات , وإلا ما الفائدة من إرسال الرسل والكتب إن كان العقل أصلاً مستقلاً بذاته , وعلى العاقل أن يعلم أنه إن جهل شيء من كتاب الله وسنته , فإن ذلك لنقص في معلوماته وضعف في إدراكه , فإن لم يجد الحكمة فليقل سمعنا وأطعنا ولا يكفر ولا يرد النصوص , لا سيما في الأمر الشرعي , فالعقل قاصر بكل أحواله , فهو يحلل ما يراه محسوساً ولا يمكن أن يحلل الغيب أو يتكلم فيه إلا بدليل , ولهذا العالم عندما يتكلم عن اليوم الآخر , فهو يتكلم عن آيات قرآنية وأحاديث نبوية بفهم أصحاب العقول الكاملة – أعني الصحابة ومن تبعهم - , فجمع المعلومات في عقله , ثم أخرج مصنف بعنوان أهوال يوم القيامة , أو علامات الساعة فقط لا غير , وإن كان هناك تعارض فليس هناك تعارض في الشريعة بل هو توهم تعارض طرأ على القارئ , وهنا يأتي دور العالم الرباني كما قال تعالى-( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) فيقوم العالم بجمع هذا بهذا , ويبحث ,ثم ينظر, ويطيل النظر , فيستخرج النتيجة التي تصل إلى أن الحديث الاول ضعيف أو أنه صحيح , أو أنه خاص ,أو أنه مطلق ,او أنه مقيد, أو أنه مجمل , إلى نحوه من أدوات أصول الفقه التي لا يسع لفقيه أن يجهلها , فيخطئ ويصيب , ثم يكل العلم إلى العليم الحكيم

ولمعرفة منزلة العقل عند أهل السنة والجماعة بالتفصيل يرجع لهذا الرابط :

http://lojainiat.com/c-81943
http://lojainiat.com/c-82412

وايضاً كتاب فصول في العقيدة ( الرسالة الشامية ) للشيخ عبدالعزيز الطريفي .
وللزيادة في هذا الموضوع يرجع ( لمحاضرة ماهية العقل والنقل ومدارك اليقين ) للشيخ محمود الرضواني .

هنا نخرج بنتائج :

1- أن العقل لا يمكن أن يوجد العدم المحض من المعلومات.

2- العقل مهما بلغ به الجهد فإنه لا يحلل إلا المحسوس أما الغيب فيحتاج إلى نور يهتدي إليه .

3- حاجة العقل إلى نور يهديه إلى الطريق الصحيح وإلا فهو في الظلام يتخبط أو في العمى يتحسس .

4- الكتاب والسنة ثابتتان والعقل متغير .

5- تصور العقل هو تصور مبني على معلومات موجودة فيه .

6- أن الإسلام لم يعطل العقل ولم يعطيه منزلة لا يطيقها كالبحث في المغيبيات.

7- لا يمكن أن يكون هناك تعارض بين دليلين قطعيين في الكتاب والسنة بل هو توهم تعارض يبينه العالم بالنصوص كما قال تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )

8- أن النقل هو علم الخالق الكامل , والعقل هو علم المخلوق القاصر

هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين